متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
المقام الثالث : حول الاجزاء في الامارات
الكتاب : نهاية الافكار ج1 ـ 2    |    القسم : مكتبة علم الأصول


واما المقام الثالث :

    فمحل الكلام فيه في اجزاء الاتيان بالمأمور به الظاهري من الواقع عند كشف الخلاف إعادة وقضاء فنقول :
    ان الكلام في هذا المقام يقع تارة في الامارات وأخرى في الأصول.
    اما الأولى ( وهي الامارات ) ، فان بنينا فيها على الطريقية كما هو التحقيق فلاينبغي الاشكال في عدم اقتضائها للاجزاء وانه يجب الإعادة في الوقت عند انكشاف الخلاف أو القضاء في خارج الوقت ، ووجه عدم الاجزاء فيها على هذا القول واضح ، لأنه لم يحدث


(244)

حينئذ بسبب قيام الامارة مصلحة في المتعلق كي أمكن القول فيها بالاجزاء اما بمناط الوفاء بتمام المصلحة الواقعية أو بمناط المفوتية لها ، بل ولو كان هناك مصلحة فإنما هي في أصل الجعل والترخيص على خلاف الواقع وهي غير مرتبطة بالمتعلق كي يجيء فيه احتمال المفوتية أو الوفاء بالتمام. ولا مجال أيضا لتوهم كفاية المصلحة في الجعل عن المصلحة القائمة بالمتعلق ، والايلزمه الاجزاء ولو مع عدم الاتيان المكلف بما هو مؤدى الامارة نظرا إلى تحقق الغرض الذي هو التسهيل على العباد وعدم وقوعهم في كلفة تحصيل الواقعيات بنفس جعل الامارة حجة ولو لم يأت المكلف بما هو مؤدى الامارة ، مع أن ذلك كما ترى لا يتوهمه ذو مسكة.
    وحينئذ فإذا لم يحدث بسبب قيام الامارة مصلحة في المتعلق كما على الموضوعية ولايكون قضية الامر بسلوك الامارة في ظرف المخالفة الا أمرا صوريا منتجا للمعذورية عن تبعة مخالفة الواقع فلا جرم يلزمه عدم الاجزاء ووجوب الإعادة أو القضاء عند انكشاف الخلاف من غير فرق في ذلك بين ان يكون دليل حجية الامارة بلسان تنزيل المؤدى منزلة الواقع أو بلسان ايجاب العمل على طبق مؤدى الامارة أو بلسان تتميم الكشف والغاء احتمال الخلاف ، فان تلك الألسنة كما تجري على الموضوعية تجرى أيضا على الطريقية من جهة ان المناط في الموضوعية والطريقية انما هو كون الامر بالعمل على طبق المؤدى أمرا حقيقيا ناشئا عن مصلحة مستقلة في المتعلق في صورة المخالفة أو كونه أمرا صوريا في فرض المخالفة ، من دون اثمار لتلك الألسنة في الطريقية والموضوعية بوجه أصلا. نعم كون دليل الامارة بلسان تتميم الكشف أو بلسان تنزيل المؤدى انما يثمر في جهة أخرى أجنبية عن تلك الجهة وهي مقام تحكيم الامارة على الأصول وعدم تحكيمها ، لا بالنسبة إلى مقام الطريقية والموضوعية. فالمقصود من هذا البيان انما هو بيان عدم اثمار اختلاف تلك الألسنة في الطريقية والموضوعية كما توهم كي يقال : بأنه إذا كان بلسان تتميم الكشف لابد من القول بالطريقية وإذا كان بلسان تنزيل المؤدى لابد من الموضوعية ، فتدبر. وكيف كان فهذا كله على القول بالطريقية كما هو المختار ، ولقد عرفت بأنه على هذا المبنى لا محيص من عدم الاجزاء بمقتضي القواعد كان دليل الامارة بلسان تتميم الكشف أو بلسان تنزيل المؤدى أو بلسان آخر غير هذين.
    واما على الموضوعية والسببية على معنى صيرورة المؤدى ذا مصلحة مستقلة بسبب


(245)

