متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
نوح الجن ورثاء الطير وبكاء الوحش ...
الكتاب : المأتم الحسيني مشروعيته وأسراره    |    القسم : مكتبة عقائد الشيعة
[ نوح الجن ورثاء الطير وبكاء الوحش ... ]

    دع بكاء الانبياء والاوصياء ، ودع عنك ما كان من ملائكة السماء ، وقل لي : هل جهلت نوح الجن في طبقاتها ، ورثاء الطير في وكناتها ، وبكاء الوحش في فلواتها ، ورسيس حيتان البحر في غمراتها ؟
    وهل نسيت الشمس وكسوفها ، والنجوم وخسوفها ، والارض وزلزالها ، وتلك الفجائع وأهوالها ؟
    أم هل ذهلت عن الاحجار ودمائها ، والاشجار وبكائها ، والافاق وغبرتها ، والسماء وحمرتها ، وقارورة أم سلمة وحصياتها (1) ، وتلك الساعة وآياتها ؟


1 ـ أشرنا بهذا إلى ما رواه الملاّ في سيرته وابن أحمد في زيادة المسند ـ كما في الصواعق ـ عن أم سلمة ، قالت من حديث : ثم ناولني كفاً من تراب أحمر وقال : « إنّ هذا من تربة الارض التي يقتل بها ـ ولدي ـ فمتى صار دماً فاعلمي أنه قد قتل » ، قالت : فوضعته في قارورة عندي وكنت أقول : إن يوماً يتحول فيه دماً ليوم عظيم.
    وفي رواية أُخرى ـ كما في الصواعق أيضاً ـ : أن جبرئيل جاء بحصيات ، فجعلهن النبي ( صلى الله عليه وآله ) في قارورة ، قالت أم سلمة : فلما كانت ليلة قتل الحسين سمعت قائلاً يقول :
    أيّها القاتلون جهلاً حسيناً أبشروا بالعذاب والتنكيل قد لعنتم على لسان ابن داو دوموسى وصاحب الانجيل قالت : فبكيت وفتحت القارورة ، فاذا الحصيات قد جرت دماً « المؤلّف ».
    راجع : الصواعق المحرقة 2 / 564 ـ 565 ، المعجم الكبير : (2817) ، مجمع الزوائد 9 / 189 ، ذخائر العقبى : 147 ، مختصر تاريخ دمشق 7 / 154 ، البداية والنهاية 8 / 218.


(76)

    ألم يرو الملاّ عن أم سلمة ـ كما في الصواعق (1) وغيرها ـ : أنّها قالت : سمعت نوح الجن على الحسين (2) ؟


1 ـ كلّما ننقله هنا عن الصواعق موجود في أثناء كلامه في الحديث الثلاثين من الاحاديث التي أوردها في الفصل الثالث من الباب الحادي عشر « المؤلّف ».
2 ـ الصواعق المحرقة 2 / 573 ، المعجم الكبير : (2867) ، سير أعلام النبلاء 3 / 316 ، مجمع الزوائد 9 / 199.


(77)

    وروى ابن سعد (1) ـ كما في الصواعق أيضاً ـ أنّها بكت حينئذ حتّى غشي عليها.
    وأخرج أبو نعيم الحافظ في الدلائل عنها ـ كما نقله السيوطي (2) ـ قالت : سمعت الجن تبكي على الحسين وتنوح عليه.
    وأخرج ثعلب في أماليه ـ كما في تاريخ الخلفاء أيضاً ـ عن أبي خباب الكلبي ، قال : أتيت كربلاء ، فقلت لرجل من أشراف العرب : أخبرني بما بلغني أنكم تسمعونه من نوح الجن ؟ فقال : ما تلقى أحداً إلاّ أخبرك أنه سمع ذلك ، قال : فأخبرني بما سمعت أنت ؟ قال سمعتهم يقولون :

مسح الرسول جبينه أبواه من عليا قريش فله بريق في الخدود وجده خير الجدود

    وأخرج أبو نعيم الحافظ في كتابه دلائل النبوة عن


1 ـ الصواعق المحرقة 2 / 573 ، وراجع : ترجمة الامام الحسين ومقتله من طبقات ابن سعد : 87 رقم 301 ، وحكاه سبط ابن الجوزي في تذكرة خواص الامّة : 267 عن ابن سعد أيضاً.
2 ـ في أحوال يزيد ، من كتابه تاريخ الخلفاء « المؤلّف ».


(78)

نصرة الازدية قالت : لما قتل الحسين بن علي أمطرت السماء دماً ، فأصبحنا وحبابنا وجرارنا مملوءة دماً (1).
    قال ابن حجر ـ بعد إيراده في الصواعق ـ : وكذا روي في أحاديث غير هذه.
    قال : وممّا ظهر يوم قتله من الايات أيضاً : أنّ السماء اسودت اسوداداً عظيماً حتى رؤيت النجوم نهاراً.
    قال : ولم يرفع حجر إلاّ وجد تحته دم عبيط (2).
    وأخرج أبو الشيخ ـ كما في الصواعق أيضاً ـ أنّ السماء احمرت لقتله ( عليه السلام ) ، وانكسفت الشمس حتى بدت الكواكب نصف النار ، وظنّ الناس أن القيامة قد قامت.
    قال : ولم يرفع حجر في الشام إلاّ رؤي تحته دم عبيط (3).
    وأخرج عثمان بن أبي شيبة ـ كما في الصواعق وغيرها ـ : أنّ الشمس مكثت بعد قتله ( عليه السلام ) سبعة أيام ترى


1 ـ الصواعق المحرقة 2 / 568 ، مختصر تاريخ دمشق 7 / 149 ـ 150.
2 ـ الصواعق المحرقة 2 / 568.
3 ـ الصواعق المحرقة 2 / 569 ، مختصر تاريخ دمشق 7 / 150.


