متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
الذات لا يصح عليها اللذة والالم
الكتاب : الآلوهية عند الفرق الإسلامية    |    القسم : مكتبة العقائد الإسلامية

الذات لا يصح عليها اللذة والالم


 
هل يصح ان تصف الله بانه ملتذ؟ هل يصح ان تصف الله بانه متالم ؟ الانسان الحيوان يصح ان نقول بانه متلذذ , هل يصح بالواجب سبحانه وتعالى ان نقول بانه متالم متلذذ ؟ هذا مقصودنا من الالم واللذة التي ترتبط بمزاج الانسان . اذا كان الانسان مزاجه معتدل فهذا يسمى ملتذ, واذا كان مزاجه منحرفا فهذا يسمى متالم . اذا كان التالم والتلذذ مرتبط باعتدال مزاج الانسان, وعدم اعتدال مزاج الانسان, فهذا هو اللذة والالم الذي يستحيل اثباتهما للواجب سبحانه وتعالى. لان الواجب سبحانه لا مزاج له حتى يقال انه متلذذ او انه متالم , لان المزاج كما حققوا في محله, انما يأتي من اعتدال القوى . الانسان اذا تعادلت قواه الموجودة عنده, اذا كانت تعمل بنحو معتدل بنحو غير معوّج, يسمى انه معتدل المزاج. واذا لم تعمل هذه القوىالموجودة بالانسان بنحو معتدل ومستقيم يسمى غير معتدل المزاج, أو مريض المزاج .فاذا كان اللذة والالم هو الوصف للمزاج فمما لا اشكال فيه ان الله سبحانه وتعالى لا يتصف بمثل ذلك .اللذة والالم وصفان للمزاج المعتدل والمزاج غير المعتدل , واما اذا كان مراهم من اللذة والالم العقلي, اي لو فرضنا ان كل قواه لا تلتذ ولكن قوته العقلية تلتذ بذلك لا اللذة والالم الحسي الذي يرتبط بالمزاج . الانسان اذا كتب مطلبا عقليا دقيقا يلتذ لذلك فقواه كلها لا تلتذ, ولكن قواه العقلية تلتذ بذلك . اذا أحس الانسان ان دليله الذي يدله الدرب بعد ان قرر الاستاذ المطلب. توجه للمطلب,  وقرأ له المطلب لكن لم يستطع ان يفهم المطلب الدقيق, يتالم بذلك تالم عقلي. مع انه اي قوة من قواه الحسية والمادية لم تتالم بشئ, ولكن يوجد الم عقلي . فهنا يقع البحث ان الله سبحانه وتعالى هل يتصف باللذة والالم العقلي او لا يتصف . ان اللذة هو ادراك الملائم بما هو ملائم . وان الالم ادراك المنافي بما هو منافي , لان الانسان عندما يدرك شيئا موافقا لهوا, فانه ادركه وادرك بانه ملائم له, لانه بعض الاحيان يجد الشئ لكنه يتصور انه بعيد عنه فلا يلتذ , او ان لا يعلم بذلك الشئ فلا يلتذ به. اذن اذا ادرك الشئ وادرك انه ملائم له هذا يسمى عنده لذة. أو ادرك الشئ وادرك بانه منافي له هذا يسمى ألم. فهل يتصف الله سبحانه وتعالى بهذا المعنى باللذة والالم أو لا ؟ أقول اما الالم مما لا اشكال فيه بانه لا يتصف به لانه ادراك المنافي ولا منافي في الوجود للحق سبحانه وتعالى حتى يكون متالم به. لانه كل ما في الوجود اما هو او فعله واثره . أفعاله هل يمكن ان تكون افعالا منافية له. ولوكانت منافية له لما اوجدها اذن لا يمكن ان نتصور المنافي للحق . انما ينحصر الكلام في اللذة العقلية هل ان الله سبحانه وتعالى يتصف باللذة العقلية. فقد اثبتها الحكماء وبعض المتكلمين او لا يتصف بها ,هنا خلاف هل ان الله يتصف بانه ملتذ أو مبتهج بتعبير اخر باللذة العقلية . اقول ولا يصح علية اللذة والالم لامتناع المزاج عليه لان اللذة والالم من مواصفات وحقائق المزاج وحيث ان الواجب سبحانه وتعالى لا مزاج له اذن لا معنى بان يتصف باللذة والالم الذي يرتبط بالمزاج . ان اللذة والالم امران وجوديان لان الباري مدرك لانه عالم مدرك لذاته وذاته اكمل الموجودات وهو الغني عن العالمين . الانسان يعرف ما هوالالم وما هي اللذة انها ادراك الملائم من حيث هو ملائم ثم لا بد ان يدرك من حيث انه ملائم فلو تحقق له ذلك تلذذ . واللذة والالم قد يكونان حسيين, وقد يكونان عقليين. فان الادراك ان كان حسياً كما ان الانسان ادرك منظرا جميلا يلتذ بذلك أو رأى منظرا بشعاً يقشعر منه البدن يرى انه يتالم , هذه هي اللذه والالم الحسيين. ولا اشكال فيه ان الله تعالى لا يلتذ او لا يتالم الالم الحسي, لانه يحتاج الى هواه وقد ثبت لا هوى ولا اداة له.