متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
الولاية الاعتبارية
الكتاب : الحكومة الإسلامية    |    القسم : مكتبة السياسة و الإقتصاد

الولاية الاعتبارية

عندما نثبت نفس الولاية التي كانت للرسول (ص) والائمة (ع) للفقيه في عصر الغيبة، فلا يتوهمن أحد أن مقام الفقهاء نفس مقام الأئمة (ع) والنبي (ص)، لأن كلامنا هنا ليس عن المقام والمرتبة، وانما عن الوظيفة.

فالولاية ـ أي الحكومة وادارة البلاد وتنفيذ أحكام الشرع المقدس ـ هي وظيفة كبيرة ومهمة، لكنها لا تحدث للانسان مقاماً وشأناً غير عادي، أو ترفعه عن مستوى الانسان العادي. وبعبارة اخرى فالولاية ـ التي هي محل البحث، أي الحكومة والادارة والتنفيذ ـ ليست امتيازاً، خلافا لما يتصوره الكثيرون، وانما هي وظيفة خطيرة.

ولاية الفقيه من الأمور الاعتبارية العقلائية[17] وليس لها واقع سوى الجعل، وذلك كجعل القيم للصغار.

فالقيم على الامة لا يختلف عن القيم على الصغار من ناحية الوظيفة والدور. وكأن الامام (ع) قد عين شخصاً لأجل "حضانة" [18]الحكومة أو منصب من المناصب. ففي هذه الموارد لا يعقل أن يكون هناك فرق بين الرسول الأكرم (ص) والإمام والفقيه.

فمن الأمور التي هي ضمن ولاية الفقيه تنفيذ الحدود (أي تطبيق القانون الجزائي للإسلام)، فهل هناك اختلاف في تنفيذ الحدود بين الرسول الأكرم (ص) والامام والفقيه؟ أم أنه لأن الفقيه أدنى رتبة، فيجب أن تكون السياط التي يجلدها أقل عدداً؟

فالزاني (الذي حده في الاصل مئة جلدة) يضربه الرسول (ص) مئة وخمسين، بينما يضربه امير المؤمنين (ع) مئة جلدة، أما الفقيه فيضربه خمسين فحسب؟!! أم أن الحاكم مسؤول السلطة التنفيذية، ويجب عليه أن يقيم حد الله، سواء كان رسول الله (ص)، أم أمير المؤمنين (ع) أم ممثله وقاضيه في البصرة أو الكوفة، أم فقيه العصر.

ومن شؤون الرسول (ص) وأمير المؤمنين (ع) اخذ الضرائب من الخمس والزكاة والجزية وخراج الارض الخراجية[19]، فهل ما يأخذه الرسول (ص) من زكاة يختلف عما يجب أن يأخذه أمير المؤمنين (ع) أو الفقهاء؟ وهل هناك فرق في هذه الأمور بين ولاية الرسول (ص) وولاية أمير المؤمنين (ع) وولاية الفقهاء؟ لقد جعل الله تعالى الرسول الأكرم (ص) وليّاً لجميع المسلمين، وإلى حين وجوده (ص) كان له ولاية حتى على أمير المؤمنين (ع). ومن بعده كان أمير المؤمنين (ع) الامام على جميع المسلمين، وله ولاية حتى على الإمام الذي يكون بعده. أي أن أوامره التي لها ارتباط بأمر الحكومة نافذة وجارية، ويستطيع نصب القضاة والولاة وعزلهم.

ونفس تلك الولاية الثابتة للرسول (ص) وللامام (ع) في تشكيل الحكومة والتصدي للادارة والتنفيذ ثابتة للفقيه أيضاً. لكن الفقيه ليس له ولاية مطلقة بنحو يشمل كل فقهاء عصره، ويتمكن بحسبها من عزل فقيه آخر أو نصبه.

فليست ثمة مراتب ودرجات بهذا المعنى، بنحو يكون البعض في مرتبة أعلى، بينما البعض الآخر في مرتبة أسفل منه. ويكون البعض والياً، بينما البعض الآخر أكثر ولاية. بعد ثبوت هذا المطلب يجب على الفقهاء أن يقيموا الحكومة الشرعية، إما مجتمعين أو منفردين، من أجل تنفيذ الحدود وحفظ الثغور والنظام. وإذا كان الأمر ميسوراً لأحدهم فهو واجب عيني عليه، وإلا فهو كفائي[20]. وفي حالة عدم إمكانه لا تسقط ولايتهم، لأنهم منصوبون من الله عز وجل. فإذا تمكنوا فيجب عليهم أخذ الضرائب من الزكاة والخمس والخراج وصرفها في مصالح المسلمين، كما يجب عليهم تنفيذ الحدود (في صورة الامكان). فليس صحيحاً أننا إذا لم نتمكن الآن من إقامة الحكومة العامة والشاملة، اذن نتخلى عن الأمر، بل يجب القيام بما نستطيع القيام به من الأمور التي يحتاجها المسلمون، والوظائف التي يجب أن تتولاها الحكومة الإسلامية.


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net