متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
المبحث الثاني عشر : في الواجب الموقت
الكتاب : نهاية الافكار ج1 ـ 2    |    القسم : مكتبة علم الأصول

المبحث الثاني عشر ، في الواجب الموقت

    وهو الذي كان للزمان دخل فيه شرعا ، وفي قباله غير الموقت وهو الذي لايكون للزمان دخل فيه شرعا وان كان مما لابد منه فيه عقلا.
    ثم إن قضية دخله فيه شرعا تارة تكون من جهة كونه قيدا للهيئة وللطلب وأخرى من جهة كونه قيدا للمادة وللمتعلق الراجع إلى مقام الدخل في وجود المحتاج إليه والمتصف فارغا عن أصل الاتصاف والاحتياج ، حيث إنه يجري فيه كلا الاحتمالين كما في غيره من القيود الاخر ، نعم لو بنينا على عدم امكان المعلق واستحالته في نفسه لكان المتعين في المقام هو ارجاعه عقلا بقول مطلق إلى الهيئة والطلب ولو كان بحسب ظاهر القضية راجعا إلى المتعلق والمادة حتى في ما لو كان دخله في المصلحة من قبيل الدخل في وجود المتصف والمحتاج إليه ، غير أن الفرق حينئذ بينه وبين سائر المشروطات من جهة الإناطة حيث كان إناطة الطلب به في المقام عقلية وفي سائر المشروطات شرعية. وأما


(397)

بناء على المختار من امكان المعلق أيضا كالمشروط فيجرى فيه كلا الاحتمالين كما في غيره من القيود ، فيكون قيدا للهيئة وللطلب تارة وللمتعلق أخرى.
    ثم إن الزمان المأخوذ في الواجب ظرفا ان كان بقدر الواجب لا أوسع فمضيق كالصوم مثلا ، وان كان أوسع منه فموسع وأمثلته كثيرة كالصلوات اليومية وصلاة الكسوف والخسوف ونحوها. واما كونه أضيق من الواجب فغير ممكن من جهة امتناع التكليف بما لا يسعه وقته وظرفه مع إرادة ايجاد الواجب بتمامه في ذلك الوقت وهو واضح ، نعم لا باس به لو أريد ايجاده فيه ولو ببعض اجزائه لا بتمامه ولكن ذلك حينئذ خارج عن الفرض نظرا إلى أن الموقت حينئذ انما هو الواجب ببعض اجزائه لا بتمامه ومن أوله إلى آخره.
    واما الاشكال في امكان الموسع أيضا فمدفوع بما عرفت من وقوعه الذي هو أدل على امكانه ، كالأمثلة المزبورة ، ومرجعه إلى مطلوبية الكلي الجامع بين الافراد التدريجية المنتجة للتخيير بين الافراد المزبورة. وفي كون مثل هذا التخيير عقليا أو شرعيا وجهان أوجههما الثاني ، كما تقدم بيانه مفصلا ، فراجع.
    نعم يبقى الكلام حينئذ في اقتضاء الامر بالموقت مع الاخلال به في الوقت لوجوبه في خارج الوقت وعدمه ، وفي ذلك نقول : ان مجمل الكلام فيه ان قضية دليل الموقت اما ان تكون على نحو وحدة المطلوب بحيث يستفاد منه كون التقييد بالوقت بلحاظ أصل المطلوب لا بلحاظ تمامه ، واما ان تكون على نحو تعدد المطلوب بحيث يستفاد منه كون التقييد به بلحاظ تمام المطلوب لا أصله ، واما ان لا يستفاد منه شيء من الوجهين بل كان مجملا من هذه الجهة ومرددا بين التقييد في أصل المطلوب أو تمامه.
    فان كان من قبيل الأول فلا اشكال في عدم اقتضاء الامر بالموقت لوجوب الاتيان به في خارج الوقت مع الاخلال به في الوقت ، لولا دعوى اقتضائه لعدم وجوبه.
    كما أنه على الثاني أيضا لا اشكال في اقتضائه وجوب الاتيان به في خارج الوقت بعكس القسم الأول من غير فرق في ذلك بين ان يكون التوقيت بدليل متصل أو منفصل
    واما ان كان من قبيل الثالث فان كان بدليل متصل بالكلام فلا اشكال أيضا في عدم اقتضاء دليل الواجب لوجوبه في خارج الوقت ، من جهة انه باتصاله به يوجب اجماله اجمالا لدليل الموقت أيضا ، ومعه لايبقى له ظهور حتى يصح التمسك به لاثبات الوجوب بعد انقضاء الوقت ، نعم لو كان التوقيت حينئذ بدليل منفصل وكان لدليل


