متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
ثانياً : انتخاب المجلس التأسيسي
الكتاب : من تاريخ العراق الحديث ج1    |    القسم : مكتبة السياسة و الإقتصاد

ثانياً : انتخاب المجلس التأسيسي :

 كان على الحكومة السعدونية تنفيذ المهام الموكلة لها ، بانتخاب المجلس التأسيسي، وإقرار المعاهدة ، وإقرار القانون الأساسي ، وقانون الانتخاب ، ومن أجل تنفيذ هذه المهام فقد كان على الحكومة أن تهيئ الأجواء التي تمكنها من تنفيذ هذه المهام ، بعد تلك الموجة العارمة التي اجتاحت العراق ، احتجاجاً على بنود المعاهدة التي وقعتها حكومة النقيب مع المندوب السامي البريطاني [ بيرسي كوكس ]، وذلك عن طريق توجيه ضربة قاصمة للقادة الوطنيين المعارضين للمعاهدة ، ولرجال الدين في النجف وكربلاء ، الذين وقفوا بصلابة ضدها . فقد قبضت السلطات الحكومية على الشيخ  [مهدي الخالصي ] وولديه في 27 حزيران 1923، ونفتهم خارج العراق، كما نفت قريبيه الشيخين [ علي تقي ] و[ سلمان الصفواني ]، وعطلت الحكومة عدد من الصحف المعارضة للمعاهدة ، وقامت بحملة إرهاب للمواطنين لحملهم على المشاركة في الانتخابات المزمع أجراءها ، والتي كان المندوب السامي يلح على إجرائها بأسرع وقت ، لغرض إقرار المعاهدة .

أثار عملية إبعاد الشيخ الخالصي وولديه ، وقريبيه ، موجة احتجاجات عارمة من قبل

 

رجال الدين في النجف وكربلاء ، الذين هاجموا إجراءات الحكومة ، وطالبوا بعودتهم الى العراق . غير أن الحكومة بدلاً من أن تستجيب لمطالبهم واحتجاجاتهم ، أقدمت على إبعاد ما يزيد على 30 رجل دين أخر منهم الى إيران ، ووضعت تحت مراقبة الشرطة أكثر من 50 آخرين ، وأشاعت جواً من الإرهاب في جميع أنحاء البلاد .

أما الأحزاب السياسية ، فقد اختلفت في مواقفها من الانتخابات ، حيث قرر  حزب [النهضة ] الوقوف على الحياد ، فيما انشق [الحزب الوطني ] على نفسه ، حيث دعا القسم الأول إلى الاشتراك في الانتخابات ، فيما دعا القسم الثاني الى مقاطعتها .

أما [الحزب العراقي الحر ] فقد قرر بادئ الأمر الاشتراك في الانتخابات ، ثم عاد بعد ذلك وقرر المقاطعة في 19 آب ، غير أن العديد من أعضائه رشحوا أنفسهم في الانتخابات كمستقلين، وفازوا في الانتخاب، وكان من بينهم [ فخري الجميل ] و [مجيد الشاوي ] و [جميل الزهاوي ] و  [حسن غصيبة ] .

أما الحكومة فقد مضت في خطتها لإتمام عملية الانتخاب ، على الرغم من المعارضة والمقاطعة الواسعة ، وتمكنت من أن تنجز انتخاب [ المنتخبين الثانويين ] ، إلا أنها لم تستطع إكمال الشوط الى النهاية ، بسبب موجة الغضب الشعبية العارمة ضد الأساليب التي اتبعتها الحكومة في انتخاب المنتخبين الثانويين من جهة ، واتهام المندوب السامي البريطاني للحكومة بالتلكؤ ، وعدم الإسراع في إنجاز الانتخابات ، مما اضطر الحكومة الى تقديم استقالتها الى الملك .21)

 

 استقالة السعدون،وتكليف جعفر العسكري بتأليف وزارة جديدة :

 

أثار تباطؤ عمل الوزارة السعدونية في إتمام إنجاز الانتخابات للمجلس التأسيسي، وإقرار المعاهدة العراقية البريطانية حفيضة المندوب السامي ، وبدأت الضغوط على الملك فيصل تنهال لإقصاء الوزارة السعدونية ، التي جرى اتهامها بالتسبب في الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالبلاد ، واتخذ الملك فيصل ذلك ذريعة لتوجيه اللوم إلى

الحكومة على تدهور الأوضاع المعيشية للشعب . فهم السعدون ما يدبره المندوب السامي، فأسرع إلى تقديم استقالة حكومته الى الملك فيصل في 15 تشرين الثاني 1923، حيث قبلها الملك على الفور ، وكلف السيد جعفر العسكري بتأليف وزارة جديدة ،وتم تأليف الوزارة في 22 تشرين الثاني 1923،وجاءت على الوجه التالي :

1 ـ جعفر العسكري ـ رئيساً للوزراء .

