متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
النصوص الكاملة حول جرائم ومخططات الاستعمار والنظام البهلوي بحق النساء
الكتاب : مكانة المرأة في فكر الإمام الخميني    |    القسم : مكتبة المرأة

النصوص الكاملة حول جرائم ومخططات الاستعمار والنظام البهلوي بحق النساء

 

الكلمة التي أُلقيت في جمع من نساء مدينة مشهد بتاريخ 16/5/1979

 بسم الله الرحمن الرحيم

لابد لي في البدء من تقديم اعتذاري وشكري لكنّ أيتها النساء الجالسات في هذه الشمس الحارقة.

عندما كنت خارج إيران وكذلك فيها، كنت أسمع بهذه النشاطات الغالية لنساء مشهد، وكان ذلك يبعث على فخري واعتزازي بهن. إنني سأختصر حديثي معكن، لأني اعلم مدى المعاناة في هذا الجو الحار.

سأحاول هنا أن أتحدث عن جانب من الممارسات والأفعال التي تؤديها الحكومات أصحاب السلطة، وتخفى حقيقتها على بعضهم. فقد جاء رضا شاه وقام بانقلاب استولى على السلطة. ثم تسلم الحكم من بعده ابنه محمد رضا. ومارس هذان أفعالاً ربما تبدو بعضها للغافلين في الوهلة الأولى أفعالاً ايجابية نافعة. كما أنهم أقدموا على أفعال أخرى باسم الإصلاح والمدنية.. أفعال تبيّن فسادها فيما بعد، كالإصلاح الزراعي الذي افقته في البداية ضجة واسعة؛ كانوا يقولون: "نريد للجميع أن يكونوا سادة أنفسهم.. وإنه لم يعد وجود للأسياد والرعية.. والجميع أصبح أسياداً" ونظير هذا الكلام الذي نشرته الصحف وراحوا يرددونه في وسائل الإعلام لعلّهم يخدعون الناس. ولكن الناس عرفوا الآن حقيقة الأمر، وكنا نعرفه من قبل ذلك.

الآن أدرك الشعب أن الأمر لم يكن أمر إصلاحات، ولا تحرير الفلاحين، ولم تتطلع السلطة إلى إحقاق حقوق الطبقة المحرومة، بل كان هدفها جعل إيران سوقاً لأمريكا، وتدمير الزراعة الإيرانية لتبقى إيران محتاجة إلى أمريكا في كل شيء. ومثل هذا الاحتياج إلى الخارج موجود الآن أيضاً.

كان الحديث يدور عن الإصلاح الزراعي، لكننا أدركنا أنهم دفعوا بالبلاد إلى الفساد. ولنذكر على سبيل المثال موضوع حرية الطبقات.. حرية النساء وحرية الرجال.. أو ما كانوا يطرحونه تحت شعار "تحرير النساء وتحرير الرجال".

لقد رأينا نحن وأنتم الكبت الذي كان في عهد الأب والابن، والذي ربما لم يكن له مثيل على مرّ تاريخ إيران. فلا الرجل حراً ولا المرأة.. الجميع كان في اضطهاد واختناق وعذاب.

فمرّة يحتفلون بأننا ألغينا قانون الكابيتولاسيون ـ لائحة الحصانة القضائية المذلة في عهد رضا خان ـ ومرة كانوا لا يكفون عن الحديث في الصحف ووسائل الإعلام بأن البلاد قد تطورت وتقدمت. ومرة ثالثة يعودون ليكرروا الاحتفال بمناسبة منح الأمريكان الحصانة.. كان كل ذلك تبعاً للقوة. فكل ما يقوم به الأقوى يحيطه الآخرون بهالة من الثناء والتمجيد، وكان المجلس العميل في كل مرة يستقبل هذه المبادرات بسيل من المدح والثناء.

من جملة الأمور التي نفّذت في عهد رضا خان اقتداءً بأتاتورك، موضوع توحيد الزي والسفور الإجباري. فأية ضجة إعلامية أطلقتها أبواقهم الإعلامية، أي إطراء وثناء أضفوا على هذين الموضوعين، وأية أكاذيب وتهم أُلصقت برجل الدين الذي عارض تلك الأمور، وأية أشعار أنشدوها. ربما سمع بعضكم أشعارهم التي يعف اللسان عن ذكرها. ثم رأينا كيف إن موضوع السفور الإجباري لم يكن الهدف من ورائه خدمة النساء، بل كانوا يتطلعون إلى القضاء على هذه الطبقة، بالقوة والاضطهاد والقهر، ومصادرة مآثر هذه النسوة، وتحجيم الخدمات التي ينبغي لها أن تقدمها إلى أبناء الشعب.

أرادوا أن يجردوا نسائنا من مسؤولياتهن القيمة، وأن لا يسمحوا لهن بأداء الخدمة الأصلية التي ينبغي لهن أداؤها في تربية الأطفال الذين سيتسلمون مقاليد البلاد في المستقبل، وأن لا يجد الأطفال في أحضانهن التقوى ولا يتلقوا تربية إسلامية ووطنية. يتحصنون بها إذا انتقلوا إلى المدارس والثانويات، أمام إعلامهم المضلل والأساتذة والمبلغين الذين زرعوهم في هذه الأماكن. فكان مخططهم يهدف إلى عزل النساء والحطّ من منزلتهن الرفيعة السامية، وعلى حد زعمهم تحرير النصف الآخر من المجتمع، وقد رأيتم كيف حرروه!

لقد شاهدت عن كثب ـ ربما أكثركم لا يتذكر ـ ماذا فعل هؤلاء بنساء إيران المكرمات، وأية ضغوط مورست ضدهن.. وبعدها أرادوا أن يحققوا النتيجة التي يبغونها، بتجريدهن من واجبهن الحقيقي، وأن يحولوا بينهن وبين تربية أبنائهن.. ذلك أن النساء إذا ما اتجهن لأعمال أخرى، غير أساسية مثلاً، فإنهن لا ينجحن كما ينبغي.

