متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
نفثة الصدر للمرأة المسلمة
الكتاب : كلمة و دعوة    |    القسم : مكتبة المرأة

نفثة الصدر للمرأة المسلمة

 

اختاه ...
وأخير طوينا صفحة عام كامل من حياتنا معا على صفحات الأضواء عام كامل ضم في حناياه الكثير الكثير من الألام والأمال واليأس والرجاء والكسل والنشاط .
عام كامل خضناه بحراً أجاجاً تارة وشربناه كأسا رقراقة أخرى فحوادث الدهر نشر ولف وللأيام أقدار وآراء .
عام كامل كنت أسعى فيه إلى لقائك على هذه الصفحات عند مطلع كل شهر ، وطالما تلهفت واستعجلت هذا اللقاء الذي يشدني إليك ، ويدنيني من اخواتي المسلمات اللاتي يستشعرن معي خطورة مسؤولياتنا في الحياة وعمق واجبنا أمام مبدئنا السماوي .
نعم كنت أتلهف واتشوق واثقة من ان كثيراً من بنات الاسلام كن يتلهفن ويتشوقن بدورهن أيضاً ، وذلك لما دل عليه هذا الاقبال المشكور من السيدات والآنسات للحصول على مجلة الأضواء ، ولكن الذي حزّ في نفسي وآلمني هو ما تحسسته في غضون هذه المدة من روح أنطوائية تقمصتها بنات


( 197 )

الاسلام ، وفكرة يائسة خاطئة قعدت بهن عن مجال الدعوة والتبشير في الوقت الذي يتحتم به علينا أن نكون أكثر تفاؤلاً بالمستقبل من أي وقت مضى بعدما دلت عليه نتيجة الأرقام في فشل المجتمعات الغير إسلامية ، وعجز الأنظمة الأخرى عن استيعاب تحقيق حاجات الانسانية . فمن بين نظام رأسمالي يرزح تحت وطأة الرأسمال ويئن من سياط الطبقية والعنصرية ويتحدر أثراً لانعدام المعنويات واضمحلال القوى الأدبية ، أو مجتمع الحادي مادي يفتقر إلى الروح ويفتقد حتى حرية التفكير أو تقرير المصير ! وأنا لا أريد هنا أن أعدد نقاط الضعف في الأنظمة المرتجلة ، أو أثبت عجزها عن القيام بالمجتمع البشري في الوقت الذي انبعث فيه دعوة الاسلام عالمية شاملة ، الناس عنده كأسنان المشط ، لا فضل لأحدهم إلا بالتقوى . وهذا ما عجزت عن ادعائه أحدث الأنظمة العصرية ، نعم لا أريد أن أدخل في هذا فلقد بحثه قبلي كبار الأدباء والفلاسفة الاسلاميين وأثبتوا صدق فكرتهم بدراسات موضوعية خالية من شوائب العاطفة والعصبية ! . ولكنني أريد أن اقول أننا يجب أن يكون أكثر تفاؤلاً بالمستقبل ويقيناً بحاجة المجتمع إلى الاسلام ، لما أصبح واضحاً جلياً خيبة المجتمعات الغير الأسلامية ولا أقصد هنا مجتمعات أجنبية فقط ، بل أعني مجتمعات في قلب الدول التي تسمى الاسلامية وهي أبعد ما تكون عن روح الاسلام ومعناه الصحيح فهي إذ تضج بالمشاكل وتصبح تعج بالعثرات


( 198 )

