متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
النصوص الكاملة لخطابات حول دور المرأة والأسرة في تربية الأجيال
الكتاب : مكانة المرأة في فكر الإمام الخميني    |    القسم : مكتبة المرأة

النصوص الكاملة لخطابات حول دور المرأة والأسرة في تربية الأجيال

 

حديث حول دور الأم الحساس في تربية الأبناء وإصلاح المجتمع: 13/5/1979

بسم الله الرحمن الرحيم

إنّ‍كنّ أيتها النساء تحظين بشرف الأمومة، وإنّكنّ بهذا الشرف مقدَّمات على الرجال، إنّكنّ تتعهدن مسؤولية تربية الأطفال في أحضانكن، إنّ أول مدرسة يتعلم فيها الطفل هي حضن الأم، فالأم الصالحة تربّي طفلاً صالحاً، أما إذا كانت الأم منحرفة ـ لا سمح الله ـ فسوف ينشأ الطفل في أحضانها منحرفاً.

بما أنّ العلاقة التي تربط الأطفال بالأم دونها أية علاقة أخرى، وما دام الأطفال بأحضان الأم، فإنّ كل ما يفكرون به وكل ما يتطلعون إليه يتلخص في الأم، وينظرون إليه من خلال الأم.

لأنّ كلام الأم وخُلقها وأفعالها تترك تأثيرها في الأطفال، لا شك أنّ حضن الأم ـ الذي هو مدرسة الطفل الأولى ـ إذا ما كان طاهراً مهذباً، فإنّ الطفل ينشأ ويترعرع في سنينه الأولى على تلك الأخلاق الحميدة وعلى هذا التهذيب والعمل الصالح، فإذا ما رأى الطفل في حضن أمه الأخلاق الحسنة والأفعال الصالحة والكلام المهذب، فسوف ينشأ على تلك الأخلاق والفعال بوحي من تقليده لأمه التي هي أسمى مَن يقلّد، وبذلك يتربى بتحريض من الأم الذي هو أكثر تأثيراً من أي تحريض آخر.

فعلى عاتقكن تقع هذه المسؤولية العظيمة: مسؤولية تربية أبنائكن، إنّ نفوس هؤلاء الأطفال تتأثر بالتربية سريعاً، وتتقبل الحَسن والقبيح بقوة، وأنتن المسؤول الأول عن أفعال الأطفال وتصرفاتهم، إنهم يترعرعون في أحضانكن.

إنّ طفلاً صالحاً يتربى في أحضانكن من الممكن أن يُسعد شعباً كاملاً.. وكذا لو تربّى في أحضانكن طفل سيء ـ لا سمح الله ـ، فمن الممكن أن يُفسد مجتمعاً، لا تتصوروا أنه طفل، فإنه قد ينزل إلى المجتمع ويحتل الصدارة فيه، وبالتالي يسوق المجتمع إلى الفساد لو كان فاسداً، ولا يقتصر فساده على نهب ثرواتنا وتقديم إيران بكلتا يديه إلى الآخرين ومنحهم كل ما كنا نملك، بل الأسوأ من هذا: إنه عمل على إفساد طبقات هذا الشعب وخَلق منهم سرّاقاً وأشراراً، لدرجة أنه إذا ما أردنا العثور على فرد سالم، فعلينا أن نحمل سراجاً ونبحث عنه، علّنا نجد رجلاً أميناً ومخلصاً لا يخون بلاده، وأمثال هؤلاء قليلون، لماذا؟ لأن الذين كانوا على رأس السلطة في هذه البلاد أكثر من خمسين عاماً فعلوا من الأفعال السيئة ما حلا لهم، وقد انتقل انحرافهم إلى المحيطين بهم، وبذلك امتد الفساد من الرؤوس إلى الطبقات السفلى، فأفسدوا كل شيء.

إننا في بلادنا لا نستطيع أن نعثر على أفراد صالحين مهذبين، إنه قحط الرجال، ولم يحصل هذا إلا لأن أولئك ألحقوا خلال هذه الفترة أضراراً كبيرة بطاقاتنا الإنسانية وبثرواتنا الوطنية والطبيعية.. بل سرقوا كل شيء، فإذا ما كان الشخص الذي يقف على رأس السلطة مهذباً صالحاً، فإنّ المحيطين به سيكونون صالحين أيضاً، ويسري صلاحهم إلى الطبقات التي دونهم، فنحن نرى أحياناً إذا ما حكم سلطان عادل عشرين عاماً: أنشأ مملكة عادلة.

