متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
صفاته عين ذاته
الكتاب : الآلوهية عند الفرق الإسلامية    |    القسم : مكتبة العقائد الإسلامية

صفاته عين ذاته

نبحث الكلام هنا في نفي المعاني والاحوال عنه تعالى, لانه لو كان قادرا بقدرة وعالما بعلم وغير ذلك لافتقر في صفاته الى ذلك المعنى فيكون ممكنا وهذا خلف .
 نحن عندما نقول الله حي, الله قادر, عالم الى غيره من الصفات . سميع, بصير(قادرمختار, عالم, حي, مريد كاره, مدرك, قديم باق ابدي, متكلم , صادق).
هذه الصفات هي عين الذات اولا ؟ توجد اقوال متعددة, قول للاشاعرة يقول : هذه الصفات معاني, وكل واحدة من هذه غير الاخرى, العلم غير القدرة , القدرة غير العلم, وهكذا.
 من حيث المعنى متعددان وهي غير الذات, لان الله شئ, والسمع والبصر, والعلم, والقدرة, شئ آخر.
 ولكن هذه المعاني, وهذه الصفات معاني قائمة بالذات سبحانه وتعالى منذ القدم, ومن هنا يلزم بالواقع تعدد القدماء. لانهم يقولون بان هذه الصفات بعضها غير البعض الاخر وهي جميعها غير الذات.
 الذات واحدة, والصفات سبعة فتكون ثمانية, وكلها قديمة فيلزم تعدد القدماء. ولكنه فقط (اي الذات) قائمة بذاتها, وان هذه الصفات يعبر عنها بالمعاني القديمة القائمة بالذات. وهذا هو قول الاشاعرة, قالت الاشاعرة : على انه تعالى قادر, يعني يتصف انه قادر, ولكنه بقدرة زائدة على ذاته, ويتصف  بانه عالم, ولكن بعلم زائد على ذاته. ويتصف بانه حي, ولكن بحياة زائدة على ذاته الى غير ذلك من الصفات.
 وهذه الصفات معان قديمة زائدة على ذاته, ولكنها قائمة بهذه الذات لا انها مستقلة بعضها عن البعض الاخر. ليس فقط انها قائمة بالذات, بل قائمة بالواجب. اذن قضية الاشاعرة ان هذه الصفات, بان الله يتصف بانه قادر بصير . هذه اشارة الى معاني والى صفات, وهذه الصفات قديمة زائدة على الذات, ولكنها قائمة بالذات. لكنها لازمة للذات, لا انها تحتاج الى علة ليس بهذا الشكل تكون لازمة للذات لا تنفك عنها, لكنها زائدة على الذات لا هي عين الذات, بل محدثة.  وكل واحدة منها كما انها مختلفة في مقام المفهوم فانها مختلفة في مقام المصداق كما ان البياض والسواد مفهوما كذلك  العلم والقدرة احدهما غير الاخر مصداقا ومفهوما . وقالت البهشمية (ابي هاشم الجبائي): انه تعالى مساو لغيره من الذوات, ذات الممكن وذات الواجب واحدة . اذا كانت ذات الممكن وذات الواجب واحدة, فما هو الفرق بين الوجب والممكن ؟ الذي تقوله الاية (ليس كمثله شئ)11 الشورى .
يعني توجد في الواجب حالة, هذه الحالة بها امتاز الواجب عن غيره. اي انهم يصرحون بانه من حيث الذات لا فرق بين الواجب والممكن. نعم من حيث حالة تعلل على الواجب بها يتصف انه واجب, وحي, وقادر, ونحو ذلك , وهذه الحالة التي يتصف الواجب بها, تقتضي انها من الصفات (العالمية والقادرية) الواجب بذاته لا يمتاز عن غيره من الذوات وقالوا انه من الذوات يمتاز بحالة, وهذه الحالة تسمى الالوهية. وهذه الحالة توجد للذات المقدسة احوالا اربعة: وهي القادرية, والعالمية, والحييّة, والموجودية .
