متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
النصوص الكاملة لبعض الخطابات بمناسبة يوم المرأة
الكتاب : مكانة المرأة في فكر الإمام الخميني    |    القسم : مكتبة المرأة

النصوص الكاملة لبعض الخطابات بمناسبة يوم المرأة

كلمة الإمام الخميني بمناسبة يوم المرأة بتاريخ 15/5/1979م

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم

غداً يوم مولد الصدّيقة الطاهرة فاطمة الزهراء.. يوم المرأة.. إنّ مختلف الأبعاد التي يمكن تصورها للمرأة وللإنسان تجسّدت في شخصية فاطمة الزهراء..

لم تكن الزهراء امرأة عادية، بل كانت امرأة روحانية وملكوتية، كانت إنساناً بتمام معنى الكلمة.. نسخة إنسانية متكاملة.. امرأة حقيقية كاملة.. حقيقية الإنسان الكامل.. لم تكن امرأة عادية، بل هي كائن ملكوتي تجلى في الوجود بصورة إنسان، بل كائن إلهي جبروتي ظهَر بصورة امرأة. فغداً يوم المرأة التي اجتمعت فيها كل الخصال الكمالية المتصوَّرة للإنسان وللمرأة: المرأة التي تتحلى بجميع خصال الأنبياء، المرأة التي لو كانت رجلاً لكانت نبياً، لو كانت رجلاً لكانت بمقام رسول الله.

غداً يوم المرأة، حيث وُلدت جميع أبعاد منزلتها وشخصيتها، غداً ذكرى مولد الكـائن الذي اجتمعت فيه المعنويات والمظاهر الملكوتية والإلـهية والجبروتية والملكية والإنسية، فهي إنسان بتمام معنى الإنسانية، وامرأة بكل ما تعنيه المرأة من معنى إيجابي.

إنّ المرأة تتسم بأبعاد مختلفة كما هو الرجل، وإنّ هذا المظهر الصوري الطبيعي يمثّل أدنى مراتب الإنسان: أدنى مراتب المرأة، وأدنى مراتب الرجل، بيد أنّ الإنسان يسمو في مدارج الكمال انطلاقاً من هذه المرتبة المتدنية، فهو في حركة دؤوبة من مرتبة الطبيعة الى مرتبة الغيب، الى الفناء في الألوهية، وإنّ هذا المعنى متحقق في الصدّيقة الزهراء التي انطلقت في حركتها من مرتبة الطبيعة وطوت مسيرتها التكاملية بالقدرة الإلهية وبالمدد الغيبي وبتربية رسول الله لتصل الى مرتبة دونها الجميع.

إذن: في مثل غد تحققت مختلف الأبعاد الممكن تصورها للمرأة، وظهرت المرأة الى الوجود بتمام معناها، فغداً يوم المرأة حقاً.

للأسف: كانت المرأة مظلومة في فترتين، ففي الجاهلية لحقها ظلم كثير قبل أن يمنّ الإسلام على الإنسان وينقذ المرأة من الظلم الذي كانت تعانيه، حيث كان التعامل معها لا يختلف عن التعامل مع الحيوانات، وربما أسوأ.

كانت المرأة مظلومة في الجاهلية، فجاء الإسلام وانتشلها من مستنقع الجاهلية.

وفي بلادنا: ظُلمت المرأة ثانيةً خلال فترة حكم "رضا خان" وابنه، إذ ظلموا المرأة تحت شعار المطالبة بتحريرها.

لقد ألحقوا بالمرأة ظلماً فادحاً.. جرّدوها من عزّها وشرفها.. حوّلوها الى سلعة بعد تلك المكانة المعنوية التي كانت تنعم بها، كل ذلك كان يتم باسم الحرية: باسم "تحرير النساء والرجال".. سلبوا الحرية من المرأة والرجل، وأفسدوا أخلاق النساء، وأفسدوا شبابنا.

كان الشاه يرى في المرأة "جمالاً" ومظهراً، كان يقول: "المرأة رقة وجمال"، وطبيعي أنّ ذلك نابع من نظرته الحيوانية، إذ كان ينظر الى المرأة بوحي من نظرته المادية والخباثة الحيوانية التي كان يتصف بها، وهكذا جرّ المرأة من مقام الإنسانية الى مرتبة الحيوان.. أراد أن يوجِد مكانة للمرأة، فأنزلها من مقامها السامي الى مرتبة الحيوانية، وجعلها ألعوبة ودمية، في حين أنّ المرأة إنسانة، بل إنسان عظيم، وهي مربّية للمجتمع، ومن أحضان المرأة يولَد الرجال.. الرجل والمرأة الصالحين يولَدان أوّلاً في أحضان المرأة، فبتربيتها الصالحة تصنع الإنسان وتعمّر البلاد.

إنّ أحضان المرأة منطلَق جميع السعادات، ولكن للأسف جعلوا من المرأة ألعوبة. 

لقد ألحق الأب والابن ـ وخاصةً الابن ـ مصائب وأذى بالمرأة لم تلحق مثلها بالرجال.

المرأة مبدأ جميع الخيرات، وقد رأيتم ورأينا كيف كان دور المرأة في هذه النهضة.

إنّ التاريخ يشهد على عظمة المرأة ودورها الريادي، ولكن لماذا التاريخ؟ فنحن أنفسنا شهدنا أية نساء ربّاهن الإسلام، أية نساء ساهمن في هذه النهضة؟ إنّ النساء اللاتي شاركن في النهضة هنّ هذه النسوة المحجبات من أبناء الجنوب وفي قم وبقية المدن، أما أولئك اللواتي رُبّين تربية شاهنشاهية: آريامهرية فلم يتدخلن في هذه النهضة مطلقاً، لقد ربّوهن تربية فاسدة وأبعدوهن عن القيم الإسلامية.

فالنساء المتلقيات تربية إسلامية نزلن الى الشوارع وحملن أرواحهن على الأكفّ وقدن النصر الى النهضة.

إننا نعتبر نهضتنا مدينة للنساء، فالرجال كانوا ينزلون الى الشوارع اقتداءً بالنساء، فهنّ شجّعن الرجال وكنّ دائماً في مقدمة الصفوف.

إنّ مثل هذه المرأة التي تتمكن من تحطيم قوة متمادية شيطانية كانوا قد عملوا في عهد رضا خان ومحمد رضا على جرّها الى التدنّي عن مقامها ومنزلتها، والرجال أيضاً جرّوهم الى الانحطاط، والشباب أيضاً دفعوهم الى التدني والانحطاط، إذ أوجدوا لشبابنا ما شاؤوا من مراكز الفسق والفجور، وباسم التقدم والحضارة جرّوا شبابنا الى الفحشاء.. باسم الحرية سلبونا جميع حرياتنا. 

