متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
عاشراً:استقالة وزارة النقيب وتكليفه بتشكيلها من جديد
الكتاب : من تاريخ العراق الحديث ج1    |    القسم : مكتبة السياسة و الإقتصاد

عاشراً:استقالة وزارة النقيب وتكليفه بتشكيلها من جديد:

بعد تتويج الملك فيصل ملكاً على العراق ، قدم السيد عبد الرحمن النقيب، رئيس الوزراء استقالة حكومته التي كان قد شكلها المندوب السامي البريطاني في 25 تشرين الأول 1920، الى الملك فيصل، وقد قبل الملك الاستقالة ، وطلب من السيد النقيب الاستمرار بإدارة شؤون البلاد لحين تشكيل وزارة جديدة .

وفي 12 أيلول 1921 كلف الملك فيصل السيد [عبد الرحمن النقيب] بتأليف الوزارة الجديدة، وتم تأليف أول وزارة في ظل حكم الملك فيصل الأول على الوجه التالي :

1 ـ عبد الرحمن النقيب ـ رئيساً للوزراء.

2 ـ رمزي بـك  ـ  وزيراً للداخلية.

3 ـ ساسون حسقيل ـ وزيراً للمالية.

4 ـ ناجي السويدي ـ وزيراً للعدلية.

5 ـ جعفر العسكري ـ وزيراً للدفاع.

6 ـ عزت باشـا  ـ وزيراً للأشغال والمواصلات.

7 ـ عبد اللطيف المنديل ـ وزيراً للتجارة.

8 ـ عبد الكريم الجزائري ـ وزيراً للمعارف.

9 ـ الدكتور حنا خياط ـ وزيراً للصحة.

10 ـ محمد علي فاضل ـ وزيراً للأوقاف.

كان في مقدمة المهام الموكلة بهذه الحكومة هي التفاوض مع البريطانيين ، لوضع معاهدة عراقية بريطانية، تستطيع بريطانيا من خلالها تأمين مصالحها في العراق ، وربط مصائر العراق السياسية ، والاقتصادية ، والعسكرية بالإرادة البريطانية .

وكان الشعب العراق يترقب ما سوف تسفر عنه تلك المفاوضات ، ومصير الانتداب البريطاني الذي فرضته عصبة الأمم على البلاد ، بناء على طلب بريطانيا نفسها .

وفي الوقت نفسه نظم الأهالي في معظم المدن العراقية ، وبشكل خاص مدن الفرات الأوسط ، عرائض تطالب الملك برفض الانتداب البريطاني ، وتطالب بإطلاق حرية الصحافة ، لكي تستطيع الأمة التعبير عن رأيها عبرها بكل صراحة .

لكن خطاب المستر تشرشل ، وزير المستعمرات البريطاني في مجلس العموم ، في 23 أيار 1922، والذي أدعى فيه أن الشعب العراقي لم يعارض الانتداب البريطاني ، أثار حماس أبناء الشعب وغيضهم ، فخرجت جماهير الشعب الرافضة للانتداب في مظاهرات صاخبة يتقدمها عدد من الشخصيات الوطنية ، كان من بينها كل من الشيخ محمد الصدر ، والشيخ مهدي الخالصي ، وياسين الهاشمي ، ومهدي البصير، والشيخ احمد الداؤد ، وحمدي الباجه جى.(12)

توجهت المظاهرة الى مقر الملك فيصل ، لتعبر عن سخطها ، واستنكارها لتصريحات  شرشل ، وطلب قادة المظاهرة مقابلة الملك فيصل ، للتعبير له عن رفض الشعب العراقي للانتداب ، ومطالبته بالحرية والاستقلال الحقيقي .

وافق الملك على المقابلة شرط تفرق المظاهرة ، وبالفعل تفرقت المظاهرة، وتمت مقابلة الملك، وعرضت عليه مطالب أبناء الشعب، ووعد الملك بأنه سوف لا يقدم على أي خطوة لا يرغب بها الشعب .

وبعد المقابلة طيرّ الزعماء الوطنيون برقيات الى عصبة الأمم ، والكونجرس الأمريكي، ومجلس العموم البريطاني ، والصحف العالمية ، معلنين فيها رفض الشعب العراقي للانتداب ، ومطالبته بالاستقلال الناجز ، والتحرر من ربقة الاستعمار الجديد.

أما أبناء الفرات الأوسط، فقد طيرّوا برقية إلى الملك فيصل جاء فيها : (13)

 جلالة الملك فيصل الأول، دامت سلطته :

نطلب من جلالتكم تنفيذ المواد التالية :

1 ـ رفض الانتداب ، ونطالب بريطانيا العظمى بالاعتراف بإلغائه رسمياً.

2 ـ إسقاط أية وزارة تصدق معاهدة غير مرضية بنظر الأمة ، وتعيين وزارة وطنية تطمئن الأمة بأعمالها .

