متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
المبحث الحادي عشر : في الواجب الكفائي
الكتاب : نهاية الافكار ج1 ـ 2    |    القسم : مكتبة علم الأصول

المبحث الحادي عشر في الواجب الكفائي

    وهو سنخ من الوجوب متعلق بفعل كل واحد من آحاد المكلفين ، ومرجعه كما في الواجب التخييري إلى تعلق وجوب ناقص بفعل كل واحد من المكلفين بنحو لايقتضي الا المنع عن بعض أنحاء تروكه ، وهو تروكه في حال ترك بقية المكلفين ، غير أن الفرق بينهما هو توجه التكليف هناك إلى المكلف بكلا شقي التخيير من جهة كونه نتيجة التكليف التعييني بالجامع بخلافه في المقام حيث إنه بعد عدم قدرة شخص مكلف واحد على كل الشقين لايكاد يصح توجيه التكليف التعييني إليه بالجامع بمعناه الاطلاقي القابل للانطباق على فعل نفسه وفعل غيره ، ومن ذلك لايكون التكليف المتوجه إلى


(395)

كل مكلف الا تكليفا ناقصا متعلقا بشق واحد ولايكون امره الناقص الا أمرا واحدا
    بل ولئن تأملت ترى جريان الشقوق المتصورة في الواجب التخييري في المقام أيضا من حيث تعلق غرض وحداني تارة بجامع فعل المكلفين القابل للانطباق على فعل كل واحد من آحادهم ، وأخرى تعلق اغراض متعددة بفعل كل واحد من المكلفين مع كونها بنحو لايكاد حصول الغرض في واحد مع حصوله وتحققه في الاخر نظرا إلى ما كان بين تلك الاغراض حينئذ من المضادة اما في مرحلة الوجود والتحقق واما ما في مرحلة أصل الاتصاف بالغرض والمصلحة ، حيث إن مرجع الجميع كما عرفت إلى تعلق وجوب ناقص بفعل كل واحد من المكلفين ، ففي جميع الصور كان المكلفون كل واحد منهم مكلفا بالايجاد ولكن بتكليف ناقص بنحو لايقتضي الا المنع عن الترك في حال ترك البقية ونتيجة ذلك انما هو سقوط التكليف بفعل بعضهم عن الجميع واستحقاقهم جميعا للعقوبة عند اخلالهم بالامتثال مع امتثال الجميع أيضا واستحقاقهم للمثوبة لو أتوا بالمأمور به دفعة واحدة ، نعم هذا الأخير مخصوص بالفرض الأول وهو فرض قيام الغرض الوحداني بالجامع فان قضيته حينئذ هو تحقق الامتثال بفعل الجميع فلا يجري في بقية الفروض لأنه فيها حسب مضادة تلك الاغراض القائمة بأفعالهم اما بحسب الوجود أو الاتصاف لايكاد انتهاء النوبة إلى امتثال الجميع مع اتيانهم دفعة واحدة حتى يترتب عليه استحقاقهم أجمع أيضا للمثوبة بل ومقتضي بطلان الترجيح بلا مرجح حينئذ هو عدم حصول الغرض وعدم تحقق الامتثال من واحد منهم أيضا ، كما لايخفى ، هذا.
    ولكن الذي يسهل الخطب هو ان ما ذكرناه من الفروض الاخر في الواجب الكفائي مجرد فرض وبيان امكان جريان فروض الواجب التخييري في الكفائي أيضا ، والا فما هو الواقع في الواجبات الكفائية طرا انما هو خصوص الفرض الأول ، وعليه فكما أنه باخلالهم بالامتثال يستحق الجميع العقوبة كذلك باتيانهم جميعا للمأمور به دفعة واحدة يتحقق الامتثال من الجميع ويستحق الجميع المثوبة ، نعم على فرض وقوع ما عدا الفرض الأول فيها أيضا يبقى الكلام في أنه هل يمكن فيها تصوير إناطة التكليف بكل واحد منهم بعدم اتيان البقية كي يلزمه المصير إلى كون التكليف المتوجه إلى كل مكلف تكليفا تاما منوطا بعدم اتيان البقية أم لايمكن فينحصر تكليفهم كما في الواجب التخييري بالتكليف الناقص حسب ما عرفت ، وفي ذلك كان التحقيق هو الثاني ، وذلك فإنه ان أريد من


(396)

الإناطة إناطة كل واحد من التكاليف بعصيان البقية فعدم امكانه واضح ، من جهة ما يلزمه حينئذ من تأخر كل واحد من هذه التكاليف عن الآخر برتبتين ، وهو من المستحيل كما عرفت ، وان أريد إناطة كل واحد منها بعدم البقية أي العدم السابق على الامر والتكليف فكذلك أيضا ، إذ حينئذ وان لم يرد عليه المحذور المتقدم من جهة وقوع التكاليف حينئذ في رتبة واحدة الا انه بعد تحقق المنوط به بالنسبة إلى الجميع يلزمه ان يكون كل واجد منهم مكلفا بتكليف فعلى تام بالايجاد ، ومثل هذا المعنى بعد فرض مضادة تلك المصالح والاغراض وامتناع اجتماعها في الوجود والتحقق يكون من المستحيل ، لاستحالة البعث الفعلي التام نحو أمور يمتنع اجتماعها في التحقق ، فمن ذلك لا محيص في المقام أيضا كما في الواجب التخييري من ارجاع تلك التكاليف إلى التكليف الناقص بجعل التكليف المتوجه إلى كل مكلف تكليفا ناقصا على نحو لايقتضي الا المنع عن الترك في حال ترك بقية المكلفين ونتيجة ذلك كما عرفت انما هو سقوط التكليف عن الجميع بفعل البعض منهم مع استحقاق الجميع للعقوبة عند اخلالهم جميعا بالواجب والمأمور به ، كما هو واضح.

 


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net