ونحن اليوم ننادي بالجمهورية الإسلامية، لأنّ الإسلام يربّي إنساناً مهذّباً، القرآن كتاب يربّي الإنسان، الأنبياء بُعثوا لتربية الإنسان، ولم يكن لديهم عمل آخر غير هذا، فطوال فترة حياتهم كان الأنبياء العظام والأئمة الأطهار يعملون من أجل تربية الناس، وقد بعث الله تبارك وتعالى الأنبياء من أجل تهذيب الناس وإصلاحهم، فإذا ما صلح الأفراد، وكان الشخص الذي يتولى قيادة المجتمع صالحاً، وكان عالِم الدين صالحاً، فمن الطبيعي أن يصلح المجتمع، لأن الجميع يقتدي بهم، وأينما كانت حكومة صالحة: يصلح الناس أيضاً لأنهم يتأثرون بها، ومثل هذا أيضاً ينبغي أن يبدأ من أحضانكن أيتها السيدات، ففي أحضانكن يجب أن يتربى الأطفال تربية إسلامية سليمة، لأنّ الطفل ينشأ في أحضانكن، ويبقى ملازماً لكنّ، ونظره وسمعه مشدود إليكنّ، فإذا ما سمعكنّ تكذبن يصبح كذّاباً، فإذا رأى الأم تكذب والأب يكذب: سيكذب هو أيضاً، أما إذا رأى الأم إنسانة سويّة، والأب رجلاً صالحاً: صار هو رجلاً صالحاً. وإذا ما سلّمتموه إلى المدرسة فرداً صالحاً، وكان المعلّم معلّماً صالحاً، فسوف يتخرج من المدرسة صالحاً، وعندها يكون المجتمع صالحاً، وأنتن في المستقبل ستصبحن معلّمات إن شاء الله، وربما ليس جميعكن أمهات، ولكن ستصبحن أمهات إن شاء الله، فتصبحن معلّمات، ففي أمومتكن ينبغي أن تهذّبوا الأطفال، كذلك في ممارستكن للتعليم: عليكن أيضاً أن تعملن على تهذيبهم لترفدن المجتمع بأفراد صالحين، عليكن أن تجعلن من المجتمع مجتمعاً صالحاً، ولو حصل العكس ـ لا سمح الله ـ فإنّكنّ تتحملن النتائج، كما أنّ كل عمل خير يقوم به هؤلاء الأبناء يعود جزء من حسناته إليكنّ، لأنكن أنتن اللاتي كنتن منشأ عمل الخير هذا، كذلك إذا ما منحتن المجتمع شريحة فاسدة ـ لا قدّر الله ـ وراحت هذه الشريحة تعيث فساداً في المجتمع، فإنّ ضرر ذلك سيلحق بكنّ أيضاً.

أسأل الله تبارك وتعالى التوفيق لكنّ جميعاً أيتها السيدات، وأسأله سبحانه سلامتكن وسعادتكن.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

كلمة في جمع من عوائل فضلاء الحوزة العلمية: 26/5/1979

 بسم الله الرحمن الرحيم

{يا أيها النبي حسبك الله ومَن اتّبعك من المؤمنين}.

 يا له من خطاب يبعث على الفخر لدى المؤمنين، يا له من خطاب يحمّل المؤمنين المسؤولية، يبعث على الفخر، لأنّ الله تبارك وتعالى رغم أنه كافٍ وليس لأحد قدرة مقابل قدرته، والجميع عدم مقابل عظمته، رغم ذلك فقد خص المؤمنين ـ والمؤمنات ضمن المؤمنين ـ بهذا الفخر، وهو أن قرَن ذكرهم باسمه المبارك {حسبك الله ومَن اتّبعك من المؤمنين}، رغم أنه جلّ وعلا كافٍ، ولكن منّ بمثل هذا الشرف على المؤمنين بما فيهم المؤمنات، من أنّ الله ومَن اتّبعك يكفونك، يا له من خطاب يبعث على فخرنا نحن المؤمنين، يبعث على فخركن أنتن أيتها المخدّرات، أيتها المؤمنات، حيث قرَن الله تبارك وتعالى اسمكن باسمه.