 لو سالتهم ما هو مرادكم من هذا الحال, انتم تقولون ان ذات الواجب لا تفترق عن باقي الذوات. هذه الذات تفترق عنهم بحالة ,هذه الحالة هي صفة للواجب لا هي موجودة, ولا هي معدومة, اي واسطة كما يقال بالمنطق: واسطة بين الوجود والعدم وهي الحال. اشارة لهذا المعنى. اي ان الواجب من حيث الذات مساو لغيره, يمتاز عن غيره بحال هذه الحال صفة للواجب .لا هي موجودة ولا هي معدومة. والحال عند البهشمية صفة لموجود ولكنه لا موجودة, ولا معدومة, ولا توصف بالوجود, ولا بالعدم . والقادر انه بالحالة التي هي لا موجودة ولا معدومة يتصف بانه قادر. تلك الحال التي لا هي موجودة ولا معدومة يتصف بانه موجود .( تلك الحال لا تتصف بالوجود ولا تتصف بالعدم ).فتكون منشا بان الله موجود وهو قادر باعتبار تلك القادرية, وعالم باعتبار تلك العالمية الى غير ذلك. وبطلان تلك الدعوى ضروري البطلان لانهم يفسرون هذه الحالة بلا موجودة ولا معدومة, ومن الواضح ان اجتماع النقيضين محال, فارتفاع التقيضين محال ايضا.
 وقلنا بطلان تلك الدعوة ضروري لان الشئ اما موجود او معدوم اذ لا واسطة بين الوجود والعدم .
وقالت الحكماء والمحققون من المتكلمين: انه تعالى قادر لذاته, وعالم لذاته, الى غير ذلك من الصفات. فلا القول بالمعاني صحيح, ولا القول بالاحوال تام . وانما الصحيح ما ذهب اليه الحكماء والمحققين من المتكلمين, حيث قالوا نحن عندما ناتي الى هذه الصفات, نجد انها بحسب المفهوم, كل واحد منها غير الاخرى. فان المفهوم من العلم شئ والمفهوم من القدرة شئ اخر والمفهوم من العلم والقدرة,غير المفهوم من الباقي كالسمع والبصر, ونحو ذلك من الصفات الذاتية التي تثبت للواجب .
اذن بحسب المفاهيم, هذه المفاهيم كل واحدة منها غير الاخر, بحسب المفهوم الذهني. ولكن بحسب المصداق, هذه المفاهيم كلها, او كل واحد منها عين المصاديق الاخرى. يعني ان الذات المقدسة جميعها,الذات بما هي ذات, هي علم, بما هي ذات هي قدرة, بما هي ذات هي حياة ,سمع بصر.
 اذن بحسب المصداق هناك وحدة مصداق خارجي, لكن كما قالت الاشاعرة :
ان هذه الصفات لما كانت هنا متغايرة متعددة, فالمصاديق ذهنا تكون متغايرة ومتعددة. الحكيم الالهي الامامي يقول : لا هذه الصفات بحسب الذهن متغايرة متعددة, ولكنها بحسب المصداق فهي واحدة, وجميع هذه الصفات ايضا بحسب الذات, بحسب المصداق متحدة مع الذات المقدسة, لا كما يقول البهشمي وجماعة من المتكلمين, من ان الذات لا تفرق عن غيرها من الذوات الواجبة , وانما تختلف عنها بالحالة, وهي الالوهية.