إنّ الذين أدركوا عصر رضا خان يعون ما أقول، لأنهم شاهدوا بأعينهم الأساليب التي مورست ضدنا وضد نسائنا المحترمات، كذلك يعيه أولئك الذين أدركوا عهد محمد رضا.. لقد فتحوا لافتات خادعة وألفاظاً معسولة، وقادوا بلادنا الى الخراب، والأسوأ من ذلك أنهم عملوا على إفساد شبابنا وحنق طاقاتنا الإنسانية.

كانت المرأة في عهد محمد رضا ورضا بهلوي عنصراً مظلوماً دون أن تدرك ذلك، فلقد مارسوا ظلماً بحقها في عهدَي رضا خان ومحمد رضا لا يُعرف إن كان مورس مثله في الجاهلية. 

إنّ الانحطاط الذي جُرّت إليه النساء في هذا القرن لا يُدرى إن كان عصر الجاهلية قد شهد مثله، في كلتا الفترتين كانت النساء مظلومات: في الجاهلية الأولى جاء الإسلام وأنقذهن من الأسر، وفي عصرنا هذا آمل أن يأخذ الإسلام بأيديهن وينقذهن من مستنقع الذل والظلم أيضاً.

أيتها النسوة المحترمات: كنّ على يقظة وحذر لئلا يضحكوا عليكن، ولا تنخدعن بأحابيل هؤلاء الشياطين اللذين يريدون سوقكن الى التدني والانحطاط، إنهم يخدعونكم، يريدون أن يجعلوا منكم ألعوبة كما كان يفعل الشاه الملعون، فاتجهن الى الإسلام يوفر لكم السعادة.

غداً يوم المرأة: المرأة التي يفخر بها العالَم، يوم المرأة التي وقفت ابنتها (زينب "ع") في وجه الحكومة الطاغية وألقت خطبتها تلك، ونطقت بذلك الكلام الذي نعرفه جميعاً (في وجه الطاغية يزيد)، ابنتها التي وقفت في وجه الطاغية الذي إذا ما نبس الرجال بكلمة قتلهم جميعاً، ووبخته ولم تخف، وبّخت يزيد وأعلمته بأنه ليس إنساناً ولا يليق بالإنسانية.

ينبغي للمرأة أن تتحلى بمثل هذه الشجاعة، وبحمد الله أنّ نساء عصرنا يشتبهن بهذه المرأة: إذ وقفن في وجه الطاغية شاهرات قبضاتهن الحديدية ـ والأطفال على صدورهن ـ وساهمن في النهضة.

نسأل الله أن يخلّصنا من شر الشياطين، وندعوه أن ينقذ شبابنا من شر شياطين الإنس، وأن يكفي سيداتنا وأخواتنا شرّهم.  

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته          

  

كلمة الإمام الخميني في جمع من النساء بمناسبة يوم المرأة: 17/5/1979

بسم الله الرحمن الرحيم

يوم عظيم واجتماع كبير ومكان مبارك، يوم عظيم: يوم مولد الزهراء المرضية، يوم المرأة.. يوم انتصار المرأة.. يوم المرأة المثال.

تحظى المرأة بدور عظيم في المجتمع.. المرأة مظهر تحقق آمال البشرية.. المرأة مربية النساء والرجال المحترمين.. من أحضان المرأة ينطلق الرجل في عروجه، وأحضان المرأة مهد تربية نساء ورجال عظام.

يوم عظيم يوم أطلّت على الدنيا امرأة إزاء كلّ الرجال.. امرأة أطلّت على الدنيا هي مثال الإنسان.. امرأة أطلّت على الدنيا لتجسّد الهوية الإنسانية كاملة.. فهو إذن يوم عظيم يومكن أيتها النساء.

لقد برهنت نساء عصرنا أنهن في الجهاد على قدم المساواة مع الرجال، بل في طليعتهم.

لقد جاهدت نساء إيران جهاداً معنوياً ومادياً عظيماً.. إنّ هذه الطبقة المحترمة من نساء مناطق جنوب طهران وقم وبقية المدن.. هذه السيدات المحجبات.. هذه النسوة اللاتي هنّ مظهر العفاف كنّ في الصفوف الأمامية من النهضة، كما أنهنّ كنّ سبّاقات في الإيثار بأموالهن، إذ قدّمن حليّهن ومجوهراتهن هدية للمستضعفين، والمهم في كل هذا تلك النية الخالصة. 

لقد أنزل الله تبارك وتعالى آيات بحق علي وأهل بيته (ع) لأنهم تصدّقوا بأقراص من الرغيف، ولكن الله سبحانه لم يوح بآياته من أجل أقراص الرغيف، بل لأنها كانت بنيّة صادقة لأنها كانت خالصة لوجه الله: {بسم الله الرحمن الرحيم * ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيرا} الدهر.

إنّ قيمة الأعمال بأبعادها المعنوية، وإنّ قيمة أعمال إخواننا اللاتي ساهمن في أحداث النهضة كانت أعظم من قيمة أفعال الرجال، إذ خرجن بحجاب العفاف من وراء الحجب، وهتفن بصوت واحد مع الرجال وحققن النصر، اليوم أيضاً جئن بنوايا خالصة يقدّمن الى المحرومين ما ادخرنه أيام عمرهن، إنّ لهذا العمل قيمته، ولن يبلغها الأثرياء وإن أعطوا الملايين. 

إنه اجتماع عظيم يضم فئات وشرائح مختلفة ممن لم تتمكن من الاجتماع معاً من قبل، إذ لم يكن يسمح لها الكبت بالالتقاء، ها هم اليوم يجتمعون في مكان واحد، ويلتقي بعضهم بعضاً، يلتقون في مكان مقدّس: في المدرسة الفيضية.. المكان الذي يتدفق منه العلم الى بقية الأقطار، و(الذي) تُبيَّن فيه الأحكام الإلهية، من هنا انطلق العلم الى كل جهة، وفي كل مكان أنبت العلم جهاداً. 

إنّ نساء ورجال مدينة قم مثاليون ونموذجيون في العلم والعمل، وهذا اجتماع الى جوار مرقد السيدة معصومة وفي يوم مولد الصدّيقة الزهراء يتطلع الى توحيد الأمة تحت لواء الإسلام.

