متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
الأمر السادس
الكتاب : دروس في الأخلاق    |    القسم : مكتبة التربية و الأخلاق

    الأمر السادس : قد أطلق على الجوهر اللطيف اسم الروح أيضاً ، وهو المراد في قوله تعالى : ( ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً ) (1).
     ولعل وجه إعراض الرب تعالى عن الجواب لكون سؤالهم عن حقيقة الروح وماهيتها هو ظاهر اسم الجنس ، وكون إدراكها خارجاً عن استعداد عقولهم كما يشير إليه ذيل الآية.
     والروح في اللغة بمعنى : سبب الحياة ومنشأها والعلة المحدثة لها. وبهذا الاعتبار أطلق هذا الاسم في الكتاب العزيز على تلك الجوهرة اللطيفة عندما أريد بها حدوث الحياة للجسم كقوله تعالى : ( ثم سواه ونفخ فيه من روحه ) (2) وقوله : ( فإذا سويته ونفخت فيه من روحي ) (3). فيعلم من ذلك أن هذا الموجود في ابتداء تلاقيه مع البدن وفي حين تأثيره في حياته روح كما أنه بالقياس إلى اتصافه بصفات بعد الاستقرار قلب وبالاضافة إلى توجه التكاليف إليه والجزاء لها نفس. وإضافة الله تعالى روح آدم إلى نفسه في الآيتين وشبههما وقعت تشريفاً لآدم النبي عليه السلام وأولاده اصطفاء لهم لهذا الروح بين الأرواح نظير كون الرسول صلى الله عليه وآله وسلم خليله والكعبة بيته ، وإلا فكل روح محدث بإرادته ، مدبر بتدبيره. وفي الحديث : « إن الأرواح جنود مجندة ، فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف » (4). والمجندة : المؤلفة المنظمة ، وهي لا تنافي


1 ـ الاسراء : 85.
2 ـ السجدة : 9.
3 ـ الحجر : 29 وص : 72.
4 ـ بحار الأنوار : ج2 ، ص265 ـ ج 5 ، ص 241 ـ ج 6 ، ص 249 ـ ج 61 ، ص 106 ـ ج 67 ، ص 166 ـ ج 68 ، ص 205 ـ ج 77 ، ص 165 ـ ج 99 ، ص 220 ـ مراة العقول : ج 7 ، ص 38.


(21)

كونها أصنافاً كثيرة مختلفة المراتب كجنود السلاطين ، والاختلاف هنا من حيث استعداد الذات ومختلف الصفات. فالمتجانس والمتشابه منها في الأوصاف يميل بعضها إلى بعض ، والمتخالف فيها يتباعد ويتباغض ، قال تعالى : ( الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات ) (1).
     وفي الحديث في أوصافها : « إن الروح حياتها علمها ، وموتها جهلها ، ومرضها شكها ، وصحتها يقينها ، ونومها غفلتها ، ويقظتها حفظها » (2).
     وفيه أيضاً : « ألناس معادن كمعادن الذهب والفضة » (3) أي : كما أن أجناس المعادن مختلفة في الصفات والخواص والآثار وبها تختلف قيمتها ورغبات الناس فيها فكذلك أرواح الناس فهم مختلفون في الصفات والحالات والملكات تتجلى أنوار الطيبات منها من أفق الأبدان وتظهر ثمراتها من أفنان الأعضاء. وتترائي كدورة الخبائث منها وظلماتها من وراء الأقوال والأفعال.

 


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net