متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
مفهوم الوصف
الكتاب : نهاية الافكار ج1 ـ 2    |    القسم : مكتبة علم الأصول

مفهوم الوصف

    ومن المفاهيم مفهوم الوصف حيث اختلف فيه كلماتهم في ثبوت المفهوم وعدمه ، والظاهر هو اختصاص النزاع بالوصف الأخص من موصوفه بحيث كان قابلا للافتراق من طرف الموصوف ، كالعلم والعدالة والفسق ونحو ذلك ، دون الوصف المساوي والأعم ، كما هو واضح ، وعلى كل حال فالظاهر هو عدم ثبوت المفهوم لنحو هذه القضايا الوصفية بحسب طبعها ما لم يكن في البين قرينة عليه من حال أو مقال ، إذ لا دلالة للقضية بطبعها على كون الحكم المعلق على الوصف هو السنخ كي يقتضي انتفائه عند انتفاء القيد ، بل وانما غايتها الدلالة على مجرد ثبوت الحكم للمقيد بنحو الطبيعة المهملة الغير المنافي لثبوت فرد آخر مثله في غير مورد القيد ، كما كان ذلك هو الشأن أيضا في القضايا اللقبية حيث لا فرق بينهما من هذه الجهة الا من جهة كون الموضوع في القضايا الوصفية عبارة عن امر خاص مقيد بقيد خاص.
    واما ما ذكرنا من قضية الاطلاق في الحكم المثبت لانحصاره في شخص الفرد المنشأ في الشرط والغاية فغير جار في المقام ، من جهة القطع بعدم اطلاقه كك في المقام وفى القضايا اللقبية ، إذ من الممتنع حينئذ اطلاق الحكم في قوله : يجب اكرام زيد أو زيد القائم ، بنحو يشمل جميع افراد وجوب الاكرام حتى الثابت لعمرو ، ومع امتناع اطلاقه كك ثبوتا لا مجال لكشفه اثباتا ، وهذا بخلافه في الشرط والغاية ، فان اطلاق الحكم فيهما انما هو بحسب الحالات دون الافراد ، فإذا اقتضى قضية الاطلاق في الحكم ثبوت ذلك الحكم الشخصي للموضوع في جميع الحالات من القيام والقعود والمجيء ونحوه وأنيط ذلك الحكم أيضا بالشرط أو الغاية ، فقهرا يلزمه عقلا انتفائه بانتفاء المنوط به شرطا أو غاية ، وهذا بخلافه في القضايا الوصفية واللقبية ، حيث إنه بعد اخذ الوصف قيدا في الموضوع لا مجال للاطلاق الحالي للحكم ، فلابد حينئذ وأن يكون السنخ والاطلاق فيه بلحاظ الافراد ، فإذا فرض حينئذ امتناع اطلاقه من هذه الجهة ، فلا جرم لايبقى مجال لدعوى دلالة القضية الوصفية على المفهوم والانتفاء عند الانتفاء ، بل لابد حينئذ في اثباته من قيام قرينة خارجية عليه.


(500)

من حال أو مقال تقتضي كونه في مقام التحديد ومقام حصر الحكم ، والا فلو كنا نحن ونفس القضية الوصفية لايكاد اقتضائها بحسب طبعها الا مجرد ثبوت المحمول للمقيد بنحو الطبيعة المهملة الغير المنافي لثبوت شخص حكم آخر لذات المقيد عند ارتفاع القيد.
    واما توهم ان ذلك مقتضي قضية التقيد بالوصف من جهة ظهوره في دخله في اختصاص الحكم بمورده والا يلزم لغوية ذكره في القضية ، فمدفوع بمنع اللغوية ، إذ فائدته حينئذ تضيق دائرة الموضوع في القضية وبيان انه هو الذات المتقيدة بقيد كذائي ، وحينئذ فإذا فرض عدم كون الحكم المحمول في القضية الا بنحو الطبيعة المهملة فلايمكن الحكم بانتفاء الحكم على الاطلاق عند انتفاء القيد وعدم ثبوت شخص حكم آخر مثله للذات. نعم انما كان لهذا الكلام مجال فيما لو كان القيد والوصف بحسب اللب من الجهات التعليلية لثبوت الحكم اللذات ، ولكنه أيضا خلاف ما تقتضيه القضايا الوصفية من الظهور في كون الوصف من الجهات التقييدية الراجعة إلى اخذ التقيد بها في ناحية موضوع الحكم.
    لايقال : انه وان كان الامر كك الا ان إناطة الحكم وتعليقه بالوصف الذي هو امر عرضي في نحو قوله : أكرم زيد العادل ، دون ذات الموصوف ودخل العنوان العرضي في موضوع الحكم تكشف عن أن ما له الدخل في ترتب الحكم على الذات انما هو ذلك العنوان العرضي ، ولازم ذلك لا محالة هو انتفاء سنخ الحكم المحمول في القضية عند انتفاء الوصف ، والا فلو فرض ثبوت شخص حكم آخر مثله للذات في مورد فقد الوصف يلزمه ان يكون ما له الدخل في ترتب الحكم هو ذات الموصوف ، وفي مثله يلزم لغوية ذكر القيد ،
    فإنه يقال : بأنه لو تم هذا التقريب فإنما هو في نحو المثال المزبور حيث إنه بعد عدم مناسبة حكم وجوب الاكرام لعنوان الفسق يتوجه الكلام بأنه لولا دخل الوصف في اختصاص الحكم بمورده يلزم ان يكون المقتضي لثبوته هو ذات الموصوف ، من جهة فرض عدم مناسبة الحكم بوجوب الاكرام لعنوان فسقه ، فيتجه حينئذ دعوى عدم صحة الاستناد إلى العنوان العرضي ، كما هو الشأن أيضا في آية النبأ حيث أمكن بالتقريب المزبور استفادة المفهوم من جهة الوصف نظرا إلى ما تقتضيه مناسبة الحكم والموضوع من اختصاص وجوب التبين بالنبأ المضاف إلى الفاسق وعدم ملائمته مع عدالة الراوي ، لا مطلقا حتى فيما لايكون كك مما كان الوصف من قبيل القيام والقعود ونحوهما كما في قوله : أكرم زيدا


(501)

القائم أو القاعد ، فإنه في أمثال ذلك لايكاد مجال للتقريب المزبور لاستفادة المفهوم ، كما هو واضح.

 


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net