قيام الامارة اقتضت تلك المصلحة ايجاب العمل على طبقه وان خالفت الواقع لا على معناها المستحيل الذي يوجب انقلاب الواقع عما عليه إلى التكليف بمؤدى الامارة كما يقوله القائل بالتصويب ففيها تفصيل من جهة اختلاف الحال حينئذ في الحكم بالاجزاء حسب اختلاف كيفية السنة دليل الامارة من كونه بلسان تتميم الكشف واثبات العلم بالواقع تعبدا أو بلسان تنزيل المؤدى أو بلسان ثالث غير هذين ، فنقول :
    أما إذا كان دليل الحجية بلسان تتميم الكشف واثبات العلم بالواقع تعبدا فلازمه قهرا هو عدم الاجزاء ووجوب الإعادة أو القضاء عند انكشاف الخلاف ، ضرورة ان المصلحة الواقعية حينئذ على ما هي عليها وهي تقتضي لزوم تحصيلها باتيان المأمور به إعادة في الوقت وقضاء في خارجه وحينئذ لا وجه لتوهم الاجزاء في مثل هذا الفرض الا من جهة دعوى المضادة بين المصلحتين وعدم التمكن من استيفاء المصلحة الواقعية مع استيفاء هذه المصلحة فلا بد في الحكم بالاجزاء حينئذ من اثبات هذه المضادة ، والا فمع عدم اثبات هذه الجهة لا محيص من وجوب الإعادة ولو من جهة الشك في القدرة ، كامر تفصيله سابقا.
    ومن ذلك يظهر الكلام أيضا فيما لو كان مفاد دليل الحجية مجرد ايجاب العمل على طبق المؤدى كما لو كان في لسان الدليل : انه إذا أخبر العادل بوجوب شيء أو حرمته يجب ذلك الشيء أو يحرم ، إذ نقول في هذا الفرض أيضا بعدم اقتضاء مثل هذا اللسان للاجزاء وعدم وجوب الإعادة الا بمناط المضادة والمفوتية فمع عدم احراز هذه الجهة لابد من الإعادة أو القضاء ولو بمناط الشك في القدرة.
    وأما إذا كان بلسان تنزيل المؤدى منزلة الواقع فمقتضى القاعدة فيه أيضا هو عدم الاجزاء فيما لو كان بلسان التعبد بترتب آثار الواقع على المؤدى ، إذ حينئذ من حين كشف الخلاف يرتفع التعبد المزبور أيضا فيجب من حين كشف الخلاف ترتيب آثار الواقع التي منها وجوب الإعادة والقضاء : نعم في هذا الفرض لو كان بلسان اثبات التوسعة الحقيقية في الأثر الواقعي بما يعم الواقع والظاهر كما لو كان بلسان : أن ما هو الشرط في لباس المصلي مثلا أعم من الطهارة الواقعية والظاهرية ، فمقتضى القاعدة فيه قهرا هو الاجزاء وعدم وجوب الإعادة بل على هذا الفرض لا مجال لكشف الخلاف نظرا إلى وقوع المأمور به حينئذ في ظرف ايقاعه واجدا لما هو شرطه حقيقة.


(246)

    وحينئذ فصار متحصل الكلام في الامارات هو عدم الاجزاء ووجوب الإعادة والقضاء على الطريقية مطلقا وعلى الموضوعية أيضا كذلك الا في صورة واحدة وهي صورة كون مفاد دليل الامارة بلسان تنزيل المؤدى مع اقتضائه أيضا لتوسعة الأثر الذي هو موضوع التكليف الواقعي حقيقة لا عناية وتعبدا. هذا كله على الطريقية والموضوعية بمعناها الممكن منه ، وأما على الموضوعية بمعناها المستحيل كما يدعيه القائل بالتصويب فالاجزاء فيها واضح نظرا إلى عدم تصور كشف الخلاف حينئذ.
    واما الأصول العملية فهي على أنحاء حسب اختلاف ألسنتها من كونها تارة بلسان التنزيل كالاستصحاب وأخرى بلسان رفع المشكوك فيه كما في حديث الرفع ودليل الحجب ونحوهما وثالثة بلسان اثبات الصغرى لما هي الكبرى الكلية المستفادة من الأدلة الواقعية كما في قاعدتي الحلية والطهارة فلابد من افراز كل واحد منها بالبحث مستقلا في استفادة الاجزاء وعدمه فنقول :
    اما الاستصحاب فإن بنينا على رجوع التنزيل فيه في لا تنقض اليقين إلى نفس اليقين ، على معنى اخذ اليقين فيه استقلالا لامرآة إلى المتيقن كما هو التحقيق أيضا على ما حقق في محله فلاينبغي الاشكال في عدم اقتضائه للاجزاء بل لا مجال لتوهمه من جهة ان قضية النهى عن نقض اليقين حينئذ ليست الا المعاملة مع اليقين الزائل معاملة الباقي في لزوم الحركة على طبقه من دون اقتضائه لمصلحة حينئذ في نفس العمل كي أمكن تصور الاجزاء فيه بأحد المناطين المزبورين سابقا وحينئذ فعند انكشاف الخلاف لما كانت المصلحة الواقعية على حالها بلا استيفاء تماما أو بعضا فلا جرم تقتضي وجوب الإعادة في الوقت أو القضاء في خارج الوقت وهو واضح.
    واما ان بنينا على رجوع التنزيل فيه إلى المتيقن وان اليقين في دليله لو حظ مرآة إلى المتيقن لا استقلالا كما هو مختار الكفاية ( قدس سره ) فان قلنا : بان مفاد لا تنقض عبارة عن جعل مما ثل الأثر للمشكوك في ظرف الشك كما اختاره في الكفاية في مبحث الاستصحاب فلا اجزاء أيضا فإنه إذا كان الشرط في الصلاة مثلا بحسب ظواهر الأدلة هو الطهارة الواقعية الثابتة للشيء بعنوانه الأولى فلا جرم لايكاد يفيد مثل هذه الطهارة الظاهرية الاستصحابية في الحكم بالاجزاء بل لايكاد يجدي أيضا في أصل جواز الاتيان بالصلاة مع مثل هذه الطهارة الا إذا فرض ان ما هو الشرط في دليل الكبرى هو الأعم