اما الالم فهو مستحيل عليه اجماعا سواء كان المًا حسياً اوالماً عقلياً اذ لا منافي له تعالى . واما اللذة فان كانت اللذة حسية فكذلك لا يتصف الحق سبحانه وتعالى بها, لان اللذة الحسية من توابع المزاج والمزاج هواعتدال القوى, والحق سبحانه وتعالى ليس له اعتدال القوى او الهوى حتى يتصف بانه متالم او ملتذ. اذن لا يتصف الحق بالالم مطلقا لا الحسي ولا العقلي, ولا يتصف باللذة الحسية لانها من توابع المزاج. والمزاج اعتدال المزاج ياتي من اعتدال القوى, وان القوى تعمل بشكل معتدل. والحق ليس له قوى حتى يتصف باعتدال المزاج وباللذة الحسية والمزاج والا لكان جسما . اما ان كانت اللذة عقلية فقد اثبتها الحكماء له تعالى وذهب اليه جمهور الحكماء وتبعهم المحققين من المتكلمين. لان الباري تعالى مدرك لانه عالم مدرك لذاته, وذاته اكمل الموجودات وهو الغني عن العالمين . من يدرك شيئا وهو اكمل شئ ألا يكون ملتذا ؟ طبعا هو كذلك, للتقليد الى الذهن. الانسان لو تأمل بنفسه ووجد نفسه عالما كاملا زاهدا مجاهدا شجاعا يلتذ بهذه الكرامات الموجودة عنده يبتهج بها . فالامر ألا يدرك بالواجب هو ذاته التي هي الوجود المحض والجمال الامثل ويبتهج ؟ ومن هنا فان الحق (انه اعظم مبتهج لاعظم مبتهجا).أعظم ملتذ بأعظم ملتذ ّ . لان المدرك (بكسر الراء) والمدرك (بفتح الراء) هو ذاته .أعظم موجود والله سبحانه وتعالى يتصف باللذة العقلية, لان الباري تعالى متصف بكماله اللائق به, لاستحالة النقص عليه ومع ذلك يعني ان كان متصفا بالكمال المطلق فهو مدرك لذاته وكماله. أي هو مدرك(بالكسر) ومدرك(بالفتح) أيضا , هنا المدرك والمدرك شئ واحد, يعني العالم والمعلوم شئ واحد ليس شيئان(فاعل ومفعول)لانه يدرك نفسه يدرك, ذاته فهو مدرك لذاته وكماله , فيكون الواجب أعظم مدرك لأعظم مدرك.لاعظم مدرك بأتم ادراك . يعلم ذلك بالعلم الحضوري لا بالعلم الحصولي . لان العلم كما هو معلوم في علم المنطق بمحله, اماعلم حضوري واماعلم حصولي . الحضوري كحضوروجود شئ عند الانسان بالصورة الحصولية لا بالصفة صورة شئ موجودة عندك لا صفاته . والشاهد على ذلك ان الصورة مطابقة للواقع. هذا معناه ان واقع الشئ غير موجود . أما لو حصلت لك حالة الالم هل يمكن ان تخطا فيها, كلا لانها لا تكون مطابقة او غير مطابقة للواقع . ومن هنا قالوا العلم الحصولي هو الذي يحتمل فيه الصح والخطا لا العلم الحضوري .لانه انت الان علمك بالشئ لا بالواسطة , اما اذا كان علمك بالشئ مع الواسطة بالادراك يعني, معلوم له بالعلم الحضوري لا ان صورة كماله موجودة عنده بل الحقيقة بذاته وكماله موجودة عنده. فيكون أجلّ مدرك لاعظم مدرك بأتم ادراك . والمراد باللذة هذا الابتهاج بحصول هذا الكمال . واما المتكلمون قالوا بانه لا تصح اللذة على الله لان اسمائه توقيفية, أي انها معدودة معروفة مذكورة جميعها في القران الكريم فلا يسعنا اضافة شئ اخر اليها . ان قلنا ان اسماء الله توقيفية فاذا ورد في الروايات أطلاق العلة عليه فنحن نطلق العلة أونتوقف ؟ فان قلنا انها توقيفية فهل ورد بالشرع اطلاق أسم الملتذ عليه, يقال لم يرد بذلك شئ فلا يصح ان نقول بانه ملتذ . الواقع الله هل له اختيار عقلي او لا, سواء هو ملتذ او غير ملتذ ؟ وواقع الشئ هل هو متحقق او ليس متحقق . فنفوا اللذة الحسية والعقلية لأعتقادهم نفي اللذات العقلية, ولم يرد ذلك عليه في الصفات .لان اسماءه توقفية ولا يصح لغيره التلهج بهذا (بهذه الصفة) لو كان جائز اتصافه باللذة العقلية لذكرت في اسماءه.. والصحيح انها ليست توقيفية لان هنالك فرق بين توقيفية الاسماء وتوقيفية الصفات واذا سلمنا بتوقيفية الاسماء فلا يتسرب ذلك للصفات .علما ان الامام علي عليه السلام وصف الله تعالى بالثابت الموجود (فلا نفي ولا تشبيه, هو الله الثابت الموجود,تعالى الله عما يصفون) اصول الكافي – باب النهي عن الصفة –الحديث رقم واحد.. والقرآن خال من هاتين الصفتين.اذن تصح عليه اللذة العقلية دون الحسية .


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net