وكم يحمل هذا الخطاب من المسؤولية.. مسؤولية الاكتفاء بالإسلام، مسؤولية المسلمين في المحافظة على الإسلام، يكفينا نبي الإسلام.. تكفينا أحكام الإسلام وأهدافه، يخاطبنا الله تبارك وتعالى في هذه الآية بأنه ينبغي لكم الاكتفاء بأهداف الإسلام وبشخص الني الأكرم ومن يتصل به (ص).

نحن مكلَّفون بالحفاظ على دين الله، بالمحافظة على الأهداف الإلهية، وإنّكنّ أيتها المؤمنات.. أيتها المخدّرات من بيوت العلماء والفضلاء: أَولى من غيركن بهذا، أنتنّ من بيت النبوّة، وجدير بكنّ المحافظة على أهداف الإسلام، لقد منّ الله تبارك وتعالى علينا بهذا اللطف، بأن نحافظ مع الله عزّ وجلّ على الدين الإسلامي: {حسبك الله ومَن اتّبعك من المؤمنين}.

أيتها النساء المكرّمات: إنّكنّ مسؤولات.. نحن مسؤولون جميعاً.. إنّكنّ مسؤولات عن تربية الأبناء إنّكن مسؤولات عن تربية أبناء متّقين في أحضانكن ورفد المجتمع بهم..

نحن جميعاً مسؤولون عن تربية الأبناء، إلا أنّ الأبناء يتربون في أحضانكن أفضل، وأحضان الأمهات أفضل مدرسة لتربية الأبناء. 

إنكنّ مسؤولات تجاه أبنائكن، كما أنّكنّ مسؤولات تجاه بلدكن، وبمقدوركن أن تربّين أفراداً يعمّرون البلاد.. بإمكانكن تربية أطفال يحفظون ميراث الأنبياء، ويحققون أهدافهم. أنتن أيضاً ينبغي أن تحافظن على ميراث الأنبياء وأن تربّين محافظين له، والمحافظون والحراس هم أبناؤكن، فربّوا مثل هؤلاء الأفراد.

ينبغي أن تكون بيوتكن مدارس يتربّى فيها الأبناء.. منازلكن منازل العلماء.. مهد التربية العلمية والدينية والتهذيب الأخلاقي.

إنّ الاهتمام بمصير هؤلاء الأطفال يقع على عاتق الآباء والأمهات، ومسؤوليات الأمهات أكثر وأكبر شرفاً.. إنّ شرف الأمومة أكبر من شرف الأبوّة، والأم تؤثّر في روحية الطفل أكثر من تأثير الأب.

إنّكنّ مسؤولات.. نحن جميعاً مسؤولون.. الله تبارك وتعالى حمّلنا المسؤولية جميعاً، إذ قال عزّ من قائل: {حسبك الله ومَن اتّبعك من المؤمنين}، فالله تبارك وتعالى جعل المؤمنين بالإسلام والتابعين لرسوله كافين لرسول الله (ص).

إنه تكليف عظيم ملقى على عاتق الجميع.. على عاتق أبناء هذه الأمة التي تتبع الرسول.. يجب أن تكون هذه العلامة: {حسبك الله ومَن اتّبعك من المؤمنين} ظاهرة على جباههم أيضاً: بأن يذودوا عن دين الله، ويحافظوا على الإسلام وعلى القرآن الكريم. 

لا تخيفكم هذه الممارسات الساذجة التي تنفّذها في إيران هذه الفئات غير الإنسانية.. يتصورون أنهم بممارسة الإرهاب يرعبون أبناء هذا الشعب.. إنّ شعبنا لا ترهبه هذه الأعمال أبداً، ولا يمكن اغتيال نهضتنا مطلقاً، إنّ اغتيال الأشخاص لا يعني اغتيال النهضة.

إنّ نهضتنا قائمة، وإن غاب عنها أشخاص أمثال المرحوم مطهّري والسيد هاشمي، وآخرين.. فالله تبارك وتعالى وَمن اتّبع الرسول من المؤمنين كافيان.. الشعب كاف.. وقد وجد شعبنا طريقه.. لا يوجد لدينا أدنى خوف، ونحن لا ترعبنا هذه الاغتيالات مطلقاً، ولن نتراجع عن نهجنا أبداً.. ولن نسمح بتدخل الشرق أو الغرب في شؤون بلادنا أبداً.