طبيعي أنه لا مانع من عمل المرأة، ولكن ليس العمل الذي يريده هؤلاء لها. إن هؤلاء لم يهدفوا إلى أن تجد المرأة عملاً لها، بل كان هدفهم الحط من مكانتها، ومكانة الرجل أيضاً، كان هدفهم الحط من مكانة النساء والرجال معاً. فلم يسمحوا بأن تجد طبقة النساء نموها الطبيعي. أو يجد الرجال نموهم الطبيعي. ولم يسمحوا بأن يتربى أطفالنا تربية سليمة، ولذلك وقفوا في وجوه النساء منذ البداية، وحرموا الكثير من الأطفال من أحضان أمهاتهم التي هي مهد التربية، حتى إذا ذهب الأطفال إلى المدارس حرفوهم هناك أيضاً من خلال الإعلام السيئ والمناهج المنحرفة. فإذا انتقلوا إلى الجامعة حال عملاؤهم المتواجدون هناك دون نمو هؤلاء الشباب نمواً طبيعياً سليماً، ولم يسمحوا لهم أن يتربوا علماء صالحين وأفراداً وطنيين وإسلاميين.

إن الأفعال التي مارسها هؤلاء وشهدناها عن كثب، كانت معادية لشعبنا، وضد مصالح بلادنا، من قبيل الكابيتولاسيون، ومسألة الزراعة وغيرها من القضايا. وإن الدافع الأصلي الذي كان وراءها هو إيجاد الانحراف. لم يكن الدافع الإصلاحات، بل عدم السماح للبلد أن يتقدم. ومن ذلك نعلم أن السفور الإجباري الذي عمل على تطبيقه رضا خان تبعاً لتركيا والغرب، وبأمر منه؛ كان يتعارض ومصلحة بلادنا. وقد رأينا أن العنصر الفاعل القادر على أداء أعمال مصيرية، والذي لم يألُ جهداً في هذه النهضة، هو أنتن اللاتي نزلتن إلى الشوارع بهذا المظهر الذي تتواجدن به الآن هنا، وساهمتن في نهضتنا.

أما أولئك اللواتي تربين على أيدي النظام، فإذا ما كان بعضهن قد شارك في هذه النهضة، فإنهن ممن كن على مقربة من نشاطكن. بيد أن الغالبية ممن تربين على أيدي النظام لم تكن تعنيهن هذه الأحداث، مثلما أن بعض الرجال لم يشاركوا في النهضة أصلاً، وقد جاءوا الآن ليقطفوا ثمارها.

إن هذه الطبقة المستضعفة، التي يعتبرها الآخرون ضعيفة ـ وهي بحمد الله قوية ـ الطبقة التي يسميها هؤلاء بالطبقة من الدرجة الثالثة ـ وهي في حقيقة الأمر من الدرجة الأولى، وأولئك هم من طبقة جهنم الثالثة بل السابعة ـ إن هذه الطبقة هي التي كانت تعمل من أجل البلاد، وهي التي حطمت هذا السد الكبير. هذه الطبقة هي التي مهّدت الطريق، والآن بدأ السادة يتقاطرون من أمريكا وأوربا لقطف ثمار الثورة. كذلك بعض النساء ممن لم يكن لهن أي دور في هذه الأحداث بتن أيضاً لا همّ لهن غير تحقيق مصالحهن.

أما أنتن، ورغم كل ما قدّمتن لهذه الثورة، لم تنتظرن منها شيئاً. حفظكن الله ومنّ عليكن بالسعادة. لقد كنتن خادمات للإسلام وكذلك الآن، ولا تنتظر أية منكن ماذا ستجني وماذا سيكون نصيبها. أنتن اللاتي قدّمتن الخدمة اللازمة وسوف تؤدينها في المستقبل أيضاً. أما أولئك الذين يتوقعون "غنائم" من هذه الثورة فهم الذين كانوا بعيدين عن الأحداث ولم يقدّموا حتى قتيلاً واحدا. لقد جاءوا وأحدهم يريد أن يصبح وزيراً، والآخر نائباً والثالث.. وهكذا. إن هذا خيال ساذج يعشعش في رؤوس هؤلاء؛ ومن الأفضل أن يعيدوا النظر في أفعالهم.

إنه لتوقّع بأن يتجرع الآخرون المعاناة، وأنتم ترفلون في الراحة في بيوتكم أو في الخارج، ثم تأتون لتصادون جهود الآخرين. إن أول منْ له حق على هذا الشعب هو هذه المجموعة المتواجدة الآن هنا، وتلك الفئات من نساء مشهد المحترمات وبقية نساء إيران اللاتي تمثلونهن وهكذا الأمر بالنسبة للرجال، فإن طبقة العمال والمزارعين والكسبة، والمحرومين وأمثالهم في الجامعات، هم الذين قادوا هذه النهضة إلى الأمام، وإن انتظارهم من الثورة أقلّ بكثير من انتظار أولئك الذين لم يساهموا فيها.

إن الذين يتوقعون الكثير من الثورة هم الذين لم يؤدوا أي عمل، وقد جاءوا الآن يتطلعون ـ على سبيل المثال ـ إلى أن يصبح احدهم رئيساً للجمهورية وآخر رئيساً للوزراء. لقد كان هؤلاء أبواقاً للنظام وهم الآن بصدد ايجاد عمل ما ليعودوا ثانية إلى البلاد.

