متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
الإِعـداد للهجـرة
الكتاب : المقداد بن الأسود الكندي ، أول فارس في الإسلام    |    القسم : مكتبة التاريخ و السيرة

 

الإِعـداد للهجـرة

 ولم تكن قريش تتوقع هذا التطور المفاجئ في حركة محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فقد كانت حركته بادىء الأمر منحصرةً داخل مكة فكان هو وأصحابه تحت قبضة قريش وسلطانها ! أما بعد مبايعة أهل يثرب له على حرب الأحمر والأسود ، فإن هذا يعني فتح جبهةٍ عسكرية واسعة ضد قريش يمكن أن تلهب معها الحرب في أي لحظة ! كما يعني إنتشار الإِسلام في ارجاء الجزيرة ، وسقوط هيبة قريشٍ من أعين العرب ! وعندها تخسر كل شيء .
 لذلك ، بدأ القرشيون يفكرون في فرض مخطط جديد يحول دون ذلك ، ولكن بعد فوات الآوان .
 أما رسول الله ، فهو بدوره أيضاً فكر أن يهاجر ، ولكن ما كان ليقطع أمراً دون أمر الله ووحيه ، حتى إذا نزلت الآيات المباركات التي تأذن له بالقتال :
 ( أُذِنَ للذين يُقَاتَلون بأنهم ظُلِموا وأنَّ الله على نصْرِهم لقَديرٌ * الذين أُخرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بَغير حقٍّ إلاّ أنْ يَقُولُوا رَبُّنَا الله ولولا دَفَعُ الله الناسَ بَعضَهُم بِبَعض لَهُدِّمَت صَوامِعُ وبيَعٌ وصَلَوَاتٌ ومَسَاجِدُ يُذكر فيها إسمُ الله كثيراً وليَنصُرَنَّ الله من يَنصُرُهُ إنّ الله لقويٌ عزيزُ * الذينَ إن مَكنَّاهُم في الأرض أقاموا الصلاةَ وآتَوُا الزَكَاةَ وأمرُوا بالمعْرُوفِ ونَهَوا عن المنكَرِ ولله عاقبةُ الأمور ) (1).
____________
1 ـ الحج ـ آية 39 ـ 40 ـ 41 .


(40)

 عند ذلك أمر رسول الله أصحابه أن يلحقوا بالأنصار في يثرب على أن يتركوا مكة متفرقين يتسللون ليلاً ونهارا حتى لا يثيروا قريشاً فتقف في طريقهم ، وهكذا انطلقوا من مكة يتسللون في جوف الليل ـ كما أمرهم الرسول ـ أفراداً وجماعات ، وأحست قريش بذلك ، فردت من استطاعت ارجاعه ، وفرقت بين الزوج وزوجته وأخذت تنكل بكل من وقع تحت قبضتها دون القتل لأن المهاجرين اكثرهم من القبائل المكية ، والقتل قد يثير حرباً اهلية تكون لصالح محمد في النهاية .
 وأخذ المسلمون يتوافدون إلى المدينة أفواجاً في ظل ضيافة الأنصار وترحابهم ، ولم يبق في مكة إلا نفر يسير من المستضعفين ومعهم النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وعلي ابن أبي طالب وأبو بكر بن أبي قحافة .
 عند ذلك أحست قريش بالخطر الداهم فكان عليها أن تتخذ قراراً حاسماً في حق محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) . فاجتمعوا في دار الندوة ، وتشاوروا فيما بينهم في خطةٍ تقضي على حياة محمد !
 قال بعضهم قيدوه بالحديد ، وضعوه في بيت وأغلقوه حتى يأتيه الموت !
 ورأى آخر أن يطرد من مكة ، وتنفض قريش يدها منه . فلم يتفق الحاضرون على هذين الرأيين .
 وارتأى أبو جهل بن هشام أن تختار كل قبيلة فتىً من فتيانها الأشداء ، ويأخذ كل واحد سيفاً قاطعاً ، ويعمدون إليه بأجمعهم ، فيضربونه ضربةً واحدة ، فإذا فعلوا ذلك تفرق دمه في القبائل كلها فلا يستطيع بنو هاشم الطلب بدمه ، فيختارون ديته على القتال .
 فاستحسن الجميع هذا الرأي ، واستعدوا لتنفيذه ، فاختاروا الفتية ، وعينوا الليلة ، وإلى ذلك تشير الآية الكريمة : ( وإذ يمكر بك الذين كفروا ليُثبِتُوك أو يقتلوك أ و يخرجوك ، ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين ) .


(41)


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net