متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
بين المقاومة و التفاوض
الكتاب : الوعد الصادق دلالات ودروس عن أنتصار حزب الله    |    القسم : مكتبة السياسة و الإقتصاد

يتأرجح الموقف العربي من إسرائيل بين المقاومة والتفاوض وكان الموقف أول الأمر هو المقاومة، ورفض أي خيار آخر غير خيار المقاومة، غير أن موقف الأنظمة العربية بشكل عام أخذ ينزلق من اللاءات العربية المعروفة باتجاه التطبيع في العلاقة مع إسرائيل، وأخذت المفاوضة تحتل محل المقاومة، حتى انتهت المقاومة بالكامل، في مساحة واسعة من العالم الإسلامي عموماً والعالم العربي خصوصاً.

ونحن نقول لهذه الأنظمة المقتنعة بجدوى التفاوض مع إسرائيل: إن إسرائيل لا تمتلك الحدَّ الادنى من القيم التي لابد منها لأي تفاوض بين طرفين مختلفين ... ولا معنى للتفاوض مع الطرف الذي يطالب بكل شيء ولا يعطي شيئاً للطرف الذي يفاوضه، وإذا التزم بشيء لا يفي به، ولا يعترف بأية قيمة أخلاقية في
التعامل السياسي مع الأطراف الأخرى.

إن المواجهات الأخيرة في فلسطين ولبنان كشفت بوضوح هذه الحقيقة، وعرف الناس جميعاً الطريقة اللاانسانية لإسرائيل في التعامل مع كل من (حماس) و(حزب الله) في قضية الأسير الإسرائيلي الذي أسرته حركة حماس أو الأسيرين اللذين أسرهما حزب الله، لتطلق إسرائيل في المقايضة العسكرية بينهما عن الأطفال والنساء الفلسطينيين الرهائن في سجون إسرائيل وتطلق سراح الرهائن اللبنانيين في إسرائيل.

وإنما نقول (رهائن) لأن إسرائيل اختطفتهم من أرضهم وديارهم وبيوتهم فهم رهائن في سجون إسرائيل، ولا يُعدّون أسرى في الحسابات العسكرية .

إلاّ ان الـعشرة آلاف من الرهائن الفلسطينيين واللبنانيين المسجونين في سجون إسرائيل في حساب إسرائيل إرهابيون، لا يستحقون الرحمة والحرية بما فيهم الأطفال والنساء، والأسرى الإسرائيليون الثلاثة هم رهائن مختطفون يجب إطلاق سراحهم فوراً.

وفي غير هذه الحالة فان إسرائيل تدخل غزة وتخطف وزراء حماس ورجال البرلمان من داخل بيوتهم، وتقصف غزة قصفاً مكثفاً، وتقتل وتخرّب، وتخطف، وتمنع عنهم الغذاء، والدواء، وحليب الأطفال، حتى إطلاق سراح الأسير الإسرائيلي، وتدخل لبنان، وتمارس فيه أبشع ألوان التخريب، من الجو، والبحر، والأرض لإطلاق سراح الأسيرين ... هذه هي إسرائيل لمن يريد أن يتعامل معها !! إن هذا التعامل الطائش ينّم عن غطرسة وتعنّت لا حد له، ولا نظير له في التعامل السياسي والعسكري في العالم.
وينمّ عن اللاأخلاقية وفقدان لكل القيم الأخلاقية في الحرب والسلم.
غطرسة لا حد لها، ولا أخلاقية، وفقدان للقيم الأخلاقية لا حد لها، واحتقار للآخرين لا حد له ...

نحن نتساءل: كيف يمكن التفاوض والتفاهم مع طرف يتعامل في الحرب والسلم بهذه الشراسة واللاأخلاقية والتعنت؟
كيف يرجو حكام العرب ان يأخذوا من إسرائيل بعض حقوقهم عن طريق التفاوض.

ان الأنظمة والكيانات العربية الحاكمة تعطي لإسرائيل في هذه المفاوضات (شرعية الاحتلال والعدوان)، دون ان تأخذ من إسرائيل شيئاً قط.
والمنهج الوحيد الواقعي للتعامل مع إسرائيل هو منهج (المقاومة).
لقد عرفت المقاومة اللبنانية والفلسطينية الإسلاميتين بأية لغة تخاطب إسرائيل.
وهذه اللغة هي اللغة الوحيدة التي تفهمها إسرائيل، وهذا المنطق هو المنطق الوحيد الذي تستوعبه إسرائيل، وتتقبله وتخضع له.

وعبثاً يحاول حكام العرب ان يكسبوا ثقة إسرائيل واحترامها، ليتعاطوا معها بعض الحقوق والمكاسب في ظل الاعتراف بشرعية إسرائيل، وتطبيع العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية وتبادل السفراء والقائمين معها.

ان الأنظمة العربية في وهم كبير، ويرتكبون خطأ تاريخياً كبيراً في هذا المنهج الذي يسيرون عليه في التطبيع والتفاوض، والمنهج الصحيح للتعامل مع إسرائيل هو المقاومة الذي تسلكه المقاومة الإسلامية في فلسطين ولبنان، والانتفاضة التي يتبناها الشارع الفلسطيني إزاء العدوان الإسرائيلي.

ورحم الله الإمام الخميني، لقد أدرك من تعنت إسرائيل وغطرستها وحالتها العدوانية التوسعية ما لم يدركه الكثير من حكام العرب، فأعلن للمسلمين في خطاباته السياسية إن كل حركة للتفاوض والتفاهم مع إسرائيل لا تجدي نفعاً للمسلمين، وأن إسرائيل تزداد شراهة وعدوانا يوما بعد يوم.
والموقف الوحيد هو العمل على إزالة إسرائيل من الخارطة السياسية للشرق الأوسط.

فليستوعب الأمريكان ربيبتهم إسرائيل في ولاية من ولاياتهم، إذا شاءوا ... فما دامت إسرائيل قائمة في الشرق الأوسط، فهي (غُدّة سرطانية) في المنطقة، كما كان يقول رحمه الله، وتبقى المنطقة متأججة، ولا تذوق طعم السلم أبداً ... ولو ان المسلمين كانوا يوحدّون موقفهم وقرارهم لم تكن إسرائيل قادرة ان تبقى في المنطقة وتمارس عدوانها بهذه الصورة من الهمجية، ولم يكن بوسع أمريكا ولا أوروبا ان تدافعا عن الكيان الصهيوني الذي زرعاه في هذه المنطقة، ولم تذق المنطقة طعم السلام منذ قامت إسرائيل إلى اليوم.

ولكن مصيبة المسلمين في الأنظمة التي تحكمهم، الا القليل منها، وسوف تبقى هذه المصيبة ما بقيت هذه الأنظمة.


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net