متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
فصل: كيفية التعزية
الكتاب : مسكن الفؤاد عند فقد الأحبة والأولاد    |    القسم : مكتبة التربية و الأخلاق
فصل
{ كيفية التعزية }

    وأما كيفيتها فقد تقدم خبر المصافحة فيها.
    وأمّا ما يقال فيها فما يتفق من الكلمات ، ويروى من الأخبار المؤدية إلى السلوة ، ولا شيء مثل إيراد بعض ما تضمنته هذه الرسالة ، فإنّ فيها شفاءً لمافي الصدور ، وبلاغاً وافياً في تحقيق هذه الأمور.
    وعن علي عليه السلام قال : « كان رسول الله صلّى الله عليه وآله إذا عزّى قال : آجركم الله ورحمكم ، وإذا هنّأ قال : بارك الله لكم ، وبارك عليكم ».
    وروي : أنّه توفي لمعاذ ولد ، فاشتدّ وجده عليه ، فبلغ ذلك النبي صلّى الله عليه وآله ، فكتب إليه :
    « بسم الله الرحمن الرحيم ، من محمد رسول الله إلى معاذ ، سلام عليك ، فإنّي أحمد الله الذي لا إله إلاّ هو.
    أما بعد : أعظم الله لك الأجر ، وألهمك الصبر ، ورزقنا وإياك الشكر ، فإن أنفسنا (وأهلينا وموالينا) (1) وأولادنا من مواهب الله ـ عزّوجلّ ـ الهنيئة ، وعواريه المستودعة ، نمتّع بها إلى أجل معلوم ، وتقبض لوقت معدود ، ثمّ افترض علينا الشكر إذا أعطانا ، والصبر إذا ابتلانا ، وكان ابنك من مواهب الله الهنيئة ، وعواريه المستودعة ، متّعك الله به في غبطة وسرور ، وقبضه منك بأجر كثير ، الصلاة والرحمة والهدى إن صبرت واحتسبت ، فلا تجمعن عليك مصيبتين ، فيحبط لك أجرك ، وتندم على ما فاتك ، فلو قدمت على ثواب مصيبتك ، علمت أن المصيبة قصرت في جنب الله عن الثواب ، فتنجز من الله موعوده ، وليذهب أسفك على ما هو نازل بك ، فكأن قد ، والسلام » (2).
    وعن أبي عبدالله جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام ، عن أبيه ، عن جدّه ، قال : « لمّا توفي رسول الله صلّى الله عليه وآله جاء جبرئيل عليه السلام ، والنبي صلّى الله عليه وآله مسّجى ، وفي البيت عليّ وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام ، فقال :


1 ـ في « ش » : وأهالينا وأموالنا.
2 ـ روي باختلاف في ألفاظه في التعازي : 12/ 14 ، ومنتخب كنز العمال 6 : 277 ، والمستدرك على الصحيحين 3 : 273.


(109)

السلام عليكم يا أهل بيت النبوة (1) ( كلُّ نفس ذائقةُ الموت وإنّما توفّون اُجوركُم يوم القيامة ) (2) الآية. ألا إنّ في الله عزّوجلّ عزاء من كل مصيبة ، وخلفاً من كلّ هالك ، ودركاً لما فات ، فبالله عزّوجلّ فثقوا ، وإيّاه فارجوا ، فإنّ المصاب من حرم الثواب ، هذا آخر وطئي (3) من الدنيا » (4).
    وعن جابر بن عبدالله رضي الله عنه ، قال : لمّا توفي رسول الله صلّى الله عليه وآله عزّتهم الملائكة ، يسمعون الحس ولا يرون الشخص ، فقالوا : السلام عليكم ـ أهل البيت ـ ورحمة الله وبركاته ، إنّ في الله ـ عزّوجلّ ـ عزاء من كل مصيبة ، وخلفاً من كل فائت (5) ، فبالله فثقوا ، وإياه فارجوا ، فإنّما المحروم من حرم الثواب ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته (6).
    وروى البيهقي في ( الدلائل ) قال : لمّا قبض رسول الله صلّى الله عليه وآله ، أحدق به أصحابه ، فبكوا حوله ، واجتمعوا ، فدخل رجل أشهب اللحية جسيم صبيح ، فتخطّى رقابهم ، فبكى ، ثمّ التفت إلى أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وآله ، فقال : إنّ في الله عزاء من كل مصيبة ، وعوضاً من كل فائت ، وخلفاً من كل هالك ، فإلى الله فأنيبوا ، وإليه فارغبوا ، ونظره إليكم في البلاء فانظروا ، فإنّ المصاب من لم يؤجر ، وانصرف ، فقال بعضهم لبعض : تعرفون الرجل؟ فقال عليّ عليه السلام : « نعم ، هذا أخو رسول الله صلّى الله عليه وآله ، الخضر عليه السلام » (7).


1 ـ في « ش » : الرحمة.
2 ـ آل عمران 3 : 185.
3 ـ في « ح » و « ش » : وطء ، وما أثبتناه من الكافي ، أي نزولي إلى الارض لإنزال الوحي.
4 ـ الكافي 3 : 221/ 5 ، والبحار 82 : 96/ 47.
5 ـ في « ح » : هالك.
6 ـ الكافي 3 : 221/ 6 باختلاف في ألفاظه عن أبي عبدالله عليه السلام ، والبحار 82 : 96.
7 ـ دلائل النبوة 7 : 269 ، ورواه الحاكم في مستدركه 3 : 58 ، والمجلسي في البحار 82 : 97.


(110)

 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net