متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
صفقة خاسرة
الكتاب : ليتني كنت أعلم    |    القسم : مكتبة القُصص و الروايات

جلس أمامها في وله لكي يقول لها :
بأنني أحبك إلى درجة العبادة ، وبأنك حياتي التي لا غنًى لي عنها...
صحيح أنهما كانا في بداية أيام الخطوبة ولكنه كان يؤكد لها أن الحب كالتيار الكهربائي الذي لا تحتاج انطلاقته إلى مزيد من المقدمات !! وكانت تستمع إليه في سعادة وتستشعر لكلمات الاطراء بشيء من الغرور قال :
أنه يود لو تم العقد في أقرب فرصة فهو لم يعد يجد للحياة معنى بدونها ! وقال أيضاً أنه يعجب كيف أمكن له أن يعيش سنيّ حياته الماضية وهو بعيد عنها فهي قد أصبحت بالنسبة إليه محور السعادة ومنطلق الهناء ! قال أنه سوف يستأجر بيتاً كبيراً فخماً يتماشى مع حجم السعادة التي يحسها ، وقال أيضاً أنهما سوف يقضيان


( 246 )

شهر العسل في الخارج لأن حياة زوجية تقوم على مثل هذا الرصيد الضخم من الحب لا يناسب استهلالها إلا مصايف باريس !!
وكان يتحدث باندفعان ويملأ حديثه بكلمات الحب والاعجاب ... وكانت هي سارحة وراء أحلامها التي بدأت تتحقق في شخص هذا الخطيب ... وانتبهت على خصلات من شعرها أخذت تتطاير فوق جبينها فرفعت يدها إلى شعرها تصففه وهي تقول في دلال :
لكم كنت تتعجل الخروج بشكل لم أتمكن فيه حتى من ترتيب شعري ؟ قال : أن شعرك جميل على أي صورة كان وأنت مرتبة على أي حال من الأحوال.
فابتسمت في زهو وكأنها أرادت منه المزيد فقالت :
حتى فستاني الجديد لم تنتظر حتى يصلني من الخياطة.
قال :
ألم أقل لك أن هذا لا يهم ؟ أنا لا أهتم بأمثال هذه الأمور ما دام الهدف الحقيقي قد تحقق من حصولي عليك يا عزيزتي.


( 247 )

قالت في شيء من الحماس :
أتراك هكذا حقاً ؟
قال : نعم وأقسم لك بحبي على صحة ما أقول .
قالت : إذن فأنا سعيدة إذا كنتُ أتمنى أن أحصل على زوج لا تهمه المادة...
قال : نعم أنني هكذا وسوف تلمسين بنفسك صدق ما أقول ...
فتشجعت من جوابه وقالت :
نعم أن المادة هي عرض زائل وأنا لا أحسب لها في حياتي أي حساب ولهذا فقد تنازلت لأبي عن جميع ما كنت قد أدخرته من راتبي حينما وجدته في ضائقة مالية...
وهنا وعلى خلاف عادته في الاسراع في الجواب سكت برهة ولكنه استعاد نشاطه بسرعة وقال :
لطيف أن تمدي إلى أبيك يد المساعدة فأن الضائقة المالية قاسية لا تطاق ولهذا فأنا أشك بمقدرتنا على استئجار بيت كبير !!


( 248 )


قالت :
المهم في البيت أن يكون مريحاً سواء كان كبيراً أو صغيراً...
قال :
نعم وأن تكون فيه وسائل الراحة من ثلاجة ومكيف هواء وغسالة واشباه ذلك ...
قالت :
إن هذه حوائج تشترى بشكل تدريجي فنحن نتمكن في البداية أن نكون على شيء من البساطة لأن أبي كما لعلك تعلم لا يتمكن في الوقت الحاضر أن يساهم بشيء يذكر..
فأطرق برهة وهو يتشاغل بتوقيت ساعته ثم رفع رأسه في شيء من البرود قائلاً :
إن البساطة لطيفة في كل شيء ولهذا فإن في إمكاننا أن نستغني عن السفر إلى الخارج !!.


( 249 )

قالت :
نعم ان هذا هو الاصلح سيما وأنني مرتبطة ببعض السلف والأقساط !!
وهنا لم يتمالك نفسه فقال بشيء من الحدة :
إذن فأن راتبك مستهلك على ما يبدو ؟
قالت :
تقريباً...
فتململ في جلسته ثم قال :
وأنا أيضاً مرتبط بكثير من الديون والسلف ولهذا سوف لن أفكر في أمر الزواج حالياً !!
ثم نهض وهو يقول :
أخشى أن لا أتمكن من رؤيتك ثانية ولهذا اتمنى لك كل السعادة وموفقية !.
قال هذا ثم انصرف وكأنه هارب من وحش مخيف !! وكأن هذه لم تكن قبل قليل حبيبته التي لا يتمكن أن يحيا بدونها ... وتقدم منها الجرسون يطلب دفع الحساب فعرفت أنه خرج حتى دون أن يدفع فحدثت نفسها قائلة وهي


( 250 )

تضحك : لقد كنت أظن هذا ولذلك حشدت له هذه المجموعة من الأكاذيب ، إنه غبي ، فقد فاته أنني كنت اختبره في ذلك وأن رصيدي في المصرف ضخم وأنني غير مرتبطة بأي سلفة ولكن الخير فيما وقع فقد كانت ( صفقة خاسرة ) بالنسبة إلي.

 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net