متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
مناظرته مع رأس الجالوت
الكتاب : حياة الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام ج1    |    القسم : مكتبة أهل البيت (ع)

 

    مناظرته مع رأس الجالوت : وكان رأس الجالوت ، يمثل الطائفة اليهودية في ذلك المجلس الذي أعده المأمون لامتحان الامام.
    فقال له الامام : تسألني أو أسألك ؟ ....
    بل أسألك ، ولست أقبل منك حجة إلا من التوراة أو من الإنجيل أو من



(145)

زبور داود ، أو ما في صحف إبراهيم وموسى ...
    فأجابه الامام بالموافقة على هذا الشرط قائلا : لا تقبل مني حجة إلا بما نطق به التوراة على لسان موسى بن عمران ، والإنجيل على لسان عيسى بن مريم ، والزبور على لسان داود ( عليهم السلام ) ....
    س 1 ـ من أين تثبت نبوة محمد ( صلى الله عليه وآله ) ؟ ...
    ج 1 ـ شهد بنبوته موسى بن عمران ، وعيسى بن مريم ، وداود خليفة الله في الأرض ...
    وطلب رأس الجالوت اثبات ذلك قائلا : أثبت قول موسى بن عمران ....
    فقال الامام : تعلم يا يهودي أن موسى أوصى بني إسرائيل ، فقال لهم : إنه سيأتيكم نبي فيه (1) فصدقوا ، ومنه فاسمعوا فهل تعلم أن لبني إسرائيل أخوة غير ولد إسماعيل ؟ ان كنت تعرف قرابة إسرائيل من إسماعيل ، والنسب الذي بينهما من قبل إبراهيم.
    واعترف رأس الجالوت بذلك قائلا : هذا قول موسى : لا ندفعه ...
    والزمه الامام بالحجة والبرهان قائلا : هل جاءكم من اخوة بني إسرائيل غير محمد ( صلى الله عليه وآله ) ؟ ...
    لا ...
    وانبرى الامام قائلا : أليس هذا قد صح عندكم ؟ ....
    نعم ، ولكني أحب أن تصححه لي من التوراة ؟ ...
    وتلا الامام عليه قطعة من التوراة قائلا : هل تنكرون التوراة تقول لكم : جاء النور من قبل طور سيناء وأضاء للناس من جبل ساعير ، واستعلن علينا من جبل فاران ...
    وأقر رأس الجالوت بهذه الكلمات ، إلا أنه طلب من الامام تفسيرها ، فقال ( عليه السلام ) له :



1 ـ هكذا في النسخ المخطوطة والمطبوعة ، والصواب فيه بالباء والمعنى إن أدركتم صحبته وفيه ، اي قصدوه واسمعوا ما يقوله.


(146)

أنا أخبرك بها ، أما قوله : جاء النور من قبل طور سيناء فذلك وحي الله تبارك وتعالى الذي أنزله على موسى على جبل طور سيناء.
    وأما قوله : وأضاء للناس في جبل ساعير فهو الجبل الذي أوحى الله عزوجل إلى عيسى بن مريم وهو عليه.
    واما قوله : واستعلن علينا من جبل فاران فذاك جبل من جبال مكة ، وبينه وبينها يومان ؟ أو يوم ...
    قال شعيا النبي : فيما تقول أنت وأصحابك في التوراة رأيت راكبين أضاء لهما الأرض أحدهما على حمار ، والآخر على جمل ، فمن راكب الحمار ، ومن راكب الجمل ؟ ...
    ولم يعرف رأس الجالوت ذلك رغم انه موجود في التوراة فطلب من الامام ايضاح ذلك له.
    فقال ( عليه السلام ) : أما راكب الحمار فعيسى ، وأما راكب الجمل فمحمد ( صلى الله عليه وآله ) أتنكر هذا في التوراة ؟ ...
    ووجه الامام إليه السؤال التالي : هل تعرف حبقوق النبي ؟ ....
    نعم اني به لعارف ...
    وأخذ الإمام ( عليه السلام ) يقرأ ما أثر عنه قائلا : فإنه قال : ـ وكتابكم ينطق به ـ جاء الله تعالى بالبيان من جبل فاران وامتلأت السماوات من تسبيح أحمد وأمته ، يحمل خيله في البحر ، كما يحمل في البر يأتينا بكتاب جديد ـ يعني القرآن الكريم ـ بعد خراب بيت المقدس ، أتعرف هذا وتؤمن به ؟ ...
    واعترف رأس الجالوت بذلك.
    والتفت إليه الامام فأقام عليه حجة أخرى ، وهي ما جاء في الزبور ، من التبشير بالرسول الأعظم محمد ( صلى الله عليه وآله ) قائلا : فقد قال داود في زبوره ـ وأنت تقرأه ـ اللهم ابعث مقيم السنة بعد الفترة ، فهل تعرف نبيا أقام السنة بعد الفترة غير محمد ( صلى الله عليه وآله ) ؟ ...
    وأخذ رأس الجالوت يراوغ ، وينكر الحق قائلا : هذا قول داود نعرفه ولا ننكره ، ولكنه عنى بذلك عيسى ، وامامه هي