(398)

الواجب أيضا اطلاق بان فرض كونه في مقام البيان من هذه الجهة لا في مقام أصل المشروعية لكان قضية اطلاقه حينئذ هو ثبوت الوجوب في خارج الوقت أيضا ولكن ذلك أيضا مجرد فرض ، إذ نقول أولا بظهور دليل التوقيت في وحدة المطلوب وفي كون التقييد به بلحاظ أصل المطلوب لا بلحاظ تمامه وعلى فرض عدم ظهوره واجماله من تلك الجهة لايكون لدليل العبادة في تلك الموقتات من نحو قوله : « أقيموا الصلاة » اطلاق يصح التمسك به لاثبات الوجوب في خارج الوقت لأنها طرا على ما حقق في محله في مبحث الصحيح والأعم كانت واردة في مقام أصل المشروعية لا في مقام البيان من تلك الجهات ، وعليه فلا يبقى مجال التمسك بدليل الموقتات في العبادات لاثبات الوجوب في خارج الوقت ، بل لابد حينئذ من قيام دليل عليه بالخصوص والا فلا كنا نحن ونفس تلك الأدلة لايمكننا اثبات الوجوب به بعد انقضاء الوقت كما هو واضح.
    نعم لو شك ولو يعلم من دليل الموقت بان التقييد بالوقت كان بلحاظ أصل المطلوب أو بلحاظ تمام المطلوب ربما كان مقتضى الأصل وهو الاستصحاب بقائه في خارج الوقت أيضا إذ حينئذ يشك عند ذهاب الوقت في ذهاب أصل المطلوبية أو ذهاب مرتبة منه مع بقائه ببعض مراتبه الاخر فيستصحب حينئذ بقائه ولو ببعض مراتبه ، نظير الاستصحاب الجاري في اللون الخاص إذا شك في ذهابه من رأسه أو ذهابه ببعض مراتبه مع بقائه ببعض مراتبه الاخر ، ومعه فلا يجرى فيه أصالة البراءة عن الوجوب ، هذا.
    ولكن الذي يسهل الخطب هو ما عرفت من ظهور الأدلة في وحدة المطلوب وفى كون التقيد بالوقت بلحاظ أصل المطلوب لاتمامه وحينئذ فلابد في اثبات وجوب القضاء في خارج الوقت وفاقا للمحققين من قيام دليل عليه بالخصوص والا فلايكفيه نفس الامر الأول ، كما هو واضح.
    نعم ربما ينافي ما ذكرنا ظهور مادة القضاء في التدارك المقتضي لوفاء المأتى به في خارج الوقت ببعض مراتب مصلحة الموقت ، حيث إن لازمه هو قيام المصلحة من الأول بالجامع بين الفرد الواقع في الوقت والفرد الواقع في خارجه ، ولازمه هو تعلق الامر الأول أيضا من الأول بالجامع بين الفردين لا بخصوص الفرد الواقع في الوقت ، ولازمه أيضا ان يكون وجوب الاتيان به في خارج الوقت بنفس الامر الأول لا بأمر جديد ، ولكنه يندفع ذلك بأنه وان كان الامر كذلك انه انه نقول بان فردية المأتي به في خارج الوقت للجامع


(399)

لما كانت في طول الافراد الواقعة في الوقت وفي رتبة متأخرة عن سقوط الامر والتكليف عنها ، فقهرا مثل هذه الطولية توجب تضيقا في دائرة الطبيعة المأمور بها بالامر الأول بنحو يخرج عنها مثل هذا الفرد ، فمن ذلك يحتاج في اثبات وجوبه بعد عدم شمول الامر الأول له إلى امر آخر يقتضي وجوبه في خارج الوقت ، وعليه فلا تنافي بين القول بان القضاء بأمر جديد وبين ما يقتضيه ظهور مادة القضاء في الوفاء ببعض مراتب مصلحة الموقت ، كما لايخفى.

 


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net