متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
الفصل الثالث: في الاكفاء ونكت في النكاح
الكتاب : مكارم الأخلاق    |    القسم : مكتبة التربية و الأخلاق
الفصل الثالث
( في الاكفاء والنكت في النكاح )

    عن الحسين بن بشار قال : كتبت إلى أبي جعفر ( عليه السلام ) في رجل خطب إلى ؟
    فكتب ( عليه السلام ) : من خطب إليكم فرضيتم دينه وأمانته كائنا من كان فزوجوه ( إلا تفعلوه تكن فتنة في الارض وفساد كبير ) (1).
    وقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : إنما أنا بشر مثلكم أتزوج فيكم وأزوجكم إلا فاطمة فإن تزويجها نزل من السماء. ونظر رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إلى أولاد علي وجعفر ، فقال : بناتنا لبنينا وبنونا لبناتنا.
    عن الصادق ( عليه السلام ) قال : المؤمنون بعضهم أكفاء بعض. وقال ( عليه السلام ) : الكفو أن يكون عفيفا وعنده يسار.
    عن الحلبي قال : قال الصادق ( عليه السلام ) : لاتتزوجوا المرأة المستعلنة بالزنا. ولا تزوجوا الرجل المستعلن بالزنا إلا أن تعرفوا منهما التوبة.
    وعن زرارة قال : سألت أبا عبد الله ( عليه السلام ) عن قوله عزوجل : ( الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك ) (2) ؟ فقال : هي نساء مشهورات بالزنا ورجال مشهورون بالزنا ومعروفون به والناس اليوم بتلك المنزلة ، من أقيم عليه حد الزنا أو شهر بالزنا لا ينبغي لاحد أن يناكحه حتى يعرف منه توبة.
    من كتاب تهذيب الاحكام جاء رجل إلى الحسن ( عليه السلام ) يستشيره في تزويج ابنته ؟
    فقال : زوجها من رجل تقي ، فإنه إن أحبها أكرمها وإن أبغضها لم يظلمها.
    وقال رسول لله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : من زوج كريمته من فاسق فقد قطع رحمه.
    وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : من شرب الخمر بعدما حرمها الله فليس بأهل أن يزوج إذا خطب.
    كتب علي بن أسباط إلى أبي جعفر ( عليه السلام ) في أمر بناته ، أنه لا يجد أحدا مثله ؟
    فكتب إليه أبوجعفر ( عليه السلام ) : فهمت ما ذكرت من أمر بناتك وأنك لا تجد أحدا


1 ـ سورة الانفال : آية : 74.
2 ـ سورة النور : آية 3.


(205)

مثلك ، فلا تنظر في ذلك يرحمك الله ، فإن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال : إذا جاءكم من ترضون خلقه فزوجوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الارض وفساد كبير.
    وروي أنه سأل ( عليه السلام ) أبا بصير : إذا تزوج أحدكم كيف يصنع ؟ فقال : ما أدري ، قال : إذا هم بذلك فليصل ركعتين وليحمد الله عزوجل وليقل : اللهم إني أريد أن أتزوج ، اللهم فقدر لي من النساء أحسنهن خلقا وخلقا وأعفهن فرجا وأحفظهن لي في نفسها ومالي وأوسعهن رزقا وأعظمهن بركة ، واقض لي منها ولدا طيبا تجعله لي خلفا صالحا في حياتي وبعد موتي.
    وخطب أبوطالب لما تزوج النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بخديجة بنت خويلد بعد أن خطبها من أبيها ـ ومن الناس من يقول إلى عمها ـ فأخذ بعضادتي الباب ومن شاهده من قريش حضور ، فقال : الحمد لله الذي جعلنا من زرع إبراهيم ( عليه السلام ) وذرية إسماعيل ( عليه السلام ) وجعل لنا بيتا محجوجا وحرما آمنا [ يجبى إليه ثمرات كل شيء ] وجعلنا الحكام على الناس في بلدنا الذي نحن فيه ، ثم إن ابن أخي [ هذا ] محمد بن عبد الله بن عبد المطلب لا يوزن برجل من قريش إلا رحح به ولا يقاس به أحد وإن كان في المال قل ، فإن المال رزق حائل وظل زائل وله في خديجة رغبة ولها فيه رغبة. والصداق ما شئتم عاجله وآجله من مالي. وله خطر عظيم وشأن رفيع ولسان شافع جسيم.
    فزوجه ودخل بها من الغد.
    ولما تزوج [ أبوجعفر محمد بن علي ] الرضا ( عليه السلام ) ابنة المأمون خطب لنفسه ، فقال : الحمد لله متمم النعم برحمته والهادي إلى شكره بمنه وصلى الله على محمد خير خلقه ، الذي جمع فيه من الفضل ما فرقه في الرسل قبله وجعل تراثه إلى من خصه بخلافته وسلم تسليما. وهذا أمير المؤمنين زوجني ابنته على ما فرض الله عزوجل للمسلمات على المؤمنين من إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان. وبذلت لها من الصداق ما بذله رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لازواجه وهو اثنتا عشرة اوقية ونش (1) على تمام الخمسمائة وقد نحلتها من مالي مائة ألف درهم ، زوجتني يا أمير المؤمنين ؟ قال : بلى ، قال : قبلت ورضيت.


