متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
شرح البيت الرابع والخمسين
الكتاب : اللآلي العبقرية في شرح العينيّة الحميرية    |    القسم : مكتبة الأدب و الشعر

[54]

 

وبعْدَها صَلُّوا عَلى المصطَفى * وصِنــوه حَيـــدَرة الأَصْلَعُ

اللغة:

«الواو » للاستئناف أو العطف.

«الصلاة» من اللّه تعالى هي الرحمة، و من غيره طلبها.

قال الراغب: قال كثير من أهل اللّغة: هي الدعاء والتبريك والتمجيد، يقال: صلّيت عليه، أي دعوت له و زكيت. وقال ـ عليه السَّلام ـ : إذا دُعي أحدكم إلى طعام فليجب، وإن كان صائماً فليصلّ، أي ليدع لأهله. قال: و صلاة اللّه على المسلمين هو في التحقيق تزكيته إيّاهم. و قال: ( أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمةٌ) (1).

و من الملائكة هي الدعاء والاستغفار كما هي من النّاس (2). انتهى.

قيل: ولكون الصلاة متضمّنة لمعنى النزول لأنّها إذا نسبت إلى غيره تعالى كانت بمعنى طلب نزول الرحمة، وهو معنى الدعاء، وإذا نسب إليه كانت بمعنى إنزال الرحمة عديت بعلى.

ــــــــــــــــــــــــــــ
1- البقرة : 157.
2- مفردات الراغب: 285 «صلا».


( 574 )
وروى الشيخ الصدوق أبو جعفر ابن بابويهرحمه اللّه في كتاب «معاني الأخبار» بسنده عن الإمام الصّادق صلوات اللّه عليه أنّه قال: من صلى على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فمعناه أنّي على الميثاق الّذي قبلت حين قوله(أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى)(1).

«الصنو» الغصن الخارج من أصل الشجرة، يقال: هما صنوا دوحة، وكذا يقال: الصنوان لشجرتين من أصل واحد، ومن ذلك الصّنو بمعنى الأخ، لأنّ الأخوين كغصنين من شجرة أو شجرتين من أصل.

وربما وسع فأُطلق على المنتسبين إلى أب أعلى ولو بعده طبقات، كما يقال لواحد من قوم:«إنّه أخوهم» فيقال لتيميّ: يا أخا تيم، فالمراد به هنا إمّا الأخ و إمّا ابن العمّ.

«الحيدر» و الحيدرة: الأسد، و كما أنّ أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه يسمّى حيدراً، سمّي حيدرة أيضاً كما نصّ عليه فيما اشتهر عنه صلوات اللّه عليه من قوله:

أنا الذي سمّتني أُمّي حيدره * أضربُ بالسَّيْف وجوه الكَفَرَه

ويحتمل أن يكون حيدره بالضمير العائد على المصطفى، وحينئذ فلا يكون «حيدر» علماً بل المراد به معناه اللّغوي، أي أسد رسول اللّه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ ، أويكون علماً والإضافة فيه كما في قوله :علا زيدنا يوم التقى رأس زيدكم.

ــــــــــــــــــــــــــــ
1- معاني الأخبار: 115. باب معنى الصلاة على النبيّ، ح1، والآية من سورة الأعراف: 172.


( 575 )

الإعراب:

جملة البيت إمّا مستأنفة ، أومعطوفة على مقدّر، أي احفظوا هذه الأبيات أو افهموها، أو نحو ذلك، وبعدها صلّوا الخ.

أو على ما مرّفي الأبيات من قبيل عطف الجملة على القصة، أي المطلوب بالعطف ما يتحصل من إحدى الجملتين على ما يتحصل من الأُخرى من غير ملاحظة للخبرية والإنشائية، وحينئذ لا يشترط توافقهما والخبرية أو الإنشائية فيجوز أن يقال: زيد يعاقب بالقيد والإرهاق وابشر عمراً بالعفو والإطلاق. فكأنّه قال: وبعدها يجب الصلاة عليه و على صنوه.

