متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
ذكر الله في الليل والنهار
الكتاب : كلمة و دعوة    |    القسم : مكتبة المرأة

ذكر الله في الليل والنهار

 

سألتني واحدة من الاخوات المسلمات عن معنى ما جاء في دعاء كميل بن زياد ( رض ) وهو من خاصة أمير المؤمنين عليه السلام كقول : ( يارب أسألك بحقك وقدسك وأعظم صفاتك واسمائك ان تجعل اوقاتي في الليل والنهار بذكرك معمورة وبخدمتك موصولة ) .
وقالت : هل أن هذا منسوب وغير صحيح ؟ او ان البشر جميعا قد خرجوا عن هذه القاعدة ؟ فليس فينا من يتمكن ان يقتصر في حياته على ذكر الله تعالى والتسبيح والتهليل . فنحن اذ نعيش ( وبحكم لزوم التعاون من الأخرين مهما امكن ) لا بد لنا ان نباشر شتى الاعمال في الحياة ولا يمكننا بأي حال من الاحوال التنصل وان نترك كل شيء ونلتزم بالتعليل والتكبير فحسب فقلت لها : على مهلك يا أخية فليس هذا الدعاء بمنسوب او غير صحيح بل هو صحيح ومعروف ولكن المعنى ليس كما تظنين فقط اذ لسنا بمكلفين بالتسبيح والتهليل


( 164 )

والتكبير « كقول : سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر في كل أوقاتنا وليس ذكر الله وخدمته هو ما ذكرتيه ونحوه كما تفهيمين منه ويتبادر النظر السطحي اليه فهو أي كل من التسبيح أو التهليل والتكبير وان كان من الذكر المأثور ومن الباقيات الصالحات لكن ليس هو الذكر كله أو كل الذكر وليس هو اي الذكر وقفا على ادراة حبات المسابح او تقليب وتصفح كتب الادعية لا ليس هذا وحده كما قلت ذكر الله تعالى وليس ذكر الله هذا لا غير .
فكم يوجد من يذكر الله بلسانه وينساه بقلبه وافعاله !! فنحن نستطيع وبسهولة ـ أن نجعل اوقاتنا من الليل والنهار بذكر الله معمورة دون ان نعطل شيئا من أعمالنا للحياة أو نقعد عن المباشرة لمهامنا المعتادة فانت مثلا اذا كنت زوجة صالحة وربة بيت خيرة تكونين بذلك دائما وابدا ذاكرة لله مطيعة لأوامره فقد جاء في الاخبار ان امرأة سألت الرسول الاعظم صلى الله عليه وآله وسلم عما عندنا نحن النساء في قبال الجهاد وثوابه عند الرجال ؟ فقال صلوات الله عليه : الزوجية الصالحة وادارة البيت الناصحة الطاهرة !
ثم أن المرأة وكيفما تكون سيدة أو آنسة تتمكن ان تكون دائما وابدا ذاكرة لله تعالى خاضعة لأوامره متبعة لتعاليمه فكل يد معونة تسديها المرأة ولو لاقربائها الاقربين اذا كانت خالصة لله تكون ذاكرا لله تبارك وتعالى وكل لفتة طيبة تبديها تجاه


( 165 )

الغير بدون أي غاية دنيوية تكون ذكرا لله وكل سحابة ضيق تتحملها بصبر لا مجبرة ولا مغصوبة على ذلك تكون ذكرا لله ، وكل فكرة صالحة تفكر فيها لأجل الخير دون أي شيء أخر تكون ذكرا لله وأي نعمة تحدثت بها لا مباهية ولامتعالية تكون ذاكرا لله ، وحتى البسمة والضحكة اذا جدت بها خالصة من كل شائبة رياء أو ملق تكون ذاكرا الخ .. !
وكم يحدث لاحدانا ان تسمع كلمة عن اخرى قد تحمل على خير وقد تحمل على شر فاذا اخذناها بمأخذ الخير وحملناها عليه نكون بذلك ذاكرين لله ، ولكن يتفق لنا ان تحين لنا فرصة نتمكن فيها من افشاء سر أو جهر بسوء يكون لنا من ورائه نفع ، او لنا به مصلحة شخصية ثم لا نأتي بشيء من ذلك بوازع ديني لا غير فنكون ذاكرين لله تعالى مطيعين لأوامره ! وعلى العكس من هذا ( لو سرنا في حياتنا لا سمح الله ) نكون ناسين لله غافلين عنه ولو تتبعنا جميع اساليب القدس المبطن ! فإن ذكر الله ليس كما تظنين يا اختاه . ولعمري ان حقيقة ذكر الله تبارك وتعالى ( لو تفكرنا وتأملنا ) تعقيم النفوس من الاردان ، وتطهير الغايات والدوافع أي غاية كانت واي دافع كان ولهذا جاء في المأثور عن الأئمة الاطهار عليهم السلام : ( ان الاعمال بالنيات ) ـ فنوعية العمل من نية صاحبه ـ ( وان نية المرء خير من عمله ) فقد فضلت النية الصالحة وحدها ـ وان لم يتفق تحققها في الخارج ـ


( 166 )

على العمل الصالح ظاهرا ولكن بلا نية صالحة ولا غاية مرضية طاهرة !
فجدير بنا أن نبتهل الى الله العلي القدير ان يجعل أوقاتنا في الليل والنهار بذكره معمورة ، وبخدمته موصولة والله ولي التوفيق .


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net