1 ـ الاوقية عندهم أربعون درهما. والنش : النصف من كل شيء.


(206)

    ويستحب أن يخطب بخطبة الرضا ( عليه السلام ) تبركا بها ، لانها جامعة في معناها وهي : الحمد لله الذي حمد في الكتاب نفسه وافتتح بالحمد كتابه وجعله أول محل نعمته وآخر جزاء أهل طاعته وصلى الله على محمد خير بريته وعلى آله أئمة الرحمة ومعادن الحكمة. والحمد لله الذي كان في نبئه الصادق وكتابه الناطق أن من أحق الاسباب بالصلة وأولى الامور بالتقدمة سببا أوجب نسبا وأمرا أعقب حسبا ، فقال جل ثناؤه : ( وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا وكان ربك قديرا ) (1). وقال : ( وأنكحوا الايامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم ) (2). ولو لم يكن في المناكحة والمصاهرة آية محكمة منزلة ولا سنة متبعة لكان فيما جعل الله فيها من بر القريب وتألف البعيد ما رغب فيه العاقل اللبيب وسارع اليه الموافق المصيب ، فأولى الناس بالله من اتبع أمره وأنفذ حكمه وأمضى قضاءه ورضي جزاءه ، ونحن نسأل الله تعالى أن ينجز لنا ولكم على أوفق الامور. ثم إن فلان بن فلان من قد عرفتم مروته وعقله وصلاحه ونيته وفضله وقد أحب شركتكم وخطب كريمتكم فلانة وبذل لها من الصداق كذا ، فشفعوا شافعكم وأنكحوا خاطبكم في يسر غير عسر ، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.

( خطبة محمد التقي (عليه السلام) عند تزويجه بنت المأمون )

    الحمد لله إقرارا بنعمته ولا إله إلا الله إخلاصا بوحدانيته وصلى الله على محمد سيد بريته وعلى الاصفياء من عترته. أما بعد فقد كان من فضل الله على الانام أن أغناهم بالحلال عن الحرام ، فقال سبحانه : وأنكحوا الايامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم.
    ثم إن محمد بن علي بن موسى يخطب أم الفضل ابنته عبد الله المأمون وقد بذل لها من الصداق مهر جدته فاطمة عليها السلام بنت محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وهو خمسمائة درهم جيادا ، فهل زوجتني يا أمير المؤمنين بها على الصداق المذكور ؟ قال المأمون : نعم ، قد زوجتك يا أبا جعفر أم الفضل بنتي على الصداق المذكور ، فهل قبلت النكاح ؟ قال أبوجعفر


1 ـ سورة الفرقان : آية 56.
2 ـ سورة النور : آية 32.


