متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
5 . المرحلة الأُولى: العصمة في تبليغ الرسالة والاستدلال بآيتين
الكتاب : عصمة الأنبياء في القرآن الكريم    |    القسم : مكتبة رد الشبهات

المرحلة الأُولى

5

العصمة في تبليغ الرسالة

ذهب جمهور المسلمين من السنة والشيعة إلى عصمة الأنبياء من تبليغ الرسالة، واستدلوا عليه بالعقل والنقل، أمّا العقل فبوجوه أهمّها ما ذكره المحقّق الطوسي في تجريد الاعتقاد، «وهو حصول الوثوق بأفعاله وأقواله».

توضيحه انّ الهدف الأسمى والغاية القصوى من بعث الأنبياء وهداية الناس إلى التعاليم الإلهية والشرائع المقدّسة ولا تحصل تلك الغاية إلاّ بإيمانهم بصدق المبعوثين، وإذعانهم بكونهم مرسلين من جانبه سبحانه، وانّ كلامهم وأقوالهم كلامه وقوله سبحانه، وهذا الإيمان والاذعان لا يحصل إلاّ


( 38 )
بإذعان آخر وهو الإذعان بمصونيتهم من الخطأ في مجال تبليغ الرسالة، أعني المصونية في مقام أخذ الوحي أوّلاً، والمصونية في مقام التحفظ عليه ثانياً، والمصونية في مقام الابلاغ والتبيين ثالثاً ومثل هذا لا يحصل إلاّ بمصونية النبي عن الزلل والخطأ عمده وسهوه في تحمل رسالات اللّه وابلاغها لعباده.

انّ الآيات القرآنية تؤكّد على عصمة الأنبياء في أخذ الوحي وحفظه وإبلاغه، نقتصر منها  بآيتين:

الآية الأُولى

يقول سبحانه: (كانَ الناسُ أُمّة وَاحدة فبَعثَ اللّه النَبيّين مبشّرين ومُنْذرِين وأَنْزَلَ مَعْهُمُ الكتابَ بِالحقّ ليَحْكُم بين الناسِ فيما اختلفُوا فيهِ وَمَا اختلفَ فيه إِلاّ الّذين أُوتُوه مِنْ بَعْدِ ما جاءتهُمُ البَيِّنات بَغْياً بَيْنَهُمْ فَهَدى اللّه الّذينَ آمَنُوا لما اختلفُوا فيهِ مِنَ الحَقّ بِإِْذِنِهِ وَاللّهُ يَهْدي مَنْ يَشاءُ إِلى صراط مُسْتَقيم).(1)

ــــــــــــــــــــــــــــ
1 . البقرة:213.


( 39 )

انّ الآية تصرّح بانّ الهدف من بعث الأنبياء هو القضاء بين الناس في ما اختلفوا فيه، وليس المراد من القضاء إلاّ القضاء بالحقّ، وهو فرع وصول الحقّ إلى القاضي بلا تغيير وتحريف.

ثم إنّ نتيجة القضاء هي هداية من آمن من الناس إلى الحق بإذنه كما هو صريح قوله: (فهدى اللّه الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه).

والهادي وإن كان هو اللّه سبحانه في الحقيقة لكن الهداية تتحقق عبر بيان النبي، وبواسطته، وتحقق الهداية منه فرع كونه واقفاً على الحق، بلا تحريف.

وكل ذلك يسلتزم عصمة النبي في تلقي الوحي والحفاظ عليه، وإبلاغه إلى الناس.

وبالجملة فالآية تدل على أنّ النبي يقضي بالحق بين الناس ويهدي المؤمنين إليه، وكل ذلك (أي القضاء بالحق أوّلاً، وهداية المؤمنين إليه ثانياً) يستلزم كونه واقفاً على الحق على ما هو عليه وليس المراد من الحق إلاّ ما يوحى إليه.


( 40 )

الآية الثانية

قوله سبحانه: (وَما يَنْطِقُ عَنِ الهَوى* إِنْ هُوَ إِلاّوَحْيٌ يُوحى) .(1)

فالآية تصرح بأنّ النبي لا ينطق عن الهوى، أي لا يتكلم بداعي الهوى. فالمراد إمّا جميع ما يصدر عنه من القول في مجال الحياة كما هو مقتضى إطلاقه أو خصوص ما يحكيه من اللّه سبحانه، فعلى كل تقدير فهو يدل على صيانته وعصمته في المراحل الثلاث(2) المتقدم ذكرها في مجال إبلاغ الرسالة.

وبما أنّ عصمة الأنبياء في تلك المرحلة ممّا اصفقت عليها المحقّقون من أصحاب المذاهب والملل، فلنعطف عنان البحث إلى ما تضاربت فيه آراء المتكلمين، وإن كان للشيعة فيه قول واحد، وهو عصمتهم عن العصيان والمخالفة لأوامره ونواهيه قبل البعثة وبعدها.

 

ــــــــــــــــــــــــــــ
1 . النجم:3ـ4.
2 . أخذ الوحي وحفظه وبلاغه

 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net