متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
تنوع الوسائل
الكتاب : خدمة الناس‏ في فكر الإمام الخميني    |    القسم : مكتبة الثقافة العامة

تنوع الوسائل

إن خدمة الناس ليست مجرد شعار يستحضره الإنسان ليطلقه عند حماسه ويتغنى به في عروضه ومناظراته، بل هو برنامج لا بد أن ينتهجه وخطوات لا بد أن يسير بها، فما لم تتحول الخدمة من مجرد شعار إلى برنامج وخطوات عملية مدروسة ومنسقة ومتكاملة لن تتمكن من تحقيق أهدافها، ولن تكون جدية وبالمستوى المطلوب الذي يواجه الحرمان والحاجة...

والخدمة لا تنحصر بالأمور المادية فقط، بل لها طرقها المتعددة، فبالإضافة إلى بذل المال في سبيل الخدمة الذي تشير إليه العديد من الروايات.

فعن الإمام الصادق (عليه السلام): (من أحب الأعمال إلى الله عز وجل إدخال السرور على المؤمن: إشباع جوعته أو تنفيس كربته أو قضاء دينه)[i].

يمكن الاستفادة من الجاه أيضاً.

فعن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (إن الله تعالى ليسأل العبد في جاهه كما يسأل في ماله، فيقول يا عبدي رزقتك جاها، فهل أعنت به مظلوما أو أعنت به ملهوفا)[ii].

وعن الإمام الصادق (عليه السلام): (من كان وصلة لأخيه المسلم إلى ذي سلطان في منفعة بر أو تيسير عسر، أعين على إجازة الصراط يوم دحض الأقدام) [iii].

يمكن استعمال الجاه للتخفيف عن المؤمن أيضاً.

فعن الإمام الصادق (عليه السلام): (من كان وصلة لأخيه بشفاعة في دفع مغرم أوجر مغنم، ثبت الله قدميه يوم تزل فيه الأقدام)[iv].

ويمكن أن تكون الخدمة من خلال حفظ كرامته وصونه من بذل ماء وجهه.

ففي الرواية عن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم): (إن في شيعتنا لمن يهب الله تعالى له في الجنان من الدرجات والمنازل والخيرات ما لا تكون الدنيا وخيراتها في جنبها إلا كالرملة في البداية الفضفاضة فما هو إلا أن يرى أخا له مؤمنا فقيراً فيتواضع له ويكرمه ويعينه ويمونه ويصونه عن بذل وجهه له حتى يرى الملائكة الموكلين بتلك المنازل والقصور وقد تضاعفت....)[v].

وقد تكون الخدمة مجرد دعاء يدعوه المؤمن بحق أخيه المؤمن.

فعن الإمام الصادق (عليه السلام): (وما من مؤمن يدعو لأخيه بظهر الغيب إلا وكل الله به ملكاً يقول: ولك مثل ذلك)[vi].

ويمكن أن تكون الخدمة على شكل كلمة تشكل نصيحة يحتاج إليها الناس، وتساعدهم على حل مشاكلهم.

فعن الإمام الصادق (عليه السلام): (من مضى مع أخيه في حاجة فناصحه فيها، جعل الله تعالى بينه وبين النار يوم القيامة سبعة خنادق، والخندق ما بين السماء والأرض)[vii].

بل نجد الروايات تعتبر عدم النصيحة مع القدرة عليها خيانة!

فعن الإمام الصادق (عليه السلام): (من مشى مع أخيه المؤمن في حاجة فلم يناصحه فقد خان الله ورسوله)[viii].

وقد وضع الإسلام برامج اقتصادية كاملة لضمان تحقيق ذلك، وقد أشار الإمام الخميني (قدس سره) في كلماته إلى العديد من هذه الخطوات والبرامج، منها:

1ـ الاهتمام بالمحرومين والإطلاع على أحوالهم:

لا بد من الاهتمام بالشرائح المحرومة في المجتمع ورصد حاجاتها لكي نتفاعل مع هذه الحاجات بالشكل الصحيح، يقول الإمام الخميني (قدس سره): (ليت المترفين يطلعون على حال المحرومين لكي لا يساهموا في زيادة جنايات الحكومة الأمريكية المتجبرة).

ويقول (قدس سره): (نأمل أن يبذل جهد أكثر من ذلك للقرى وللمستضعفين والمحرومين الذين كانوا محرومين طوال التاريخ، وأن يصار إلى الاهتمام بهم أكثر).

فالاهتمام بهم أكدت عليه الرواية عن الإمام الباقر (عليه السلام) حيث يقول: (إن المؤمن لترد عليه الحاجة لأخيه، فلا تكون عنده فيهتم بها قلبه، فيدخله الله تبارك وتعالى بهمه الجنة)[ix].

