متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
الفصل الثامن
الكتاب : امرأتان و رجل    |    القسم : مكتبة القُصص و الروايات
أما حسنات فقد كانت الأسابيع والأشهر التي تمر


( 381 )

تضاعف من آلامها وتزيد من احساسها بالضيعة ، ولكنها في كل ذلك هادئة المظهر ، وقورة المشاعر ، تملي على نفسها الثقة بالمستقبل والاطمئنان إلى حسن اختيارها وكان مما يفرحها أن تجد رحاب منكبة على مطالعة الكتب الدينية ، وقد لاحظتها في يوم وهي تصلي في غرفتها فدخلت عليها وقبلتها فرحة ثم قالت : هل تعلمين كم أنا فرحة بك ولك يا رحاب ؟ ها أنا أجدك أختاً حبيبة لي من جديد فهل تجدينني كذلك يا أختاه ؟ أنني أحبك جداً جداً يا رحاب ، يا الله ما أروعك وأحلاك في هذه الأبراد ؟ لكأنك حورية ، أنك جميلة وجميلة جداً ، ولم تتمكن رحاب أن تجيب فقد شعرت أن روحها تفور مع كل كلمة فاهت بها حسنات ، ولهذا فقد تهاوت إلى الأرض بعد خروج حسنات واندفعت تبكي في حشرجة مكتومة وهي تقول : الويل ما كان أقساني على هذا الملاك الطيب الوديع.

* * *

مرت الأيام بطيئة وثقيلة بالنسبة إلى رحاب وحسنات ثم استلمت رحاب جواب من مصطفى فقرأت فيه ما يلي :

بسم الله الرحمن الرحيم

عزيزتي حسنات
سلام الله عليك ورحمة الله وبركاته



( 382 )

أرجو أن تكوني بخير وعافية وأن يرشدك الله لما فيه صلاح دينك ودنياك وبعد ،
لطيف منك أن تطلبي الدليل بعد الدليل فان هذا يبشر بالخير والحمد لله ، واليك بعض الأدلة على وجود الخالق كما طلبت :
أولاً : لقد اكتشف العلم = القانون الثاني للحرارة الديناميكية = وهذا القانون الذي يسمى حالياً = بقانون الطاقة المتاحة = يثبت لنا وجود الايمان بخلق الكون وعدم كونه أزلياً فهو يقول أن الحرارة الموجودة في الكون تنتقل من ( وجود حراري ) إلى ( عدم حراري ) أي أنها تنتقل من الجسم الأكثر حرارة إلى الجسم الأقل حرارة حتى يتساوى الجسمان في الحرارة ونحن نلاحظ أن مصادر الطاقة والحرارة من الكون تنبعث منها الحرارة باستمرار في أرجاء هذا الكون الرحيب ، ولكن على الرغم من ذلك لم تتساو حتى الآن الحرارة في كل جسم هذا الكون الكبير وهذا دليل علمي على أن مصادر الطاقة في الكون حادثة وليست أزلية لأنها


( 383 )

لو كانت أزلية وكانت عملية الانتقال تجري منذ ملايين السنين ومنذ الأزل لوصلت إلى حالة التساوي قبل الآن ... ونتيجة لهذا الاكتشاف يقول الاستاذ ( أدوارد لوثر كيسل ) وهو عالم أميركي من علماء الحيوان يقول = وهكذا أثبتت البحوث العلمية دون قصد أن لهذا الكون بداية فأثبتت تلقائياً وجود الاله لأن كل شيء ذي بداية لا يمكن أن يبتدىء بذاته ولا بد أن يحتاج إلى المحرك الأول الخالق الاله = ويقول ( السير جيمس ) في هذا المضمار أيضاً = تؤمن العلوم الحديثة بأن عملية تغير الحرارة سوف تستمر حتى تنتهي طاقاتها كلياً ولم تصل هذه العملية حتى الآن إلى آخر درجاتها لأنه لو حدث شيء مثل هذا لما كنا الآن موجودين على ظهر الأرض حتى نفكر فيها . ان هذه العملية تتقدم بسرعة مع الزمن ومن ثم لا بد لها من بداية ولا بد أنه قد حدثت عملية في الكون يمكن أن نسميها خلقاً في وقت ما حيث لا يمكن أن يكون هذا الكون أزلياً = ثم أن هناك أدلة علمية


( 384 )

كثيرة يا حسنات تدعونا للأيمان بوجود خالق للكون وتجعلنا نتعرف على الخالق من خلال معرفة الكون وما فيه ، والمجال هنا لا يتسع لسردها وإنما ذكرت لك واحداً منها وهاك مثالاً ثانياً وأرجو أن لا أطيل عليك به وهو الشواهد الطبيعية التي اكتشفها العلم والتي تثبت أن الكون لم يكن موجوداً من الأزل وأن له عمراً محدوداً فان علم الفلك يقرر أن الكون يتسع بالتسلسل الدائم ، وان مجاميع النجوم والأجرام والأجسام الفلكية تتباعد بسرعة مدهشة بعضها عن بعض ، وهذا يعني أن هذه الأجزاء التي تتباعد عن بعضها كانت في وقت ما كتلة واحد مجتمعة مع بعضها ثم بدأت الحرارة والحركة ونتيجة هذا الكشف العلمي هو الايمان أن للكون عمراً محدوداً وأنه في حركة مستمرة تنتهي به إلى الدمار يوماً ما ... ونعود لنقول أن كل ما له نهاية لا بد أن يكون له بداية وإلا وعلى فرض أزلية الكون لكانت النهاية قبل أن تكون بما لا يتصور.


( 385 )

والآن ، أرجو أن لا أكون قد أتعبتك وبالمناسبة أطلب منك قراءة كتاب الله يتجلى في عصر العلم وكتاب رحلتي من الشك إلى الايمان . وإلى المزيد من خطوات التكامل.
مصطفى

 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net