متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
الجهة التاسعة
الكتاب : نهاية الافكار ج1 ـ 2    |    القسم : مكتبة علم الأصول
الجهة التاسعة

    اختلفوا في جواز تخصيص العموم الكتابي بالخبر الواحد وعدم جوازه بعد الاتفاق منهم على تخصيصه بالخبر المتواتر. ولكن التحقيق هو الجواز ، للسيرة المستمرة من الأصحاب من قديم الأزمان إلى زمانا هذا على تخصيص العمومات الكتابية بالخبر الواحد الغير المحفوف بالقرائن القطعية كتخصيص غيرها به ، وعدم صلاحية ما تمسك به المانعون للمانعية ، تارة بقطعية العام الكتابي سندا وظنية سند الخبر فلا دوران بينهما من جهة عدم مقاومة الظني مع القطعي ، وأخرى بما ورد من الأخبار الكثيرة القطعية على طرح ما لا يوافق الكتاب أو يخالفه من نحو قوله عليه السلام : ( ما خالف قول ربنا لم أقله ، (1) أو فاضربه على الجدار ، (2) أو زخرف (3) ) على اختلاف ألسنتها ، بدعوى ان المخالفة تعم المخالفة بنحو العموم من وجه والمطلق ، فيجب حينئذ طرح ما يخالف العموم الكتابي من الاخبار الآحاد ، إذ فيه


1 ـ أصول الكافي ج 1 ح 5. وسائل الشيعة ، ج 18 الباب 9 من أبواب صفات القاضي ، ح 15.
2 ـ لم نعثر عليه في كتب الحديث.
3 ـ أصول الكافي ج 1 ص 69 ح 3 و4 وسائل الشيعة ، ج 18 الباب 9 من أبواب صفات القاضي ، ح 12 و14.


(549)

ما لايخفى.
    اما الأول فبأنه لا دوران بين سند العام الكتابي وسند الخاص الظني حتى يقال بعدم مقاومة الظني للمعارضة مع القطعي ، بل ولا دوران أيضا بين دلالتهما ، من جهة معلومية اقوائية الدلالة في الخاص من العام في العموم ، كيف وان لازمه عدم جواز تخصيص العام المتواتر السند بالخبر الواحد ، مع أنه ليس كك قطعا ، بل وانما الدوران انما كان بين دلالة العام الكتابي وسند الخاص الظني ، وفي مثله يكون الدوران والمعارضة بين الظنيين من جهة ظنية دلالة العام أيضا ، لا بين القطعي والظني ، فكان الخاص حينئذ بسنده يعارض دلالة العام الكتابي لا سنده حتى يتوجه الاشكال المزبور ، ولا بدلالته من جهة ما عرفت من اقوائية ظهوره من ظهور العام ، ومن ذلك يقدم عليه بلا كلام مع القطع بصدوره ، كما يكشف عنه اطباقهم على جواز تخصيصه بالمتواتر أو المحفوف بالقرينة القطعية.
    واما الوجه الثاني ففيه أيضا منع اطلاق تلك النصوص وشمولها للمخالفة بنحو العموم المطلق بل ومن وجه أيضا ، بل نقول باختصاصهما بمقتضي الانصراف بخصوص المخالفة بنحو التباين الكلي ، كيف وانه من المقطوع صدور اخبار كثيرة مخالفة للكتاب بنحو العموم المطلق ومن وجه ، فلابد حينئذ من الالتزام بالتخصيص بما صدر عنهم عليهم السلام من الاخبار المخالفة بنحو العموم المطلق ومن وجه ، وهو كما ترى ! من اباء هذه الأخبار بملاحظة ما اشتمل عليها من التعبيرات عن التخصيص ، فان قوله عليه السلام : ( ما خالف قول ربنا لم أقله ، أو زخرف ، أو فاضربه على الجدار ) ونحوها مما لايكاد يتحمل التخصيص ، فلا محيص حينئذ بقرينة صدور مثل هذه الأخبار المخالفة بنحو العموم من وجه والمطلق عنهم عليهم السلام من حملها على خصوص المخالفة بنحو التباين الكلي لو فرض اطلاق فيها.
    كما أن ما دل منها على طرح ما لا يوافق أيضا لابد من الحمل على ذلك ، لو لم نقل باختصاصها بمورد تعارض الخبرين ومقام ترجيح أحدهما على الآخر.
    ثم إن كل ذلك أيضا في فرض صدق المخالفة عرفا على المخالفة بنحو العموم المطلق ، والا فمع عدم صدق المخالفة على مثل ذلك عرفا يخرج موضوعا عن تلك الأخبار.
    وحينئذ فعلى كل حال لا مجال للتشكيك في جواز تخصيص العام الكتابي بالخبر الواحد بمثل البيانات المزبورة بل لابد بمقتضي القواعد المقررة في محله من تخصيصه به كتخصيصه


(550)

بالخبر المتواتر والمحفوف بالقرائن القطعية.
    نعم بعد ما ظهر ان الدوران في المقام كان بين سند الخاص الظني وبين دلالة العام الكتابي لابين سنديهما ولا بين دلالتيهما يبقى الكلام في ترجيح أصالة التعبد بالسند في الخاص على أصالة التعبد بالدلالة في طرف العام القطعي ، ووجه تقديمه عليه بأنه من جهة الحكومة كما قيل بدعوى مسببية الشك في حجية الظهور في العام عن الشك في صدور الخاص الا ظهر في قباله ، باعتبار ان موضوع الحجية في أصالة الظهور هو الظهور الذي لم يرد أظهر في قباله أو من جهة الورود بمناط المزاحمة وتقديم أقوى الحجتين أو بمناط آخر. وقد أشبعنا الكلام في ذلك مفصلا في مبحث التعادل والترجيح فراجع هناك تعرف.

 


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net