(79)

على الحيطان كأنها ملاحف معصفرة من شدة حمرتها ، وضربت الكواكب بعضها بعضاً (1).
    قال في الصواعق : ونقل ابن الجوزي عن ابن سيرين : أنّ الدنيا اظلمت ثلاثة أيام ، ثم ظهرت الحمرة في السماء.
    قال : وقال أبو سعيد : ما رفع حجر من الدنيا إلاّ وجد تحته دم عبيط ، ولقد مطرت السماء دماً بقي أثره في الثياب مدّة حتى تقطّعت.
    قال : وأخرج الثعلبي : أنّ السماء بكت وبكاؤها حمرتها ، وقال غيره : احمرت آفاق السماء ستة أشهر بعد قتله ، ثم لا زالت الحمرة ترى بعد ذلك ، وأنّ ابن سيرين قال : أخبرنا أنّ الحمرة التي مع الشفق لم تكن قبل قتل الحسين ( عليه السلام ) ، قال : وذكر ابن سعد : أنّ هذه الحمرة لم تر في السماء قبل قتله (2).
    إلى آخر ماهو مذكور في كتب السنة ، مما يدلّك على


1 ـ الصواعق المحرقة 2 / 569 ، المعجم الكبير : (2839) ، مختصر تاريخ دمشق 7 / 149 ، سير أعلام النبلاء 3 / 312.
2 ـ الصواعق المحرقة 2 / 569 ـ 570.


(80)

انقلاب الكون بمقتله ( عليه السلام ) ، وأنّه قد بكته السماء وصخور الارض دماً (1).


1 ـ وللمزيد من المصادر التي تعرّفك على البينات التي ظهرت بعد شهادة الامام الحسين ( عليه السلام ) راجع : صحيح الترمذي 13 / 97 ، المناقب لاحمد ، عمدة القاري 16 / 241 ، جامع الاصول 10 / 25 ، الاصابة 1/334 ، تفسير ابن كثير 9 / 162 ، تاريخ الخلفاء : 80 ، الكامل في التاريخ 3 / 296 و 301 ، المعجم الكبير : (2830) و (2834) و (2839) و (2857) و (2858) ، مجمع الزوائد 9 / 197 ، نور الابصار : 123 ، الفصول المهمة : 179 ، المحاسن والمساوي : 62 ، أخبار الدول : 109 ، تهذيب التهذيب 2 / 353 ، سير أعلام النبلاء 3/312 ، تهذيب تاريخ دمشق 4 / 341 و 342 و 343 ، أسد الغابة 2/22 ، مجابي الدعوة : 38 ، الانس الجليل : 252 ، العقد الفريد 2/220 ، مقتل الحسين 2 / 89 ـ 91 و 101 ، كفاية الطالب : 284 و 289 و 295 و 296 ، تاريخ الاسلام 2 / 348 و 349 ، نظم درر السمطين : 220 ، الاخبار الطوال : 109 ، وسيلة المآل : 197 ، الخصائص الكبرى 2 / 126 و 127 ، حياة الحيوان 1 / 60 ، تاريخ الامم والملوك 4 / 327 و 357 ، الشرف المؤبد : 68 ، إسعاف الراغبين : 111 و 215 و 218 و 251 ، تـاج العروس 3 / 196 ، الكواكب الدرية : 57.
    وراجع من مصادر الشيعة ماذكره العلاّمة المجلسي في البحار 45/201 ـ 219 الباب 40.


(81)

    ولو فرض خصمنا جاهلاً بما في تلك الكتب مما سمعت بعضه ، فهل يجهل ما قام به ابن نباته خطيباً على أعواده ، وتركه سنة لخطباء المسلمين في الجمعة الثانية من المحرم في كلّ سنة ، وإليك ما اشتملت عليه تلك الخطبة بعين لفظه :
    قال : بكت لموته الارض والسموات ، وأمطرت دماً ، وأظلمت الافلاك من الكسوف ، واشتدّ سواد السماء ، ودام ذلك ثلاث أيام ، والكواكب في أفلاكها تتهافت ، وعظمت الاهوال حتى ظنّ أنّ القيامة قد قامت.
    قال : كيف لا وهو ابن السيدة فاطمة الزهراء ، وسبط سيد الخلائق دنياً وآخرة ، وكان عليه الصلاة والسلام من حبّه في الحسين يقبل شفتيه ، ويحمله كثيراً على كتفيه ، فكيف لو رآه ملقى على جنبيه ، شديد العطش والماء بين يديه ، وأطفاله يصيحون بالبكاء عليه ؟؟ لصاح عليه الصلاة


(82)

والسلام ، وخرّ مغشياً عليه.
    قال : فتأسفوا رحمكم الله على هذا السبط السعيد الشهيد ، وتسلّوا بما أصابه عما سلف لكم من موت الاحرار والعبيد ، واتقوا الله حق تقواه.
    قال : وفي الحديث : إذا حشر الناس في عرصات القيامة ، نادى مناد من وراء حجب العرش : يا أهل الموقف ، غضّوا أبصاركم حتّى تجوز فاطمة بنت محمد ، فتجوز وعليها ثوب مخضوب بدم الحسين ، وتتعلّق بساق العرش وتقول : « أنت الجبار العدل ، اقضي بيني وبين من قتل ابني » ، فيقضي الله بينها وبينه ، ثم تقول : « اللّهم شفّعني فيمن بكى على مصيبتي » ، فيشفعها الله تعالى فيهم ... إلى آخر كلامه.


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net