الجميع الآن أصبحوا ثوريين. كل واحد يأتيني اليوم يزعم أنه كان مناضلاً. أنا اعلم أنه يكذب عليّ، ولكن ماذا أقول له. يردد عليّ: "لقد كنا مناضلين في ذلك العهد.. دخلنا السجون. يا لها من سجون" إلى غير ذلك من الترهات، ويتصور أني لا علم لي بذلك. لقد كان معظمكم يؤدي أعمالاً للنظام البائد، وقد جئتم الآن وأصبحتم ثوريين. كلا، أنتم لم ولن تكونوا ثوريين، إنكم من أولئك الذين إذا ما حدث حادث ـ لا سمح الله ـ أو حصلت انتكاسة، يسارع للوقوف في الصفوف الأمامية ويهتف: يعيش فلان. إننا نعرفكم. حاولوا إصلاح أنفسكم. انتبهوا إلى أنفسكم قليلاً.

ينبغي للحكومة أن تحرص على خدمة الطبقة العمالية وطبقة الموظفين اللتين هما من الطبقات الفقيرة التي تعتبرونها وضيعة، وهي أسمى منكم جميعاً وذات منزلة سامية. أنتم الذين تمتلكون الألوف ولديكم أرصدة في (البنوك) المحلية والخارجية، ولديكم الشركات والتجارة، ماذا فعلتم؟ صحيح أن هؤلاء لا يملكون شيئاً، إلاّ أن دورهم في هذه النهضة كان مصيرياً. يعلم الله أيّ إحساس انتابني ذلك اليوم الذي رأيت في التلفزيون لقطات تصور سكنة بيوت الصفيح في طهران، وقد سُئل أحدهم:ماذا تفعل؟ قال: نحن نخرج كل صباح مع أطفالنا إلى التظاهرات.

فسكان هذه البيوت.. هؤلاء البائسين.. هم الذين تظاهروا وحققوا النصر، وعلى الحكومة أن تفكر بهم قبل غيرهم. إما أنتم الذين كنتم تتفرجون على الأحداث، فقد جئتم الآن تريدون أن تقطفوا الثمار، فليعد النفعيون من حيث أتوا. أدعو الله أن يحفظ هذه الطبقة. ليحفظكن الله أيتها النساء العزيزات المحترمات. أدعو الله أن يمنّ عليكن بالسعادة.. بلّغن سلامي إلى جميع نساء مشهد اللواتي تمثلونهن.. أنا خادم لكم جميعاً.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

كلمة في جمع من المعلمات والطالبات من مدن مشهد وآمل وآبادان

بتاريخ 30/9/1979

بسم الله الرحمن الرحيم

لابد لي في البدء من شكر هذه الفتيات الصغيرات، والإعراب عن تقديري للأناشيد التي اسمعونا إياها.. كما أشكر جميع الأخوات اللواتي قدِمن من أماكن متعددة؛ من خراسان وآمل وآبادان، وأدعو الله التوفيق لهن جميعاً.

ينبغي أن نلتفت إلى هذا الموضوع وهو: أي حرية كان يتطلع إليها الشاه المطرود والمحيطون به؟ أي نوع من الحرية؟ وما هو الدور الذي لعبته النساء في العهود التي سبقت عصر رضا خان وابنه.. وكذلك دورهن في عهدهما، وفي عصرنا الحاضر.

يعلم كل من قرأ تاريخ إيران في المئة السنة الأخيرة، أن النساء مارسن نشاطهن جنباً إلى جنب الرجال في جميع الحركات الأصيلة التي شهدتها البلاد قبل عهد النظام البهلوي، من قبيل حركة التنباكو، وحركة المشروطة، وغيرها، إذ كانت النساء تحتل موقعاً في صلب المجتمع، وكن يمارسن نشاطهن في الشؤون السياسية والاجتماعية لبلادهن إلى جنب الرجال، حيث انتفض الرجال آنذاك للوقوف في وجه قضية التنباكو التي صادرت كل ما نملك.. انتفضوا للوقوف في وجه تلك الاتفاقية. النساء أيضاً كن حاضرات آنذاك. وحدث الشيء نفسه في حركة المشروطة أيضاً، إذ كان الرجال يؤدون دورهم، والنساء يمارسن دورهن أيضاً. كان هذا قبل عهد النظام المباد.

بعد سقوط ذلك النظام وأثناء فترة سقوطه، وخلال أحداث النهضة التي انطلق بها المسلمون، والثورة التي فجرها شعبنا، لاحظ الجميع أن النساء كنّ في الطليعة، بل ان قيمة نشاط النساء في هذا المجال كانت اكبر من قيمة نشاط الرجال؛ ذلك أن نزول الأخوات إلى الشوارع والتظاهر أمام المدافع والدبابات، والهتاف بقبضاتهن الحديدية؛ كان بحد ذاته محفزاً على مضاعفة قوة الرجال ومقاومتهم، إذ إن الرجال عندما يشاهدون النساء وقد نزلن إلى الشوارع لمواجهة الدبابات يتضاعف عزمهم وإصرارهم على مواصلة الدرب. وقد رأينا كيف كانت، ومازالت، مساهمة الأخوات في هذه النهضة، منذ انطلاقة أحداثها وحتى يومنا هذا. فهناك حضورهن الفاعل في الجهود المبذولة لإعادة البناء والإعمار؛ وفي جهاد البناء، حيث تشارك النساء بحرية وفاعلية في مختلف النشاطات. وكل هذا معروف لديكم ولا حاجة للإطالة فيه، فقد شهدتموه بأم أعينكم.

في زمن النظام البائد رفعوا عقيرتهم بـ"تحرير النساء وتحرير الرجال". فما هو النشاط الذي كانت تمارسه النساء وقتئذ؟ النشاطات التي كنا قد شهدناها آنذاك هي تجمع العديد من النساء بصورة مفضوحة وذهابهن إلى قبر رضا خان، للتعبير عن شكرهن له "لأنه قد حررنا".. أية حرية؟ وماذا فعل؟ لم يكن مهماً بالنسبة لهن نوع الحرية التي حققها لهن، وإلى أي حد كان النظام صادقاً في دعوته لتحرير النساء والرجال، كما كان يزعم.

