متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
6 ـ الاجماع على قاعدة الاختيار
الكتاب : السقيفة    |    القسم : مكتبة رد الشبهات

6 ـ الاجماع على قاعدة الاختيار

وهنا لا بد أن ننصف في القول فلا نجري الكلام على عواهنه ، فأني لم أعرف عن اخواننا أهل السنة أنهم فسروا هذا الصمت المدعى بذلك التفسير إلا من قل . وعلى الاقل انهم لم يجعلوه وحده دليلا على ايكال أمر الخلافة لاختيار أهل الحل والعقد ، وإنما يستدلون باجماع أهل الصدر الاول على كفاية اختيار أهل الحل والعقد ، بدليل بيعة أبي بكر يوم السقيفة . وعندهم الاجماع حجة لما روي عنه عليه الصلاة والسلام ، « لا تجتمع أمتي على الخطا » و« ولا تجتمع أمتي على ضلال » .


( 49 )

ولكن الشيعة لا يعتبرون مثل هذا الاجماع . وإنما يعتبرون الاجماع إذا كشف عن رضى امام معصوم حيث يكون داخلا في أحد المجمعين . وبيعة أبي بكر لم تقترن بموافقة الامام وهو علي بن أبي طالب فلم يتم عندهم الاجماع الذي يكون حجة .
ويذهبون إلى أكثر من ذلك ، فيقولون إن الاجماع بكل معانيه لم ينعقد على صحة بيعة أبي بكر ، لمخالفة علي الذي يدور معه الحق حيثما دار ومخالفة قومه بني هاشم وسعد بن عبادة وابنه وجماعة من كبار الصحابة كسلمان وابي ذر والمقداد وعمار والزبير وخالد بن سعيد وحذيفة اليمان وبريدة وغيرهم . ولم يبايع من بايع منهم بعد ذلك إلا قهرا واضطرارا حفظا لبيضة الاسلام وتوحيدا لكلمة المسلمين . ولا يصح بحال ان يدعي ان هؤلاء ليسوا من اهل الحل والعقد ، وهم من تعرف . ويقول الشيعة ايضا : لم يتكرر بعد ذلك تعيين الامام باختيار أهل الحل والعقد ، حتى نؤمن بحصول الاجماع على صحة الاختيار في تعيينه ، لان كل خليفة تعين إنما تعين بنص السابق عليه أو بحد السيف والقوة ، ما عدا علي بن أبي طالب عليه السلام ، وهو امام بالنص من النبي ( ص ) ولا شأن لاختيار الامة في امامته .

* * *

هكذا اختلف الطرفان ، وأجدني الآن حائرا إزاء أدلة


( 50 )

الطرفين . وإذا اردت ان اعالج في بحثي حادث السقيفة فانما اعالجه من عدة نواح هذه أهمها ، فهل استطيع ان استنتج الحكم الفاصل لاحدى الطائفتين ؟ هذا ما قد يكشفه مستقبل البحث ، وكل آت قريب . ولا أتنبأ بالنتيجة قبل وقتها .
وكنت راغبا في بحثي هنا أن احصل على نتيجة حاسمة قبل الدخول في تفسير حوادث السقيفة ، بل قبل الدخول في البحث عن النص على الامام بعد النبي في هذا الفصل ، ولكني هنا وجدت هذه المسائل متداخلة بعضها آخذ برقاب بعض .
ومع ذلك أجد بامكاني أن أضع تقريرا يقرب من التفكير الصحيح مع الاعراض عما يقوله الطرفان في هذا الشأن ، مستعينا بما تقدم في الابحاث السابقة ، فهل تعيرني تفكيرك لحظة
لاحظ انك لا تشك ـ وأنا معك ـ ان النبي ما فاه ولا ببنت شفة عن قاعدة انعقاد الامامة باختيار أهل الحل والعقد ، مع ان الواجب يدعو للبيان الصريح ، كما قلنا آنفا ، فلماذا سكت عن ذلك ؟ .
أكان إهمالا وتوريطا للمسلمين في الخلاف والنزاع ، أو أنه لم يشرع مثل هذا التشريع ؟ والثاني هو الاقرب للصحة . وعليه فما قيمة الاجماع ـ إن تم ـ مع علمنا بان هذا الامر ليس من الدين ولم يشرعه الله على لسان نبيه ، على أنا وجدنا في


( 51 )

ابحاثنا السالفة ان البرهان الصحيح يقودنا إلى الاعتراف بفساد هذا التشريع ، فنعلم بنتيجة ان النبي لم يشرعه لامته ، فلا بد ان نتهم الاجماع المدعى باحدى التهم المتقدمة .
هذا من جهة . ومن جهة اخرى ، انا لا أدري أن هؤلاء الذين اقدموا على الاجتماع في السقيفة لعقد البيعة بدون مشورة من جميع الموجودين في المدينة وغيرهم على أي سناد استندوا وبأية حجة اجتمعوا
والمفروض ان لا حجة إلا الاجماع ، وهو ـ على فرضه ـ بعد لم ينعقد على صحة عملهم ؟ فهذا العمل من أساسه كان بغير حجة قائمة ولا بينة واضحة ، ولذا قال عمر لسعد بن عبادة : « اقتلوه قتله الله إنه صاحب فتنة » .
فلأي شيء استحق القتل ولم يكن يدعو إلا إلى نفسه كما دعا غيره ؟ ولماذا كان صاحب فتنة ؟ ـ ليس إلا لان دعوته من غير حجة قائمة . وإذا كان قد ثبت من النبي صحة انقاد الخلافة بأختيار أهل الحل والعقد ، ويكتفي بمثل القوم الذين اجتمعوا في السقيفة يومئذ فلم يكن قد دعا سعد إلا إلى ما هو مشروع لا يستحق عليه قتلا ولا غضبا .
أما النص المروي : « الائمة من قريش » فلم يكن معروفا عند المهاجرين يومئذ أو أنهم لم يريدوا ان يعرفوه ، ولذا لم يستدلوا له ذلك اليوم ، بناء على ما هو الصحيح وإنما


( 52 )

استدل الخليفة أبو بكر بالقرابة من الرسول وان العرب لا تعرف هذا الامر إلا بهذا الحي من قريش .

 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net