متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
التفرقة والتشتت المتزايد
الكتاب : ما يهم الشباب    |    القسم : مكتبة التربية و الأخلاق

قانون الحياة

التفرقة والتشتت المتزايد:

صحيح أن المشاكل مهما عظمت فإنها تتضاءل وتزول أمام الهمم العالية والعزم الراسخ والعمل الدائم، إلاّ أن مشاكل مجتمعنا الحاضر كثيرة جداً.

اعداؤنا القساة في الخارج ينتظرون امتصاص آخر قطرة من دمائنا بعناوين مختلفة، وإذا أرادوا البقاء على حياتنا فليست غايتهم من ذلك إلاّ أن تكون جسراً لمنافعهم!.

ولنا اصدقاء جهلة في الداخل يستفيدون من كل وسيلة لزرع النفاق والشقاق والتفرقة ولا يدعون فرصة تمر عليهم إلاّ انتهزوها واستفادوا منها، كأن الله لم يخلقهم إلاّ لبث التفرقة وزرع الفتن! إن هؤلاء عمال لاعدائنا الخارجيين يساعدونهم بشكل مؤثر في الوصول إلى اهدافهم.

نحن لا ندري لماذا أن هذا الوضع متأصل فينا وهو أنه لا يلبث العقلاء في التقدم في اصلاح مجتمعهم مدة حتى يأتي مجنون ويرمي بذور الاختلاف والتفرقة فيه بحيث يشل حركتهم ويضلّهم عن طريق الصواب.

نحن لا نعلم ما هو السر وما هي العلة في أن طبيعة مجتمعنا تتقبل بذور الخلاف أسرع مما تتقبل بذور الوحدة والائتلاف؟

وما أكثر ما نشاهد في ندوة واحدة تضم عشرة اشخاص عشرة آراء متناقضة وعشر عقائد متباينة وعشرة أفكار مختلفة.

إن المصلحين والمفكرين يعملون بصورة منفردة ـ غالباً ـ وتقل فيهم روح الفعالية الجماعية، فكل واحد منهم يشبه الشؤبوب العابر الذي لا يلبث أن ينقطع، ومن المسلم أن أرض مجتمعنا لا تسقى سقاية كافية بمثل هذا الشؤبوب أو ذاك.

أن روح التشتت والتفرقة في مجتمعنا تشبه مرض السرطان الذي لا يلبث حتى يعم جميع البدن بجذوره، لذا نجد أن نتائج الفعاليات الاجتماعية على العموم لا تكون مرضية ـ غالباً ـ حتى في الناحية الاقتصادية فإننا نجد أن "الشركة بمفهومها الواقعي قليلة جداً، وأنها في حالة تجزئة دائماً، وما كان منها دائمياً وثابتاً هو في الحقيقة فردي عليه صبغة الشركة وقالبها.

الأفراد، في الوقت الحاضر، محكومون بالفشل مهما كانوا اقوياء وذوي استعداد وقابليات، فعصرنا عصر جمعيات واتحادات!

فلماذا يكون وضعنا هكذا إذن؟

هل أننا لم ندرك هذه الحقيقة بعد، وهي أن الفعاليات الفردية لا تستطيع أن تتقدم في أي عمل ولا أن تنجح فيه؟

أو أن تربيتنا كانت تربية غير صحيحة بحيث سيرت جميع الطبقات، بدون استثناء، نحو العمل الفردي لا نحو العمل الجماعي؟.

أو أننا لا نؤمن بأهدافنا ذلك الإيمان الكافي بحيث نضحّي في سبيلها بجزء من شخصيتنا الفردية التي تعتبر جزءاً من الضروريات الأولية لكل فعالية جماعية؟

هذه اسئلة تخرج عهدة الاجابة عليها ـ ومع الأسف ـ عن عاتق الكاتب ولا مجال لبحثها هنا!.

الخلاف والتفرقة في عصرنا الحاضر:

ظهرت في مجتمعنا الحاضر فرق جديدة قسمته إلى طبقتين متقابلتين طبقة مفكرة وأخرى هي عامة الناس.

الطبقة الثانية تنعت الأولى بأنها غير مجربة، سطحية غير دقيقة، ومستهترة غير مقيدة.

والأولى تنعت الثانية بأنها متعصبة جامدة، غير مفكرة ومن بقايا العصر الحجري.

بهذا الترتيب نجد الطبقتين في نزاع وجدال قوي مستمر.

صحيح أن عصرنا عصر تحول ومجتمعنا خلف وراءه مرحلة تاريخية قديمة ودخل مرحلة تاريخية جديدة ودخل عصر الكهرباء والذرّة والصواريخ، ومن ميّزات كل انتقال وتحوّل هو النزاع بين العناصر الجديدة وعناصر العهود السابقة، ولكن لا أظن من الضروري أن ننسب كل اوضاعنا ومشاكلنا إلى هذا النزاع والصراع.

ما أحسن الاستفادة من هذا النزاع وذلك بأن ننتخب منه ما هو مفيد وخلاق ونافع ونتجنب ما هو مضل ومضر!.


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net