متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
الامر العاشر : في امكان الاشتراك ووقوعه أيضا
الكتاب : نهاية الافكار ج1 ـ 2    |    القسم : مكتبة علم الأصول

الامر العاشر
{ في امكان الاشتراك ووقوعه أيضا }

    لاينبغي الاشكال في امكان الاشتراك بالنسبة إلى معنيين وأزيد بل وقوعه أيضا في لغة العرب بل وفي غيرها من اللغات كما في لفظ شير بالفارسية الذي هو اسم للأسد الذي هو الحيوان المفترس واسم أيضا لللبن كقول الشاعر : ( آن يكى شير است اندر باديه وان يكى شيراست اندر باديه ) وحينئذ فدعوى امتناعه كما عن بعض مدعيا لاستلزامه الاخلال بالتفهيم والتفهم المقصود من الوضع بلا نصب القرينة على المراد واستلزامه التطويل بلا طائل معها في غير محلها ، لما عرفت من الوقوع الذي هو أدل دليل على امكانه.
    وحينئذ فما ذكر من المحذور على تقدير تماميته يكون من الشبهة في قبال البداهة ، خصوصا مع عدم تماميته أيضا ، حيث نقول : بأنه كثيرا ما يتعلق الغرض بالاجمال المعلوم عدم حصوله غالبا الا بذلك ، فلايكون حينئذ اخلال بالغرض. واما حديث لزوم التطويل بلا طائل مع نصب القرينة فهو أيضا ممنوع إذا كان الاتكال على القرينة الحالية ، مع لزوم الاحتياج على المجاز إلى قرينتين : إحديهما صارفة والأخرى معينة للمراد ، بخلافه على الاشتراك فإنه لايحتاج الا إلى قرينة واحدة معينة للمراد.
    نعم هنا وجه آخر للقول بالامتناع ، وهو ان قضية الوضع حيثما كان عبارة عن نحو اختصاص خاص بين اللفظ والمعنى وكونه على نحو المرآتية والفناء لا مطلق الاختصاص ولو على نحو الا مارية ، فلا جرم يلزمه امتناع اختصاص لفظ واحد بذلك الاختصاص الخاص بالمعنيين المتبائنين أو أزيد بنحو كان اللفظ مرآة وفانيا فيهما.
    ولكن يدفع هذا الوجه أيضا بأنه انما يتوجه هذا المحذور فيما لو كان قضية الوضع


(103)

جعل المرآتية الفعلية للفظ على الاطلاق بنحو يلزمه ظهور اللفظ في المعنى ظهورا فعليا بقول مطلق ولو مع وجود المانع أو المزاحم ، إذ حينئذ يتوجه المحذور المزبور من امتناع ان يكون للفظ واحد ظهور فعلى في المعنيين المتبائنين ، ولكن هذا المعنى ممنوع جدا بل المقدار الذي يقتضيه قضية الوضع من العلقة والاختصاص بينه وبين المعنى انما هو صيرورة اللفظ ظاهرا في المعنى ظهورا فعليا لولا ما يمنعه ويزاحمه ، وبعبارة أخرى ان ما يقتضيه الوضع من العلاقة والاختصاص لايكون الا عبارة عن كون اللفظ بنحو فيه اقتضاء المرآتية والظهور في المعنى الموضوع له بحيث لو أطلق ينسبق منه المعنى الفلاني لولا ما يزاحمه ويمنعه ، لا ان مقتضاه هو الظهور الفعلي والمرآئية الفعلية حتى مع وجود المانع أو المزاحم. وحينئذ نقول : بأنه على ذلك لايكاد يتوجه المحذور المزبور فإنه من الممكن حينئذ ان يكون للفظ واحد اقتضاء المرآتية والظهور بالنسبة إلى أزيد من معنى واحد ، غايته انه من جهة تصادم المقتضيين في مرحلة الفعلية لايكون له ظهور فعلى في واحد من المعنيين الا إذا كان هناك ما يمنع عن فعلية أحدهما فيؤثر الاخر حينئذ في الفعلية ويصير عند اطلاقه ظاهرا فعليا في المعنى الآخر ، كما هو واضح.
    ثم إن في قبال هذا القول قولا آخر بوجوب الاشتراك بملاحظة تناهى الألفاظ وعدم تناهى المعاني ، ولكنه أيضا في غير لتناهي المعاني الكلية ولو كان جزئياتها غير متناهية ، على أن للمنع عن تناهى الألفاظ أيضا كمال مجال ، لما يرى بالوجدان من بلوغها إلى غير النهاية بتركيب الحروف بعضها مع بعض ، ومع تسليم ذلك نمنع الاحتياج إلى المعاني بأزيد من الألفاظ المستعملة في ألسنة الناس بتركيب بعض الحروف مع بعضها ، وعلى تقدير الاحتياج أحيانا بأزيد من ذلك مما لم يوضع له لفظ يمكن تفهيمه بمعونة القرائن ، فيبطل حينئذ ما ادعي من وجوب الاشتراك ، كما لايخفى.

 


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net