ليحفظكن الله أيتها المؤمنات اللاتي كان لكنّ حظ وافر في النهضة الإسلامية، واليوم أيضاً لا تتوانين عن مساعدة المحرومين، وإنّ مساعداتكن هذه لها قيمة كبيرة.. المساعدات التي تقدّمها النساء قيمتها أضعاف قيمة المساعدات التي يقدّمها الرجال.. ليحفظكن الله ويوفقكن لتربية الرجال، فالتربية عمل الأنبياء.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

كلمة في جمع من نساء مدينة دزفول: 11/6/1979

 بسم الله الرحمن الرحيم

أيتها العاملات في حقل التعليم، أنتن تمارسن عملَين نبيلَين.. يقع على عاتقكن عملان شريفان جداً، الأول: تربية أبنائكن، وهو أسمى من جميع الأعمال، فإذا منحتن المجتمع ابناً باراً، فهو بالنسبة لكنّ أفضل من العالَم بأسره.. وبتربيتكن إنساناً تكسبن من الشرف ما أعجز عن وصفه. 

إذن: أحد أعمالكن تربية أبناء صالحين.. يجب أن يتربى في أحضان الأمهات إنسان، وهذا يعني أنّ أولى مراحل التربية تبدأ من أحضان الأم، لأنّ ارتباط الطفل بأمه أكثر من ارتباطه بأي شيء آخر، وليس هناك رابطة أسمى من رابطة الأمومة والبنوّة.. الأطفال يتعلمون من الأم بنحو أفضل من غيرها.. يتأثرون بالأم لدرجة لا يتأثرون مثلها لا بالأب ولا بالمعلّم ولا بالأستاذ، لهذا، ينبغي أن تربّين أطفالكن تربية إسلامية إنسانية، حتى إذا ذهبوا إلى المدرسة كانوا أطفالاً صالحين ذوي أخلاق حميدة وآداب حسنة، وهكذا ينبغي تسليمه إلى المدرسة.

ومن هنا كان المسؤولون في الحكومة الطاغوتية يتطلعون إلى تجريد الأمهات من دورهن في التربية، فقد شنّوا حملة إعلامية لتضليل المرأة وإقناعها بعدم جدوى إنجاب الأطفال، وجهدوا للحط من هذا العمل النبيل في أنظار الأمهات، كي يتخلين عن تربية أطفالهن، فيأخذوهم ويربّوهم في دور الحضانة، وتذهب الأمهات لتنشغل بالأعمال التي يحلو لهؤلاء الانشغال بها. وليس الطفل الذي ينشأ في دار الحضانة كالطفل الذي يترعرع في أحضان الأم العظيمة، بل ينشأ معقّداًَ، فإذا ما أريد للطفل في دار الحضانة أن يتعامل مع الغرباء بعيداً عن الأم، وإذا ما أريد إضعاف محبة الأم وحنانها تجاه ابنها، فإنّ هذا الطفل سوف ينشأ معقّداً. إنّ الكثير من المفاسد التي تحدث في المجتمع تصدر عن هؤلاء الأطفال المعقّدين، إنّ هذا الفصل بين الطفل وأمه هو مصدر عقدة كبيرة، وإنّ حنان الأمومة وعطفها ضروريان للطفل، ومن هنا كانت التربية عمل الأنبياء، فقد بُعثوا لتربية الإنسان، وهي عملكن الأول.. تربية الطفل أولاً.

وبما أنّكنّ تعملن في حقل التعليم، فقد أنيط بكنّ عمل نبيل آخر، وهو بدوره مسؤولية عظيمة، إنّ عملكن هو تربية الإنسان، فالمعلّم يربّي إنساناً، وهو عمل الأنبياء.. الأنبياء جميعاً: من أولهم إلى آخرهم.. لقد كان الرسول الأكرم (ص) معلّم بني الإنسان، ومِن بعده الإمام أمير المؤمنين وأولاده، فهؤلاء معلّمو البشرية، وأنتنّ معلّمات عدّة من البشرية، العمل هو نفسه، إلا أنّ أولئك كانوا يمارسونه على نطاق واسع، ونحن في نطاق ضيّق.