3 ـ إزالة أي سلطة أجنبية على الحكومة العراقية .

4 ـ إطلاق حرية الصحافة .

هذه هي رغائب الأمة ، وبما أن الأحوال الحاضرة مخالفة لرغائبها، بادرنا بعرضها على جلالتكم لتكون الأمة معذورة بنظركم ، والأمر لوليه ، أدام الله شوكتكم.(14)

كما طيروا برقية أخرى الى المندوب السامي البريطاني ببغداد جاء فيها :

فخامة المعتمد السامي لحكومة بريطانيا العظمى المفخم :

نعرض لفخامتكم ، حسبما وعدت حكومة بريطانيا العراقيين بحكومة دستورية، ديمقراطية ، يرأسها ملك عربي، وبذلك بايعت الأمة العراقية ، على اختلاف طبقاتها،

جلالة الملك فيصل ملكاً عليه ، وقد أكد ذلك جلالة ملك بريطانيا في برقيته التاريخية بمناسبة تتويج الملك فيصل الأول .

إننا لا ننكر صداقة حكومة بريطانيا العظمى ، صداقة خالية من المحاباة ، وبما  أن فخامتكم يمثل حكومة بريطانيا العظمى نود أن نوقفكم على رغائب الأمة التي لا يمكن التنازل عنها مهما كلف الأمر ، وهذه المواد هي :

1 ـ رفض الانتداب ، ونطالب بريطانيا العظمى بالاعتراف بإلغائه رسمياً .

2 ـ إسقاط أية وزارة تصدّق معاهدة غير مرضية بنظر الأمة ، وتعيين وزارة وطنية تطمئن الأمة بأعمالها .

3 ـ إزالة أي سلطة أجنبية على الحكومة العراقية .

4 ـ إطلاق حرية الصحافة .

هذه هي رغائب الأمة ، وبما أن الأحوال الحاضرة مخالفة لرغائبها ،بادرنا بعرضها على جلالتكم ، لتكون الأمة معذورة بنظركم والأمر لوليه، أدام الله شوكتكم }.(15)

كما طيروا برقية أخرى الى المندوب السامي البريطاني ببغداد وجاء فيها :

 فخامة المعتمد السامي لحكومة بريطانيا العظمى المفخم :

نعرض لفخامتكم، حسبما وعدت حكومة بريطانيا العراقيين بحكومة دستورية، ديمقراطية ، يرأسها ملك عربي ، وبذلك بايعت الأمة العراقية ، على اختلاف طبقاتها، جلالة الملك فيصل ملكاً عليها ، وقد أكد ذلك جلالة ملك بريطانيا ، في برقيته التاريخي ، بمناسبة تتويج الملك فيصل الأول .

إننا لا ننكر صداقة حكومة بريطانيا العظمى ، صداقة خالية من المحاباة ، وبما أن فخامتكم يمثل حكومة بريطانيا العظمى ، نود أن نوقفكم على رغائب الأمة ، التي لا يمكنها التنازل عنها مهما كلف الأمر ، وهذه المواد هي :

1 ـ رفض الانتداب رفضاً باتاً ، ونطالب حكومة بريطانيا بإعلان إلغائه رسمياً .

2 ـ مراجعة حكومة جلالة ملك العراق لوزارة الخارجية البريطانية ، لأن مراجعة وزارة المستعمرات مخالف للاستقلال التام.

 

3 ـ رفع تدخل أي سلطة أجنبية ،وإن الأمة في نفسها الكفاءة لإدارة شؤونها ، وبهذا تطمئن الأمة، ولكم مزيد الاحترام }.(16)

كانت البلاد في حالة من الغليان الشعبي العارم ، بسبب السياسة البريطانية تجاه العراق ، وخضوع الحكومة المطلق لمشيئة الحكومة البريطانية ، والمندوب السامي ، وكان الوضع يهدد بانفجار كبير ، وكان الملك فيصل واقع في حيرة من أمره ، فلا هو قادر على إرضاء الشعب ، ولا هو قادر على تحدي خطط بريطانيا ، ومندوبها السامي ،وقد جعل هذا الوضع موقف الوزارة ضعيفاً ، ومتردداً ، وخاصة بعد أن وجه علماء الدين مذكرة احتجاج على سياسة الحكومة والمندوب السامي وحذروا  مجلس الوزراء من مغبة الاستمرار على هذه السياسة ، التي تتعارض ومطامح الشعب العراقي في الحرية والاستقلال الناجزين ، مما حدا بالحكومة أن تطلب من الملك فيصل بأن يتولى إدارة البلاد بنفسه خوفاً من تفاقم الأمر ، إلا  أن الملك رفض هذه الفكرة، وطلب من مجلس الوزراء الاستمرار بمواصلة أعماله. (17)

غير أن أعضاء مجلس الوزراء قدموا استقالاتهم جميعاً ، ماعدا وزير الأوقاف ، محمد على فاضل ،  فاضطر رئيس الوزراء الى تقديم استقالة وزارته .

