متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
الصدق, و الكذب
الكتاب : الأخلاق عند الإمام الصادق (ع)    |    القسم : مكتبة التربية و الأخلاق

الصدق, والكذب

وصفان يقعان على القول، ويضافان إلى القائل، وقد يتعديان إلى غير القول من الأعمال والصفات، والباحث الخلقي يريد منهما الخلقين النفسانيين الذين يصدر عنهما ذلك السلوك.

الصدق والكذب صفتان للقائل أو للقول، ولكن الاعتياد عليهما يغرس في النفس ملكة الصدق أو الكذب، وهي التي يقصدها الخلقي في بحثه.

وإذا اختلف علماء العربية في تعريف الصدق والكذب فلا ينبغي وقوع مثل هذا الاختلاف بين علماء الخلاق لأن غاية العالم الخلقي أن يصل الإنسان إلى الكمال، والكمال في القول أن يطابق الحقيقة والاعتقاد معاً، ولأن الاعتدال الذي يبحث عنه علم الأخلاق هو خضوع الإنسان في سلوكه للحكمة، والحكمة هي: (معرفة حقائق الأشياء على ما هي عليه) فالصدق الذي يبحث عنه الخلقي، والذي يعده من رؤوس الفضائل لا بد له من مطابقة الواقع، ولابد له من مطابقة الاعتقاد.

قد يعتقد الإنسان بشيء وهو مخطئ في ذلك الاعتقاد، فإذا أخبر بما يوافق عقيدته هذه كان قوله صادقاً عند بعض علماء العربية،وقد يكون معذوراً عند الفقيه، لأنه لم يعتمد المخالفة والكذب، ولكنه ليس من الصدق الذي يعد في علم الأخلاق فضيلة.

وليس الصدق من فروع قوة معينة، فقد يضاف إلى الشجاعة، وقد يكون من العفة، وقد ينتسب إلى الحكمة، وقد يشترك في إنتاجه أكثر من قوة واحدة، والكذب نظيره في ذلك.

الصدق فضيلة، ومن الوهن بالكاتب أن يدل على كون الصدق فضيلة، وإذا كان فضل الصدق مفتقراً إلى الإثبات فأي شيء بعده يستغني عن الدليل، الصدق فضيلة وكفى، حكم لم يختلف في صحته عقل، ولم يخالف فيه نظام، أما الشرائع السماوية فإن وجوب الصدق هو الحكم الأول من أحكام كل شريعة: (إن الله عز وجل لم يبعث نبياً إلا بصدق الحديث، وأداء الأمانة إلى البر والفاجر)[10] .

والصدق أهم القواعد التي يقوم عليها بناء المجتمعات، وتنتظم بها وحدات الأمم، وأي بناء يبقى للمجتمع، وأية وحدة تبقى للأمة إذا انهارت دعامة الصدق بين الأفراد، وفقدت الثقة من كل قائل، وكيف يعامل التاجر في تجارته، والطبيب في عيادته بغير الصدق, وكيف يوثق بعلم العالم وعدل الحاكم, وإنصاف الراعي ووفاء الرعية، وكيف يتم كل شيء بغير الصدق.

وعلى هذا الأساس يمكننا ان نجعل الالتزام بالصدق دليلاً على رقي الأمة, وان مقدار رقيها بمقدار التزام أفرادها بالصدق في أعمالهم وأقوالهم وانحطاطها بمقدار ما يفشو بينهم من الكذب، يستحيل على الأمة أن تتقدم في حضارتها ومعارفها إذا كانت متأخرة في الأخلاق، وأشد الأخلاق تأثيراً في ذلك هي الأخلاق العامة التي تؤلف بين الإفراد وتربط بين الجماعات، والصدق من أهم هذه الأخلاق.

وللصدق أقسام عديدة، وكل واحد من هذه الأقسام فضيلة ويقابله الكذب في جميع ذلك.


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net