وعليه: إنّ عملكن هذا نبيل أيضاً، بيد أنّ مسؤولية عظيمة جداً ـ مثلما كانت مسؤولية الأنبياء عظيمة جداً ـ.. عظيمة بعظمة بناء الإنسان.. غاية الأمر أنهم أدّوا مسؤولياتهم وأنجزوا المهمات التي أنيطت بهم مسؤولية إنجازها.

وينبغي الالتفات إلى أنّ هؤلاء الأطفال الذين يتربّون بين أيديكن، يجب أن يتلقوا تربية دينية وأخلاقية، فإذا منحتم المجتمع طفلاً متديناً، فإنّ مثل هذا الطفل المتدين الملتزم قد يُصلح مجتمعاً، إنّ فرداً واحداً قد يُصلح مجتمعاً.

وعليه: فإذا منحتن المجتمع طفلاً سيئاً ـ لا قدّر الله ـ فمن المحتمل أن يفسد هذا الطفل مجتمعاً، وتكنّ أنتن المسؤولات عن ذلك.

عليكن بتربية الطفل تربية صالحة، ولكنّ بذلك من الشرف بمنزلة شرف الأنبياء، واعلمن أنه إذا ما تربّى الأطفال الذين في أحضانكن أو الأطفال الذين تحت رعايتكن تربية سيئة ـ لا سمح الله ـ فقد يفسدون مجتمعاً كاملاً.

ليحفظكن الله ويسعدكن إن شاء الله، ويجعل منكنّ مربّيات جيّدات للفتيات والفتيان الذين سيتربّون بين أيديكن.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

كلمة في جمع من النساء: 16/3/1981

بسم الله الرحمن الرحيم

تحية لكنّ أيتها النساء المعظّمات اللاتي تسعين بنصيحتكن الأخذ بأيدينا إلى الصراط المستقيم. تحية للنساء في مختلف أنحاء البلاد اللاتي كنّ وما زلن في هذه النهضة النبيلة معلّمات الرجال.

لقد سعت الأيادي الأجنبية إلى جرّ هذه الطبقة المحترمة التي بأيديها المقتدرة يتم إعمار البلدان لتجعل منكنّ أيتها النساء ـ اللاتي يقع على عاتقكن إعمار إيران وتربية الرجال ـ دمى بأيدي الألاعيب الفاسدة، وبحمد الله لم تنجح بذلك، كان المخطط أن يجعلوا من هذه الشريحة المؤثّرة ـ التي يتربّى في أحضانها نساء ورجال عظام ـ شريحة غير مسؤولة، بحيث يأخذون الأطفال من أحضانهن ويحملونهم إلى دور الحضانة، فيحرمونهم من حنان الأمومة، ليبعدوهم عن شرف أمهاتهم ورعايتها، لكي لا يتمكنوا من خدمة بلادهم وخدمة الإسلام العزيز.

كانت الخطة تهدف إلى تبديل هذه الشريحة العزيزة التي ينبغي لها بناء المجتمع، إلى شريحة مفسدة للمجتمع: من خلال مؤامرة السفور المفضوحة التي سعى إلى تنفيذها الشقي الجاهل رضا خان.. ولم تقتصر هذه المؤامرة عليكن وحدكن أيتها النساء، بل سعت إلى جر الشباب إلى بؤر الفساد، وتربيتهم مثلما يحلو لهم، لكي يكونوا لا مبالين أو مناصرين لكل من يستولي على مقدّرات البلاد.

إذا لم يكن لهذه النهضة والثورة الإسلامية غير هذا التحوّل الذي وُجد بين صفوف النساء وفي أوساط شبابنا، لكان حسبنا أنّ هؤلاء الذين يرفعون عقيرتهم هنا وهناك بأنّ الثورة لم تفعل شيئاً، لا يعيرون أهمية لهذا التحوّل الذي وُجد فيكنّ، لأنه يسيء إليهم.. إنّ القوى الناهبة لا تعتبر ذلك شيئاً يُذكر، وتحاول بإعلامها المضلّل صك الأسماع بأنّ شيئاً لم يحدث.