2 ـ علي جودت الايوبي ـ وزيراً للداخلية .

3 ـ نوري السعيد ـ وزيراً للدفاع .

4 ـ عبد المحسن شلاش ـ وزيراً للمالية .

5 ـ احمد الفخري ـ وزيراً للعدلية .

6 ـ صبيح نشأت ـ وزيراً للأشغال والمواصلات .

وفي 27 تشرين الثاني عُيين صالح باش أعيان وزيراً للأوقاف، وعُيين الشيخ محمد حسن أبو المحاسن وزيراً للمعارف في 3 كانون الأول من نفس العام .وقد أُدخل الوزيران الشيعيان [ عبد المحسن ابو شلاش ] و [ محمد حسن ابو المحاسن ] كترضية للشيعة ، بعد الإجراءات التي قامت بها الحكومة السابقة بنفي رجال الدين الشيعة الى خارج العراق ، ووضعت الوزارة في منهاجها ما يلي :

1 ـ إكمال الانتخابات للمجلس التأسيسي .

2 ـ إقرار المعاهدة العراقية البريطانية .

3 ـ إقرار القانون الأساسي ( الدستور ) .

4 ـ إنهاء مسالة الحدود بين العراق وتركيا .

5 ـ إكمال الملاحق المتممة للمعاهدة العراقية البريطانية ، والتي لا يزال البحث فيها مستمراً .

عينت الحكومة يوم 25 شباط 1924 موعداً لإكمال انتخاب المجلس التأسيسي ، وجرت الانتخابات في موعدها المقرر ، واستطاعت الحكومة المجيء بمجلس يضمن الأكثرية لها ، حيث جرت الانتخابات كما هو مخطط لها سلفاً ، ورأت الحكومة أن لا يخلو المجلس من عدد من المعارضين لكي تستطيع القول أن الانتخابات قد جرت بجو من الحرية التامة ، ولكن الحقيقة أن أسماء النواب الفائزين كانت قد أُعطيت للمنتخبين الثانويين قبل الانتخاب ، فجاء المجلس بالشكل الذي أرادته الحكومة والمندوب السامي لإضفاء الشرعية على المجلس أمام الشعب، وأمام عصبة الأمم.

 وكانت حصة الحكومة في هذه الانتخابات 70 نائباً من مجموع 84 نائباً .

وفي 27 آذار صدرت الإرادة الملكية بدعوة أعضاء المجلس التأسيسي للاجتماع في قاعة [ سينما رويال] التي استأجرت لهذا الغرض ،لعدم وجود بناية مخصصة للمجلس آنذاك، وجرى الافتتاح باحتفال كبير ضم أركان السياسة العراقيين والبريطانيين، ألقى الملك فيصل خطاب العرش ، واعتبرت الحكومة ذلك اليوم عطلة رسمية ،كما أصدرت عفواً عن عدد كبير من المساجين ، وأطلقت سراح عدد أخر من الموقوفين.

ترأس الجلسة رئيس الوزراء جعفر العسكري ، في بادئ الأمر، ثم جرى بعد ذلك انتخاب رئيس المجلس ، حيث أنتخب عبد المحسن السعدون رئيساً له ، بضغط من [المس بيل ] .(3)

كما جرى انتخاب اللجان المختلفة ، وديوان الرئاسة .

حدد الملك فيصل في خطاب العرش المهام الملقاة على عاتق المجلس التأسيسي والمتضمنة ما يلي :

1 ـ البت في المعاهدة العراقية البريطانية وإقرارها .

2 ـ مناقشة وإقرار القانون الأساسي .

3 ـ سن قانون الانتخاب لمجلس النواب .


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net