متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
الحلقة الحادية عشر
الكتاب : الباحثة عن الحقيقة    |    القسم : مكتبة القُصص و الروايات
، قلت مستغربا :
وهل ان العبادة تشمل كل هذه الجوانب الواسعة ؟ قال :
نعم ان شمول نظرة العبادة في الإسلام وسعت كل هذه يا ولدي واعطت لكل جانب من جوانبه القيم الصحيحة وتكفلت بتقديم القدوة الصالحة ويمكنكما في هذا الخصوص مطالعة كتاب ( نظرة عامة في العبادات ) اما اليوم فنحن نريد ان نعرف مدى تكفل هذا الدين بطرح القيم التي من حقها ان تكون الإنسان الصالح ، وهنا سكت الاستاذ برهة فسألته قائلاً :
ما الذي تعنيه بالضبظ من القيم يا استاذ ؟ قال :
القيم هي عبارة عن الاحكام يا ولدي ولهذا فأنا أريد أن


( 89 )

أقول أن احكام الإسلام أحكام بناءة تبني شخصية الفرد كفرد وتبني شخصيته على أساس انه جزء غير متجزء عن المجموعة البشرية أيضا ، فالشريعة الإسلامية حينما تضع له الاحكام تراعي بذلك مصالحة كفرد ومصالحه كواحد ضمن افراد المجتمع ، وبذلك نجد ان التشريع يشكل وحدة موضوعية يتجاوب بعضها مع بعض ويساند كل جانب منها الجوانب الاخرى ... وهنا قالت سندس :
وما هو مثل ذلك يا استاذ ؟ قال :
أن أحد أمثلته هو تحريم الخمر والقمار فإن ذلك يتكفل بالإضافة الى تنزيه الفرد وتحصينه من مغبة اضرار ذلك وويلاته بالاضافة الى هذا فهو كفيل بسد باب واسع من أبواب الجريمة التي حرمها الإسلام ، الجرائم التي تكون نتيجة فقدان الشعور أو الجرائم التي تترتب نتيجة الاعتداء على الحقوق في القمار أو الجرائم التي تأتي بسبب من التهالك على هاتين العادتين ، ولهذا نجد أن هذا الحكم . الحكم بتحريم الخمر والقمار . يتكفل بصيانة الفرد كفرد وصيانة المجتمع كمجتمع ، ومثال اخر هو فرض الستر على المرأة امام الرجال الاجانب ، عند هذا سكت الاستاذ فقالت سندس في صوت ينبئ عن اللهفة :
حقا لقد كنت اتمنى لو اسمع شيئاً عن مفهوم الحجاب في الإسلام واسبابه ودواعيه .. فابتسم الاستاذ ثم قال :


( 90 )

دعيني أولا اوضح لك سؤالك فانت في الحقيقة تريدين ان تعرفي اسباب ودواعي الستر الذي فرض على المرأة في الإسلام وليس الحجاب لأن الحجاب في الإسلام مفهوم هو اخص من الستر ولهذا فإن السؤال ينبغي ان يكون عن الستر الذي هو أعم في التشريع لأن كلمة الحجاب تحمل معها بالضمن معنى الاحتجاب ولم يكن هدف التشريع هو حجب المرأة عن الحياة وانما ستر مفاتنها فقط وفقط ولهذا نجد ان كلمة الحجاب لم تذكر في القرآن الكريم الا في الآية المباركة التي تقول ( واذا سألتموهن متاعا فأسألوهن من وراء حجاب ) وهذه الآية خاصة بنساء النبي ( ص ) وهي تعني الحجاب بمعنى الاحتجاب وهو التزام تأدبي خاص بنساء النبي لرفعة مكانتهن وسمو مقامهن ، قالت سندس :
إذن فان الاسلام عندما فرض الستر على المراة لم يكن يريد من وراء ذلك عزلها عن الحياة وحبسها بين الجدران ؟ قال الاستاذ :
كلا يا ابنتي وانا اتمكن ان اقدم اليك الدليل على ذلك من نفس آيات الحجاب فالأيات المباركة من سورة النور تقول :
( قل للمؤمنين يغضوا من ابصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك ازكى لهم ان الله خبير بما يصنعون وقل للمؤمنات يغضضن من ابصارهن ويحفضن فروجهن ولا يبدين زينتهن


