متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
2 ـ رأيه في بيعة السقيفة
الكتاب : السقيفة    |    القسم : مكتبة رد الشبهات
2 ـ رأيه في بيعة السقيفة

قلنا في آخر الفصل الاول انه لماذا لم يطالب الامام


( 148 )

صراحة بالنص عليه بالخلافة ، وهنا نقول : انه مع ذلك لم يكتم رأيه في بيعة السقيفة ، فان التأريخ لا يشك ، عند من ينظر إليه نظرة فحص وتمحيص ، أنه كان ناقما على ما اسرعوا إليه من بيعة ابي بكر ، وكان يعدها غضبا لحقه ، فلم يلاق الحادث إلا بالاستغراب والاستنكار كما يبدو من كلمته السابقة التي قرأتها أخيرا ، ومن كلمات كثيرة منبثة في نهج البلاغة وغيره وأهمها الخطبة الشقشقية . وأقل ما يقال في انكاره تخلفه عن البيعة حتى ماتت فاطمة الزهراء عليها السلام .
على ان من الظلم نقول : ان الامام تخلف عن البيعة ، وهو صاحب الامر الذي يجب أن يؤتى إليه ، وإنما الحق أن نقول : إن الناس هم الذين تخلفوا عنه .
وأول اعلان له عن رأيه كان عند خروجه في اليوم الثاني من السقيفة بعد البيعة العامة ـ كما في مروج الذهب ـ فقال لابي بكر : « أفسدت علينا أمرنا ولم تستشر ولم ترع لنا حقا » . وهذا القول صرخة في وجه الاستئثار عليه ، وتصريح بعدم الرضى بما تم ، وليس علي ممن يداجي أو يخاتل ولا ممن تأخذه في الله لومة لائم . ولذلك هم كانو يفرون من التحرش به قبل تمام البيعة خوف اعلان خصومتهم ، فنرى ابا بكر في جواب كلامه السابق يعترف له ويقول : « بلى ! ولكن خشيت الفتنة » .
ويسكت التأريخ عن ذكر جواب الامام ، أفتراه اقتنع


( 149 )

بكلمة ابي بكر أو أغضى عن جوابها أو التأريخ أهمل الجواب . ولكن عليا نفسه يقول من خطبة له عن هذه الحادثة : « فلما قرعته بالحجة في الملا الحاضرين هب كأنه لا يدري ما يجيبني به » .
ولئن فرض انه سكت هذه المرة فانه لم يترك الدعوة إلى نفسه واستنكار حادث السقيفة ، وان بايع بعد ذلك فلم يبايع عن طيبة خاطر واطمئنان إلى الوضع ، وهو الذي يقول بالصراحة في الشقشقية : « فصبرت وفي العين قذى وفي الحلق شجى أرى تراثي نهبا » .
ثم التأريخ يحدثنا انه لم يبايع إلا بعد أن صرفت عنه وجوه الناس بموت فاطمة الزهراء . وكم تذمر وتظلم من دفعه عن حقه مثل قوله من كلام له في النهج : « فو الله ما زلت مدفوعا عن حقي مستأثرا علي منذ قبض نبيه صلى الله عليه وآله وسلم حتى يوم الناس هذا » ويشير بهذا اليوم إلى عصره في خلافته .

* * *

هذا هو الصريح الواضح من رأي الامام في بيعة السقيفة وما وقع بعدها . ويكفي النظر في الشقشقية وحدها ، غير ان التأريخ قد يحاول ان يكتم هذه الصراحة ، لانه لا ينكر على كل حال ان عليا مع الحق والحق مع علي ، فلا


( 150 )

يمكنه ان يتهمه بالحيدة عن طريق الحق إذا اعترف بهذا الرأي منه ، وهو ـ أعني التأريخ ـ يريد ان يصحح ما وقع يوم السقيفة الذي لا يصح من دون رضى صاحب الحق وموافقته ، فير‍كن إلى المداورة .
ولكن في الحقيقة لابد ان تتم على نفسها ، فانه جاء في صحيحي البخاري ومسلم عدا كتب التأريخ والسير ما لا يخرج عن هذا القول : « ان وجوه الناس كانت إليه وفاطمة باقية فلما ماتت انصرفت وجوه الناس عنه وخرج من بيته فبايع ابا بكر وكانت مدة بقائها بعد أبيها ستة أشهر » .
وجاء ما هو أصرح من كل ذلك في جوابه لكتاب لمعاوية ، إذ يتهمه معاوية بالبغي على الخلفاء والابطاء عنهم وكراهية أمرهم ، فيقول الامام منكرا لبعض التهم ومعترفا بالبعض الآخر : « فأما البغي فمعاذ الله أن يكون واما الابطاء والكراهية لامرهم فلست اعتذر إلى الناس في ذلك » (1) .

 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net