متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
الساعات الأخيرة
الكتاب : ليتني كنت أعلم    |    القسم : مكتبة القُصص و الروايات
كنت أريد أن أكتب عن الأيام الاخيرة وارتباطها بالأيام التي قبلها ولكن يبدو أن عليّ الآن أن أكتب عن الساعات الأخيرة لأنها عاجلتني وفرضت وجودها عليّ بشكل لا مفر منه وهل هناك مفر من الموت ؟ ـ أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة ـ أم هل هناك مهرب من قضاء الله وقدره ألم نسمع الحديث القدسي الذي يقول « من لم يرض بقدري وقضائي فليخرج من أرضي وسمائي » إذن فما على الانسان المؤمن إلا أن يستقبل الموت برضا واقتناع ولسان حاله يقول :
« عنـدي لمــا تقضيـه * ما يرضيك من حسن الرضا »
والآن ... أتراني آسفة على الدنيا وفراقها ؟ نعم ، وكلا ... أما نعم فلأن الدنيا هي الطريق الذي يمهد إلى رحمة الله ورضوانه وأنها هي أيام التجربة التي منّ الله بها على عبيده لتكون لهم فترة اختبار فلعلها لو طالت لتمكنت أن أسجل رقماً جديداً وأن أحصل على درجة أعلى ... ثم من أجل قلوب والهة سوف تستشعر الحسرة من بعدي. ولكن أليست هذه هي طبيعة الحياة ؟
أما كوني غير آسفة على الدنيا فان حالي منها كما يقول الشاعر :
ما لي إلى الدنيا الدنية حاجة * فليخش ساحر كيدها النفاث


( 285 )

طلقتهـا الفـاً لأحسم داءها * وطلاق من عزم الطلاق ثلاث
وثباتهـا مرهوبـة وعداتها * مكذوبـة وحبالهــا انكـاث
أني لأعجب للذيـن تمسكوا * بحبائل الدنيـا وهـي رثاث
أتراهم لـم يعلموا أن التقى * هـو زادنا وديارنـا الأجداث

آه كم يأس الانسان في ساعاته الأخيرة على هفواته وزلاته وكم يود جاهداً لو كان قد افتدى تلك الأخطاء بكل ما يملك ، ما أحلى أن يكون الأنسان رقيباً على نفسه وأن يكون لديه ما يمكنه من دراسة كل أمر قبل الاقدام عليه لكي لا يقف في ساعاته الأخيرة موقف النادم المغبون فان النفس امارة بالسوء إلا ما عصم ربي سبحانك يا رب أنني أحبك بقدر ما أخافك فلا تبعدني منك ولا تقطعني عنك ولا تحرمني برد عوفك ورضاك... سبحانك يا رب أنني الآن أشعر بالراحة كما لم أشعر بها من قبل. أنني سعيدة وأنا أحس بانعتاقي من قيود الدنيا وغلالها وانفكاكي من آلامها وأثقالها وابتعادي عن شرورها وآثامها فاسبغ يا إلهي على القلوب التي أحبتني أبراد الصبر وضاعف لهم الأجر ووفقهم يا رب ليكونوا بعدي صدقة جارية وعلماً ينتفع به الناس لكي لا ينقطع أثري عن الدنيا بوجودهم وهبني من لدنك رحمة أنك أنت الوهاب.


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net