أحبائي: احرصوا على هذه اللقاءات.. حافظوا على هذه الوحدة.. إنّ الشياطين لن يكفّوا عن بث الفرقة بين صفوفكم، احرصوا على وحدة كلمتكم.. حافظوا على هذا القيام لله.. ما دام قيامكم لله فأنتم منتصرون.

إنّ هؤلاء الشياطين يسعون تحت مختلف العناوين لبث الفرقة بين صفوفكم، إنهم يخونون الشعب.. يخونون الوطن، ويخونون الإسلام.. احذروهم واسعوا الى إفشال مخططاتهم، إنهم يثيرون الاضطرابات والتمرد بين صفوف أبناء الشعب في مختلف أنحاء البلاد، ويخططون لبث الاختلاف والفرقة، إنهم عملاء للأجنبي.. (هم) أداء لأمريكا لأنهم مبهورون بها، وإنّ الأموال تأتي من وراء الحدود، ويقوم هؤلاء بتوزيعها على العمال ومطالبتهم بالامتناع عن العمل.

أيها العمال المحترمون.. أيها المزارعون الأعزاء.. استمروا في أعمالكم واحرصوا على وحدة الكلمة، فاليوم ينبغي للجميع العمل من أجل الإسلام ومن أجل بلدكم، فجميعكم مكلفون بذلك، وإنّ هؤلاء الذين يحاولون منعكم عن العمل يريدون أن يمهدوا الطريق لعودة أسيادهم، يريدون أن يعودوا بنا الى الذل والخنوع الذي ولّى والى الأبد..

ليحفظكم الله من شر هؤلاء.  

أسأل الله أن ينصر الإسلام والمسلمين وأن ينعم علينا بقدرة التفكير وأن ينعم عليكم بالسعادة والسلامة.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

كلمة الإمام الخميني بمناسبة يوم المرأة بتاريخ 5/5/1980

بسم الله الرحمن الرحيم

إذا كان لابد من يوم للمرأة، فأيّ يوم أسمى وأكثر فخراً من يوم مولد فاطمة الزهراء السعيد؟ المرأة التي هي مفخرة بيت النبوّة وتسطع كالشمس على جبين الإسلام العزيز.                             

المرأة التي تماثل فضائلها فضائل الرسول الأكرم (ص) وآل بيت العصمة  والطهارة غير المتناهية.. المرأة التي يعجز كل من عرفها ومهما كانت نظرته عن إيفائها حقها من المدح والثناء، لأنّ الأحاديث التي وصلتنا عن بيت النبوّة هي على قدر فهم المخاطبين واستيعابهم، فمن غير الممكن صبّ البحر في جرّة، ومهما تحدّث عنها الآخرون فهو على قدر فهمهم ولن يبلغ منزلتها، إذن: فمِن الأَولى أن نمرّ سريعاً من هذا الوادي العجيب ونتناول فضائل المرأة التي أرادت الأقلام المسمومة وأحاديث الخطباء الجهلة خلال نصف القرن الأخير المظلم من عهد بهلوي المنحط أن تجعل من المرأة سلعة، وجرّوا اللاتي كنّ مستعدات للتأثر الى أماكن يعفّ القلم عن ذكرها، ومن أراد الاطلاع على جانب من تلك الجرائم فليرجع الى الصحف والمجلات وأشعار الأوباش والأراذل في عهد رضا خان منذ فترة السفور الإجباري وما تلاها، وليتعرف على مجالس ومراكز ومحافل الفساد في ذلك العصر.. سوّد الله وجوههم، وتحطمت أقلامهم المأجورة..

ولا يُظن أنّ تلك الجرائم التي ارتُكبت باسم تحرير المرأة والرجل كانت بعيدة عن تخطيط وتدبير الناهبين العالميين والمجرمين الدوليين.

إنّ أحد مخططاتهم كان جر الشباب الى مراكز الفحشاء، وقد نجحوا في ذلك، وقد أفرغوا بلدنا من الشبيبة ـ العضو الفاعل في المجتمع ـ وجرّدوا عقولهم من القدرة على التفكير لكي ينهبوا ما يتسنى لهم من ثروات هذا البلد العاجز والمتغرب دون أن يعترض عليهم أحد. 

اليوم وببركة النهضة الإسلامية استعادت المرأة ـ العضو المؤثر في المجتمع ـ الى حدٍ ما مكانتها ومنزلتها، فإذا ما استثنينا العدّة المعدودة من الطبقات المترفة (بقايا العهد المظلم البائد) ممن يرين مكانة المرأة في مظهرها وزينتها وحضورها مجالس اللهو والطرب، ولا يتوانين عن عرض أنفسهن كالسلع، وعن تنفيذ مخططات الأجانب.. إذا ما استثنينا هذه الفئة من النساء من أعوان الـcia والسافاك، فإنّ بقية النساء الشجاعات الملتزمات انطلقن في بناء وإعمار إيران العزيزة جنباً الى جنب الرجال الأعزة في ذات الوقت الذي حرصن على بناء أنفسهن بالعلم والثقافة، فانتم اليوم لا تجدون مدينة أو قرية تخلو من الجمعيات الثقافية والتعليمية التي تضم بين صفوفها النساء الملتزمات والمسلمات المكرمات، وإنّ النهضة الإسلامية هي التي أوجدت ببركة الإسلام مثل هذا التحوّل في نفوس أبناء المجتمع من الرجال والنساء بنحو قطعت طريق مئة عام في ليلة واحدة.

وأنت أيها الشعب النبيل: لقد شهدت كيف كانت نساء إيران المحترمات يتسابقن مع الرجال في النزول الى الميدان وتحطيم الصرح الشاهنشاهي المنيع، نحن جميعاً مدينون لنهضتهن ومواقفهن.

واليوم، وبعد دحر القوى الكبرى واستئصال جذورها من هذه الأرض: حان الوقت لأن نخصص يوماً للمرأة وأن نتحدث للعالم وللمجتمعات البشرية بفخر واعتزاز عن المرأة الإيرانية وتقدمها في ظل الجمهورية الإسلامية.

النساء في الجمهورية الإسلامية اليوم يجهدن في بناء أنفسهن وبلدهن جنباً الى جنب الرجال، وهذا هو معنى تحرير المرأة والرجل، لا ذلك الذي كانوا يتحدثون عنه في عهد الشاه المخلوع، حيث كانت ممارساتهم للحرية تتجسد في السجن والاضطهاد والتعذيب والإيذاء.