(207)

( عليه السلام ) : نعم قبلت النكاح ورضيت به.
    عن الصادق ( عليه السلام ) : من تزوج امرأة ولم ينو أن يوفيها صداقها فهو عند الله عزوجل زان.
    وقال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) إن أحق الشروط أن يوفي بها ما استحللتم به الفروج.
    والسنة المحمدية في الصداق خمسمائة درهم ومن زاد على السنة رد إلى السنة ، فإن أعطاها من الخمسمائة درهم درهما واحدا أو أكثر من ذلك ثم دخل بها فلا شيء لها بعد ذلك ، إنما لها ما أخذت منه [ من ] قبل أن يدخل بها. وكل ما جعلته المرأة من صداقها دينا على الرجل فهو واجب لها عليه في حياته وبعد موته أو موتها.
    والاولى أن لا يطالب الورثة بما لم تطالب به المرأة في حياتها ولم تجعله دينا على زوجها.
    وكل ما دفعه إليها ورضيت به عن صداقها قبل الدخول بها فذاك صداقها. وإنما صار مهر السنة خمسمائة درهم لان الله عزوجل أوجب على نفسه أن لا يكبره مؤمن مائة تكبيرة ولا يسبحه مائة تسبيحة ولا يهلله مائة تهليلة ولا يحمده مائة تحميدة ولا يصلي على محمد وآل محمد مائة مرة ثم يقول : اللهم زوجني من الحور العين إلا زوجه الله حورا من الجنة وجعل ذلك مهرها. وإذا زوج الرجل ابنته فليس له أن يأكل صداقها.
    من أمالي السيد أبي طالب الهروي ، عن زين العابدين ( عليه السلام ) قال : خطب النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) حين زوج فاطمة عليها السلام من علي ( عليه السلام ) فقال : الحمد لله المحمود بنعمته ، المعبود بقدرته ، المطاع بسلطانه ، المرهوب من عذابه وسطوته ، المرغوب إليه فيما عنده ، النافذ أمره في سمائه وأرضه. ثم إن الله عزوجل أمرني أن أزوج فاطمة من علي [ بن أبي طالب ] ، فقد زوجته على أربعمائة مثقال فضة إن رضي بذلك علي. ثم دعا صلى الله عليه وآله وسلم بطبق [ من ] بسر ، ثم قال انتهبوا فبينا ننتهب إذ دخل علي ( عليه السلام ) فتبسم النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في وجهه ، ثم قال : يا علي أعلمت أن الله عزوجل أمرني أن أزوجك فاطمة فقد زوجتكها على أربعمائة مثقال فضة إن رضيت ، فقال علي ( عليه السلام ) : رضيت بذلك عن الله وعن رسوله ، فقال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : جمع الله شملكما وأسعد جدكما وبارك عليكما وأخرج منكما كثيرا طيبا.
    قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : أنكحت زيد بن حارثة زينب بنت جحش. وأنكحت المقداد ضباعة بن الزبير بن عبد المطلب ليعلموا أن أشرف الشرف الاسلام.


(208)

    عن جابر الانصاري قال : لما زوج رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فاطمة عليها السلام من علي ( عليه السلام ) أتاه أناس من قريش فقالوا : إنك زوجت عليا بمهر خسيس ، فقال : ما أنا زوجت عليا ولكن الله زوجه ليلة أسري بي عند سدرة المنتهى ، أوحى الله عزوجل إلى السدرة أن انثري ، فنثرت الدرر والجواهر على الحور العين ، فهن يتهادينه ويتفاخرن ويقلن : هذا من نثار فاطمة عليها السلام بنت محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ). فلما كانت ليلة الزفاف أتى النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ببغلته الشهباء وثنى عليها قطيفة وقال لفاطمة : اركبي وأمر سلمان رضي الله عنه أن يقودها والنبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يسوقها ، فبيناهم في بعض الطريق إذ سمع النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وجبة (1) فإذا هو بجبريل ( عليه السلام ) في سبعين ألفا من الملائكة وميكائيل ( عليه السلام ) في سبعين ألفا ، فقال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ما أهبطكم إلى الارض ؟ قالوا : جئنا نزف فاطمة عليها السلام إلى زوجها وكبر جبريل ( عليه السلام ) وكبر ميكائيل ( عليه السلام ) وكبرت الملائكة وكبر محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فوضع التكبير على العرائس من تلك الليلة.
    عن الصادق ( عليه السلام ) قال : زفوا عرائسكم ليلا وأطعموا ضحى.


1 ـ الوجبة ـ بفتح فسكون ـ السقطة مع الهدة ، أو صوت الساقط.


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net