متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
الاستعمار لا يزال قوياً
الكتاب : ما يهم الشباب    |    القسم : مكتبة التربية و الأخلاق

الاستعمار لا يزال قوياً:

لم يكد يمضي نظام العبودية الفردي ـ إلاّ في بعض نقاط محدودة من العالم ـ حتى حلّ محله نظام استعباد الشعوب والاستعمار، فالأخير يمثل صورة متكاملة للعبودية.

ولا عجب من ذلك، إذ أن عصرنا هو عصر التكامل لمختلف الظواهر الاجتماعية، إذن فما هو المانع من أن يتكامل نظام العبودية القديم في ظل تكامل الصناعة ويظهر بهذه الصورة الوحشية؟!

الاستعمار السياسي وتدخل الدول القوية في تعيين اهداف الأمم الضعيفة أخذ طريقه إلى الزوال، أما الاستعمار الاقتصادي والاجتماعي وثالثها الاستعمار الفكري وهو الأهم فلا يزال قوياً آخذاً طريقه نحو التوسعة والتقدم.

من حسن الحظ أن شعوب الشرق قد استيقظت بعد نومٍ عميق وشعرت بضرورة إزالة أنواع التسلط الغربي عنها فانتفضت ثائرة ضده فاشتعلت لهذا نار الحرب بين هاتين المنطقتين الواسعتين من العالم.

الغرب يسعى جاهداً للاحتفاظ بالشرق كموجود تابع له، وشعوب الشرق هي الأخرى تسعى في تحطيم القيود الغربية واحداً بعد واحد، وتجد في أن تعتمد على نفسها وتستقل في تمام شؤونها الحياتية، وإذا كانت هناك روابط بينها وبين دول الغرب فهي مبنية على أساس رابطة بين موجودين مستقلين، لا رابطة بين تابع ومتبوع.

إن هذا "الأصل" ـ في الحقيقة هو مفتاح لفهم كل المسائل المعقدة التي نشأت في القرون الأخيرة بين الدول الغربية والشرقية في مختلف المجالات.

الغرب يعتمد على "تفوقه الصناعي" و"ثروته العظيمة" في ادامة سلطته، والشرق يسعى دائباً لاعادة استقلاله في مختلف المجالات معتمداً على منابعه ومعادنه الغنية وعلى ما ابقى له اسلافه من حضارة لامعة.

الشرق يجد نفسه وارثاً لحضارة عالية وتمدن رفيع كانت تسود العالم في الوقت الذي كان فيه الغرب يعيش حياة بربرية وحشية.

الشرقيون لهم الحق في أن ينظروا لأنفسهم هذه النظرة وأن يعطوها هذه المكانة، فعلماء الغرب أنفسهم قد اعترفوا بهذه الواقعية التاريخية واعطوا هذا الحق إلى الشرق في الكتب التاريخية لعلومهم.

إن هذا الاحساس بالاضافة إلى الغرور القومي والإباء النفسي الذي يعتبر من خصائص الشرقيين قد منحهم قوة في كفاحهم هذا مع الغربيين.

إن هذا الاحساس القومي الأصيل هو الذي فسره النفعيون الغربيون "بالتعصب الاعمى".


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net