إنني أوصي النساء بأن ينسين تصرفاتهن في عهد الطاغوت وان يتوجهن لبناء إيران العزيزة التي هي لهن ولأبنائهن بما يليق بها، وسنتخلص إنشاء الله من التبعية بكل صورها بهمّة جميع الطبقات.

إنني أهنئ وأبارك لجميع النساء الملتزمات يوم العشرين من جمادى الآخرة الذي هو يوم مبارك، وأسأل الله تعالى السلامة والسعادة لهن والعظمة للإسلام والمسلمين.

 

 

كلمة الإمام الخميني بمناسبة يوم المرأة بتاريخ 24/4/1981

بسم الله الرحمن الرحيم

أهنئ الشعب الإيراني الشريف وأبارك له ـ لا سيما النساء المكرمات ـ يوم المولد السعيد للصدّيقة الطاهرة، وهو جدير بأن يُتخذ يوماً للمرأة.

لقد وقعت هذه الولادة السعيدة في عصر وبيئة لم يكن يُنظر الى المرأة كإنسانة، بل كان وجودها مدعاة لشعور أسرتها بالضعة أمام الأُسَر الأخرى في الجاهلية، في مثل هذه البيئة الفاسدة المهولة أخذ نبي الإسلام العظيم بيد المرأة وأنقذها من مستنقع العادات الجاهلية، ويشهد تاريخ الإسلام على الاحترام الكبير الذي أولاه رسول الله (ص) لهذا المولود الشريف لكي يلفت الأنظار الى عظمة المرأة ومكانتها في المجتمع، فالمرأة إن لم تكن أفضل من الرجل فهي ليست بأدنى منه، إذن: فمثل هذا اليوم هو يوم حياة المرأة.. يوم ولادة فخرها وانطلاقة دورها العظيم في المجتمع.                                        

إنني أعتز وأفخر بنساء إيران، وما حصل لهن من تحوّل مكّنهن من إحباط المخطط الشيطاني الذي دام أكثر من خمسين عاماً، والذي تضافرت لتنفيذه جهود المخططين الأجانب وعملائهم الأنذال بدءاً من الشعراء التافهين وانتهاءً بالكتّاب المندسين والأجهزة الإعلامية المأجورة، وبذلك أثبتن للعالم بأنّ النساء المسلمات الكريمات لن يتبعن سبل الضلالة، ولن يتأثرن بأحابيل الغرب والمتغربين المشؤومة. فطوال عمر السلطة البهلوية الغاصبة، وباستثناء شلة من الطاغوتيات المترفات وأذنابهن من السافاكيات والمتملقات الذليلات لم تستطع الأبواق المأجورة والدعايات المضللة من إغواء الطبقات المليونية من النساء الملتزمات ـ اللاتي هن ركن الأمة الإسلامية ـ وإيقاعهن في فخ المبهورين بالغرب، بل قاومن ببسالة طوال الخمسين عاماً المظلمة، وخرجن من هذه المقاومة بوجوه مشرّفة أمام الله والخلق، وفي التحوّل الإلهي الأخير قضين والى الأبد على أحلام ذوي القلوب العمياء الذين كانوا وما زالوا يعتبرون الغرب قِبلتهم.

النصر والعزة للنهضة الإسلامية ولنساء إيران الحرائر، والفخر لهذه الطبقة العظيمة التي ساهمت بحضورها الفاعل والشجاع في ميدان الدفاع عن الوطن الإسلامي وعن القرآن الكريم في تحقيق النصر للثورة، وهي الآن تمارس نشاطها أيضاً في جبهات القتال وخلف الجبهات وتقف على أهبة الاستعداد للتضحية.

رحم الله الأمهات اللاتي دفعن بشبابهن البواسل الى سوح الدفاع عن الحق ويفتخرن بشهادتهم الكريمة.

لعنة الله على تلك الدمى القابعة في القصور الذليلة في الداخل والخارج والتي لا تعرف همّاً غير حياتها الحيوانية المنحطة، ولا تفكر إلا بشهواتها ونزواتها الإفسادية.

لتُقطع تلك الألسن والأيادي المجرمة التي تحاول من خلال أقوالها وكتاباتها القضاء على الجمهورية الإسلامية وجرّ بلدنا العزيز الى أحضان اليمين أو اليسار.

تحية متواصلة للنسوة الملتزمات اللاتي يعملن اليوم في مختلف أرجاء البلاد على تربية الأطفال وتعليم الأميين وتدريس العلوم الإنسانية والثقافة القرآنية الغنية.

سلام الله وثناؤه على النسوة اللاتي نلن في هذه الثورة وفي الدفاع عن الوطن درجة الشهادة السامية، وعلى اللاتي يعملن في المستشفيات والمستوصفات على خدمة المرضى والمعاقين.

والسلام والتحية للأمهات اللاتي قدّمن أبناءهن بكل اعتزاز وافتخار.

مبارك يوم المرأة للنساء الملتزمات في البلدان الإسلامية، وكلّنا أمل في أن يستيقظ المجتمع النسوي من الغفلة والغفوة المصطنعة التي فُرضت عليه من قبَل الناهبين، وأن ينهض لنجدة المخدوعين والأخذ بيد المرأة على طريق تحقيق مكانتها السامية، وكلّنا أمل في أن تتعظ وتعتبر نساء العالم الإسلامي من التحول المعجز الذي تحقق لنساء إيران ببركة الثورة الإسلامية العظيمة، وان يسعين الى إصلاح مجتمعاتهن وقيادة بلدانهن الى الحرية والاستقلال.

رحمة الله تعالى وبركاته على نساء الإسلام وإيران العزيزة الموقرات.

والسلام على عباد الله الصالحين من المؤمنين والمؤمنات.

  

كلمة الإمام الخميني بمناسبة يوم المرأة بتاريخ 14/4/1982

بسم الله الرحمن الرحيم

أبارك للشعب الإيراني العظيم، لا سيما النساء المعظمات، يوم المرأة المبارك، إنه يوم شريف للعنصر المتلألئ الذي هو أساس الفضائل الإنسانية والقيم السامية لخليفة الله في الأرض.

وما هو أكثر بركة وأعظم قيمة من هذا الاختيار الموفق للعشرين من جمادى الآخرة، حيث ذكرى مولد المرأة الإنسانة التي هي من معجزات التاريخ ومن مفاخر عالم الوجود.. المرأة التي ربّت في حجرة صغيرة وبيت متواضع أشخاصاً يشعّ نورهم من بسيطة التراب الى عالَم الأفلاك، ومن عالَم المُلك الى الملكوت الأعلى: صلوات الله وسلامه على هذه الحجرة المتواضعة التي تبوأت مركز إشعاع نور العظمة الإلهية ودار تربية خيرة ولد آدم.