أجل، كانت هذه النسوة تطالب بنوع من الحرية، واليوم أيضاً يمسك القلم بعضهم ويكتب ضد الإسلام وضد علماء الدين مطالباً بالحرية ذاتها، تلك الحرية التي كانت تملى على النظام من قبل الغرب لجرّ شبابنا إلى الفساد.

إن المرأة والرجل اللذين يدعو هؤلاء إلى تحريرهما هما اللذان كان ينبغي لهما أن يذهبا إلى المجالس التي كانوا يقيمونها بتلك الصورة المفضوحة، حيث تتواجد فيها النساء بوضع مخز أمام أنظار الرجال الخائنة.

لقد كانوا يتطلعون إلى تحقيق هذه الصورة من صور الحرية، لكي يجروا نساءنا إلى الفساد والضياع، وكذلك شبابنا ورجالنا. هؤلاء يريدون للفحشاء أن تكون حرّة. ففي ظل الحرية التي كانت على عهدهم، مَنْ كان يجرؤ على النطق بكلمة بشأن قضايا الساعة؟ وأي رجل استطاع أن يتفوّه بكلمة؟ بل أي مطبوعة كانت حرّة؟ ومتى كانت الإذاعة والتلفزيون حرّة فيما تبثّ من برامج؟ ومتى كان الناس والشباب والجامعيون ورجال الدين أحراراً؟ خلال الخمسين سنة الأخيرة، حيث كنت شاهداً للأحداث عن كثب، كانت الحرية الحقيقة النافعة للمجتمع مسلوبة من أبناء الشعب. لم يكن لدينا شيء منها؛ أي لم تكن النساء حرات في ممارسة أي نشاط من نشاطات المجتمع، أو في التحدث عن معاناة الشعب على يد الشرق والغرب. لم تكن هناك أية صورة من صور الحرية. ولم يكن الناس أحراراً في النطق بكلمة واحدة فيما يخص معاناتهم على يد الحكومات العميلة.

إذن هناك ثلاث فترات شهدتم انتم جانباً منها عن قرب، وسجلها التاريخ بمختلف أحداثها. تبدأ الفترة الأولى منذ بداية القرن وحتى زمن المشروطة. ثم من زمن المشروطة حتى نهاية العهد البهلوي. ثم تبدأ الفترة الثالثة مع هزيمة نظام محمد رضا وحتى وقتنا الحاضر. فلنتأمل في هذه الفترات الثلاث، ولنلفت نظر أولئك مازالوا يذرفون دموع التماسيح على نظام بهلوي وأمثاله، ويعادون الإسلام والمسلمين باسم الحرية والديمقراطية.

صحيح أن مرحلة الحكم القاجاري التي سبقت الفترات الثلاث هذه، لم تكن مرضيّة من قبل الإسلام، إلاّ أن قوة المسلمين وقتئذ كانت أكبر، وكان موقف الحكومة ضعيفاً جداً أمام علماء الدين وأبناء الشعب. بيد أن الأمر تغيّر بعد المجيء برضا خان وتسليمه السلطة، حيث قام باضطهاد علماء الدين وبقية فئات الشعب بقسوة، واستمر هذا الوضع حتى أخذ يضعف بالتدريج، ثم تولى السلطة من بعده ابنه الذي تواصلت الفترة المظلمة في عهده أيضاً، حتى تمت هزيمته.

فإذا ما نظر إلى الحرية التي كانت ممنوحة للنساء والرجال في مرحلة ما قبل المشروطة، والحرية التي كانت على عهد رضا خان ومحمد رضا، والحرية التي نعيشها اليوم؛ نرى أن الحرية التي كانت سائدة في الفترة التي سبقت الحكم البهلوي والمتوفرة في وقتنا الحاضر، هي نوع من الحرية المجدية للبلاد وللإسلام والمسلمين. نوع من الحرية النافعة لأبناء الشعب. فنحن اليوم نرى إصرار النساء على المشاركة في التجمعات وعلى المساهمة في تطوير البلاد وتقدمها، وكذلك نرى إصرارهن على التعبير عن آرائهن في مختلف شؤون البلاد؛ إذ تراهن ينتقدن الحكومة والمسؤولين والمظاهر التي لا تليق وشأن الجمهورية الإسلامية، كما سمعتم الآن انتقادهن، فلهن الحرية الكاملة في ممارسة النشاطات الاجتماعية وفي الخوض بالقضايا السياسية التي تتصل بمصلحة بلادهن وشعبهن، وفي هذا المجال لا يوجد أدنى قيد أو عقبة كما ترون؛ إذ نتحداكم أن تذكروا لنا حالة واحدة أردتم فيها أن تتحدثوا بشأن مصلحة البلاد ـ لا تآمراً كما يفعل بعضهم ـ وأن تؤدوا عملاً نافعاً لكم ولبلادكم، وقد جاء رجال السلطة ومنعوكم عنه. لن تجدوا مثل هذا مطلقاً.

في الفترة التي سبقت الحكم البهلوي أيضاً كانت المرأة تمارس نشاطها، وكانت معاناتها اكبر من أية معاناة أخرى. ولنذكر نموذجين، هما قضية التنباكو وحركة المشروطة، حيث كانت المرأة تحتل مكانتها في الصدارة، وتعبّر ـ الى جنب الرجل ـ عن رأيها بشأن القضايا التي تهم البلاد، وتصرخ في وجه السلطة وتصرّح بمطالبها.

وقد رأيتم ما حفلت به هذه المرحلة التي نحياها حيث كانت المرأة ناشطة ولم يحل شيء دون مشاركتها في التظاهرات والخروج إلى الشوارع، والهتاف بقبضات حديدية، والتحدث عن المظالم. وبفضل نشاطكن وحريتكن أيتها النساء تحقق هذا النصر لشعبنا.