 فالذات علم كلها, حياة كلها, اذن بحسب هذه النظرية التي هي للمحققين من الامامية, والحكماء والفلاسفة نقول: نحن اذا جئنا الى عالم المفاهيم, نؤكد ان هذه بعضها متغايرة مع البعض الاخر مفهوما في عالم الذهن, واما اذا جئنا الى عالم المصداق, عالم الواقع الخارجي , نجد ان هذه الصفات جميعا, بعضها عين البعض الاخر, وجميعا هذه الصفات عين الذات المقدسة,اذن بحسب المصداق هي واحدة, ولكن بحسب المفهوم متعددة. هذا من قبيل التقريب الى الذهن انه يوجد عندك موجود, وهذا الموجود ذو جهات متعددة فيه خصائص متعددة, أنت لا يوجد عندك لفظ واحد يحكي كل احتمالات هذا الموجود, فتضطر ان تحكي عن كل كمال بلفظ, عن كل جمال بمفهوم. وهذا ليس معنى انه متعدد بالخارج. بالواقع الخارجي هو واحد, لكن حيث ان الكمالات متعددة, وحيث ان الالفاظ لا تفي بان تحكي, ولا يوجد لفظ واحد يحكي جميع الكمالات . من هنا انت تحكي عن هذا الكمال بلفظ العلم, وعن هذا الكلام بلفظ اخر . فاذن الحق بالتعبير الوارد عن ائئمتنا: هو علم كله, حياة كله, قدرة كله, وهكذا لا ان جزء منه علم, وجزء منه حياة . نحن الان بالنسبة لنا الذي نسمع به,غير الذي نبصربه, والذي نتكلم به , غير الذي نبصر ونسمع به. وهذا معناه بان الذي نسمع به, لا نستطيع ان نبصر به. ولكن الواجب ليس كذلك الواجب ليس بالذي يسمع به. لا يبصر به, وبالذي لا يبصر به بعد لا يسمع به, وبالذي يقدر به, بعد لا يعلم به. لابل حياة كله, علم كله, قدرة كله, سمع بصر الى اخر ذلك. وهذا معنى بانه بحسب المفهوم, هذه الصفات متغايرة, ولكنه بحسب المصداق  هذه الصفات والذات المقدسة هي واحدة بحسب المصداق .
 وقالت الحكماء والمحققون من المتكلمين : انه تعالى قادر لذاته, عالم لذاته سميع لذاته, حي لذاته, الى غير ذلك من الصفات. وما يتصور من الزيادة من قولنا ذات عالمة, وقادرة فتلك الامور اعتبارية زائدة في الذهن . انتم تقولون هذه الذات عالمة هذا ليس معناه ان الذات شئ والقدرة شئ اخر هذه الذات قادرة,هذا ليس معناه ان الذات شئ ,والقدرة شئ اخر, لا وانما لضيق التعبير. نحن لا نستطيع ان نعبر عن هذا الوجود المقدس, الا بالفاظ متعددة , وما يتصور من الزيادة من قولنا ذات عالمة, وقادرة, فتلك امور اعتبارية زائدة للذهن لا في الخارج, وهو الخارج.
 بالخارج هذه الصفات بعضها عين البعض الاخر وجميعها عين الذات المقدسة ,لا كما يقول الاشاعرة ان هذه الصفات كما هي متغايرة ذهنا متغايرة مصداقا وجميعها متغايرة مع الذات, ولا كما يقول البهشمية ان الذات اي ذات الواجب, لا تختلف عن غيرها من الذوات بحسب الذوات, وان اختلفت عنها بحسب الحالة التي هي الالوهية . لقائل ان يقول ما هو دليلكم على هذا المدّعى ؟ نقول: دليلنا على هذا المدعى سواء على قول الاشاعرة, او على قول البهشمية, ان الذات لو كانت غير هذه الصفات, في مقام الذات, الله ليس بقادر الله ليس بعالم, الله ليس بحي, الله ليس بسميع, الله ليس ببصير, ليس بحي, بمقام ذاته, نقصد الكمال  والحق سبحانه منزه عن كل نقص. والدليل الذي نثبت به قول الحكماء: لو كان قادر بقدرة كما تقول الاشاعرة او كما تقول البهشمية, يلزم افتقار الواجب لصفاته الى غيره. لان المفروض بمقام ذاته, واذا ليس بعالم, ليس بقادر وانما هذه الصفات زائدة على ذاته, فاما قديمة, او ليست قديمة, لزم افتقار الواجب لصفاته ,لان تلك المعاني والاحوال كما قالت الاشاعرة والبهشمية مغايرة لذاته قطعا, وكل مفتقر الى غيره ممكن. اذن لو كانت صفات الواجب زائدة على ذاته, لكان الواجب ممكنا, وهذا خلف لان واجب الوجود لا يمكن ان يكون ممكنا للوجود .. 


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net