يحظى دور النساء في العالم بسمات خاصة، إنّ صلاح وفساد أي مجتمع نابع من صلاح وفساد والنساء فيه، فالمرأة هي الكائن الوحيد الذي بمقدوره أن يمنح المجتمع من أحضانه أفراداً يساق المجتمع (بل المجتمعات) بلطف بركاتهم الى الاستقامة والقيم الإنسانية السامية، كما أنه من الممكن أن يكون العكس أيضاً.

لا شك في أنّ ما لحق الشعب الإيراني العزيز ـ لا سيما نساءه المظلومات ـ على يد النظام الشاهنشاهي طوال الخمسين عاماً المظلمة من تاريخ إيران كان بتخطيط وإعداد مسبق من المجرمين الدوليين، وقد ارتكب رضا خان وابنه المجرم وبوحي من أفكارهم المريضة جرائم فظيعة عديمة النظير أو قليلة النظير في تاريخ هذا البلد.

لقد أدرك المجرمون الذين يرون دوام حياتهم رهن اضطهاد الشعوب وأسرها ـ خاصةً الشعوب الإسلاميةـ  أدركوا في القرون الأخيرة حيث فتح الطريق أمامهم الى البلاد الإسلامية الثرية والغنية بالنفط، (أدركوا) أنّ الفئة المتدينة هي وحدها التي بإمكانها أن تكون شوكة في عيونهم وتحول دون استعمارهم واستغلالهم، ورأوا كيف أنّ سطراً واحداً لفتوى مرجع ديني يحترمه الناس بإمكانه أن يُركع الحكومة البريطانية والبلاط القاجاري القوي، وتنبهوا من خلال أحداث ثورة الدستور ـ المشروطة ـ وما تلاها، الى الدور الذي تنهض به النساء ـ خاصة الطبقة المتوسطة والمحرومة ـ في دفع الرجال للنزول الى معترك الصراع، وتيقنوا بأنه ما دامت هذه العوامل باقية على قوتها فإنّ محاولاتهم ومخططاتهم سوف تؤول الى الفشل، لذلك رأوا من الضروري إضعاف الأسس الدينية ومكانة القيادة الدينية لدى الطبقات المتدينة حتى يتمكنوا من السيطرة على هذه البلدان ونهب ثرواتها الغنية، ومن حينها فكّروا بهذا المخطط وسعوا الى تطبيقه، وقد نجحوا في ذلك، فكان أن وجدوا رضا خان مناسباً لأداء هذا الدور، فعملوا على إيصاله الى السلطة، وعمِل بدوره على محاربة هذه العوامل الثلاثة بكل ما أوتي من قوة.

إنّ الذين شهدوا تلك الفترة يتذكرون ماذا فعل هذا الخائن الضال بمساعدة عملائه خونة الوطن بهذه الطبقات، وأية أساليب لجأوا إليها لحرف السيدات المظلومات وجرّهن الى الفساد والابتذال الرخيص من أجل تطبيق خططهم بوتيرة أسرع.

يكفي أن يلقي الجيل الحاضر ـ الذي لم يدرك تلك الفترة المظلمة ـ نظرة على الكتب والأشعار والكتابات والمسرحيات والصحف والمجلات ومراكز الفحشاء وبيوت القمار ومحلات بيع الخمور ودور السينما التي تستحضر معالم تلك الفترة.. أو أن يسأل ممن شهدوا تلك الفترة عن الظلم والخيانات التي ارتُكبت بحق النساء ـ هذه الطبقة المربية والمعلمة للإنسان ـ تحت شعار المرأة التقدمية. 

لا شك في أنّ الجماهير النسوية المتدينة ـ خصوصاً محرومي المجتمع ـ كانت قد قاومت كل ذلك، بيد أنّ المستعمرين الخونة نجحوا في تنفيذ مخططهم بين أوساط الكثير من الطبقات المترفة التي تعشق اللهو واللعب، والتي جعلت السوق حامية لأسيادهم.

والآن أيضاً، وحيث تم بفضل عناية الله تعالى وجهود الشعب العظيم ـ وخاصةً السيدات المقدامات الشجاعات ـ قطع دابر الظالمين، (لكن) ما زالت هناك أقلية معدودة تواصل أفعالها السفيهة، ونأمل أن يعي هؤلاء أحابيل الشياطين الكبار والصغار وأن ينجوا من كمائن هؤلاء الخونة.

ينبغي لنا اليوم الذي هو يوم المرأة ـ وحقاً إنه يوم المرأة في إيران العزيزة ـ أن نفاخر بنسائنا، فأية مفخرة أسمى من أن تقف حرائرنا في الصفوف الأمامية من النهضة وأن يُظهرن كل هذه المقاومة والصلابة في مواجهة النظام السابق والقوى الكبرى وأذنابها؟ لم يسجّل التاريخ مثل هذه المقاومة والصلابة في مواجهة النظام السابق والقوى الكبرى وأذنابها.. لم يسجّل التاريخ مثل هذه المقاومة والشجاعة حتى من الرجال في أي عصر، إنّ مقاومة النساء المعظمات وتضحياتهن في الحرب المفروضة (حرب النظام العراقي على إيران) تبعث على الإعجاب والتقدير بنحو يعجز البيان عن وصفها.

لقد رأيت طوال سني الحرب مواقف من الأمهات والأخوات والأزواج اللواتي فقدن أعزتهن.. لا أعتقد بوجود نظير لها في أية ثورة أخرى، ومن المواقف التي أضحت لي ذكرى لا أنساها ـ ولو أنّ جميع الموقف هي كذلك ـ هو زواج فتاة شابة من أحد حراس الثورة الأعزاء فقَد كلتا يديه وأصيبت عيناه في الحرب، لقد قالت لي هذه الفتاة الشجاعة بروح سامية مفعمة بالصدق والإخلاص: ما دمت لا أستطيع الذهاب الى الجبهة فلأؤد ديني تجاه الثورة والإسلام بهذا الزواج.     

إنّ عظمة هذا الموقف الروحية وقيمته الإنسانية ونفحاته الإلهية يعجز عن بيانها أو تصويرها أيٌّ من الكتّاب والشعراء والخطباء والرسامين والفنانين والعرفاء والفلاسفة والفقهاء الى غير ذلك.. إنّ تضحية هذه الفتاة العظيمة وتديّنها ومعنوياتها يعجز أي فرد عن تقويمها بالمعايير السائدة.