(247)

من الطهارة الواقعية والظاهرية الاستصحابية فيجوز له الدخول معها حينئذ في الصلاة ويجزى المأتى به معها أيضا عن الإعادة والقضاء باعتبار اتيانه حينئذ بما هو المأمور به واجدا لما هو شرطه وهو الطهارة.
    واما ان قلنا : بأنه ليس مفاد لا تنقض عبارة عن جعل المماثل وانه ليس مفاده الا مجرد التعبد بالطهارة في ظرف الشك بمحض اليقين بالطهارة سابقا فحينئذ القول بالاجزاء وعدمه مبني على إفادة مثل هذا التنزيل لا ثبات التوسعة الحقيقية لدائرة الشرطية في كبرى الدليل بما يعم الطهارة الحقيقية الواقعية والطهارة التعبدية التنزيلية فبناء على استفادة هذه الجهة كما اختاره في الكفاية في مبحث الاجزاء لا جرم يلزمه الاجزاء قهرا وعدم وجوب الإعادة ، بل على هذا المسلك لا معنى لانكشاف الخلاف أيضا لأنه بعد استفادة التوسعة لدائرة الشرطية من دليل حرمة النقض يكون المأتى به مع الطهارة التعبدية الاستصحابية واجدا لما هو شرطه بحسب الواقع ومعه لا معنى لانكشاف الخلاف كما لايخفى ، والا فبناء على عدم إفادة مثل هذا التنزيل الا مجرد التعبد بوجود ما هو الشرط الواقعي في المورد بلا نظر له إلى اثبات التوسعة الحقيقية في الأثر فلا مجال أيضا للاجزاء بوجه أصلا كما لايخفى ، إذ حينئذ بعد انكشاف الخلاف تقتضي الشرطية والجزئية الواقعية لوجوب الإعادة أو القضاء.
    وحينئذ فاستفادة الاجزاء في المأتى به بالامر الاستصحابي الجاري في تنقيح ما هو موضوع التكليف بلسان تحقق ما هو شرطه أو شطره منوط بأحد الامرين : اما استفادة إفادة مثل هذا التنزيل للتوسعة الحقيقية في دائرة ما هو شرط المأمور به في كبرى الدليل بما يعم الطهارة الواقعية الحقيقية التعبدية التنزيلية ، واما استفادة إفادته لجعل مماثل الأثر حقيقة للمشكوك مع الالتزام أيضا بان ما هو الشرط في كبرى الدليل أعم من الواقع والظاهر ليكون دليل حرمة النقض من باب الورود دون الحكومة كما على الأول ، ولكن مسلك الكفاية في باب الاستصحاب حيث كان على استفادة جعل مماثل الأثر كان الحري عليه في المقام تقريب الاجزاء بمناط الأخير وهو الورود دون الحكومة.
    ولكن الذي يسهل الخطب في المقام هو كون مثل هذا المسلك بل وسابقه خلاف التحقيق ، فان التحقيق على ما حققناه في محله هو رجوع التنزيل في حرمة النقض إلى نفس اليقين ملحوظا كونه استقلالا لامرآة إلى المتيقن كما هو مسلك الكفاية ، ومن ذلك


(248)

