القـول الفصـل
هذا تمام ما ورد في الصحاح والمسانيد ـ مرفوعاً وموقوفاً ـ في ما يجوز السـجود عليه برمّته ، ولم يبق هناك حديث لم نذكره ، وهي تدلّ بنصّها على أنّ الأصل في ذلك لدى القدرة والإمكان الأرضُ كلّها ، ويتبعها المصنوع ممّا ينبت منها ، أخذاً بأحاديث الخُمرة والفحل والحصير والبساط ، ولا مندوحة عنها عند فقدان العذر. وأمّا في حال العذر وعدم التمكّن منها ، فيجوز السـجود على الثوب المتّصل دون المنفصل ، لعدم ذِكره في السُـنّة. وأمّا السـجدة على الفراش والسـجّاد والبسـط المنسوجة من الصوف والوبر والحرير وأمثالها والثوب المنفصل ، فلا دليل يسوّغها قطّ ، ولم يرد في السُـنّة أيّ مستند لجوازها. وهذه الصحاح الستّة وهي تتكـفّل بيان أحكام الدين ، ولا سيّما الصلاة التي هي عماده ، لم يوجد فيها ولا حديث واحد ، ولا كلمة إيماء وإيعاز إلى جواز ذلك. وكذلك بقية أُصول الحديث من المسانيد والسنن ، المؤلّفة في القرون الأُولى الثلاثة ، ليس فيها أيّ أثر يمكننا
(67)
الاستدلال به على جواز ذلك ، من مرفوع أو موقوف ، من مسند أو مرسل. فالقول بجواز السـجود على الفرش والسـجّاد ، والالتزام بذلك ، وافتراش المساجد بها للسـجود عليها كما تداول عند الناس بدعة محضة ، وأمر محدَث غير مشـروع ، يخالف سُـنّة الله وسُـنّة رسوله ، ولن تجد لسُـنّة الله تحويلا. وقد أخرج الحافظ الكبير الثقة أبو بكر ابن أبي شـيبة بإسناده في « المصنّف » في المجلّد الثاني ، عن سـعيد بن المسيّب وعن محمّـد بن سيرين ، أنّ الصلاة على الطنفسـة محـدَث (1). وقد صحّ عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قوله : « شـرّ الأُمور محدَثاتها ، وكلّ محدَثة بدعة » (2).
1 ـ المصنّف 1 / 438 ح 1 و 2. 2 ـ صحيح مسلم 3 / 11 ، مسند أحمد 3 / 319 و 371 ، السنن الكبرى 3 / 207 و 213 و 214 ، المعجم الأوسط 9 / 269 ح 9418 ، مجمع الزوائد 1 / 171.
(68)
|