أي تحوّل أفضل من هذا الذي نشاهده بين صفوف النساء، حيث يقمن مثل هذه التجمعات، ويمارسن نشاطاً أخلاقياً، ويقدّمن خدمات جليلة للمحرومين والمشرّدين، أي تحوّل أفضل من هذا التحوّل؟

لو كان الأمر كما في السابق، لما كانت تجمعات النساء هذه، ولا كانت هذه النشاطات الواسعة التي يمارسها نصف المجتمع الإيراني، وهو يربّي النصف الآخر أيضاً.

إنّ دور المرأة في المجتمع أسمى من دور الرجل، إذ أنّ النساء فضلاً عن نشاطهن في جميع المجالات، يمارسن دورهن في تربية فئات فاعلة في أحضانهن.

إنّ الخدمة التي تؤديها الأم إلى المجتمع أسمى من الخدمة التي يؤديها المعلّم، وأسمى وأعظم من الخدمة التي يقدّمها أي شخص آخر، وهذا ما كان يدعو إليه الأنبياء، إذ أنهم كانوا يتطلعون لأن تحتل المرأة مكانتها بتربية المجتمع ورفده بفتيات وفتيان شجعان، بيد أنّ هؤلاء (معارضو النظام الإسلامي) كانوا يسعون إلى حرمان البلاد من جميع طاقاتها الإسلامية والأخلاقية،

وجرّها إلى مراكز الفساد، وها هم يشهدون اليوم التحاق المرأة بالمجتمع وانهماكها في خدمته، يرون كيف أنّ مخططاتهم للإيقاع بالنساء والرجال قد باءت بالفشل، ولذلك ارتفعت عقيرتهم زاعمين أنّ الثورة لم تحقق شيئاً، وأنّ هذا النظام لم يختلف عن النظام السابق، وأنه لم يختلف الأمر عما كان عليه في عهد رضا خان وابنه.

إنّ مثل هذا الإعلام يتنافى مع ما تشهده النساء في جميع أنحاء البلاد، ومع ما يعيشه الرجال من أقصى البلاد إلى أقصاها.. إنه يتناقض مع هذا التحوّل الذي وُجد في أوساط الناس، وهذه القيَم والمُثل التي أخذت تسود البلدان الإسلامية ـ وبخاصة إيران ـ.. ففي السابق كانت مكانة المرأة ومنزلتها تنحصر في الماكياج الفاضح واللباس الكذائي والقصر الفلاني. ولكن بعد هذا التحوّل الذي شهدته المرأة في إيران: صار يُنظر بازدراء لتلك النسوة اللاتي لا همّ لهنّ غير التزويق المفضوح والألبسة الفاخرة والتباهي والتنافس، وأصبحن منبوذات في أوساط نسائنا، وبات تصرفهن هذا يبعث على حيائهن وخجلهن.

آنذاك: كانت نساؤنا الإسلاميات يخجلن من الذهاب إلى أوساط الطبقات المترفة الفاسدة باللباس الإسلامي والثياب المحتشمة، أما اليوم فأصبح الأمر معكوساً، إذ أصبحت الفئات التي تولي اهتماماً خاصاً للمظاهر المزيّفة والتافهة.. تشعر بالخجل بين أوساطكن.

إنّ هذا التحوّل هو من أسمى التحولات التي شهِدها مجتمعنا.

حافظن على هذا التحوّل، واحذرن من خداع الأيادي والأقلام والمزاعم الفاسدة التي تريد العودة بكن إلى الأوضاع السابقة، واصلن هذا الطريق ـ وستواصلنه بإذن الله ـ ولا تعرن أهمية إلى الأقاويل والأقلام والمزاعم التي ترتفع هنا وهناك. احرصن على اتخاذ قراراتكن بأنفسكن، ولا تقلّدن الآخرين، واجهدن لتكنّ عناصر نافعة لبلادكن. مارسن دوركن في نصح المسؤولين وهدايتهم، وفي تحمّل أعباء الأمومة. احرصن على أن تكنّ أمهات جيدات للأطفال، وناصحات موفّقات للمجتمع، وعناصر نافعة للمعوزين والمحرومين، وأنتنّ ـ بحمد الله ـ كذلك. إنّكنّ تمارسن دوركن في جميع المجالات من أقصى البلاد إلى أقصاها.. تمارسن دوركنّ في رعاية الأطفال الأيتام، وفي خدمة المحرومين ومواساة المشرّدين والمعوزين.

