متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
الجهة الرابعة
الكتاب : نهاية الافكار ج1 ـ 2    |    القسم : مكتبة علم الأصول
الجهة الرابعة

    لا اشكال في عدم الاخذ بأصالة العموم والاطلاق الا بعد الفحص التام عن المخصص والمقيد واليأس عن الظفر بهما والوجه في ذلك أمران : أحدهما : وهو العمدة حيث المعرضية للتخصيص ، كما هو كذلك في العمومات الواردة في الكتاب والسنة ، فإنه لابد حينئذ في كل عام من الفحص التام عن مخصصاته بحيث يخرج المورد عن المعرضية للتخصيص وتطمئن النفس بأنه غير مخصص ، بل ذلك غير مختص بباب العمومات والمطلقات فيجري في كل ظاهر كان في معرض إرادة خلافه بإقامة القرينة على الخلاف ، كما في الظواهر الصادرة عن المعصومين عليهم السلام ، ففيها أيضا لابد من الفحص التام


1 ـ ج 1 ص 350.
2 ـ ج 1 ص 45.


(530)

عن القرينة بمقدار يخرج المورد عن المعرضية لإرادة الخلاف ، والا فقبل الفحص لايجوز الاخذ بها ، لعدم قيام السيرة على الحجية حينئذ قبل الخروج عن المعرضية ، ولدليل ( هلا تعلمت ) ؟ (1) المقتضي لعدم معذورية المكلف التارك للفحص.
    وثانيهما : من جهة العلم الاجمالي بتقريب انه يعلم اجمالا بورود مخصصات كثيرة فيما بأيدينا من الاخبار لهذه العمومات الواردة في الكتاب والسنة ، فيجب الفحص حينئذ عن مخصصات تلك العمومات بمقتضى العلم الاجمالي المزبور. ولكن يرد عليه ان لازم ذلك هو جواز الرجوع إلى العمومات الباقية بعد الظفر بمقدار يحتمل انطباق المعلوم بالاجمال عليه نظرا إلى صيرورة الشك في البقية حينئذ بدويا ، كما أن لازمه أيضا في فرض عدم الظفر بمقدار المعلوم بالاجمال هو عدم جواز الاخذ بالعمومات ولو بعد الفحص التام عن مخصصاتها من جهة بقاء المانع وهو العلم الاجمالي حينئذ على حاله ، مع أنهما كما ترى لايكاد يلتزمون بشيء منهما ، فان ظاهرهم هو وجوب الفحص عن المخصص بالنسبة إلى كل واحد من العمومات ، مع تخصيص المنع عن الاخذ بالعمومات بما قبل الفحص عن المخصص ، وحينئذ فالأولى في التشبث بهذا التقريب لاثبات المدعى وهو وجوب الفحص والمنع عن الاخذ بالعمومات الا بعد الفحص التام عن مخصصاتها هو تقييد العلم الاجمالي المزبور بقيد خاص وهو كون المخصص المعلوم بالاجمالي على نحو لو تفحصنا عنه لظفرنا به ، بدعوى ان العلم الاجمالي وان كان بمخصصات كثيرة لتلك العمومات فيما بأيدينا من الاخبار ، ولكنه لا على نحو الاطلاق بل على نحو لو تفحصنا عنها بالمقدار المتعارف فيما بأيدينا من كتب الاخبار لظفرنا بها ، فإنه على هذا التقريب يتم المدعى ويسلم عن الاشكال المزبور ، من جهة ان عدم الظفر بالمخصص على هذا التقريب بالفحص يكشف عن خروج العام المتفحص عنه من الأول عن الطرفية للعلم الاجمالي ، وحينئذ فلابد على هذا التقريب أولا من الفحص التام عن المخصص بالنسبة إلى كل واحد من العمومات حتى يظفر بالمخصص أو يخرج بواسطة الفحص وعدم الظفر عن الطرفية للعلم الاجمالي ، هكذا افاده الأستاذ دام ظله في بحثه.
    ولكن أقول : بأنه غير خفى عدم اجداء مثل هذا التقريب أيضا لدفع الاشكال الأول


1 ـ البحار ج 1 ص 177 ح 58.


(531)

وهو لزوم جواز الاخذ ببقية العمومات بلا فحص مع الظفر بمقدار المعلوم بالاجمال من المخصصات ، وذلك من جهة وضوح ان المعلوم بالاجمال بعد ما كان محدودا كمه ومقداره بالضرورة بحد خاص لا يتجاوز عنه كما في كلية الأقل والأكثر ، فلا جرم الظفر بذلك المقدار يوجب قهرا ارتفاع العلم الاجمالي من البين وصيرورة الشك في الزايد بدويا ، ومعه يلزم جواز الاخذ ببقية العمومات بلا فحص ، نعم انما يجدي هذا التقريب لدفع الاشكال الثاني وهو لزوم عدم جواز الاخذ بالعمومات ولو بعد الفحص عند عدم الظفر بمقدار المعلوم بالاجمال ، والا فهو غير دافع للاشكال الأول ، وحينئذ فالعمدة في اثبات وجوب الفحص على الاطلاق والمنع عن الرجوع إلى أصالة العموم الا بعد الفحص التام هو الوجه الأول وهو المعرضية للتخصيص.
    ثم إن هذا كله في أصل وجوب الفحص ، واما المقدار اللازم منه فهو على الوجه الأول كما عرفت بمقدار يخرج المورد عن المعرضية بحيث تطمئن النفس بأنه غير مخصص ، والظاهر هو تحقق الوثوق بالخروج عن المعرضية بالفحص عن المخصص بالمقدار المتعارف فيما بأيدينا من الكتب ، حيث إنه بهذا المقدار من الفحص يحصل الوثوق بل العلم العادي بأنه غير مخصص ، كما أن مقداره على مسلك مانعية العلم الاجمالي أيضا هو الفحص بالمقدار المتعارف عما هو من دائرة العلم المزبور من كتب الاخبار ، فإنه بهذا المقدار من الفحص يحصل الوثوق والعلم العادي بخروجه عن الطرفية للعلم الاجمالي ، فيجوز الاخذ معه حينئذ بأصالة العموم ، من دون احتياج إلى تحصيل القطع بالخروج عن الطرفية للعلم الاجمالي فتدبر.

 


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net