( 91 )

الا ماظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن الا لبعولتهن أو ابائهن او اباء بعولتهن او ابنائهن او ابناء بعولتهن او اخوانهن او بني اخوانهن ان بني اخواتهن او نسائهن او ما ملكت ايمانهن ان التابعين غير أولي الاربة من الرجال او الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء ولا يضربن بارجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن وتوبوا الى الله جميعاً أية المؤمنون لعلكم تفلحون ) .
أفلا تلاحظي ان غض البصر جاء في البداية كحكم الزامي للرجل وللمرأة سواء بسواء فلماذا هذا الحكم يا ترى لو لم يكن من المفروض ان تعيش المراة على مسرح الحياة كما يعيش الرجل سواء بسواء ؟ فلو كان الستر مما يحجب المرأة عن الحياة لما بقيت هناك ضرورة لغض البصر لا للرجال ولا للنساء ، قالت سندس :
آه نعم ان هذا صحيح يا استاذ ، قال الاستاذ :
ثم ان دور المرأة المسلمة في صدر الاسلام يؤكد ايضاً هذه الحقيقة فقد شاركت المرأة المسلمة خلال تلك الفترة في تحمل مسؤولية العمل من اجل الدين حتى انها احيانا كانت تشهد الحروب والغزوات لتداوي الجرحى وتسقي العطشى وتبعث الحماس في نفوس المتخاذلين ولهذا نجد ان فرض الستر على المرأة في الإسلام جاء كأجراء وقائي للمجتمع ككل بما فيه المرأة ، قلت :


( 92 )

وكيف ؟ قال :
لان مما لا ينكر هو ما تتمتع به المرأة من جوانب اثارة وفتنة للرجل وهذه الاثارة هي عبارة عن تحريك لغرائز معينة لدية وهنا يقف به الحال على مفترق طريقين ، فاما اشباع هذه الغرائز وتلبية رغباتها ومتطلباتها واما وأدها والسيطرة عليها عن طريق الكبت وكل من هذين الطريقين وعر المسالك وخيم العواقب فاطلاق الغرائز على سجيتها دون حدود من دين او قيود من عرف لا تعني سوى الفوضى الجنسية والتشتت الاسروي والتفكك العائلي والويلات الاجتماعية كما دلت عليه بعض الأرقام في البلدان التي سمحت بالإثارة اولا ثم سمحت بحرية الغرائز المثارة ثانياً فقد جاء في بعض الاحصاءات أنه ( تتعرض تسع فتيات للغصب والاختطاف من اصل كل إثنتي عشرة فتاة في بريطانية ... ) وان ( الجرائم ارتفعت بنسبة 84 % خلال سنوات قليلة بينما ارتفعت جرائم المراهقين الى خمس اضعاف خلال النصف الأول من عام ـ 1975 ... ) كما انه جاء في تصريح لمندوبة الأمم المتحدة التي كلفت بدراسة اوضاع المرأة في الشرق العربي عام ـ 1975 ـ ( ان 15 % من السويدين مصابون بالامراض العصبية والنفسية و 40 % من الدخل في السويد ينفق على معالجة هذه الأمراض وذلك سببه الحرية التي نالتها المرأة في السويد بالشكل الذي تمارسه ) كما انه جاء في تقرير اخر عن الاتحاد الامريكي للخدمات الاسرية انه


( 93 )