أما تلك الحرية التي كان يتطلع إليها أعوان النظام في عهد رضا خان وابنه ـ وخاصة في عهد ابنه ـ فلم تكن في الحقيقة حرية بل هي تضييع لأبناء الشعب. وهنا أيضاً كانت الحرية على نوعين؛ الأولى: حرية الصحافة والإذاعة والتلفزيون والأقلام والمنابر، والأخرى: الحرية التي تمارس على طريق مصالح الشعب وخدمة البلاد. وإن كلا هذين النوعين من الحرية لم يكن موجوداً خلال حكمهم لأن معاناتنا كانت من قبل الحكومة والمتحكمين بها. فإذا ما كنتم تريدون أن تتحدثوا، كان عليكم أن تمجدوا ـ أولاً ـ أفعال رضا خان وتمتدحوا الجرائم التي ارتكبها وكذلك الجرائم التي ارتكبها ابنه، ولم يسمحوا لكن أن تنطقوا بكلمة في غير هذه القضايا أو تنتقدوا أفعال الشرطة، أو الحكومة، أو طريقة عمل المطبوعات بكلمة واحدة. لم يكن مثل هذا مطلقاً فالحرية التي تصب في مصلحة بلادنا كانت مسلوبة تماماً. وكانت الأقلام الشريفة لا تجرؤ على الكتابة. لقد كموا الأفواه، ولم يكن يحق لأحد أن يقول شيئاً. وإذا ما أراد أحد ذلك أو أرادت المطبوعات أن تكتب شيئاً أو الإذاعة والتلفزيون أن يقولا شيئاً، فإنه يجب أن يكون في مدح شخص ضيّع كل ثرواتنا.

لم تكن ثمة حرية في عهد محمد رضا، أي لم تكن ثمة حرية سليمة، وإنما فتحوا أبواب مراكز الفساد والبغاء على مصراعيها، وفتحوا أبواب السينما المبتذلة بحيث لو ذهب الشباب لمشاهدة أفلامها مرة واثنين وثلاثاً لانحرفوا وتعطلت طاقاتهم تماماً عن أي عمل يخدم بلادهم.

لقد سمحوا بمراكز البغاء والفحشاء وبيوت القمار وبارتياد الشباب لها. وبلغت مراكز الفساد في طهران عدداً لا يصدق. جعلوا كل ذلك حراً، وشجعوا عليه، بل ان بعض الكتابات والخطب كانت تشجع هذا النوع من الحريات الذي يسيء إلى البلاد، والى الشعب وتطلعاته.

أما الحرية التي تحققت لأبناء الشعب على عهد الثورة، فهي حرية تصب في مصلحة الجميع. فانتم الآن أحرار في أن تتجمعوا وتتحدثوا عن قضاياكم، وأن تنتقدوا الحكومة، وتنتقدوا أية خطوة منحرفة صدرت من أي كان. فليس هناك من يعترض على عملكم هذا أو يحول دونه. بإمكانكم أن تلتحقوا بجهاد البناء وتساهموا في الخدمات التي يقدمها لأبناء شعبكم. أنتم أحرار في ممارسة كل ما من شأنه تقدم الإنسان وتكامله.

إن الذي منعه الإسلام ولم يسمح به هو القمار الذي يضيّع الشعب، والخمور التي تعطل طاقاته. إنه لم يسمح بمظاهر الفسق والفجور التي كانت على عهد المجرم، والذي كانوا قد أعدوا الأرضية اللازمة لها. إن كل هذا ممنوع في الإسلام.

إذن لدينا نوعان من الحرية؛ الأول: الحرية النافعة والتي كنا نفتقدها في عهد هذين المجرمين. إذ إن هذا النوع من الحرية كان ممنوعاً تماماً في عهد رضا خان وابنه.. أما الحرية التي كان يدعو إليها هؤلاء فهي التي تسمح للنساء بالتبرج والتعري بما يحلو لهن والنزول إلى الشارع وارتكاب كل خطيئة، وكانوا قد سموا ذلك حرية، واليوم أيضاً نرى هؤلاء الذين يطالبون بإلغاء الحكم الإسلامي تتحرق قلوبهم لهذه الحرية.

إن هؤلاء الذين يتباكون على حال البلاد وحال أبناء الشعب، هل وجدتم واحداً منهم في أي من هذه الأماكن التي تذهبون إليها لتقديم العون والمساعدة إلى إخوتكم وأخواتكم في القرى والأرياف تحت لواء جهاد البناء؟ إن هؤلاء الذين يرفعون عقيرتهم ويصرخون "الشعب الشعب" هم أنفسهم الذين يذهبون ويشعلون النيران في المحاصيل، بدلاً من الذهاب وجمع الحصاد. فأنتم تذهبون لتقديم العون ومساعدة إخوتكم وأخواتكم في حصد محصولهم. ويأتي هؤلاء الذين يرفعون عقيرتهم بالدفاع عن الشعب ومناصرة الجماهير، ويحرقون الحصاد. فما أن تنتهوا من جمع المحصول حتى يأتي هؤلاء ويشعلون النار فيه.. هؤلاء هم أنفسهم الذين يفجرون أنابيب النفط، ولا يكفّون عن الحديث عن خدمة الجماهير.. ماذا قدّموا هم أنفسهم؟ هؤلاء الذين يتحدثون عن الديمقراطية هم أنفسهم كانوا ومازالوا وراء الأحداث في كردستان، وهم أنفسهم الذين أرادوا أن يفرطوا بنفطنا وزراعتنا وصناعتنا، لئلا يتم تشكيل الجمهورية الإسلامية، فيطردوا من البلاد، فهؤلاء الذين يعملون خلافاً لمسيرة الشعب يخشون من ذلك. وعليه فإن صراخهم من أجل الحرية لم يكن في الحقيقة إيماناً منهم بالحرية بل من أجل ضياع الشعب، وسترون الحرية الحقيقية إذا ما تركنا وشأننا بقايا النظام البائد وعملاؤهم وأتباع الأجنبي.

