متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
13 - دور الأئمة (ع)
الكتاب : أهل البیت تنوع أدوار و وحدة هدف    |    القسم : مكتبة التاريخ و السيرة

13 - دور الأئمة (ع)

 

اريد في هذا الحديث، ان اعبر عن اتجاه معين من دراسة حياة الائمة، وسوف لن يتسع الحديث في حدود هذه الفرصة ان نرسم اتجاهاً معيناً، وانما كل ما احاوله، هو اثارة التفكير حول هذا الاتجاه،واعطاء بعض الملامح العامة عن حياة الائمة (ع).

وهذا الاتجاه الذي اريد ان اتحدث اليكم عنه هو الذي يتناول حياة كل امام، ويدرس تاريخه على اساس النظرة الكلية، بدلاً عن النظرة الجزئية، أي ينظر الى الائمة (ع) ككل مترابط ويدرس هذا الكل، ويكشف ملامحه العامة، واهدافه المشتركة، ومزاجه الاصيل. ويتفهم الترابط بين خطواته، وبالتالي الدور الذي مارسه الأئمة جميعاً في الحياة الاسلامية.

ولا اريد بهذا ان لا ندرس حياة الائمة (ع) على اساس النظرة الجزئية، دراسة كل امام بصورة مستقلة، بل ان هذه الدراسة الجزئية نفسها ضرورية لانجاز دراسة شاملة كاملة ملائمة ككل، اذ لا بد لنا اولاً ان ندرس الائمة بصورة مجزئة تستوعب الى اوسع مدى ممكن حياة كل امام، بكل ما تزخر به من ملامح واهداف ونشاط، حتى نتمكن بعد هذا ان ندرسه ككل ونستخلص الدور المشترك للائمة (ع) جميعاً، وما يعبرون عنه من ملامح واهداف وترابط.

واذا قمنا بدراسة احوال الائمة (ع) على هذين المستويين، فسوف نواجه على المستوى الاول اختلافاً في الحالات، وتبايناً في السلوك وتناقضاً من الناحية الشخصية بين الادوار التي مارسها الائمة (ع). فالحسن مثلاً هادن معاوية، بينما حارب الحسين يزيد حتى قتل، وحياة السجاد قائمة على الدعاء بينما كانت حياة الباقر قائمة على الحديث والفقة، وهكذا.

واما على المستوى الثاني، حينما نحاول اكتشاف الخصائص العامة والادوار


{ 142 }

المشتركة بالائمة (ع) ككل، فسوف تزول كل تلك الخلافات والاختلافات والتناقضات، لانها تبدو على هذا المستوى مجرد تعابير مختلفة عن حقيقة واحدة، وانما اختلف التعبير عنها وفقاً لاختلاف الظروف والملابسات التي مر بها كل امام، وعاشتها القضية الاسلامية والشيعة منحصرة على الظروف والملابسات التي مرت بالرسالة في عهد امام آخر، ويمكننا عن طريق دراسة الائمة (ع) على اساس النظرة الكلية ان نخرج بنتائج ازخر من مجموع النتائج التي تتمخض عنها الدراسات الجزئية، لأننا سوف نكشف الترابط بين اعمالهم، وسوف نتخذ مثالاً لتوضيح الفكرة.

فنحن نقرأ في حياة الامام امير المؤمنين (ع)، انه جمع الصحابة في خلافته واستشهدهم على نصوص الامامة، وشهد بذلك عدد كبير من التابعين، وطلب منهم ان يحدثوا بنصوص النبي (ص) في علي واهل البيت (ع)، ونقرأ في حياة الامام الباقر (ع) أنه قام بنفس العملية واستشهد التابعين وتابعي التابعين.

وحين ندرس الائمة ككل ونربط بين هذه النشاطات، وبعضها ببعض ونلاحظ ان العمليات وضعت على مدى ثلاثة اجيال، نجد انفسنا امام تخطيط مترابط يكمل بعضه بعضاً، ويستهدف الحفاظ على تواتر النصوص عبر اجيال عديدة حتى تصبح في مستوى الوضوح والاشتهار، تتحدى كل مؤامرات الاخفاء والتحديد.

وفي عقيدتي، ان وجود دور مشترك مارسه الائمة جميعاً، ليس مجرد افتراض نبحث عن مبرراته التاريخية، وانما هو مما تفرضه العقيدة نفسها وفكرة الامامة بالذات، لأن الامامة واحدة في الجميع بمسؤولياتها وشروطها، فيجب ان تنعكس انعكاساً واحداً في شروط الأئمة (ع) وادوارهم مهما اختلفت ادوارها الطارئة بسبب الظروف والملابسات، ويجب ان يشكل الائمة بمجموعهم وحدة مترابطة الاجزاء، ليواصل كل جزء من تلك الوحدة الدور للجزء الآخر ويكمله.