(147)

الفترة ...
    فرد عليه الامام قائلا : جهلت ان عيسى موافقا لسنة التوراة حتى رفعه الله إليه ، وفي الإنجيل مكتوب ان ابن البرة ـ اي عيسى ـ ذاهب ، والبارقليطا جاء من بعده ، وهو الذي يحفظ الآصار ، ويفسر لكم كل شئ ، ويشهد لي كما شهدت له ، أنا جئتكم بالأمثال ، وهو يأتيكم بالتأويل ، أتؤمن بهذا في الإنجيل ؟ ...
    وطفق رأس الجالوت يقول : نعم لا أنكره ....
    ووجه الامام إليه السؤال التالي : أسألك عن نبيك موسى بن عمران ؟ ....
    سل ....
    ما الحجة على أن موسى تثبتت نبوته ؟ ...
    واخذ رأس الجالوت يستدل على نبوة موسى قائلا : انه جاء بما لم يجئ به أحد من الأنبياء قبله ...
    مثل ماذا ؟ ...
    مثل فلق البحر ، وقلبه العصا حية تسعى ، وضربه الحجر فانفجرت منه العيون ، واخراجه يده بيضاء للناظرين ، وعلاماته لا يقدر الخلق على مثلها ....
    وصدق الامام مقالته قائلا : صدقت في أنها حجة على نبوته ..
    إنه جاء بما لم يقدر الخلق عل مثله ، أفليس كل من أدعى أنه نبي ، وجاء بما لم يقدر الخلق على مثله وجب عليكم تصديقه ؟ ...
    وأنكر اليهودي مقالة الامام قائلا : لا ، لان موسى لم يكن له نظير لمكانه من ربه ، وقربه منه ، ولا يجب علينا الاقرار بنبوة من ادعاها ، حتى يأتي من الاعلام بمثل ما جاء به ...
    ونقض الامام كلام اليهودي قائلا : فكيف أقررتم بالأنبياء الذين كانوا قبل موسى ، ولم يفلقوا البحر ، ولم يفجروا من الحجر اثني عشر عينا ، ولم يخرجوا أيديهم مثل اخراج موسى يده بيضاء ، ولم يقلبوا العصا حية تسعى ...
    وأجاب اليهودي :



(148)

قد خبرتك انه متى جاءوا على نبوتهم من الآيات بما لا يقدر الخلق على مثله ، ولو جاءوا بمثل ما جاء به موسى أو كانوا على ما جاء به موسى وجب تصديقهم ....
    ورد الإمام ( عليه السلام ) حجته قائلا : يا رأس الجالوت فما يمنعك من الاقرار بعيسى بن مريم وكان يحيى الموتى ، ويبرئ الأكمه والأبرص ، ويخلق من الطين كهيئة الطير ثم ينفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله ...
    وراوغ اليهودي فقال : يقال : انه فعل ذلك ، ولم نشهده ...
    ورد الامام عليه ببالغ الحجة قائلا : أرأيت ما جاء به موسى من الآيات شاهدته ؟ أليس إنما جاءت الاخبار من ثقات أصحاب موسى انه فعل ذلك ...
    بلى ...
    والزمه الامام بالحجة القاطعة قائلا : كذلك أيضا أتتك الأخبار المتواترة بما فعل عيسى بن مريم ، فكيف صدقتم بموسى ، ولم تصدقوا بعيسى ؟ ...
    ووجم رأس الجالوت ، فقد سد عليه الامام كل نافذة ، وأقام عليه الحجة البالغة ، وبان عليه العجز.
    وأضاف الإمام ( عليه السلام ) يقول : وكذلك أمر محمد ( صلى الله عليه وآله ) وما جاء به ، وأمر كل نبي بعثه الله ، ومن آياته أنه كان يتيما فقيرا ، راعيا أجيرا ، ولم يتعلم ، ولم يختلف إلى معلم ، ثم جاء بالقرآن الذي فيه قصص الأنبياء ( عليهم السلام ) واخبارهم حرفا ، حرفا ، واخبار من مضى ، ومن بقي إلى يوم القيامة ، ثم كان يخبرهم بأسرارهم ، وما يعلمون في بيوتهم ، وجاء بآيات كثيرة ...
    وقطع رأس الجالوت على الامام كلامه قائلا : لم يصح عندنا خبر عيسى ، ولا خبر محمد ، ولا يجوز أن نقر لهما بما لا يصح ...
    وفند الإمام ( عليه السلام ) كلام اليهودي قائلا : فالشاهد الذي يشهد لعيسى ومحمد شاهد زور ؟ ...
    وأخرس رأس الجالوت ، ووجم ، وهو كظيم ، وراح يفتش في حقيقة مغالطاته



(149)

شبهة يتمسك بها فلم يجد ، وسيلة يتمسك بها لدعم أباطيله.


 


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net