إدعو الله أن يحفظكم جميعاً؛ أيتها الأخوات والإخوة وهؤلاء الأطفال وهذه البراعم؛ وأن يوفقكم لخدمة هذا البلد وتربية هؤلاء الأطفال.

عليكن بتربية هؤلاء الأطفال ـ أنتن والعاملات في حقل التعليم ـ تربية إسلامية تكون نافعة للبلاد وللأطفال أنفسهم، إذ فيها خير الدنيا وثواب الآخرة.

تحية لكم جميعاً أيتها النساء وأيها الإخوة، وحفظكم الله جميعاً.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

كلمة في الوفد الإيراني المشارك في المؤتمر الدولي الخمسين

الذي عقد في كوبنهاغن بتاريخ 10/9/1980

بسم الله الرحمن الرحيم

إن المؤسسات المتوافرة بأيدي القوى الكبرى ـ بشكل عام ـ لابد وأن تصب في مصلحة هذه القوى. فمنظمة الأمم المتحدة ذاتها، والمؤتمرات والندوات، ومجلس الأمن، كلها اُنشئت من أجل خدمة القوى الكبرى، وللضحك على ذقون بقية البلدان، فتراهم يمنحون أنفسهم حق "النقض" ويقفون في وجه أي قضية تتعارض مع مصالحهم ورغباتهم.

لقد وجدت هذه المنظمات في الأساس لتكون في خدمة القوى الكبرى، وهكذا التنظيمات والمؤسسات الأخرى التي يقيمها هؤلاء تحت مسميات مختلفة، كلها من أجل أن يتطوع الجميع لخدمة مصالحها. إننا ننظر بعين الريبة والشك إلى القوى الكبرى، حتى ولو دعت إلى قضية صحيحة، إذ إننا نتصور أنهم يدعون إلى ذلك من أجل مصلحة لهم فيها، وبدافع التمويه على الشعوب.

إن هذا العمل الذي أنجزتموه مهم جداً، وآمل أن توفقوا فيه. فكما تعلمون أن الجميع في الخارج صوّر ثورتنا على عكس ما هي عليه؛ بيد أنه لابد لنا من تصدير ثورتنا بالصورة التي هي عليه. وإن نعرّف العالم عليها كما هي. ولا يقتصر الأمر على النساء وكيف كان وضعهن في السابق، وكيف أصبحن يتمتعن بحريتهن في ظل الجمهورية الإسلامية.

المرأة كائن ملتزم، وربما لديها من الالتزام ما هو غير موجود لدى الرجال. بيد أنهم في الخارج صوّروا النساء في إيران خلافاً لما هن عليه.

إن هذه الأمور كانت مطروحة منذ عهد رضا شاه. يهدف أعوان النظام من وراء السفور الإجباري إنزال النساء -مثلاً عشرة ملايين امرأة على حدّ زعمهم ـ للمساهمة في نشاطات المجتمع، بل كان في الحقيقة أمراً تسلموه من الخارج وبدأوا بتنفيذه لتكليلنا وأسرنا.

ربما لا تتذكرون ما حدث وقتئذ. كنتم صغاراً؛ إلاّ أني مازلت أتجرع مرارة السفور الذي عمل هؤلاء على إشاعته، والذين أطلقوا عليه فيما بعد اسم "تحرير النساء وتحرير الرجال". محمد رضا هو الذي أطلق عليه ذلك. قد لا تعلمون ماذا فعلوا بالنساء المحترمات وبجميع فئات الشعب. لقد ألزموا التجار والكسبة وعلماء الدين وكل مَنْ كانت تطاله أيديهم؛ بإقامة الاحتفالات وبمشاركة نسائهم فيها. فإن تخلف أي واحد منهم انهالوا عليه بالضرب والإساءة والإهانة. كانوا يتطلعون لأن يجعلوا من المرأة وسيلة ينشغل بها الشباب، ليبعدوهم عن ممارسة النشاطات الأساسية. كانت لديهم أساليبهم المتنوعة في إبعاد شبابنا وجامعاتنا وجميع فئات الشعب عن التفكير بأنفسهم وبمستقبل بلادهم.

ومن هذه الأساليب قضية محاربة الحجاب وإشاعة السفور الإجباري، التي مورست بتلك الفظاعة والبشاعة التي ارتكبت بحق النساء الممرمات، وبذلك الأسلوب التي تعاملوا به مع علماء الدين. حتى أنهم جاءوا إلى المرحوم السيد الكاشاني وفرضوا عليه المشاركة في هذه الاحتفالات. طلبوا منه أن يقيم حفلاً بهذه المناسبة، فأجابهم: اخرسوا. فقال أعوان السلطة: إن المسؤولين الكبار في الدولة هم الذين طلبوا منا أن نبلغك بهذا. فقال لهم: أنا أيضاً اطلب منكم أن تبلغونهم بما قلت لكم.

لقد طلبوا حتى من علماء الدين أن يفعلوا ذلك في كل مدينة من مدن البلاد، حتى مدينة قم. لقد ارتكبوا في مدينة قم فظاعة لا يمكن ذكرها، كل ذلك من أجل جرّ الشاب الغافل من النساء والرجال، إلى الفحشاء والمنكر وإشغالهم ببعض ثم إبعادهم عن الاهتمام بقضايا البلاد الأساسية.