أيضا نلتزم بقيام الاستصحاب مقام الامارات والقطع الطريقي كما في باب الشهادة ، ونلتزم أيضا بتقديم مثل الاستصحاب على قاعدة الحلية والطهارة بمناط الحكومة دون الورود ودون التخصيص ، وعليه كما عرفت لابد من القول بعدم الاجزاء ووجوب الإعادة والقضاء عند انكشاف الخلاف. بل وعلى فرض تسليم اخذ اليقين في دليل حرمة النقض مرآة إلى المتيقن وعبور التنزيل من اليقين إليه نقول : بان غاية ما يقتضيه التنزيل المزبور حينئذ انما هو مجرد التعبد بوجود الأثر وتحققه عند الشك لا التوسعة الحقيقية لدائرة الأثر والشرطية الواقعية ولا اقتضاء جعل مماثل الأثر للمشكوك حقيقة كي يحتاج إلى التصرف في ظاهر دليل كبرى الأثر بجعله عبارة عن الأعم من الطهارة الواقعية والظاهرية حتى يترتب عليه الاجزاء وعدم وجوب الإعادة والقضاء بعد انكشاف الخلاف ، وعليه لا محيص من القول بعدم الاجزاء ، من جهة انه بانكشاف الخلاف وحصول العلم بالنجاسة يرتفع التعبد المزبور ومع ارتفاعه لابد بمقتضي شرطية الطهارة الواقعية والحلية الواقعية من الإعادة والقضاء الا إذا كان هناك دليل بالخصوص على عدم وجوب الإعادة والقضاء كما في الطهارة الخبثية.
    كيف وان نفس الالتزام بجعل مماثل الأثر حقيقة أو التوسعة الحقيقية في دائرة كبرى الأثر لا يخلو عن محذور شديد بلحاظ ما يترتب عليهما من التوالي الفاسدة : فإنه مما يترتب على الأول لزوم عدم جريان استصحاب الطهارة في ماء تالف فعلا قد غسل به ثوب نجس أو توضأ به سابقا باعتقاد الطهارة ، من جهة انه في ظرف الشك الذي هو ظرف جريان الاستصحاب لا وجود للماء المغسول به الثوب النجس حتى أمكن جعل الطهارة الحقيقية ولو ظاهرية له ، فلابد حينئذ اما من القول بجواز جعل الطهارة الحقيقية حينئذ للماء التالف أو الالتزام بعدم جريان الاستصحاب في مثل الفرض عند الشك في طهارة الماء التالف الذي غسل به الثوب النجس سابقا ، مع أنهما كما ترى ، فان الأول منهما مستحيل في نفسه والثاني منهما خلاف الاجماع فإنه جماع منهم يجرى استصحاب الطهارة بالنسبة إلى الماء التالف ويحكم بطهارة الثوب المغسول به وبصحة الوضوء السابق وصحة الصلاة المأتى بها مع ذلك الوضوء بلا كلام. ومما يترتب عليه بل وعلى الأخير أيضا من التوالي الفاسدة في نحو قوله : كل ثوب نجس غسل بماء طاهر يطهر ، فإنه بناء على أعمية الطهارة في الماء في كبرى الأثر من الطهارة الحقيقية الواقعية والطهارة الظاهرية


(249)