ضاق الملك فيصل ذرعاً بأساليب المعتمد السامي البريطاني ، وما سببه من هيجان شعبي ، أدى إلى استقالة الوزارة، فكتب إليه مذكرة، أستعرض فيها خطورة الأوضاع ، وطلب أحد أمرين ، فإما أن يأخذ على عاتقه باسم بريطانيا مسؤولية البلاد ، ويطبق سياستها بحزم وجد ، لتخليصها من الخطر المحدق ، والخراب الذي يهددها، وإما أن يترك المسؤولية له [ أي للملك فيصل ] ويطلق يديه لتدبير الأمور ، على الخطة التي يرى بها إنقاذ البلاد وسلامتها . (18)

لكن المندوب السامي أتهم الملك بالمسؤولية في تردي الأوضاع ،وكتب إلى وزير المستعمرات   [تشرشل ] يقول فيها :

{إن المسؤولية الكبرى عن تدهور الوضع الحالي تقع على عاتق الملك نفسه ، وأن الطريقة المثلى لمعالجة الموقف هو أن تقوم الحكومة العراقية بالتشاور معي حول  الخطوات التي تتخذها ، وإذا ما أهملت استشارتي ، فأني مستعد للتشاور مع قائد القوات المسلحة لاتخاذ التدابير الضرورية لذلك }!!! . (19)

أراد الملك فيصل أن يجري تغيراً حقيقياً في الحكومة ، بعد استقالة وزارة النقيب ، التي نالت استياء أبناء الشعب ، بسبب موالاتها المطلقة للمندوب السامي ، إلا أن المندوب السامي طلب من الملك أن يكلف النقيب مرة أخرى بتأليف الوزارة الجديدة ، وأن يكون أكثر أعضائها من الوزارة المستقيلة  المتعاطفين مع الحكومة البريطانية .

لم يكن الملك فيصل ، وهو في بداية أيام حكمه ، قادراً على تحدي إرادة المندوب السامي ، فاضطر إلى تكليف النقيب مرة أخرى ، بتأليف الوزارة التي جاءت على الوجه التالي :

1 ـ عبد الرحمن النقيب ـ رئيس الوزراء.

2 ـ عبد المحسن السعدون ـ وزيراً للداخلية.

3 ـ ساسون حسقيل ـ وزير المالية

4 ـ توفيق الخالدي ـ وزيراً للعدلية.

5 ـ جعفر العسكري ـ وزيراً للدفاع.

6 ـ صبيح نشأت ـ وزيراً للأشغال والمواصلات.

7 ـ محمد علي فاضل ـ وزيراً للأوقاف.

أما وزارة المعارف فقد بقيت شاغرة حتى استقالة الوزارة في 16 تشرين الثاني 1922، وكانت المهمة الأولى لهذه الوزارة هي توقيع المعاهدة العراقية البريطانية،  وقد مارس المندوب السامي ضغوطاً شديدة على الملك فيصل لإعادة تكليف رئيس الوزارة المستقيل [عبد الرحمن النقيب] بتأليف الوزارة من جديد ، وطلب منه اختيار الوزراء الذين يوافقون مسبقاً على الخطة السياسية التي وضعتها الحكومة البريطاني.(20)  

كما طلب منه العمل على تصديق المعاهدة المنوي إبرامها بين الحكومتين البريطانية والعراقية ، وإجراء الانتخابات للمجلس التأسيسي ،والمصادقة على القانون الأساسي.

[ الدستور ] وضمان التصديق على المعاهدة التي عرفت ب [ معاهدة 1920 ]، وقد تمت مصادقة مجلس الوزراء على المعاهدة في 13 تشرين الثاني 1922. (21)

(سارع الملك إلى إصدار الإرادة الملكية بإجراء الانتخابات للمجلس التشريعي، وباشرت الوزارة بالفعل بإجرائها بالطريقة التي تضمن الغالبية لها لتنفيذ الخطة السياسية للحكومة البريطانية ، لكن الشعب العراقي والقيادات السياسية والدينية، الشيعية والسنية على حد سواء ، سارعوا إلى الإعلان عن مقاطعة الانتخابات واضعين الشروط التالية : (22)

1 ـ إلغاء الإدارة العرفية .

2 ـ سحب المستشارين البريطانيين من الألوية إلى بغداد .

3 ـ إعادة المنفيين السياسيين إلى الوطن .

 4 ـ السماح بتأليف الأحزاب والجمعيات .

وبسبب هذا الموقف الشعبي المعارض والعارم ،  استقال وزير الداخلية السيد عبد المحسن السعدون مما زاد الطين بلة ، واضطرت حكومة النقيب إلى تقديم استقالتها للملك في 16 تشرين الثاني  1922، بعد أن تعذر عليها إجراء الانتخابات ، دون أن تنجز المهمة التي جاءت من أجلها . (23)


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net