متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
المرأة و الحجاب
الكتاب : المرأة مع النبي    |    القسم : مكتبة المرأة

المرأة والحجاب


الحجاب ليس كما يتوهم البعض من أنه ختم ملكية المرأة للرجل ، فإن المرأة والرجل من الناحية الإنسانية سواء لم يخلق أحدهما ليملك الآخر بل خلق أحدهما ليتمم الآخر ويكمله ، ولكل منهما جانبان مزدوجان : فالرجل إنسان وذكر والمرأة إنسان وأنثى ، وكل منهما بوصفه إنسان يسمح له بالمشاركة في خدمة المجتمع على أن يظهر في مجال الخدمة كإنسان لا أكثر ولا أقل . إذن فعدم تظاهر المرأة بأنوثتها لا يؤخذ دليلاً على أن الإسلام أراد أن يحجبها من المجتمع فهي عندما تتصل بالمجتمع تتصل به لحساب كونها إنسان طبعاً فكما أن للرجل أن يثبت إنسانيته في الوجود ، للمرأة أيضاً أن تثبت وجودها الإنساني ، حالها في ذلك حال الرجل سواء بسواء . وفي النواحي التي يتحتم على المرأة التستر فيها يتحتم على


( 322 )

الرجل ذلك أيضاً فكما أن المرأة لا يمكن لها أن تتظاهر بأنوثتها وبكونها الجنس الناعم عن طريق الخلاعة والتبرج لا يمكن للرجل أن يتظاهر برجولته وذكورته ولا يمكن له أن يعيش في المجتمع الواسع إلا كإنسان ، كالمرأة التي لا يمكن لها أن تعيش في المجتمع الواسع إلا كإنسانة ، وفي المواطن التي يظهر فيها الرجل كرجل علاوة على كونه إنساناً يمكن للمرأة بل ويجب عليها أن تظهر بمظهر الأنثى علاوة على كونها إنسانة .
وبما أن جاذبية المرأة وسحرها أقوى وأشد تأثيراً من جاذبية الرجل وسحره كان حجاب المرأة أوسع وأشمل من حجاب الرجل . فالمرأة التي تظهر في المجتمع بمظهر إنسانة بدون إشارات وهوامش تشير إلى أنوثتها ، تكون مساوية للرجل . على العكس تماماً من المرأة الغربية ، التي إن قال لها الرجل أنها حرّة في تصرفاتها وفي كل شيء تكون في الواقع مقيدة بإرضاء الرجل أي رجل كان وإشباع رغباته ، إذ فرض عليها تظاهرها بأنوثتها باسم الحرية على ما يتطلب ذلك من تعب وجهد وعلى ما يستنفد ذلك من وقت المرأة .
فهل من الإنسانية أن تكون المرأة سلعة تعرض


( 323 )

سيطرتها المطلقة بوصفها مالكة للمال ، بينما يمنح هذه السيطرة للزوج لا على ماله فحسب بل على مال زوجته أيضاً ، وفقاً لأحد أشكال أربعة سمح القانون بصياغة العقد طبقاً لأي واحد منها تبعاً لما يقع عليه اختيار الزوجين . والأشكال الأربعة هي كما يلي :
أولاً ـ شركة الزوجين وهو تقسيم أملاك الزوجين إلى ثلاثة : قسم عام للزوجين غير قابل للقسمة وقسم خاص بالزوج وقسم خاص بالزوجة ، وللزوج وحده حق إدارة الأقسام الثلاثة كرئيس للشركة .
والثاني ـ بدون شركة أو استبعاد الشركة : وهو أنه لا يوجد في هذا القسم أملاك عامة فكل زوج زوج يحتفظ بأملاكه الخاصة لكن للزوج وحده حق إدارة أملاكه وأملاك زوجته واستثمارها .
الثالث ـ فصل الأملاك . وفي هذا القسم منافع الزوجين منفصلة فكل واحد منهما يحتفظ بملكيته لأملاكه واستغلالها وإدارتها على شريطة أن تترك الزوجة إلى زوجها جزءاً من إيرادها اشتراكاً معه في نفقات المعيشة .
الرابع ـ المهر وهو تقسيم أملاك الزوجة إلى مهر


( 324 )

وغير مهر : فالمهر ما جعلته المرأة مهراً عند الزواج من أملاكها أو ما أعطي إليها في عقد ترتيب أملاكها من أقاربها مثلاً ، وللزوج حق إدارته واستثماره فقط .
ولنقف الآن عند الشكل الأول من هذه النظم وهو شكل الشركة الزوجية ، ففيه أن للزوج إدارة ماله الخاص ومال الزوجة الخاص ومال الشركة . وحق إدارة أملاك شركة الزوجية خاص بالزوج كرئيس لها وهو حق خوله له القانون فلا يجوز انتقاصه ولا الغاؤه بشرط في عقد ترتيب أموال الزوجين . وسلطة الزوج في إدارة الأموال المشتركة تكون في الأعمال الإدارية ومباشرة رفع الدعاوى أمام القضاء . وفي الأعمال الإدارية المحضة تكون سلطة الزوج فيها غير محدودة فيؤجر ويستأجر العقار من غير تحديد ، وله قبض الإيراد وله أن يتصرف فيه كما يريد ويقبض رأس المال من غير مراقبة ولا إذن من أحد . وكذلك له السلطة غير المحدودة في التقاضي ، فسلطة الزوج في ذلك غير محدودة وليس للزوجة الرجوع عليه بأي تعويض ولو أخطأ خطأً فاحشاً أو أدار إدارة سيئة أو بذر تبذيراً يجعله مسؤولاً قانونياً فهو يعمل كمالك حقيقي ليس عليه أي مسؤولية قبل أي شخص كان ، وللزوج أيضاً


( 325 )

لعيون الرجال المتعطشة ؟ وهل أن من مستلزمات إنسانية المرأة أن تصرف الساعات الطوال في محلات « الكوافير » وتحت أيدي المواشط مع ما يلزم ذلك من استهلاك وقت مادي ومعنوي ؟
كل هذا لأجل أن ترضي الرجل فهل يمكن لهؤلاء النساء أن يظهرن ولو مرة واحدة فقط بدون علامات تدل على أنوثتهن معتمدات على شخصيتهن أو على معارفهن ؟ وهل خطر لإحداهن مرة في أنها لو دعيت إلى الحفل الفلاني سوف تكون المبرزة بين لداتها لما تملك من معرفة أو لما تتمتع به من شخصية ؟ بل إن أفكارهن تتجه أول ما تتجه في أمثال هذه المناسبات إلى أناقتهن وإلى تحصيل الأسباب التي تجعل إحداهن أكثر جاذبية وفتنة من الأخرى .
وأنا لا أريد أن أقول أن من مستلزمات الأناقة التبرج أو أن التبرج من مستلزمات الأناقة ، ولا أريد أن أدعو إلى التقشف ولكني أريد أن أنبه اللاتي جعلن في التبرج والتأنق عماد شخصيتهن أن الواقع يؤكد أن هذا شيء ثانوي لا يعدو كونه إرضاءً للرجل ولو بسبعين واسطة .

 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net