إنّ هذا اليوم المبارك هو يوم هذه المرأة وأمثالها من النساء اللاتي حفظهن الله تبارك وتعالى من أجل الإسلام وإيران وعظمتهما.

وهنا أود أن أتقدم بنصيحة أبوية خالصة الى السيدات الشابات اللاتي التحق أزواجهن بالرفيق الأعلى بأن لا يعزفن عن الزواج هذه السنّة الإلهية القيمة، فإنهن بزواجهن يخلّدن ذكريات المقاومة والتضحية أيضاً، وعليهن أن لا يصغين الى وساوس بعض من لا يعيرون أهمية لصلاحهن وفسادهن.

كذلك أذكّر حراس الثورة والجنود والشباب الأعزة بأنّ الزواج من هاتيك السيدات يعدّ مغنماً، وانهم باختيارهم لأزواج بهذه الدرجة من الشرف يزيدون حياتهم سمواً وشرفاً، وليكن الله ناصركم وعونكم.   

تحية وسلام لا حدود لهما على النسوة الملتزمات: هذه العناصر الغالية والمقاومة..

مبارك على الجميع يوم المرأة الأغر، وكان الله في عون هذا البلد العزيز وناصر الجميع ونصيرهم.

 

 

كلمة الإمام الخميني بمناسبة يوم المرأة بتاريخ 12/3/1985

بسم الله الرحمن الرحيم

بحمد الله، فقد خطت النساء الإيرانيات في هذا اليوم المبارك ـ يوم المرأة المعظم ـ خطوات عظيمة على طريق الإسلام وعلى طريق إنقاذ أنفسهن من القيود التي قيّدوهن بها، وأنا أنتهز الفرصة لأبارك لجميع النساء ـ لا سيما الحاضرات ـ هذا اليوم المبارك، وأرجو أن يوفقكن الله سبحانه في مواصلة التزامكن وخدمة هذا البلد الذي دمّره الطغاة الظلَمة مثلما كان لكنّ دور في جميع الأمور المتعلقة بالإسلام قبل هذه الثورة وخلال أحداثها وفي الفترة التي أعقبت انتصارها.

لقد ضيّعوا حقوقكن وحقوق الجميع، كانوا يريدون أن يمحونا من الوجود، كانوا يريدون أن يجروا شبابنا الى الفساد وأن يسوقوا نساءنا خلافاً للمسير الذي ينبغي أن يسرن فيه، ولكن الله تبارك وتعالى منّ علينا جميعاً بنصره وتوفيقه لأن نواصل طريقنا حتى الآن، ونحن نعتبر أنّ الكثير من النجاحات التي تحققت رهن خدماتكن أيتها النساء، إنكن فضلاً عن نشاطكن تضاعفن من عزم الرجال ونشاطهم، وأنتن اللاتي تحملتن صنوف التعذيب الروحي والآلام في زمن الطاغوت، وبفضل التزامكن ومقاومتكن تمكنتن بحمد الله من دحر القوى الشيطانية ومحوها من ساحة الوجود، ولم تسمحن بتحقيق تلك الأحلام التي كانت تعشعش في رؤوسهم، ويعلم الله لو لم تكن هذه النهضة ولم تكن تضحيات الشعب الإيراني من نساء ورجال وشباب وشيوخ وكبار وصغار.. لكان هذا الشعب قد فقد كل شيء.

وأنتن أيتها النساء قد تعذبتن وعانيتن وصمدتن في جميع المراحل وأديتن دوركن في جميع المجالات الثقافية والاقتصادية، إذ أنّ شريحة كبيرة من النساء تعمل في الزراعة، وأخرى تمارس نشاطها في المجال الصناعي، وثالثة في مجال الثقافة والأدب والعلم والفن، وإنّ جهودهن كافة مشكورة عند الله تبارك وتعالى وموضع عنايته ولطفه إنشاء الله، وما دمتن أنتن أيتها النساء محافظات على هذا الالتزام فإنّ الله تبارك وتعالى ناصركن.

أيتها النساء: اجهدن في تهذيب أخلاقكن وفي دفع من تلتقين به الى تهذيب أخلاقه.. احرصن على أن تصدر منكن ردود فعل تجاه هذه الجرائم التي لحقت بكن.. اجهدن في الحفاظ على هذه المنزلة التي هي منزلة المرأة المتسامية، والاقتداء بالمرأة الفريدة السيدة فاطمة الزهراء.. ينبغي للجميع الاقتداء بهذه المرأة القدوة، وينبغي لنا جميعاً استقاء أحكامنا الإسلامية من هذه الشخصية الفذة ومن أبنائها.. احرصن لأن تظهرن بالصورة التي كانت عليها الصدّيقة الزهراء، واجهدن في كسب العلم والتقوى، لأنّ العلم لا يقتصر على أحد، بل هو ملك الجميع، كما أنّ التقوى ملك الجميع، وطلب العلم والتقوى وظيفتنا جميعاً، وأنا أرجو أن تتعاون الأجهزة الحكومية معكن وأن تضع في متناول أيديكن جميع الوسائل اللازمة لإغناء ثقافتكن، وآمل أن تكون موفقات ومسددات في جميع المجالات.

وكما أوقفت نساء إيران أرواحهن وشبابهن وأوقاتهن لخدمة الإسلام وحققن للإسلام كل هذا الذي نرفل به.. أرجو أن تتواصل مساعيهن هذه أكثر فأكثر، وكنّ على ثقة ما دمتن متواجدات في الساحة وملتزمات بالإسلام وتربين الشباب وتضحين بهن، فإنّ الإسلام بخير وماضٍ في طريقه لقطع أيدي أعداء الدين عن هذا البلد وجميع البلدان الإسلامية.

آمل أن تقتدي النساء المسلمات أينما كنّ بكنّ أيتها العزيزات اللاتي لا تألين جهداً في رفع مكانة المرأة وتلافي الظلم والحيف الذي لحقها في النظام البائد.

أسأل الله أن يوفقكن جميعاً لخدمة الإسلام وأن يحفظ لكنّ دينكنّ ودنياكن، وبطبيعة الحال ينبغي أن تلتفتن الى أنّ الحجاب الذي سنّه الإسلام هو من أجل الحفاظ على مكانتكن ومنزلتكن.. إنّ كل ما سنّه الله تبارك وتعالى وأمَر به سواء للمرأة أو الرجل هو من أجل الإبقاء على القيم والمثل الحقيقية التي يتمتع بها كلٌّ منهما، والتي كان من الممكن أن تضيّع بوحي من الوساوس الشيطانية أو بأيدي الاستعمار الفاسدة وعملائه وأذنابه لولا حفظ الله وجهود المخلصين ولولا وعي تلك المؤامرات.