الاستصحابية يلزمه الحكم بطهارة الثوب المغسول بالماء المستصحب الطهارة حتى بعد انكشاف الخلاف ، فيلزمه الحكم أيضا بطهارة ملاقيه وجواز الدخول معه في الصلاة بمحض انغساله سابقا بماء محكوم بالطهارة شرعا بمقتضي الاستصحاب ، لكونه مما صدق عليه انه ثوب نجس وقد غسل في زمان غسله بماء طاهر مع أنه كما ترى لايكاد التزام أحد به.
    فلا محيص حينئذ من اجل هذه المحاذير والتوالي الفاسدة من المصير إلى أن الطهارة المعتبرة في ناحية الماء في دليل كبرى الأثر عبارة عن خصوص الطهارة الواقعية ، وان ما هو مفاد دليل حرمة النقض في فرض رجوع التنزيل فيه إلى المتيقن عبارة عن مجرد التعبد بوجود الأثر وتحقق الطهارة في المورد الراجع إلى الامر بالمعاملة مع المشكوك معاملة الطهارة الواقعية ما دام الشك بلا نظر له إلى اثبات التوسعة الحقيقية في دائرة كبرى الأثر ولا اقتضاء لجعل مماثل الأثر حقيقة للمشكوك ، وعليه فلا محيص من القول بعدم الاجزاء ووجوب الإعادة والقضاء عند انكشاف الخلاف ، كما هو واضح.
    واما ما كان منها بلسان رفع المشكوك فيه كحديث الرفع والحجب فتوهم الاجزاء فيها انها هو من جهة خيال اقتضاء مثل هذا اللسان لرفع الجزئية والشرطية الواقعية واقتضائها بالملازمة لتحديد دائرة المأمور به بما عدا الجزء أو الشرط المشكوك الجزئية والشرطية ، ولكنه من الغفلة عن استحالة اقتضاء اللسان المزبور لرفع الجزئية الواقعية نظرا إلى أن العلة للرفع حينئذ انما كان هو الجهل والشك بالجزئية وهو من جهة تأخره الرتبي عن الجزئية الواقعية لايكاد يقتضي رفع ما هو في الرتبة السابقة بوجه أصلا بل ما هو المرفوع حينئذ لايكون الا ما هو نقيض هذا الرفع المتأخر عن الشك وهو لايكون الا الوجود في تلك المرتبة المتأخرة عن الشك لا الوجود في الرتبة السابقة عن الشك وهو الجزئية الواقعية لأنه لايكون نقيضا لهذا الرفع المتأخر ، فيستحيل حينئذ تعلق الرفع في المرتبة المتأخرة حقيقة بالوجود في المرتبة السابقة على الشك أعني الجزئية الواقعية. وحينئذ فبعد عدم اقتضاء اللسان المزبور لرفع الجزئية الواقعية حقيقة فلا بد وأن يكون الرفع رفعا تعبديا تنزيليا بلحاظ عدم وجوب الاحتياط في مقام العمل وعليه نقول : بأنه بعد انكشاف الخلاف لابد من الإعادة ، لاقتضاء الجزئية الواقعية حينئذ وجوب الإعادة والقضاء عند انكشاف الخلاف ، هذا.


(250)

    على أن مثل هذا اللسان باعتبار سوقه قي مقام الامتنان لايكاد يرفع الا ما يكون في وجوده ضيق على المكلف وهو لايكون الا ايجاب الاحتياط لأنه هو الذي يكون المكلف في ضيق من جهته وهو الذي في رفعه امتنان على المكلف دون التكليف الواقعي أو الجزئية الواقعية ، لعدم كونهما بوجود هما الواقعي ضيقا على المكلف حال الجهل حتى يقتضى الامتنان رفعه ، كما هو واضح. ومعلوم حينئذ في مثله انه لا مجال لتوهم الاجزاء بعد انكشاف الخلاف كما لايخفى ، هذا. ولكن الأستاذ دام ظله اقتصر في بحثه على الاشكال الأول ولم يتعرض لهذا الاشكال ولعله من جهة عدم جريان هذا الاشكال في مثل حديث الحجب لعدم كونه كحديث الرفع مسوقا في مقام الامتنان.
    وكيف كان قد يورد عليه اشكال آخر في أصل اقتضاء اللسان المزبور لا ثبات التكليف بالبقية ، بتقريب : ان ثبوت التكليف بما عدا الجزء المشكوك الجزئية انما هو من لوازم عدم كونه جزء واقعيا ، وبعد عدم اقتضاء مثل هذا اللسان لرفع الجزئية الواقعية حقيقة لا مجال أيضا لا ثبات التكليف بالبقية بمحض جريان دليل الرفع واقتضائه لنفى الجزئية ظاهرا الا على القول بالمثبت ، وذلك أيضا بعد الفراغ عن عدم اقتضاء أدلة نفس الاجزاء والشرائط المعلومة أيضا لاثبات وجوب الاتيان بها مطلقا حتى في فرض عدم انضمام بقية الاجزاء لعدم اطلاق لها يقتضى التكليف بها حتى في حال عدم انضمام بقية الاجزاء الاخر ، كما يكشف عنه عدم تمسكهم باطلاق أدلة الاجزاء المعلومة لا ثبات التكليف بها في مبحث الأقل والأكثر ، هذا. ولكنه يمكن التفصي عن هذا الاشكال بان ثبوت التكليف بما عدا المشكوك الجزئية حينئذ وان كان مبنيا على المثبت ولكنه من جهة جلاء الواسطة فيه لا يضر به جهة المثبتية ، إذ هو حينئذ نظير الأبوة والبنوة من حيث فهم العرف من جهة شدة الملازمة بينهما عدم انفكاك تنزيل أحدهما عن تنزيل الآخر ، فتأمل.

 


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net