{ 143 }

الدور المشترك للائمة (ع):

هذا هو السؤال كله الذي يقتبس على ضوء ما تقدم. وقد لا نحتاج الى شيء من البحث لكي نتفق بسرعة على نوعية الدور المشترك الذي اسند الى الائمة (ع) في تخطيط الرسالة.

فكلنا يعلم ان الرسالة الاسلامية، بوصفها رسالة عقائدية، قد خططت لحماية نفسها من الانحراف، وضمان نجاح التجربة خلال تطبيقها على مر الزمن، فأوكل امر صيانة التجربة وتحويلها وتوجيهها سياسياً الى الائمة (ع) بوصفهم اشخاصاً عقائديين، بلغوا في مستواهم العقائدي درجة العصمة من الانحراف والزلل والخطأ، غير اننا حينما نحاول ان نحدد الدور المشترك الذي مارسه الائمة (ع) ككل في تاريخهم المجيد، لا نعني هذا الدور الخيالي من تزعم التجربة الاسلامية، لاننا نعلم ان الاحداث المؤلمة وقعت بعد وفاة النبي الاعظم (ص) واقصي الائمة عن القيام بدورهم القيادي في تزعم التجربة، وسلمت مقاليد الرسالة ومسؤولية تطبيقها الى اشخاص آخرين، انحرف معهم التخطيط واشتد الانحراف على مر الزمن، وانما نريد بالدور المشترك من تاريخ الائمة (ع)، الموقف العام الذي وقفوه في خضم الاحداث والمشاكل التي اكتنفت الرسالة بعد انحراف التجربة واقصائهم عن مناصبهم.

وهنا نجد تصوراً شائعاً لدى كثيرين من الناس، الذين احتاجوا ان يقيموا الائمة بوصفهم اناساً مظلومين فقط قد اقصوا عن مركز القيادة، وذاقوا بسبب ذلك الوان الاضطهاد والحرمان، فهؤلاء الناس يعتقدون، ان دور الائمة في حياتهم، كان دوراً سلبياً على الأغلب، نتيجة لإِقصائهم عن مجال الحكم، فحالهم حال من يملك داراً فيغصب منه، وينحصر امله في امكان استرجاعها، وهذا التفكير بالرغم من انه خاطئ، فانه يعتبر خطأ من الناحية العملية وانه يحبب الى الانسان السلبية والانكماش والابتعاد عن مشاكل الامة ومجالات قيادتها، ولهذا اعتقد ضرورة ان نثبت خطأ ذلك التفكير، وندرس حياة الائمة على اساس نظرة كلية لتتبين ايجابيتهم الرسالية على طول الخط، ودورهم المشترك الفعال في حفظ الرسالة وحمايتها.


{ 144 }

ان الائمة (ع) بالرغم من اقصائهم عن مجال الحكم، كانوا يتحملون باستمرار مسؤوليتهم والحفاظ على الرسالة وعلى التجربة الاسلامية وتحصينها ضد التردي الى الهاوية، هاوية الانحراف والانزلاق عن مبادئها وقيمها. فكلما كان الانحراف يقوى ويشتد، وينذر بخطر التردي الى الهاوية، كان الائمة (ع) يتخذون التدابير اللازمة ضد ذلك، وكلما وقع في التجربة الاسلامية والعقيدة من المحنة والمشكلة، وعجزت الزعامات المنحرفة من علاجها بحكم عدم كفاءتها، بادر الائمة (ع) الى تقويم الحل، ووقاية الامة من الاخطار التي كانت تحددها بكلمة مختصرة، كان الائمة (ع) يحافظون على المقياس العقائدي والرسالي في المجتمع الاسلامي، ويحافظون على ان لا يحبط الى درجة تشكل خطراً ماحقاً، وهذا يقدر ممارستهم جميعاً دوراً ايجابياً فعالاً في حماية العقيدة، وتبني مصالح الرسالة والامة، وتمثل هذا الدور الايجابي، في ايقاف الحاكم عن المزيد من الانحراف كما عبر الامام (ع) حين صعد عمر بن الخطاب المنبر، وتساءل عن ردّ الفعل لو صرف الناس عما يعرفون الى ما ينكرون، فرد عليه الامام (ع) بكل وضوح وصراحة: اذن لقومناك بسيوفنا، وتمثل في ايقاف الزعامة المنحرفة اذ اصبحت تشكل خطراً ماحقاً ولو عن طريق الاصطدام المسلح، والشهادة في سبيل كشف زيفها وسلب تخطيطها كما صنع الامام (ع) الحسين مع يزيد في مجابهة المشاكل التي تهدد كرامة الدولة الاسلامية، وتعجز الزعامات المنحرفة عن حلها كما في المشكلة التي اشار اليها ملك الروم، الى عبد الملك بن مروان، اذ عجز عبد الملك عن الجواب، فبادر الامام السجاد (ع) واجاب بالشكل الذي يحفظ للدولة كرامتها وللأمة الاسلامية هيبتها، وتمثل ايضاً، في انقاذ الدولة الاسلامية من تحدي الكافرين الذين هددوا سيادتها، كالذي واجهه هشام من الروم وعجز عن الرد عليه، فكان الامام الباقر (ع) في مستوى الرد على هذا التحدي فخطط للاستقلال النقدي.