أو تقدّر ما يجعله خبراً فيقال للتقدير و أقول بعدها:

«بعدها» ظرف «لصلّوا» أو لـ«أقول» المقدّر ضميره، عائد على ما سبق من الأبيات، أو على القصيدة. وإن كان هذا البيت منها تسمية لمعظم الشيء باسمه .

ثمّ المراد «ببعدها» : بعد قولها إن تعلّق بـ«أقول» المقدّر، و: بعد فهمها أو تلقّيها ، ونحو ذلك إن تعلق بصلّوا.

«صنوه» معطوف على المصطفى.

«حيدرة» إمّا خبر مبتدأ محذوف، والجملة استئناف، كأنّه سئل: مَن صنوه؟ فقيل: حيدرة.

و «الأصلع» صفة موضّحة، أو مادحة لحيدرة، أوحيدرة بيان لصنوه، والأصلع وصف مقطوع عنه، أي جعل خبراً لمبتدأ محذوف، أي هو الأصلع .

وإن كان «حيدره» بالضمير، فهو مركّب إضافي والإضافة لامية.


( 576 )

المعنى :

صلّوا بها النّاس بعد ما عُرّفتم على المصطفى وأخيه أو ابن عمّه و هو حيدرة الأصلع، أو أسده الأصلع، أو حيدر المخصوص به، أو أخيه أو ابن عمّه حيدرة، أو أسده وهو الأصلع المعروف في كتب الأوّلين، أو أقيموا ما ذكرته لكم وعوها و صلّوا بعدها، أو و يجب عليكم أن تصلّوا، أو و أقول بعد هذه الأبيات صلّوا، أو و أقول : صلّوا بعدها.

المعاني:

فيه مسائل:

الأُولى: تقديم «بعدها» على «صلّوا» لكونه فصل الخطاب بمنزلة أمّا بعد، وأوائل الكتب والوزن وتقريب الضمير من مرجعه.

الثانية: عدم التعبير باسمه الشّريف ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ ، لماعرفت سابقاً.

الثالثة: لا يخفى مافي المصراع الأخير من الإيضاح بعد الإبهام.

الرابعة: عرفت أنّ الوصف بالأصلع للمدح.

البيان:

إن كان الإنشاء بمعنى الإخبار من غير تقدير، كان فيه تجوّز في الجملة باعتبار معناها الجملي، الصنو بمعنى الأخ أو ابن العم إمّا مجاز مشهور، أو حقيقة عرفية.

***

 


( 577 )
صورة خطّ المؤلف

و قد وقع الابتداء به في مولود الرسول الأمين عليه و آله، الهادين للعمين، من الصلوات ما هو بهم قمين.

و هذا آخر ما بكى القلم متبسماً، فعاد النادي بدموعه متنسماً في كتاب «اللآلئ العبقرية في شرح القصيدة الحميرية» و قد اتّفق الفراغ منه يوم الخميس سابع صفر مولد إمام الحقّ والبشر أبي الحسن موسى الكاظم صلوات اللّه عليه وعلى آبائه الطهر الغررة، و على أبنائه الأئمة المعصومين أولي الأيد والبصر، من عام تسع وثمانين بعدالألف(1) من هجرة خير من هجر مسجود الشجر والحجر صلوات اللّه عليه و آله الأئمة المعصومين وعترته الأخيار الطهر الميامين. فليهنأ كتابي بمشرق الطّرفين و حيازة الشرفين.

و كتبه بأنامله الجانية الفانية مؤلّفه العائذ بربّه من الزبانية محمّد بن الحسن الاصفهاني المعروف ببهاء الدين شفّع اللّه فيه نبيّه وآله يوم الدّين.

ــــــــــــــــــــــــــــ
1- «بعد الألف» ساقطة من قلم الناسخ.


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net