لقد أوجدوا مراكز البغاء والفحشاء بنحو بلغت المئات في طهران وحدها. كانت دور البغاء واللهو والطرب منتشرة في كل مكان من طهران، وقد أدركتم ذلك. ورأيتم كيف أن شبابنا ابتعد عن الاهتمام بالقضايا الأساسية التي كان ينبغي له الالتفات إليها. الرجال والنساء معاً. فلا الرجال كانوا أحراراً ولا النساء. وقد أطلقوا على ذلك اسم تحرير النساء وتحرير الرجال. وأول من استورده رضا خان.. كان الانجليز ـ لعنة الله عليهم ـ هم الذين جاءوا به، وأمروه بتطبيقه في إيران وتبعه في ذلك شعراؤهم وكتّابهم ووسائل إعلامهم. تضافرت جهودهم جميعاً لإفراغ هذا الشعب من قيمه وأخلاقياته، وسلخه من هويته، ودفعه إلى اللهو واللعب والفسق والفجور، إذ تركوا هذه المراكز حرّة طليقة تمارس إفسادها لأبناء الشعب. ولم يكن معلوماً؛ هل يوجد في طهران كلها مركز واحد بإمكانه أن يمارس نشاطه ورسالته في التعليم الديني لهؤلاء النساء والرجال الأحرار (!) أم لا؟.

على كل حال عملت القوى الكبرى على إقامة أمثال هذه التجمعات عبر مخططات دقيقة جداً وضعها خبراؤهم، ولابد لنا أن نكون يقظين جميعاً. ينبغي للشعب الإيراني أن يكون حذراً يقظاً لئلا ينخدع بأحابيل هؤلاء. حافظوا على هويتكم وقيمكم وأخلاقياتكم لدى حضوركم هذه المؤتمرات والندوات، لئلا تقعوا تحت تأثير القائمين عليها والمشاركين فيها من النساء والرجال. وكما ذكرت أن هذا الذي أنجزتموه قيم جداً، ولكن يجب أن تحذروا أن لا تكون مشاركتكم بنحو تصب في نفعهم؛ إذ غالباً ما يكون بهذا النحو من التغفيل.

وعليه فإن هذه الإنجازات التي ذكرتم أنكم حققتموها، خطوات قيمة. ولابد للسادة من المشاركة في أمثال هذه المؤتمرات والندوات، ولكن مع مراعاة الالتزام، لا أن يذهبوا ويؤدوا أعمالاً خلافاً لمصالح بلادهم.

أسأل الله أن تكونوا موفقين ومسددين جميعاً، فليس الأمر اليوم كما في السابق. اليوم ينبغي للمرأة أن تتحمل مسؤولياتها الدينية والاجتماعية، وأن تحرص على العفة العامة، وأن تمارس نشاطاتها الاجتماعية والسياسية مع مراعاة العفة العامة، لا كما في السابق على فرض أنهم كانوا يسمحون للمرأة بالانضمام إلى المجلس، ولكن أي امرأة كانت، وماذا كان بوسعها أن تفعل؟. اليوم أيضاً انضمت النساء إلى المجلس ولكن أين هذا الانضمام من ذاك؟ وقتئذ كان لديهم مجلس وكانوا يحتفلون بيوم المرأة. ولكن أي يوم هو؟ إنه يوم إعلان السفور الإجباري. ففي هذه السنوات الأخيرة التي كنت فيها بقم، ربما في السنة ذاتها التي سبقت انتفاضة الخامس عشر من خرداد ـ حزيران 1963 ـ سمعت أن بعض النساء تنوي التظاهر عند قبر رضا خان احتفالاً بإشاعة السفور. كان عندي رؤساء بعض الدوائر الحكومية في قم فقلت لهم: على كل واحد منكم أن يعلن في دائرته ووزارته بأنه إذا ما فعلتم ذلك فسوف أطلب من أبناء الشعب إعلان الحداد العام في اليوم الذي ارتكبتم المذبحة العامة في مسجد كوهرشاد. فصرفوا النظر عن ذلك.

على أية حال إن الأوضاع التي أوجدها هؤلاء كانت تتعارض تماماً مع الموازين التي كان ينبغي لأبناء الشعب أداؤها. وبحمد الله قد انتهت الآن أمثال هذه الأمور، وينبغي للجميع نساءً ورجالاً المشاركة في النشاطات الاجتماعية والسياسية ومراقبتها، وكذلك مراقبة عمل المجلس وأعمال الحكومة، وأن لا يبخلوا بآرائهم وانتقاداتهم.

يجب على أبناء الشعب أن يمارسوا دورهم في مراقبة الأحداث وفي التعبير عن آرائهم في الأحداث السياسية والنشاطات الاجتماعية، وفي سياسات الحكومة، وأن ينتقدوا إذا ما رأوا خلافاً، وأدعو الله أن يمن بالنصر المؤزر على هذه النهضة، وأن ينعم عليكن بالتوفيق والسداد. وأدعوكن لمواصلة إقامة تجمعاتكن ومجالسكن في كل مكان بنحو أكثر أبهة وعظمة لكي تدرك النساء حقيقة الأحداث في الماضي، وتلك الألاعيب التي خدعوا بها المرأة، من تبرج وتزويق وإثارة، والذي كما تعلمون كم من الأضرار ألحقت باقتصادنا وبالعفة العامة.

ينبغي للنساء اليوم المشاركة في إدارة شؤون البلاد مثلما يفعل الرجال، أعني الرجال المخلصين الصادقين لا الرجال الذين.. لابد للنساء من المساهمة في أعمار البلاد، وفي مواصلة تعليمهن وتعلمهن بصورة سليمة، وان تكون ممارستهن لنشاطهن ممارسة صحيحة سليمة. وأدعو الله أن يوفقهن ويسدد خطاهن.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 في عام 1921، تقدم رضا خان مير بنج، الذي كان يتولى قيادة وحدة القزاق في مدينة قزوين، نحو طهران بايعاز من الحكومة البريطانية واستولى عليها، ثم ألزم احمد شاه، الحاكم وقتئذ، على إصدار أمر بتعيين السيد ضياء الدين الطباطبائي رئيساً للوزراء، وبمرور الوقت عزز رضا خان من موقعه وبادر إلى تشكيل جيش موحّد. وفي عام 1302هـ.ش، عيّن احمد شاه رضا خان رئيساً للوزراء وترك البلاد وسافر إلى أوربا. بعدها ـ عام 1925 ـ عدّل مجلس الشورى الوطني نظامه الداخلي بضغط من رضا خان، وأضاف مادة تم بموجبها خلع أحمد شاه من السلطة وتعيين رضا خان ملكاً للبلاد، على الرغم من معارضة العديد من الشخصيات السياسية المرموقة أمثال آية الله السيد المدرس.