( اصبح انهيار الاسرة والذي وصل الان الى درجة وبائية هو المشكلة الإجتماعية الاولى فكل عام عام يفصل الطلاق بين اكثر من مليون شخص والمعدل الحالي هو سبعة اضعاف ما كان قبل مائة سنة واصبح عدد الاطفال غير الشرعيين ثلاثة اضعاف ما كان سنة ـ 1938 ـ ويولد سنوياً اربعة ملايين طفل غير شرعي في الولايات المتحدة ) بينما نجد ان نفس مندوبة الامم المتحدة تقول في تقرير لها ( ان من حق المرأة السويدية ان تطالب بحريتها فإن المراة في الشرق العربي قد وصلت الى قمة حريتها في ظلال الإسلام ) هذه هي بعض الارقام التي تعطينا فكرة عن مخاطر اطلاق الغرائز المثارة على حريتها ، إذن فلا يبقى امامنا سوى الكبت ... والكبت مع توفر دواعي الاثارة امر مرهق للرجال نفسياُ وعصبياً وفكرياً ، ولهذا فهو قد يدفعه إلى مختلف الامراض النفسية والجسمية ، فلنفرض اننا جئنا بإنسان ووضعنا امامه مائدة جمعنا عليها كل ما لذ وطاب مما يتصاعد عطره وتنتشر رائحته ثم ماذا ؟ ثم نمنح هذا الإنسان من الاكل نمنعه بالقوة او نمنعه بلطف ، فيمتنع نفسه هو تأدباً ، فالى اي شيء نتوصل ؟ نتوصل بالنتيجة الى منعه من الاكل لكننا لن نتوصل الى منعه من الرغبة في الطعام والشهية اليه لأن هذه مشاعر لا يمكننا ولا يمكنه هو ايضاً ان يحول دون استثارتها مع وجود هذه الأنواع الشهية من الطعام ، ووضع الرجل تجاه المرأة لا يختلف عن وضع هذا الإنسان تجاه الرغبة في الطعام ، إذن ، فإن الوضع


( 94 )

الوحيد الذي يجنب المجتمع مضار الأثارة وردود فعلها بشكلية هو ان تستر المرأة مفاتنها التي من طبيعتها ان تثير الرجل ، وبذلك تجنب نفسها وتجنب الرجل ويلات الاثارة ، قالت سندس :
إذن فإن ستر المرأة ما هو لا مصلحة اجتماعية ، وعملية وقائية ؟ قال الاستاذ :
نعم وكلن بالإضافة الى ذلك هو مراعاة لمكانة المرأة والحفاظ عليها وتجنبها عن الابتذال وان تصبح سلعة رخيصة تلتهما كل عين وتملأ من مفاتنها انظار الرجال ، ويمكنكما مطالعة كتاب ـ العفاف ـ لزين الدين و ـ الحجاب ـ للمودودي ، قالت سندس :
ولكنني كنت قد سمعت ان الستر دخل في الإسلام عن طريق تسرب العادات الإيرانية بين المسلمين ؟ قال الاستاذ :
ولكن الستر شرع في الإسلام قبل فتح المسلمين لبلاد فارس بسنوات ، ثم ان الستر المفروض على المرأة في الإسلام يختلف عما كانت عليه المرأة في ايران ، قالت سندس :
كما انني كنت قد سمعت ان هذا الستر شرع لاسباب اقتصادية ، قال الاستاذ :
ماذا تعنين بالاسباب الاقتصادية يا ابنتي ؟ قالت :
اعني ان الرجل عندما اراد استغلال المرأة واستعبادها


( 95 )

فرض عليها هذا الستر ليحبسها في البيت ويستفيد من اعمالها وصناعتها : قال الاستاذ :
ولكن التشريع الإسلامي هو ابعد ما يكون عن هذا لأنه ضمن للمرأة حقوقها الكاملة واعطاها حق تملك كل تربح من العمل .
( ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض ) .
( للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن ) .
إذن فأي شيء يستفيد الرجل من تشغليها ما دامت هي المالكة الحقيقة لما تكسب ؟ وبالمناسبة فإن هذا حق لم تحصل عليه المرأة الاوروبية الا مؤخراً حيث كانت تعمل بنصف اجرة الرجل ، قالت سندس :
لعلني لا اثقل عليك بالسؤال يا استاذ ؟ قال الاستاذ :
كلا تفضلي واسألي على الرحب والسعة ، قالت :
في خصوص موضوع الستر الذي فرض في الإسلام على المرأة لقد سبق أن سمعت انه تعبير عن نزعات الرهبنة وانكار الذات فهل لهذا شيء من الواقع ؟ قال الاستاذ :
انك يا ابنتي لو كنت قد تعرفت على حقيقة الإسلام اكثر لعرفت تلقائيا ان هذه دعوى لا أساس لها من الصحة ،


( 96 )

