متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
مثلث العصيان
الكتاب : الوعد الصادق دلالات ودروس عن أنتصار حزب الله    |    القسم : مكتبة السياسة و الإقتصاد

مثلث العصيان


وعلى هذا المنوال تتكامل الأطراف الثلاثة للعصيان السياسي للنفوذ الأمريكي في إيران والعراق ولبنان.
صحيح أن الجيوش الأمريكية لا تزال تجوب أرض العراق وسماءه، ولكن الأمريكان يعرفون جيداً إن هذه الحالة لن تدوم طويلاً، وأمريكا لا تستطيع أن تضحّي بأكثر مما ضحّت من أبنائها (2600 جندي أمريكي) إلى حين كتابة هذه السطور على الأقل و(المليارات من الدولارات) ... والشعب الأمريكي لا يتحمل تضحيات وخسائر أكثر من أبنائه وخزانته في العراق، وعليه فان الوضع السياسي في العراق ينذر الأمريكان بالشر، ويقرع أجراس الإنذار، ويعتبر الأمريكان العراق منذ اليوم ضمن (مثلث العصيان): (إيران والعراق ولبنان).

وهذا المثلث، هو الحالة التي نبّه الأمريكان إليها ملك الأردن عبد الله، وعبّر عنه بـ (الهلال الشيعي)، وانتقد فيها السياسة الأمريكية في المنطقة، وحذّر الأمريكان من مغبّة السماح للإسلاميين في العراق للوصول إلى مواقع الحكم والقرار في العراق ...وهو نفسه الحالة التي انتقدت فيها الخارجية السعودية الأمريكان على خططهم السياسية في العراق وفي المنطقة.
إن طرفي هذا الهلال المستعصي على الإرادة الأمريكية إيران ولبنان، وقاعدته المقعرة العراق.

ومشكلة (مثلث العصيان) أن الولاء في هذا المثلث ليس للأمريكان. وهذه نقطة خطيرة بالنسبة إلى الأمريكان في المنطقة.
وقد عبّر (حسني مبارك) عن هذه الحقيقة نفسها بطريقة أخرى، فقال - في المقابلة التي أجريت له - : ان العراقيين ولاؤهم لإيران ... وهو تعبير سياسي ذكي عن مسألة أخرى، وهي أن الأمريكان لا يحوزون على ولاء الحكام العراقيين الجدد بالضرورة، وأنّ مواقع النفوذ والقرار في العراق - في مرحلته الجديدة بعد صدّام - خرجت عن دائرة النفوذ الأمريكي، وهو تعبير ذكي ودقيق - كما قلت - يثير حساسيّة الدول العربية وحساسية الأمريكان، غير ان حسني مبارك لم يقدّر ان هذه الكلمة سوف تغضب العراقيين، أيّما غضب.

وعلى نحو الإجمال، هذا هو مثلث العصيان والرفض للإرادة الاستكبارية الأمريكية في الشرق الأوسط، وهو أمر يهم الأمريكان كثيراً ... ويدركونه جيداً.

وما انتبه إليه الملك عبد الله في الأردن والخارجية السعودية، وحسني مبارك في مصر لا تخفى على الأمريكان، غير أنه خفى على القيادات الأردنية والسعودية والمصرية أن أمريكا قبلت بهذا الحلّ في العراق مكرهة، ولم تجد أمامها خيارات أخرى لتختارها عليه، وان الإسلاميين في العراق وصلوا إلى مواقع الحكم والقرار من منطلق الأمر الواقع، وليس من منطلق الخيارات التي تختارها أمريكا للعراق، وليس من مصلحة أمريكا ان تلجأ إلى الأسلوب الصدامي في فرض إرادتها بالحديد والنار ... فإنها سوف تستعجل - في هذه الحالة - بالمقاومة المسلحة العراقية الشرسة، التي لا تطيقها أمريكا ... ويصدق على أمريكا في هذا الخيار أنها (مكرهة وليست بطلة).

ومهما يكن من أمر فقد حصل تغيير أساسي منذ 25 سنة في الخارطة السياسية للشرق الأوسط ... وهذا التغيير يجري على خلاف الاستراتيجية الأمريكية بالتأكيد ... ولابد من عمل جاد وتخطيط لإحباط (مثلث العصيان) في الشرق الأوسط، وهذا التخطيط هو الذي تشير إليه كونداليزارايس (حمّالة الحطب)، وزيرة الخارجية الأمريكية عندما وجدت أن الجيش الإسرائيلي، بكل تجهيزاته تلقى صفعات قوية من جانب حزب الله ... فأعلنت عن القرار الأمريكي في رسم خارطة الشرق الأوسط من جديد، وسمته بـ (الشرق الأوسط الجديد).

 


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net