أسأل الله سبحانه أن يوفقنا جميعاً لخدمة الإسلام وهذا الشعب.

والسلام عليكم ورحمة الله

 

 

كلمة الإمام الخميني بمناسبة يوم المرأة بتاريخ 2/3/1986

بسم الله الرحمن الرحيم

أبارك لكنّ جميعاً أيتها السيدات وجميع نساء البلدان الإسلامية.. العيد السعيد: عيد ميلاد المولود الأعظم السيدة فاطمة الزهراء، وأرجو أن تقتفي النساء المكرمات قاطبةً الطريق الذي اختطه الله تبارك وتعالى للمرأة المسلمة وأن يحققن الأهداف الإسلامية السامية.. إنه لمفخرة كبرى أن اختاروا يوم مولد الصدّيقة الزهراء يوماً للمرأة.. إنه لمفخرة ومسؤولية.

أراني قاصراً في الحديث عن الصدّيقة الزهراء، لذا سأكتفي بذِكر حديث نقَله الكافي الشريف بسند معتبر جاء فيه أنّ الإمام الصادق (ع) قال: "عاشت فاطمة بعد أبيها خمسة وسبعين يوماً قضتها في حزنٍ وألم، وخلال هذه الفترة زارها جبرائيل الأمين وعزّاها بمصابها وأخبرها ببعض ما سيحدث بعد أبيها".

يشير ظاهر الرواية الى أنّ جبرائيل تردد عليها كثيراً خلال هذه الخمسة والسبعين يوماً، ولا أعتقد أنّ مثل هذا قد ورَد بحقّ أحد غير الطبقة الأولى من الأنبياء العظام، فعلى مدى خمسة وسبعين يوماً أتاها جبرائيل وأخبرها بما سيحصل لها وما سيلحق بذريتها فيما بعد، وكتَب أمير المؤمنين ذلك، فهو كاتِب الوحي، فكما أنه كان كاتب وحي رسول الله ـ وطبيعي أنّ الوحي بمعنى نزول الأحكام كان قد انتهى بوفاة الرسول الأعظم (ص) ـ كان كاتب وحي الصدّيقة الطاهرة خلال هذه الخمسة والسبعين يوماً أيضاً.

إنّ موضوع مواردة جبرائيل على شخص ما ليس بالموضوع الاعتيادي، فلا يتبادر الى الأذهان أنّ جبرائيل يتوارد أي شخص، إنّ مثل هذا يستلزم تناسباً بين روح هذا الشخص ومقام جبرائيل (الروح الأعظم) سواء آمنا بأنّ هذا التنزيل على هذا النبي أو ذلك الولي يتم عن طريق الروح الأعظم يأتي به الى المرتبة الدنيا، أو أنّ الله تعالى هو الذي يأمره بالنزول وتبليغ ما يؤمر به، سواء قلنا بذلك الذي يؤمن به بعض أهل النظر أو قبِلنا هذا الذي يردده بعض أهل الظاهر، فما لم يوجد تناسب بين روح الشخص وجبرائيل الذي هو الروح الأعظم، فإنّ هذه المواردة لن تتحقق، وإذا ما كان هذا المعنى وهذا التناسب متحققاً بين جبرائيل (الذي هو الروح الأعظم) وأنبياء أولي العزم كرسول الله وعيسى وموسى وإبراهيم وغيرهم (عليهم السلام)، فهو لا يتوافر لأي شخص، كما أنه لن يتحقق بعد الصدّيقة الزهراء لأي أحد، حتى بالنسبة للأئمة: لم أجد ما يشير الى توارد جبرائيل بهذا النحو لأي واحد منهم، بل الذي رأيته أنّ جبرائيل تردد كثيراً على فاطمة الزهراء خلال الخمسة والسبعين يوماً هذه، وقد أخبرها بما سيحدث لذريّتها من بعدها، وكان أمير المؤمنين (ع) يكتب ذلك، ولعلّ من الأمور التي ذكَرها أمر صاحب الزمان، وربما كانت أحداث إيران ضمن تلك الأمور، نحن لا نعلم.. ربما كان ذلك.

على أية حال: إنني أعتبر هذا الشرف وهذه الفضيلة أسمى من جميع الفضائل التي ذُكرت للزهراء رغم عظَمتها كلّها، وهي لم تتحقق لأحد سوى الأنبياء، بل الطبقة السامية منهم، وبعض مَن هم بمنزلتهم من الأولياء، ولم يتحقق لأحد بعدهم مثل هذا، وهو من الفضائل التي اختصت بالصدّيقة فاطمة الزهراء.    

يجب أن تفخرن أيتها النساء بأن جعلوا من هذا اليوم يوماً للمرأة، ولابد لكم من تحمّل أعباء مسؤوليته، فإذا ما اقتنعتن بأن يكون العشرين من جمادى الآخرة (يوم مولد الصديقة فاطمة الزهراء) يوماً للمرأة، فإنّ ذلك يلقي على عاتقكن مسؤوليات كثيرة، فإذا ما أقرّ شعب ما يوماً للجهاد، فإنّ قبوله هذا يحتّم عليه التحلّي بالجهاد في ذلك اليوم، وإذا امتنع أحد عن ذلك فهذا يعني أنه لم يقبل ذلك اليوم يوماً للجهاد، وإذا ما آمنت أمة بأن يكون اليوم الفلاني يوماً للحرب وقبِل أبناؤها ذلك، فإنّ كل من يتخلف عن ذلك يعمل خلافاً لواجبه الإنساني، وعليه فإذا ما اقتنعتن أنتن أيتها النساء وقبلتن بأن يكون مولد الصدّيقة الزهراء ـ بما تتسم به من كمالات ومنزلة ـ يوماً للمرأة، فهذا يعني استعدادكن لتحمل أعباء المسؤوليات العظيمة التي اضطلعت بها الصدّيقة الزهراء، ومنها مسؤولية الجهاد، فالصدّيقة الزهراء جاهدت خلال هذه الفترة الوجيزة على قدر استطاعتها.. ولابد لكنّ من الاقتداء بسيرتها لكي تترجمن إيمانكن بيوم مولدها يوماً للمرأة، أي أن يتجلى يوم مولد فاطمة الزهراء يوماً للمرأة حقاً.. وينبغي الاقتداء بزهدها وتقواها وعفافها وجميع الخصال التي اتصفت بها.. يجب اتباع سيرتها إذا ما آمنتن بهذا اليوم، أما إذا تقاعستن عن اتباعها فيجب أن تعلمن أنّكن لم تعشن يوم المرأة.. إنكنّ وأيّ شخص آخر لن تدخلوا في يوم المرأة ولن تنالوا هذا الشرف ما لم تؤمنوا بهذا الأمر، وأنا آمل أن تؤمنّ بذلك وأن تجاهدن من أجل هذه المسؤوليات التي تتحملن أعباءها: سواء في ميدان اكتساب العلم [الذي هو أمر مهم] أو في ميدان الدفاع عن الإسلام، فهذه أمور واجبة على كل رجل وامرأة.. صغيراً وكبيراً.