 الإصلاح الزراعي أو "اصلاح الأراضي" هو أحد أسس السياسة الاستعمارية الجديدة التي جرى تنفيذها في جميع الدول الرازحة تحت الاستعمار، فمن أمريكا الجنوبية إلى آسيا وافريقية قام حكومات هذه الدول بتنفيذ هذه السياسة بأمر من الاستعمار وبصورة مشابهة تقريباً. الشاه بدوره أعلن عام 1962 عن برنامج إصلاح الأراضي على أنه أول خطوة في ثورته المزعومة "ثورة الملك والشعب" هدف منها كسب ثقة الرأسمالية الأمريكية، وإثبات قبوله بالاستراتيجية الجديدة وتعاونه معها، وفتح سوق جديدة بوجه الاقتصاد الغربي، ويهدف أيضاً إلى التقليل من وخامة الأوضاع الداخلية والحد من تصاعد السخط الشعبي الذي كان يهدد بحصول انفجارات اجتماعية. إصلاح الأراضي في إيران في المجالين التجاري والصناعي، كان يعتمد أساساً على الاستثمارت الأجنبية، والأمريكية منها خاصة، وألحق ضرراً كبيراً بالزراعة الإيرانية، مما أدى إلى تحويل إيران خلال سنوات من تنفيذ هذه الخطة، من بلد مصدّر للقمح إلى بلد مستورد أساسي له. من ناحية أخرى إن هجرة أهالي القرى إلى المدن، واستخدامهم كعمال رخيص الأجور، لخدمة صناعات التجميع والخدمات، أدّت خلال إحدى عشر عاماً من هذه السياسة الخاطئة إلى تفريغ عشرين ألف قرية إيرانية من سكانها.

 تعد خراسان من أكبر محافظات إيران، حيث تحدّها من الشمال تركمنستان، ومن الشرق أفغانستان، ومن الجنوب كرمان وسيستان، ومن الغرب أصفهان وجرجان، وتمثل مدينة مشهد الدينية مركز المحافظة. أما آمل فهي إحدى مدن محافظة مازندران، وتقع على بعد 240كم شمالي طهران، ويمر بها نهر هزار، وينتسب إليها علماء مسلمون كبار؛ منهم: محمد بن جرير الطبري، والفضل بن احمد الزهري.

وتمثل آبادان إحدى مدن محافظة خوزستان، تحدّها من الشمال مدينة خرمشهر ونهر الكارون، ومن الشرق نهر بهمنشير والأهواز؛ ويحدها من الجنوب والغرب نهر الكارون أيضاً. وكانت آبادان قبل الحرب العراقية الإيرانية تعتبر مركزاً لواحد من أكبر المصافي النفطية في العالم.

 حكمت الأسرة القاجارية إيران ما يقارب القرن والنصف، أي منذ عام 1795م وحتى عام 1925م. ويعتبر العصر القاجاري في تاريخ إيران عصراً مظلماً لما اتسم به الملوك القاجار السبعة من ظلم وقهر واضطهاد اجتماعي وثقافي وسياسي. كما شهد هذا العصر الكثير من الحروب أسفرت عن التوقيع على اتفاقيات مخزية اقتطع في ضوئها أجزاء كبيرة من الأراضي الإيرانية الخصبة. وقد طبع التخلف الشعب الإيراني خلال فترة حكم الملوك القاجاريين في جميع المجالات بما فيها السياسية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية.

 اشارة إلى حق "الفيتو" الخاصة بالأعضاء الدائمين في مجلس الأمن.

 لا يشك أحد في عمالة رضا خان للدولة البريطانية وقد اعترف هو نفسه بذلك في مجلس ضم عدداً كبيراً من رجال الدولة بقوله:"الإنجليز هم الذين جاءوا بنا" إذ أراد الإنجليز ـ على حد قول السير برسي لرن، الوزير البريطاني المنتخب ـ أن يحصروا جميع القوى في شخص رضا خان. وقد استطاع رضا خان أن يؤدي الدور المرسوم له على أحسن وجه بمساعدة رموز مهمة كانت تؤدي دور الوسيط بينه وبين الحكومة البريطانية.

ففي بداية الأمر تولى رضا خان بتاريخ شباط 1921م إدارة شؤون القزاق بتدخل مباشر من قبل آيرون سايد ـ قائد قوات الاحتلال البريطاني في إيران ـ بعد اجتماع عقد في "كراند هتل" في مدينة قزوين. بعد هذا التاريخ بعشرة أيام، أي في 3 اسفند 1299، تحرّك صوب طهران برفقة القزاق الذين كانوا تحت إمرته، فدخلها عن طريق قرية مهر آباد، واستولى على مقر القزاق في المدينة ومركز الشرطة والدوائر الحكومية المهمة. وأخيراً ثمر الانقلاب الذي قاده رضا خان، والذي سبق أن تم الإعداد له خلال لقائه آيرون سايد بحضور السيد ضياء الدين الطباطبائي، عن تربع رضا خان على عرش السلطنة وذلك عام 1304هـ.ش(1925م). واستمر رضا خان في الحكم طيلة بقائه حريصاً على تأمين مصالح بريطانيا.

 


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net