وهنا بدت عني اول بادرة تدل على انني مسلم اختلف عن سندس حيث قلت :
ان نبي الإسلام هو الذي يقول لا رهبانية في الإسلام ، فابتسم الاستاذ ونظر الي مشجعا وهو يقول :
اسمعي ها هو ابن الإسلام يعرف ان لا رهبانية في الإسلام وهناك الأية المباركة التي تقول :
( ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم ) وقد جاء في التاريخ ان عباس بن مضعون احد الصحابة الكرام حاول ان ينصرف الى العبادة فترك جميع ملاذ الحياة بما فيها النساء فذهبت زوجته الى رسول الله ( ص ) تشكوه إليه فأغضب ذلك رسول الله ( ص ) وخرج الى المسجد وصعد المنبر ونهى اصحابه عن ذلك وهو ( ص ) الذي يقول :
« حبب الي من دنياكم ثلاث الطيب والنساء وقرة عيني الصلاة » قالت سندس :
إذن فهو لا يعدو أن يكون اجراء وقائيا للمرأة والمجتمع ؟ قال الاستاذ :
نعم وانك لو طالعت الكتابين اللذين ذكرتهما لك لعرفت تفصيل ذلك بما لا يسعه المجال لضيق الوقت ، قالت سندس بشيء من الخجل :
هل لي ان اسأل اكثر ؟ قال نعم تفضلي واسألي ما


( 97 )

تريدين ، قالت : ما هو مقام المرأة او ما هي نظرة الإسلام للمرأة وهل هي في حقوقها مشابهة للرجل أم لا ؟ فابتسم الاستاذ وقال :
انها متساوية وليست متشابهة قالت :
وكيف ؟ قال :
لأن التساوي يختلف عن التشابه يا ابنتي فالتشابه امر غير ممكن لا ختلاف تكوينهما وتباين استعداديهما ، اما التساوي الذي هو ما يقتضيه العدل فهو موجود فإن حقوق المرأة في الإسلام لا تقل عن حقوق الرجل بأي مجال من المجالات والفارق هو فارق الاختلاف فقط ، تصوري ان رجلا يملك اشكالا مختلفة من الثروات ثم اراد ان يوزع ما يملك على اولاده في حياته فهو لا شك سوف يضع القسمة على اساس من كفاءة اولاده واستعدادهم وميولهم فيعطي الأرض الزراعية لمن له ميول في الزراعة ويعطي الأموال التجارية لمن هو اعرف بالمعاملات المالية وهكذا فهو يحرص على ان يكون الناتج متساويا وان اختلفت طبيعته بأختلاف استعداد وخبرات كل من اولاده وهكذا الحال في المستوى الكلي لحقوق المرأة والرجل فهما متساويان ولكن غير متماثلان نظرا للاختلاف التكويني الموجود بينهما ولهذا نجد ان للمرأة ما للرجل وعليها ما عليه في كافة مجالات العمل الدنيوية منها والاخروية فإن ما تجنيه المرأة من اجر على العبادة هو عين ما


( 98 )

يجنيه الرجل وما تعاقب به المرأة على تركها للعبادة هو عين ما يعاقب به الرجل ، وهذا يدلنا على ان حق المراة مساوٍ ومماثل لحق الرجل في حال ومساوٍ وغير مشابه لحق الرجل في حال آخر ، فهي تتشابه وتتساوى في مسيرة الانسان لله مسيرة المخلوق للخالق وتتساوى ولا تتشابه في مسيرة الاحكام من الله للناس مسيرتها من الخالق للمخلوقين ، هذا من ناحية حقوقها ولعلك لو قرأت كتاب ـ المرأة في الإسلام ـ للعقاد و ـ الاسرة المسلمة ـ للبكاء لتمكنت من استيعاب ذلك اكثر اما سؤالك الثاني حول نظرة الإسلام للمرأة ومدى تقييمه لوجودها فإنا ارجو اولا ان تحددي الشبه الموجودة لديك عن ذلك قالت :
هل ان الإسلام يعتبر المرأة هي رأس كل خطيئة وانها هي التي اغوت آدم فاكل من الثمرة المحرمة ؟ قال الاستاذ :
كلا يا ابنتي فإن الإسلام لا يحمل المرأة هذا الوزر وقد ذكرت قصه آدم ( ع ) في القرآن الكريم والآيات التي تذكرها تقول ( فوسوس لها الشيطان ) ( فدلاهما بغرور ) ( قاسمهما اني لكما من الناصحين ) وهذه الأيات تدل بوضوح ان الغواية كانت لكليهما والاستجابة أيضاً من كليهما سواءا بسواء ولا تحمل حواء اية مسؤولية خاصة ، قالت سندس :
انا هناك من يقول ان المرأة انما خلقت من اجل ايجاد