الدفاع عن الإسلام وعن البلد الإسلام واجب لا يختلف فيه أحد من علماء الإسلام ومن المسلمين، إنّ ما هو موضوع جدل ونقاش هو موضوع الجهاد الابتدائي، وهو غير واجب على المرأة، أما الدفاع عن حريمها.. عن وطنها.. عن حياتها.. عن مالها.. وعن الإسلام.. فهو واجب على الجميع.

وإذا ما أصبح الدفاع واجباً على الجميع، فمن الطبيعي أن تتضافر الجهود لتوفير مستلزماته التي من جملتها إقامة دورات التدريب العسكري وتعليم أنواع الفنون العسكرية لمن يتيسر له ذلك، فلا يكون الأمر بهذه الصورة، وهي أنه يتحتم علينا الدفاع ولكننا لا نعرف كيف ندافع، بل لابد من تعلّم أساليب الدفاع، وبطبيعة الحال يجب أن يكون المحيط الذي تتدربن فيه على فنون القتال محيطاً سليماً، أي أن يكون محيطاً إسلامياً يحافَظ فيه على العفاف من جميع الجوانب وتتوفر فيه الشؤون الإسلامية.    

لقد كانت النساء في الجمهورية الإسلامية سبّاقات في تحمّل أعباء المسؤولية: كما هو الحال في مختلف الأحداث التي شهدتها إيران خلال تاريخها الحديث، فلقد كنّ سبّاقات في نهضة "التنباكو" وفي الحركة الدستورية، وفي الأحداث التي تشهدها البلاد في الظرف الراهن، حيث تساهم المرأة بدور كبير، بل ينبغي القول أنّ دورها مضاعف، فلو افترضنا أنّ مجموعة من النساء اتجهن الى ساحة المعركة للقتال، فهنّ في هذه الحال [فضلاً عن تحمّل أعباء القتال] يضاعفن من عزيمة الرجال، إذ أنّ للرجال تجاههن إحساساً خاصاً، فالرجل قد لا ينفعل كثيراً حتى لو رأى أمامه مئة شخص يُقتلون، ولكنه قد يبدي رد فعل سريع إذا ما رأى امرأة تتصرف تصرفاً لا يليق [وإن كانت تلك المرأة أجنبية ولا يعنيه شأنها]، إنّ مثل هذه الحساسية موجودة لدى الرجال، وعليه: فإنّ حرصكن على التواجد في الطليعة في جميع القضايا [بما فيها قضية الدفاع والجهاد وتقديم الدعم الى الجبهات] سيزيد من عزم الرجال ويدفعهم للإقدام والتحلّي بالشجاعة اللازمة للنزول الى ساحة المعركة. 

إننا اليوم نعيش مثل هذا الظرف، إذ نقف في مواجهة هذا الكمّ الهائل من الهجوم الإعلامي العالمي الرهيب، ولكننا بحمد الله منتصرون في كلتا الجبهتين، وأيّد الله شبابنا الذين يصنعون الملاحم الباهرة، ويجب علينا شكرهم جميعاً، فهم اليوم يد واحدة دون فرق بين الجيش والحرس، إنّ الجميع من الجيش وحرس الثورة وقوات التعبئة وقوى الأمن (الداخلي)  يعملون على دحر القوى الفاسدة وإجبارها على التقهقر، وإنّ جميع هؤلاء بحمد الله في كل الجبهات التي يتواجدون فيها كانوا منتصرين كما سمعتم وشاهدتم، وفي الجانب الآخر: فإنّ هزيمة صدّام واضحة من خلال منحه أنواط الشجاعة لجنوده، ففي تحرير "خرمشهر" لو تتذكرون: منحوا تلك الأنواط رغم تقهقرهم واضطرارهم الى الانسحاب، وفي قضية "الفاو" أيضاً، فعلى الرغم من أنّ العالَم مقتنع تماماً بما حدث هناك، إلا أني سمعت أنهم منحوا أنواط الشجاعة! وأنّ أبواقهم تذكر عكس الواقع أحياناً، ومن هذا يظهر أنّ على صدّام أن يمنح أنواط شجاعة كثيرة في هذه الأيام (نظراً) للهزائم المتتالية التي يمنى بها جنوده كل يوم. 

لابد لكنّ أيتها النساء من الالتفات الى هذا المعنى، وهو (أنه) مثلما يجب على الرجال في الجبهات أن يكونوا سبّاقين في مقاتلة العدو، فعليكن أنتنّ أيضاً خلف الجبهات أن تقدّمن أنواع الدعم، وأن تتأهبنّ ليوم يصبح فيه ـ لا سمح الله ـ الدفاع العام واجباً علينا جميعاً ممن يمتلكون القوة والقدرة دون استثناء، فلابد من الاستعداد للدفاع، وبطبيعة الحال: إنّ خندق العلم خندق دفاع أيضاً.. دفاع عن ثقافة الإسلام، فكما تعلمون أنّ الثقافة الإسلامية كانت مظلومة في القرون الأخيرة، بل منذ وفاة الرسول الأكرم وحتى عصرنا الحاضر، كانت الثقافة الإسلامية مظلومة.. كانت أحكام الإسلام مظلومة.. فلابد من إحياء هذه الثقافة، ومثلما ينشغل السادة الرجال في الجبهة العلمية والثقافية، فعليكنّ أنتنّ أيضاً الانشغال بهذه الجبهة،  وآمل أن يمنّ الله على الجميع بتوفيقه لمواصلة التقدّم في هذا الخندق أيضاً، وأسأل الله أن يمنّ بالنصر الدائم على المرابطين في الجبهات والمنشغلين بالدفاع عن بلادهم وعن الإسلام، وأسأله سبحانه أن يمنّ بالتأييد والتوفيق والسلامة عليكم جميعاً.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net