متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
دور الإحرام في إثارة الشعور وتغذية الإحساس بالمراقبة الإلهية
الكتاب : فلسفة الحج في الإسلام    |    القسم : مكتبة الفقه

دور الإحرام في إثارة الشعور وتغذية الإحساس بالمراقبة الإلهية


من جملة الدروس التي يستفيدها الحاج من مدرسة الحج التربوية درس في الانضباط وقوة الشعور بالمسؤولية والإحساس بالمراقبة الإلهية الفعلية حال تلبسه بالإحرام الذي يُحس المكلف معه بنفس الإحساس والشعور الذي يهز وجدان المصلي حينما ينطق بتكبيرة الإحرام مستشعراً حينها بعظمة الإله الأكبر الذي وقف بين يديه ولجأ إليه ليستمد منه الحول والقوة من خلال قيامه بواجب العبودية تجاهه سبحانه .
ويؤكد استلهام الدرس المذكور من الإحرام وإتمامه بالتلبية المحقّقة له أي للإحرام ـ ما ورد عن الإمام زين العابدين عليه السلام من سيطرة العظمة الإلهية والهيبة السماوية على مشاعره وتسبيب ذلك لعجزه عن النطق بعبارة التلبية وبعد أن ضبط أعصابه ونطق بها وقع مغشياً عليه وبعد أن أفاق من غشيته بين السبب الذي حبس لسانه ومنعه من النطق بها بسهولة كغيره من الحجاج والمعتمرين وأنه الخوف القوي من عدم قبول الله ذلك منه ورده عليه بقوله تعالى :
( لا لبيك ولا سعديك ) .
وإذا كان المحرم العادي من أفراد الحجاج لا يستطيع أن يرقى إلى المستوى الإيماني الرفيع الذي بلغه الإمام عليه السلام وأدى به الى هذه الحالة فلا أقل من أن تحصل له مرتبة قريبة من هذه الحالة التي تجعله في حالة مراقبة دقيقة لوظيفته الشرعية من أجل أن يقوم بها على الوجه المطلوب
____________
=
الجزء الأول للمؤلّف مع قليل من التغيير والتصرف .


( 107 )

ولا يحصل منه خروج عن إطارها يؤدي إلى انحرافه عن خط العبودية وحرمانه من الألطاف الإلهية .
وتقوي حالة المراقبة عند الحاج ـ كثرة محرمات الإحرام وإحاطتها به بسبب هذه الكثرة وصعوبة الاحتراز من بعضها وخصوصاً ما يكون معتاداً عليه منها حال تجرده من الإحرام مثل قتل القمل والبرغوث ونحوهما من المؤذيات ومثل شم الطيب والنظر إلى المرآة ولمس المرأة بشهوة وتقبيلها ولو بدونها والتزين باللباس وغيره وهكذا وإذا استمر المحرم على هذه الحالة فترة من الوقت ثبتت في نفسه وأصبحت مرافقةً له لتعطي أثرها المنشود حتى بعد التحلل من الإحرام والانطلاق من قيود محرماته المحدودة المعهودة .
والمقصود من الأثر المنشود المتوقع ترتبه على الإحرام والالتزام بامتثال أحكامه هو تأكيد الالتزام العام بالأحكام الشرعية العامة وامتثالها كما أراد الله سبحانه ونتيجة ذلك تركه المحرمات الشرعية الذاتية على حد تركه لمحرمات الإحرام وقت تلبسه به .
وبذلك يظهر وجه الشبه بين شعيرة الإحرام وفريضة الصيام التي تمنع الصائم من المفطرات وأكثرها مباح في نفسه ـ من أجل أن تقوى في نفسه ملكة الالتزام بترك كل حرام في جميع الشهور والأيام وهكذا شرعت وظيفة الإحرام في حق الحاج والمعتمر من أجل أن يستفيد من الالتزام بأحكامه وترك محرماته ـ درساً تربوياً يبقى معه ويُلزمه بترك المحرمات الذاتية العامة كما كان تاركاً لمحرمات الإحرام وقت تلبسه به .


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net