متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
دور الحج في ثبوت صفة الزهد أو تقويتها
الكتاب : فلسفة الحج في الإسلام    |    القسم : مكتبة الفقه

دور الحج في ثبوت صفة الزهد أو تقويتها

ومن جملة الدروس التربوية التي يمكن استفادتها من مدرسة فريضة الحج
( الزهد في الدنيا المحرمة )
والوجه في استلهام هذا الدرس من هذه المدرسة المباركة هو أن الإنسان المؤمن عندما يعقد العزم على الانطلاق في طريق تأدية هذه الفريضة المقدسة ـ أي فريضة الحج يرتسم نصب عينيه شبح الموت بسبب ما يتعرض له ويصاب به من التعب والمشقة المرهقة خصوصاً وقت تأدية واجب الطواف والرمي نتيجة الازدحام الشديد الذي يحصل في بيت الله الحرام حول الكعبة الشريفة وقت الطواف وفي وادي منى وقت الرمي وكثيراً ما يؤدي ذلك إلى إغماء بعضهم وربما إلى الوفاة .
وخوف الشخص من ذلك يُظهر له بصورة تفصيلية طبيعة هذه الحياة الدنيا وأنها دار ضيافة والإنسان فيها ضيف عند أهله وأصدقائه يقيم معهم فترةً ثم يرحل عنهم إلى مقره الأخير وداره الأخرى التي خلق من أجلها وخلقت من أجله وفيها يتقرر مصيره النهائي على ضوء أعماله التي قام بها في هذه الحياة الزائلة .
فإن كانت خيراً منسجمةً مع الوظيفة الشرعية المحددة له من قبل الله سبحانه كانت النتيجة خيراً وجنة عرضها السموات والأرض .


( 105 )

وإن كانت شراً ومخالفة لتلك الوظيفة كانت النتيجة من جنسها قال سبحانه :
( فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَال ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ )(1) .
وخوفه من المصير الثاني المؤلم يجعله زاهداً في الممارسات المحرمة وراغباً فيما يؤدي إلى المصير الأول .
ومما ذكرناه يظهر أن المراد بالزهد المأمور به والمرغوب فيه إسلامياً هو الزهد فيما يضر الإنسان فرداً ومجتمعاً دنيا وآخرة وينحصر ذلك بالمحرمات وتلحق بها المكروهات على وجه الأفضلية التي لا تمنع من الفعل كما هو معلوم وذلك باعتبار عدم الاستفادة منها في الآخرة بخلاف ما لو تركت امتثالاً للنهي الكراهتي فإن ذلك يعتبر عبادة يحصل بها الثواب في الآخرة والتوفيق في الدنيا .
وإلى ما ذكرناه في بيان المراد من الزهد أشار الإمام علي عليه السلام بقوله : ليس الزهد أن لا تملك شيئاً ولكن الزهد أن لا يملكك شيء . وعلى ضوء هذا المفهوم الواعي للزهد في الإسلام ـ ندرك أن الإنسان المؤمن لو ساعدته ظروفه على أن يملك الثروة الطائلة من الحلال ودفعه التزامه الديني لأن يخرج منها ما تعلق بها من الحق الشرعي المعلوم ـ للسائل والمحروم ـ وأن يصرفها ويتصرف بها فيما أحل الله له ـ فهذا الشخص يكون من الزاهدين المقدرين عند الله تعالى والمؤمنين الواعين(2) .
____________
(1) سورة الزلزلة ، الآيتان : 7 و8 .
(2) ما حرر تحت عنوان الزهد وسبب حصوله منقول من كتاب من وحي الإسلام

=


( 106 )


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net