( 99 )

الرجل فوجودها مقدمة لوجود الرجل وليس وجودا قائماً بنفسه فما هو موقف الاسلام من هذا ؟ قال :
ان هذا مما لا يوجد في الإسلام فإن الله تبارك وتعالى لم يخلق المرأة من اجل الرجل فقد كان يتمكن عز وجل ان يوجد الرجل بطريقة اخرى وان يخلق عند الرجل الغرائز التي تجعله في حاجة للمراة ولكنه خلقها كموجود مستقل يستند الى وجود الرجل بالمقدار الذي يستند وجود الرجل اليه والآية الكريمة تدل على ذلك حين تقول ...
( هن لباس لكم وانتم لباس لهن ) .
والآية الاخرى التي تقول :
( وجعل منها زوجها ليسكن إليها ) ثم الآية المباركة التي تحكي عن سبب الخليقة من غير تمييز بين رجل وامرأة .
( وما خلقت الجن والأنس الا ليعبدون ) .. قالت سندس :
وما هو دورها بالنسبة للاولاد ؟ هل يعتبرها الإسلام كأناء تفريغ فقط كما تعتبر في بعض المجالات ام لا ؟ قال الاستاذ :
ان الإسلام يعطي للام مقامها الرفيع ويضع لها الحقوق الكاملة بالنسبة لأولادها ويعترف لها بدورها في اعداد الجنين مثل الآية المباركة التي تقول .


( 100 )

( يا أيها الناس انا خلقناكم من ذكر وانثى ) .
ثم ان الإسلام قال على لسان نبيه ( ص ) ان الجنة تحت اقدام الأمهات وبهذا وضع طريق الوصول الى رضاء الله تعالى هو رضاء الأم وهذا يدل بوضوح على تركيز وجود الام في حياة الابناء والاعتراف بدورها الفعال في ذلك ، وانا ارجو ان تطالعي كتاب ـ الطفل بين الوراثة والتربية ـ وكتاب ـ مع الولد ووالديه ـ للسيد حسين الصدر عند هذا كان موعد أذان المغرب قد حان فسكت الاستاذ فقلت له :
متى سوف يكون اللقاء القادم ؟ قال :
بعد اسبوع حيث تتمكنان من مطالعة الكتب التي ذكرتها لكما .
وخرجنا من عند الاستاذ ووقفنا في الشارع لحظات لاحظت خلالها ان عيون الرجال كانت تلتهم سندس بنظراتها وهذا شعور لم أكن لأفطن اليه من قبل فعز عليّ ذلك وتمنيت لو حلت دونه بأي شكل ، واحسست أن سندس بدأت تشعر بالحرج حيث كانت تلم أطراف فستانها بتحفظ ، ومرت فترة صمت ثم قطعتها سندس قائلة :
مع السلامة والى اللقاء هنا عند الاستاذ ، ثم استدارت فقلت لها انتظري فإن لدي ما أريد ان أقوله لك ، ولكنها لم تنتظر فمشيت نحوها وانا اقول :


( 101 )

سندس ، سندس ، دعيني احدثك بأمر لعله يلقي ضوءا على الموقف ، وفي تلك اللحظة مرة سيارة أجرة فاستوقفتها وركبت فيها دون ان تنظر إلي ، فما كان مني الا أن رجعت الى البيت مخذولا ، وفي البيت حاولت ان أهدأ ولكن ثورة روحي كانت عنيفة جدا فعدت الى الشارع اتجول فيه على غير هدى ثم مررت على السوق واشتريت الكتب التي ذكرها الاستاذ وفي ساعة متأخرة من الليل عدت الى البيت مرهقا جسما وروحا ولكنني وفي الأيام الاخرى حاولت ان اقرأ الكتب وان اقنع نفسي بالأمل فحصلت على شيء من الهدوء النسبي مع ان تفكيري في سندس لم يبارحني لحظة وانى له ان يبارحني وقد ملك علي جميع المنافذ فلم تكن سندس بالنسبة لي صديقة فقط ولكنها كانت حياتي التي لا غنى لي عنها ...

 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net