متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
المبحث الثالث عشر : هل الامر بالامر بالشيء أمر بذلك الشيء أم لا ؟
الكتاب : نهاية الافكار ج1 ـ 2    |    القسم : مكتبة علم الأصول

المبحث الثالث عشر
في أنه هل الامر بالامر بشيء امر بذلك الشيء حقيقة أم لا

    وتحقيقه ان يقال بان كلا الوجهين ثبوتا امر ممكن ، حيث إنه يمكن ان يكون الامر بالامر بشيء لا لأجل التوصل به إلى وجود ذلك الشيء في الخارج بل لأجل مطلوبية امر الآمر الثاني نفسيا كما أنه يمكن ان يكون ذلك لأجل التوصل إلى وجود الشيء في الخارج فحيث انه كان ذلك الشيء مطلوبا له أمر بالامر به ، الا انه في مقام الاثبات كان الظاهر من نحو تلك القضايا ولو بملاحظة قضية الارتكاز هو الثاني من كون الامر بالامر بشيء لمحض التوصل إلى الوجود ، لا من جهة مطلوبية أمر الآمر الثاني نفسيا وان لم يترتب عليه الوجود في الخارج.
    وعلى ذلك فلا بأس باستفادة شرعية عبادة الصبي مما ورد من أمر الأولياء بأمر الصبيان باتيان العبادات ، نعم هذا المقدار من الشرعية أيضا لا يفي باثبات وفاء المأتي به حال الصغر بمصلحة الواجب كي يلزمه الاجتزاء به عن فعل الواجب فيما لو كان بلوغه بعد الفراغ عن العبادة أو في أثنائها ، من جهة ان القدر الذي يستفاد من قضية الامر بالامر انما هو كون فعلهم في حال عدم البلوغ مشروعا وواجدا للمصلحة ، واما كون هذه المصلحة من سنخ تلك المصلحة الملزمة الثابتة في حال البلوغ فلا ، ومن هذه الجهة أيضا تشبث بعضهم للاجتزاء به وعدم الإعادة بعد البلوغ باثبات المشروعية من جهة نفس الخطابات الأولية ، وحاصله انما هو دعوى شمول اطلاق الخطابات في التكاليف مثل أقيموا الصلاة ونحوه للصبي الذي يبلغ بعد يوم أو نصف يوم أو ساعة ، حيث إن


(400)

دعوى انصرافها عن مثل هذا الصبي أيضا كما ترى بعيدة غايته ، إذ لايكاد يفرق العرف في شمول تلك الخطابات بين البالغ سنه إلى خمس عشرة سنة كاملة وبين من نقص سنة من ذلك بيوم أو نصف يوم أو ساعة واحدة ، بل كان العرف يرى شمول تلك الخطابات لكل منهما وحينئذ فإذا شمل تلك الخطابات لمثل هذا الصبي يتعدى عنه بمقتضي عدم الفصل إلى من هو دون ذلك في العمر إلى أن يبلغ في طرف القلة إلى ست أو سبع سنين فيستفاد من ذلك حينئذ ان الصبي المميز والمراهق كالبالغ في كونه ممن شرع في حقه العبادة على نحو مشروعيتها في حق البالغين من حيث اشتمال عباداته على المصالح الملزمة ، غاية الامر بمقتضي دليل رفع القلم يرفع اليد عن جهة الزام التكليف ويقال بأنه غير مكلف بالايجاد بتكليف لزومي في حال عدم بلوغه ، ونتيجة ذلك انما هو سقوط التكليف عنه بالايجاد لو فرض بلوغه في أثناء العبادة أو بعد الفراغ عنها ، نظرا لأي استيفائه بفعله حينئذ قبل البلوغ لتلك المرتبة من المصلحة الملزمة الداعية على الامر والتكليف هذا. ولكن فيه انه لا قصور في هذا التقريب لاثبات المشروعية بالمعنى المزبور لولا دعوى كون اعتبار البلوغ في أذهان المتشرعة بمقتضى دليل ( رفع القلم ) ونحوه في الارتكاز بمثابة يكون من القرائن الخاصة الموجبة لصرف الخطابات إلى خصوص البالغين ، كما لعله ليس ببعيد أيضا والا فلا مجال لاثبات مثل هذا النحو من الشرعية أيضا حتى يترتب عليه الاجتزاء به عن فعل الواجب بعد البلوغ فيما لو كان بلوغه في أثناء العبادة أو بعد الفراغ عنها ، كما لايخفى.

 


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net