والكبوات كانت تتمكن وببساطة أن تتجنبها باتباعها الطريق السوي . نعم هذه المجتمعات المنحلة التي قنعت بأقعنة الحسد والنفاق وبطنت ببطانات الغش والخداع ، والآلام والحسرات ، كما نراه على صفحات المجلات في كل يوم وأسبوع . نعم هؤلاء الضالون الذين ألقوا بأنفسهم مختارين إلى أنياب هذا الوحش الضاري الذي يسمونه الحضارة الحديثة ! هؤلاء جاهلون أو متجاهلون مدى ما جلبوا على أنفسهم ومجتمعهم وتربيتهم الغالية من شقاء وبلاء ! . ولكن التجارب التي أخذت تمر بهم والأزمات الشائكة التي اخذوا يمرون بها سوف توقظهم وتوقفهم على الواقع وتدلهم على طريق الخلاص والنجاة وهو طريق الاسلام لا غير ! .
وأنا لا أريد أن انكر وجود مجتمعات اسلامية أيضاً ولكنني أقول أنها من نقاط ضعف متركزة أولاً وبالذات على المرأة المسلمة في هذا المجتمع ، فهي أما أن تكون جاهلة قانعة بالجهل صابرة على ظلمة الفكر لا تعرف للثقافة بابا إلا أبواب التهتك والتحلل فهي غافلة عن كونها مدعوة للتثقف ولطلب العلم الذي جعله الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم فريضة على كل مسلم ومسلمة وهي غافلة أيضاً عن قدرتها على تنوير أفكارها وتوسيع معارفها بطرق صحيحة تكون فيها كالزهرة العطرة بين الأكمام واما ان تكون متعلمة مثقفة ولكنها منطوية على معارفها لا تتعدى نطاق دراستها الخاصة ولا تشعر بأية مسؤولية موجهة نحوها لا ستثمار تعلمها


( 199 )

لخدمة المجتمع المسلم فهي تفخر لكونها مسالمة لا تعرف للنقاش والجدل سبيلاً وقد فاتها أن الجدل الشريف والنقاش الهادئ الناشئ عن عقيدة صحيحة مفخر يقلد صاحبه أكاليل الفخار لا كالجدل والنقاش حول قشور وسفاسف وعصبيات وعنصريات فالساكت عن الحق شيطان أخرس .
ولنأخذ على هذا مثلا : فقد كتبت على صفحات الأضواءمواضيع كثيرة ولم تكن كتاباتي كلها مثالية ، ولا يمكن أن تكون خالية من هفوة أو غفلة ولو من وجهة بعض النظريات فقط ، فما الذي قعد بالعارفات من بنات الاسلام عن أن يصححن ما كتبت ؟ أو ينبهنني إلى ما غفلت عنه ؟ أو يبدين وجهة نظر فيما ادعيت ؟ فهل هذا العجز فيهن وما اكثر القادرات منهن أم الجهل وفيهن والحمد لله العارفات المتنورات أو الخمول والكسل ؟ نعم لخمولهن وعدم شعورهن بالمسؤولية ! وإلا فما أحلى وما أبهى ان تجتمع اصواتنا نحن المسلمات لننبعث صرخة واحدة لا تنطق إحدانا إلا عن لسان وأفكار الباقة اليانعة من بنات الاسلام ولا تكتب إحدانا إلا بعد أن نثق أن هناك من بنات جنسنا جيشاً صامداً يقف أمام الصدمات وينبهها على الهفوات . ولست أعني بهذا أو ابتغي استجداء ادب أو فكرة ، فهذا لا يكون مني إن شاء الله تعالى ، وإنما أقصد توحيد الآراء وتحديد الأفكار فأني إذ أكتب هنا لا أهدف إلى أي غرض أو مصلحة شخصية ، فأن لي من اكتفائي الذاتي المعنوي والأدبي ما يكفيني مشقة الخوض في


( 200 )

هذا المضمار ولكني أكتب لأكون قريبة منك دانية إليك عساني أن أسمع لك صوتا أو احرك من مشاعرك وترا والله من وراء القصد .

اختاه هيا للجهــاد وللفــدا * وإلى نداء الحق في وقت النــدا
هيا اجهري في صرخة جبارة * أنا بنات محمـد لــن نقعــدا
انا بنـات رسالـة قدسيــة * حملـت لنــا عزاً تليداً أصيـدا


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net