متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
الحواجز الطائفية
الكتاب : الوعد الصادق دلالات ودروس عن أنتصار حزب الله    |    القسم : مكتبة السياسة و الإقتصاد

إن الاختلاف في العقيدة والاجتهاد الفقهي والرأي والفهم بين المسلمين أمر واقع لا سبيل إلى إنكاره.
إلاّ أن الاستكبار العالمي يحاول أن يجعل من هذا الاختلاف في العقيدة والاجتهاد حاجزاً بين المسلمين، يعزلهم عن بعض، وهذه هي نقطة الخلاف الجوهرية بيننا وبين دعاة الطائفية السياسية، والمقاطعة المذهبية بين المسلمين.

وإذا فرّقنا بين الأمرين يهون علينا علاج هذه المشكلة المستعصية على أئمة الإصلاح والتقريب بين المسلمين من السنة والشيعة.

نحن لا ندعو الشيعة إلى ان يتنازلوا عن عقائدهم ومتبنياتهم وإلى قبول أفكار أهل السنة واجتهاداتهم، ولا العكس.

ولكن هناك اتجاهين في التعامل مع هذا الاختلاف في العقيدة والرأي.
الاتجاه الأول: هو الانجرار من منطلق الإختلاف إلى التخالف والتقاطع والتنابذ والتباعد.
والاتجاه الثاني: التواصل، والتفاهم، والتعاون، والتضامن، والتقارب في المواقف السياسية والاجتماعية وفي العلم والمعرفة أيضاً.
والمنهج الثاني هو منهج أهل البيت (ع) . لقد كانوا يحثّون شيعتهم على ذلك، ويدفعونهم بهذا الاتجاه، ويطلبون منهم زيارة قومهم وأشقّائهم ممن لا يذهب مذهبهم، ويدعونهم إلى حضور صلواتهم، ويؤكدون لهم أنها مجزية وصحيحة، بل في بعض النصوص أنها كالصلاة خلف رسول الله (ص) في الصف الأول، ويرغبّونهم في مواصلة العلاقة من الزيارات والمجاملات وعيادة المرضى وتشييع الموتى، وكل ما من شأنه خلق المودة والرحمة والحب في القلوب وإزالة الحواجز النفسية بين المسلمين.

وتصريحات أهل البيت (ع) في ذلك كثيرة رُوِيت عنهم بأسانيد صحيحة ومعتبرة.
وهذا هو النهج الذي نؤمن به ونسعى إليه، ونعتقد بضرورته وأهميته.
ونعتقد أنّ الأمة الإسلامية في عرضها العريض يؤمن بهذه الحقيقة ... ورغم وجود نداءات ودعوات متطرّفة من كل من الفريقين الإسلاميين الكبيرين إلى التقاطع والتخالف ... رغم ذلك هناك استجابة إسلامية صافية، ونقية، وخالية من أية تعقيدات ورواسب وخلفيات متشنجة في الساحتين الإسلاميتين، الشيعية والسنية.

فقد شاهدنا جميعاً التجاوب الشيعي من قبل (حزب الله) لنداءات (حماس) عندما دخلت إسرائيل بغطرسة وهمجية لا حد لها غزة واختطفت وزراء وأعضاء للبرلمان الفلسطيني من داخل بيوتهم، وقصفت بيوتهم واستمر القصف والخطف أسبوعاً كاملاً، فانبرى حزب الله لتلبية نداء (حماس) بشجاعة وبسالة، متخطياً كل الحواجز الطائفية، لتعلم إسرائيل أن حماس ليست وحدها في الساحة، وإنما معها حزب الله على خط النار، وعندما انطلق حزب الله في مبادرته البطولية الباسلة، خرج ملايين المسلمين من السنة والشيعة يتخطّون الحواجز الطائفية ويعلنون تضامنهم مع حزب الله، وينادون:
(لا سنية لا شيعية، مقاومة إسلامية).

إن الهزاّت السياسية الكبيرة تظهر الجوهر الصافي النقي لفطرة هذه الأمة، من تحت ركام مخلفات التقاطع والتباعد المذهبي.

نحن نعتقد ان الأمة الإسلامية اليوم في مواجهة شرسة مع قوى الاستكبار العالمي، وفي مقدمتها أمريكا وإسرائيل، والمعركة شرسة وضارية وصعبة ومصيرية، ولا تتقبل هذه المعركة الحلول النصفية الترقيعية التي يحرص عليها حكام العرب تجاه إسرائيل.

ولا يستطيع المسلمون أن يدخلوا هذه المعركة إلا إذا اجتمعت أيديهم، وتوحدت مواقفهم وقراراتهم في مواجهة إسرائيل، ولن يتم شيء من ذلك الا عبر تجاوز الحواجز النفسية الطائفية.

وهذه المهمة تتطلب من علماء المسلمين ومن منابر الإسلام توجيه المسلمين اليوم إلى حالة التقارب والتفاهم وتوحيد القرار والموقف السياسي.

وفي غير هذه الحالة لا نستطيع أن نتغلّب على التحدّيات الاستكبارية التي تواجهنا وتواجه الأجيال من بعدنا.
وسبل التقارب والوحدة في العالم الإسلامي ثلاثة:
1- التناصر في الموقف السياسي والجهادي، وتوحيد الموقف والقرار السياسي في معركتنا الشرسة مع إسرائيل وأمريكا وأنظمة الاستكبار العالمي.

2- التعاطي العلمي الموضوعي بين علماء المسلمين في الفقه والتفسير والحديث والجرح والتعديل، والكلام، ومن شأن هذا التعاطي العلمي أن يفتح آفاقاً للتعامل العلمي، ولا سيما الفقهي والعقائدي بين المذاهب الإسلامية.

3- التعاون والتفاهم والتآلف بين المسلمين، والتأكيد على العلاقات الاجتماعية والشخصية المشتركة، والحضور المشترك في مساجد الطرفين، والندوات واللقاءات المشتركة، وكلّ ما من شأنه التقارب بين المسلمين، وإزالة حالة التشنّج المذهبي، وتجاوز الحواجز النفسية بين الطائفتين الإسلاميتين الكبيرتين.وبعد فهذه دعوة مخلصة نستنتجها من أحداث المواجهة التي تمت بين حزب الله وإسرائيل، والتعاطف والتضامن الإسلامي العام في العالم الإسلامي لحزب الله ... نرفعها إلى علماء المسلمين وأئمتهم وخطبائهم ومثقفيهم المخلصين.


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net