متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
الكفاءة في الزوج ، الأحكام المتعلقة بالخطبة ،استحباب الخطاب أثناء الخطبة
الكتاب : آداب الاُسرة في الإسلام    |    القسم : مكتبة الثقافة العامة

الكفاءة في الزوج :
     كانت العرب لا تقدِّم شيئاً على عنصر الكفاءة في الرجل ، والرجل الكفؤ عندهم ، هو من كان ذا نسبٍ مناظر لنسب المرأة التي تقدَّم لخطوبتها ، ولا يقدّم عندهم على النسب شيء ، ومازال هذا الفهم سائداً لدن الكثير من المجتمعات ، لا سيّما القبلية منها ، أو التي احتفظت بعاداتها القبلية وإن تمدنت في الظاهر.
     لكن الإسلام قدّم رؤيته للكفاءة في معناها الصحيح وإطارها السليم ، المنسجم مع ميزان السماء : ( إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم ) مع الأخذ بنظر الاعتبار حقّ المرأة في العيش. فعرّف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الرجل الكفؤ بقوله : « الكفوء أن يكون عفيفاً وعنده يسار » (2) .
     وقيل : إنّ الكفاءة المعتبرة في النكاح أمران : الإيمان واليسار بقدر مايقوم بأمرها والانفاق عليها ، ولا يراعى ما وراء ذلك من الأنساب والصنائع ، فلا بأس أن يتزوج أرباب الصنائع الدنيّة بأهل المروات والبيوتات (3).
     ويحرم رفض الرجل المتقدم للزواج المتصف بالدين والعفة والورع والأمانة واليسار ، إذا كان حقير النسب (4).


1 ـ تهذيب الأحكام 7 : 396.
2 ـ الكافي 5 : 347.
3 ـ السرائر 2 : 557. وجامع المقاصد 12 : 135 ـ 136.
4 ـ الوسيلة إلى نيل الفضيلة : 290 ـ 291. وجامع المقاصد 12 : 138.


(23)

     ولقد روي عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال : « إنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم زوّج المقداد بن الأسود ضباعة ابنة الزبير بن عبدالمطلب ، وإنّما زوّجه لتتّضع المناكح ، وليتأسوا برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وليعلموا أن أكرمهم عند الله أتقاهم » (1).
     ولملاحظة أن المرأة تتأثر بدين زوجها والتزامه بقدر تأثرها بأخلاقه وأدبه أكثر من تأثره هو بدينها وأدبها ، قال الإمام الصادق عليه السلام : « تزوّجوا في الشكاك ولا تزوّجوهم ، لأنّ المرأة تأخذ من أدب زوجها ، ويقهرها على دينه » (2) .
     ويكره للأب أن يزوّج ابنته من شارب الخمر ، والمتظاهر بالفسق ، والسيء السيرة (3).
     قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « من شرب الخمر بعدما حرّمها الله على لساني ، فليس بأهل أن يزوّج إذا خطب » (4)؛ لأنّ شرب الخمر والادمان عليه يؤدي إلى خلق الاضطراب الاُسري والتفكك الاجتماعي في جميع ألوانه ، إضافة إلى ذلك فإنّه عقاب لشارب الخمر ليكون ردعاً له.
     وكما حذّر الإسلام من تزوج المرأة المشهورة بالزنا ، فقد حذّر أيضاً من تزويج الرجل المعلن بالزنا ، قال الإمام الصادق عليه السلام : « لا تتزوج المرأة


1 ـ الكافي 5 : 344.
2 ـ الكافي 5 : 348.
3 ـ الوسيلة إلى نيل الفضيلة : 291. وجامع المقاصد 12 : 140.
4 ـ الكافي 5 : 348.


(24)

المعلنة بالزنا ، ولا يزوج المعلن بالزنا إلاّ بعد أن يعرف منهما التوبة » (1).

الأحكام المتعلقة بالخطبة :
     الخطبة تعني مبادرة الرجل لطلب الزواج من امرأةٍ ، تبقى أجنبية عليه ما دام لم يعقد عليها عقد الزواج.
     وهي بداية للتعارف عن قرب ، يطلع من خلالها كل من الرجل والمرأة على خصوصيات الآخر ، وخصوصاً ما يتعلق بالجانب الجسدي والجمالي ، لذا جوّز الإسلام النظر في حدود مشروعة وقيود منسجمة مع قيمه وأُسسه في العلاقة بين الرجل والمرأة.
     فيجوز للرجل أن ينظر إلى وجه المرأة ، ويرى يديها بارزة من الثوب ، وينظر إليها ماشية في ثيابها (2) ، ويجوز لها كذلك ، ولا يحلّ لهما ذلك من دون ارادة التزويج (3).
     عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال : « لا بأس بأن ينظر إلى وجهها ومعاصمها إذا أراد أن يتزوجها » (4).
     وقال أيضاً : « لا بأس بأن ينظر الرجل إلى المرأة إذا أراد أن يتزوجها ، ينظر إلى خلفها وإلى وجهها » (5).


1 ـ تهذيب الاحكام 7 : 327.
2 ـ المقنعة : 520 : وجامع المقاصد 12 : 26 ـ 27.
3 ـ الكافي في الفقه : 296. وجواهر الكلام 29 : 65.
4 ـ الكافي 5 : 365.
5 ـ المصدر السابق.


(25)

     وله أيضاً جواز تكرار النظر ، وأن ينظر إليها قائمة وماشية ، وأن ينظر إلى شعرها ومحاسنها وجسدها من فوق الثياب (1).
     وقيّد الإمام الصادق عليه السلام ذلك بعدم التلذّذ ، فحينما سُئل عن النظر إلى شعرها ومحاسنها قال عليه السلام : « لا بأس بذلك إذا لم يكن متلذذاً » (2).
     وخلاصة الأحكام المتعلقة بالخطبة هي جواز النظر بشرط إرادة التزويج ، فمن لم ينوِ التزويج يكون نظره محرماً ، ويشترط عدم التلذّذ لأنّه حرام بأيّ حال من الأحوال.

استحباب الخطاب أثناء الخطبة :
     يستحبّ ذكر الله تعالى أثناء الخطبة ، ليحصل الارتباط به تعالى في جميع الأحوال ، ويكون ذلك انطلاقاً للالتزام بمفاهيم الإسلام وقيمه وتقريرها في واقع الحياة الزوجية ، ليكون الوئام والحب والاُلفة والاُنس هو الحاكم على العلاقات بعد الزواج ، والخطبة المسنونة المروية عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هي كالتالي : « الحمدُ لله ، نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، ومن سيئات أعمالنا ، من يهدي الله فلا مضلَّ له ، ومن يضلل الله فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلاّ الله ، وأشهد أنّ محمداً عبده ورسوله ، واتقوا الله الذي تسائلون به والأرحام ، إنّ الله كان عليكم رقيباً ، اتقوا الله حق تقاته ولا تموتنّ إلاّ وأنتم مسلمون ، اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً ، يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ، ومن يطع الله ورسوله فقد


1 ـ شرائع الإسلام 4 : 188. وجواهر الكلام 29 : 66 ـ 67.
2 ـ الكافي 5 : 365.


(26)

فاز فوزاً عظيماً » (1) .

 


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net