متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
10 ـ النتيجة
الكتاب : السقيفة    |    القسم : مكتبة رد الشبهات
10 ـ النتيجة
نستنتج من سير الحادثة ان طريقة بيعة ابي بكر لم تكن طريقة اختيار بالمعنى الصحيح (1) ويحقق معنى أنها كانت « فلتة » وقى الله شرها على حد تعبير عمر بن الخطاب .
____________
(1) فنصدق كلمة الاستاذ محمد فريد أبي حديد في مقاله « نظرة في نظام بيعة الخلفاء » المنشور في مجلة الرسالة المصرية العدد 10 .
( 142 )

وقد رأينا السرعة التي جرت بالحادث لم تبق مجالا للمفكر ان يشحذ فكره ولا للمعارض ان يقيم حجته ، فكانت مفاجأة في مفاجأة . مع ان العاطفة العدائية عند الاوس المهيجة من ابي بكر كان لها الاثر الفعال في تقريب النتيجة ، وساعدها بل اشعل أوارها ان المجتمعين انطبعت فيهم اوصاف الجماعة الاجتماعية ، مما يذهب عنهم صحة الاختيار والحكم .
فلا بدع إذا لم يثق الباحث المفكر باختيار جماعة السقيفة ، ولا يغتر به دليلا على صحة هذه الطريقة من البيعة في الاسلام . وقد اشرنا في الفصل الاول إلى ان عمر نفسه قال عنها : « فمن دعا إلى مثلها فهو الذي لا بيعة له ولا لمن بايعه » .
ولا غرابة ايضا إذا لم يدافع احد عن النص على علي بن ابي طالب ، وقد اندفع المجتمعون بتيار جارف لا يقف في سبيله شيء ، ونحن نعرف رأي المهيمنين على الاجتماع في علي ، وهم يبتعدون ان يتم له شيء من ذلك . أفتراهم يدعون إليه في هذا المجتمع الذي اسس على الاعراض عن النص فيه . وإذا قال بعد ذلك بعض الانصار أو كلهم « لا نبايع إلا عليا » كما سبق فقد قلنا ان ذلك بعد خراب البصرة ، فان هذا الجمهور اصبح لا يملك اختياره وتفكيره وشعوره بواجبه الديني لما قلناه من تكهربه بتيار تلك القوة السحرية


( 143 )

قوة الاجتماع التي تجعل اعماله اعمالا لا شعورية ، على ان اساس الاجتماع ارتكز على طمع الانصار من جهة تخوفهم من جهة اخرى « على ما شرحناه فيما تقدم » . وهذان لم يتركاهم يفكرون في واجبهم الديني فبعد أن افحموا وغلبوا واندفعوا مع الغالبين ، وتلك هي فطرة البشر .
ويشهد على ما نحسه من الضعف الديني في تلك الاحكام العاجلة والقرارات الخاطفة في اجتماع السقيفة ، انه مما تقرر في تلك النهزة أمران عامان :
1 ـ ان الانصار لا حق لهم في هذا الامر .
2 ـ انهم الوزراء لمن كانت له الامارة .
مع ان الاول شك فيه أبو بكر نفسه بعد ذلك إذ تمنى فيما تمنى لو سأل النبي عنه ، والثاني هذا المنصب المزعوم ـ وزارة الخليفة ـ لم يعط لاحد منهم لا في عهد ابي بكر ولا بعده ، بل هذا المنصب لم يحدث لاحد إلا في عهد العباسيين .
وبهذه النتيجة التي حصلنا عليها من سير حوادث السقيفة وملابساتها يسهل علينا ان نفسر بها الآية الكريمة « أفإن مات أو قتل انقلبتم . . . » . فان الاجتماع كان ـ على كل حال ـ انقلابا على الاعقاب حتى لو لم نؤمن بالنص من قبل النبي صلى الله عليه وآله وسلم على من سيكون خليفة من بعده ، لان الاجتماع كما قلنا من اصله كان افتياتا على المسلمين ولم


( 144 )

يكن مستندا إلى قاعدة اسلامية أو تصريح من الرسول . وكذلك ما قرره الاجتماع لم يكن إلا قرارا خاطفا تحكمت فيه العواطف في المبدأ والمنتهى ، وليس فيه مجال الرجوع إلى النص . والى هنا نستطيع ان نرجع إلى ما قلناه في التمهيد انه كيف تفسر الآية بحوادث السقيفة وأرجو من القارئ ان يرجع من جديد إلى بحث السقيفة ليأخذ بأطراف الموضوع على ضوء هذه النتيجة .
ومن نفس الحادثة نستطيع ايضا ان نؤيد النص على الامام علي عليه السلام ، لان ما ورد فيه من تلك النصوص لو لم تكن لتعيينه خليفة وكانت لمجرد الثناء وبيان فضله ولم يكن الاجتماع لاستغلال الفرصة لمخالفة النص وكان اجتماعا طبيعيا شرعيا ـ لو لم يكن كل ذلك لوجب أن يكون هذا الرجل الذي هو من النبي بمنزلة هارون من موسى في مقدمة المجتمعين وعلى رأسهم ومعه أهل بيته ولما كان ينعقد الاجتماع ولا يقرر فيه شيء من دون مشورته وموافقته ولكن ـ كما سبق ـ كل ذلك لم يقع . بل الحادثة من مبدأها إلى منتهاها اخذت على أن تقع على غفلة منه ومن بني هاشم إلى آخر لحظة منها واهمل شأنهم وكأنهم لم يكونوا من المسلمين أو لم يكونوا من الحاضرين إلا بعد أن تم كل شيء .

 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net