إنّ خدماتكن هي ذات قيمة كبيرة عند الله تبارك وتعالى.. ليوفّقكنّ الله أيتها النساء وأنتم أيها الرجال وجميع الطبقات ويهديكم للسير في هذا الصراط المستقيم الذي هو بعيد كل البُعد عن الغلّ والخداع وهوى النفس.. ويجب أن تعرفوا جميعاً أنّ هذه المزاعم والأخطاء التي تصدر أحياناً من بعض المسؤولين لا تّذكر لكي تسيء إلى الجمهورية الإسلامية، وأرجو أن تنتهي سريعاً الاختلافات الموجودة بين بعض الفصائل والفئات، سواء على مستوى القيادات أو طبقات الشعب، وأن يتطلع الجميع للسير بهذه البلاد على الصراط المستقيم، وأن يواصلوا مسيرة البناء والإعمار، ويروّجوا الأخلاق الإسلامية الإنسانية في أوساط المجتمع.

وصيتي لجميع فئات الشعب: بدءاً بالنساء، وانتهاءً بالرجال والشباب، أن لا يتصوروا أنّ من واجبهم المساهمة في هذا الاختلاف المثار بشأن بعض القضايا، إنّ الاختلافات الدائرة بين المسؤولين الكبار ستنتهي بإذن الله، وعليكم أن تمتنعوا عن الإدلاء بدلوكم فيها، إنّ خوضكم في هذه الاختلافات يقود إلى عجز المسؤولين عن حل خلافاتهم، ولكن إذا ما كانت جماهير الشعب متضامنة فيما بينها وغير عابئة بالنقاش الدائر على مستوى رجال الدولة، فستتمكن الأخيرة من إسعاد المجتمع، أما اختلاف الكلمة فقد يصبح ـ لا سمح الله ـ سبباً بغياب العناية الإلهية الخاصة التي ظللت نهضتكم، فتبتلي الجماهير بما كانت مبتلاة به سنين طوال.

إذا ما وُجدت هذه الاختلافات بين الفئات، وأضحت سبباً بهزيمتنا ـ لا سمح الله ـ في الحرب، أو في إطالتها، فإنّ وزرها يتحمله أولئك الذين يثيرونها ويعملون على إذكاء التشنج والتوتر في السوق والشارع.

على المسلمين والمؤمنين والمعتقدين بالله تبارك وتعالى ألا يسمحوا للفئات المنحرفة، وهم حثالة من بقايا النظام البائد ومن الأشخاص الفاسدين والمفسدين، بممارسة نشاطاتها التخريبية، وألا يعبأوا بما يردّدونه، لأنهم يريدون جرّكم لأحضان الغرب أو الشرق.. كونوا يقظين، وحاولوا أن تنهوا اختلافاتكم بأنفسكم، وان تنصحوا الآخرين بالكفّ عن الاختلاف.

أرجو الله تبارك وتعالى سعادة الشعوب الإسلامية، وسعادتكن أيتها النساء وجميع المسلمات، وسعادة طبقات الشعب كافة.. أسأل الله سبحانه النصر لجيوش الإسلام والقوات الإسلامية المسلحة على قوى الكفر.. أدعو الله أن يمنّ عليكنّ بالسعادة ويوفّقكن لخدمة أبناء نوعكن.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 أتباع المنظمات المنحرفة.

  يقصد المرحوم السيد أحمد.

  يقصد ابنه المرحوم السيد أحمد.

  يقصد السيد حسين الخميني ابن المرحوم السيد مصطفى الخميني.

  خطاب موجّه إلى ابنه المرحوم السيد مصطفى الخميني.

  يقصد زوجته الفاضلة.

  في مدينة بورساي التركية التي نفي إليها الإمام قبل توجهه إلى نجف الأشرف.

  رضا خان وابنه محمد رضا.

  الأنفال / 64.

  يقصد الشهيد مطهّري الذي اغتالته منظمة الفرقان في 1/5/1979.

  يقصد الشيخ رفسنجاني الذي تعرّض لمحاولة اغتيال عام 79.

 


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net