متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
تمهيد
الكتاب : شخصيات ومواقف    |    القسم : مكتبة التاريخ و السيرة

تمهيد :

الحمد لله الذي أرسل أنبياءَه حُجَّة ً على العالمين ، وعقَّـبهم بالأوصياء تكميلاً للدين المُبين ، واصطفى منهم خمسةً وهُم أولو العَزم ، فضَّلهم على أنبيائه المُرسَلين ، واختار مِن بينهم محمَّداً ( صلى الله عليه وآله ) ، وجعله نبيَّاً وآدمُ بين الماءِ والطين ، ثمَّ فضَّل أوصياءَه ( صلوات الله عليهم ) ، وصيَّرهم حُجَّة ً على أهل السماواتِ والأرضين ، وفضَّل مِن بينهم ابنَ عمِّه وأخاه وباب مدينة علمه ، على الخلْق أجمعين ، وخصَّه باسم ٍ حُرَّم على غيره بأنْ يُسمَّى به ، وهو أمير المؤمنين ، صلوات الله عليه وعلى أولاده المعصومين ، مِن يومنا هذا إلى يوم الدين ، واللـَّعنُ الدائم المُتواصل على أعدائهم أجمعين .

وبعد : الإيمان وَمَضٌ ، إذا أشرق في قلب العبد شخصت أمامه الحقائق ، فنهضت جوارحه تتبنَّاها اعتقاداً راسخاً ، وسعياً دَؤوباً ، وصوتاً يهتف في ضمائر الناس بياناً نيِّراً ، ودعوةً غيورة إلى إحقاق الحقِّ وإبطال الباطل .

ولكنْ .. متى يُشرق ذلك الوَمَض ؟ إنَّ الله تبارك وتعالى يقول :


 الصفحة 10

( ... قُلْ إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ ) ( 1 ) ، ويقول جَلَّ وعلا : ( وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ * الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الأَلْبَابِ ) ( ٢ ) .

ويقول عزَّ مِن قائل : ( تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ ) ( ٣ ) .

والإنابة ـ أخوتَنا المؤمنين الأكارم ـ هي الرجوع إلى الله تبارك وتعالى بالتوبة وإخلاص العمل ، والقصد إليه بالتوكُّل والتوسُّل وطلب الهداية .

وقد أناب قومٌ إلى ربِّهم سبحانه وتعالى ، فلمَّا اطَّلع الله جَلَّ جلالُه على قلوبهم ، ووجد فيها الإخلاص وطلب الحقِّ والبحثَ عن الحقيقة بصدق .. كتبَ لها التوفيق ، وسكبَ فيها أنوار الإيمان حتَّى اُشربتِ التقوى وشعَّت بالبصيرة . وكان مِن ذلك القوم مَسارٌ على طريق الهداية ، ثمَّ كان منهم أنْ أحقـُّوا الحقَّ وأبطلوا الباطل ـ بإذن الله وتسديده  ـ وتحمَّلوا في ذلك مَشقَّةً وعناءً وآلاماً ، وشهادةً حُكْمِيَّة وشَّحوا بها حياتهم خاتِمةً مُباركة .

( خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ ) ( 4 ) .

ـــــــــــــــــ

١ ـ الرعد: 27.

٢ ـ الزُّمر: 16 ، 17.

٣ ـ سورة ق: 8.

4 ـ المُطفِّفين: 26.  


الصفحة 11

وإنّه لَمِن دواعي الإجلال والإكبار أنْ ينتزع العبدُ نفسه مِن وسطٍ غارقٍ في الكفر والإثم والفساد ، فيكون عبداً صالحاً ، مُصلِحاً لنفسه ولِمَن حوله ، مُجابِهاً للظلم مواجهاً للانحراف ، قائلاً كلمة الحقِّ في وجوه الطُّغاة ، مُنْجياً نفسه مِن مُضِلاَّت الفتن ومزالق شياطين الجنِّ والإنس .

وقد احتجَّ علينا التاريخ ـ أيُّها الإخوةُ الأفاضل ـ بعبادٍ مؤمنين صالحين ، عاشُوا لله موحِّدين ، وإليه مُنيبين ، مضوا على بصيرةٍ مِن أمرهم ، حتّى انقلبوا إلى ربِّهم مُهتدين ، وآبوا إليه مظلومين ، مُستشهَدين .

وكان منهم :


الصفحة 12


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net