فالمطلوب أن نشعر مع المحرومين ونتألم لمحنتهم لنكون متفاعلين دائماً معهم لمساعدتهم ودعمهم عند القدرة على ذلك، فإن لم نوفق فحالة الاهتمام بنفسها سبب لدخول الجنة ورضا الله سبحانه وتعالى.

2ـ الاستعداد للخدمة:

يجب على الناس أن يعدوا العدة على المستوى المادي والنفسي للخدمة، يقول الإمام الخميني (قدس سره): (ليهيئ الأحبة الأعزاء أنفسهم لخدمة الإسلام والشعب المحروم، وليشدوا الأحزمة لخدمة العباد التي تعني خدمة الله).

هذه الخدمة التي يكون الهم فيها تلبية الحاجات لا التخلص من الزوائد الفائضة عن الإنسان، يقول الإمام الخميني (قدس سره): (واختر في خدمة عباد الله ما هو الأكثر نفعاً لهم وليس ما هو الأنفع لك ولأصدقائك، فمثل هذا الاختيار هو علامة الاخلاص لله جل وعلا).

3ـ السياسة لخدمة المحرومين:

إن للدولة دور كبير في خدمة الناس ووضع البرامج لتلبية حاجاتهم من خلال وضع سياسة مناسبة لذلك، وهذه مسؤولية كبيرة إنسانية وأخلاقية ودينية تقع على عاتق الدولة والنظام، يقول الإمام الخميني (قدس سره): (لا أبقانا الله لذلك اليوم الذي تتخلى فيه سياستنا وسياسة مسؤولي بلدنا عن الدفاع عن المحرومين).

4ـ ليدعم الأغنياء الفقراء:

يقول الإمام الخميني (قدس سره): (كم هو جميل أن تقدم الطبقات المتمكنة (مادياً) وبصورة تطوعية على توفير المسكن والرفاه لبعض ساكني الأكواخ، وليطمئنوا بأن في ذلك خير الدنيا والاخرة).

5ـ الأسواق ورعاية الفقراء:

يقول الإمام الخميني (قدس سره): (إن السوق الذي يشتري البضاعة بتومان واحد ويبيعها بثلاثين توماناً لهؤلاء الفقراء والضعفاء ليس سوقاً إسلامياً، وإن السوق الذي يجلب البضائع المهربة ويبيعها بأسعار باهظة ويريد إيجاد الفوضى في الاقتصاد الإسلامي لا يعتبر إسلامياً، يجب أن يصبح هذا السوق إسلامياً، ليقوموا بأنفسهم بأسلمة السوق، إن السوق الذي لا يفكر بالفقراء والضعفاء ولا يهتم بالضعيف الموجود إلى جانبه ليس إسلاميا).

الخمس يكفي لرفع المعاناة:

لقد من الله تبارك وتعالى على المسلمين بفريضة الخمس التي لو التزم بها المسلمون لما بقي محروم صاحب حاجة مادية بينهم، يقول الإمام الخميني (قدس سره): (إن خمس أرباح سوق بغداد يكفي السادة وجميع الحوزات العلمية وجميع فقراء المسلمين، فضلاً عن أسواق طهران واسطنبول والقاهرة وغيرها).

7ـ قضاء العمر وصرف الأوقات في الخدمة:

إن الخدمة ليست أمراً طارئاً ومرحلياً، بل هو برنامج الحياة كلها، ويجب أن نتعاطى معها بهذا النفس وعلى هذا الأساس، يقول الإمام الخميني (قدس سره): (إن شاء الله تعالى سوف أمضي عمري في سبيل الله تعالى الذي هو خدمتكم).

ويقول (قدس سره): (إنني أقدم عمري المتواضع وغير الكف‏ء على طبق الإخلاص من أجل خدمة الإسلام والشعب الشريف).

فينبغي أن نعيش دائماً حالة الخدمة بل أن نعيش حالة التسابق والمسارعة إلى الخدمة.

وقد ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: (إن الرجل ليسألني الحاجة فابادر بقضائها مخافة أن يستغني عنها، فلا يجد لها موقعا إذا جاءته).

 



[i] شجرة طوبى، ج‏2، ص‏439.

[ii] مستدرك الوسائل، ج‏21، ص‏429.

[iii] عوالي اللئالي، ج‏1، ص‏374.

[iv] ألف حديث في المؤمن، ص‏324.

[v] حار الأنوار، ج‏8، ص‏47.

[vi] مستدرك الوسائل، ج‏21، ص‏389.

[vii] عوالي اللئالي، ج‏1، ص‏375.

[viii] الكافي، ج‏2، ص‏372.

[ix] الكافي، ج‏2، ص‏196.


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net