وتمثل الدور الايجابي في تلك المعارضة العميقة التي كان الائمة (ع) يواجهون بها الزعامات المنحرفة بارادة سليمة لا تلين، وقوة نفسية صامدة لا تتزعزع.


{ 145 }

فاذن، هذه المعارضة، بالرغم من انها اتخذت مظهراً سلبياً بدلاً عن مظهر الاصطدام الايجابي، والمقابلة المسلحة، غير ان المعارضة حتى بصيغتها السلبية كانت عملاً ايجابياً عظيماً في حماية الاسلام والحفاظ على مثله وقيمه، لأن انحراف الزعامات القائمة، كان يعكس الوجه المشوه للرسالة، فكان لا بد للقادة من اهل البيت (ع)، ان يعكسوا الوجه النقي المشرق والمشرف لها، وان يؤكدوا عملياً بالاستمرار المطابق بين الرسالة والحكم الواقع، وهكذا خرج الاسلام على مستوى النظرية سليماً من الانحراف، وان تشوهت معالم التطبيق، ويمكنني ان اؤكد بهذا الصدد مثالاً جزئياً، ولكنه يعبر عن مدى الجهود التي بذلها الائمة (ع) في سبيل الحصول على هذا المكسب، مكسب خروج الاسلام على المستوى النظري سليماً من الانحراف، تصوروا ان الامام موسى بن جعفر (ع) قد هد السجن صحته، واذاب جسمه، حتى اصبح حين يسجد لربه كالثوب المطروح على وجه الأرض، فيدخل عليه رسول الزعامة المنحرفة فيقول له: ان الخليفة يعتذر اليك، ويأمر باطلاق سراحك، على ان تزوره وتعتذر اليه وتطلب رضاه، فيشمخ الامام (ع) ويجيب بالنفي بكل صراحة، يتحمل مرارة الكأس لا لشيء الا لكي لايحقق للزعامة المنحرفة هدفها من ان يبارك خطها، فتعكس معالم التشويه من التطبيق المنحرف على الرسالة نفسها.

وتمثل الدور الايجابي بالائمة (ع)، في تحويل الامة العقائدية بشخصيتها الرسالية والفكرية من ناحية.. ومقاومة التيارات الفكرية التي تشكل خطراً على الرسالة وضربها في بدايات تكونها من ناحية اخرى...

والامام (ع) في علمه المحيط المستوعب، بما يجعله قادراً على الاحساس بهذه البدايات الخطرة، وتقديراً لاهميتها ومضاعفاتها والتخطيط للقضاء عليها، وقد يمكن ان يفسر على هذا الضوء، اهتمام الامام العسكري (ع) وهو في المدينة بمشروع كتاب يضعه الكندي وهو في العراق، حول متناقضات القرآن اذ اتصل به عن طريق بعض المنتسبين الى مدرسته، واحبط محاولته، واقنع مدرسة الكندي بانها على خطأ.


{ 146 }

الايجابية تنكشف في علاقات الائمة بالامة. في الواقع ان حياة الائمة، ذاكرة كلها للشواهد الايجابية، الدور المشترك الذي كانوا يمارسونه، من ذلك علاقات الأئمة بالأمة والزعامة الجماهيرية الواسعة النطاق، الذي كان امام اهل البيت يتمتع بها على طول الخط، فلان هذه الزعامة لم يكن امام اهل البيت يحصل عليها صدفة، او على اساس مجرد الانتماء الى الرسول (ص) بل على اساس العطاء للدور الايجابي الذي يمارسه الامام في الامة، بالرغم من اقصائه عن منصب الحكم. فان الامة لا تمنح على الاغلب الزعامة مجاناً، ولا يملك الفرد قيادتها وميل قلوبها من دون عطاء سخي منه تستنصره الامة في مختلف عباداتها، تستفيد منه في حل مشكلاتها والحفاظ على رسالتها، ان تلك الزعامة الواسعة التي كانت نتيجة لايجابية الائمة (ع) في الحياة الاسلامية، هي التي جعلت علي بن ابي طالب المثل الاعلى للثوار الذين قضوا على عثمان بن عفان وهي التي كانت تتمثل بمختلف العلاقات التي عاشها الائمة (ع) مع الامة.

انظروا الى الامام موسى بن جعفر (ع) كيف يقول لهارون الرشيد: انت امام الاجسام وانا امام القلوب، انظروا الى عبد اللّه بن الحسن، حين اراد ان يأخذ البيعة لابنه محمد، كيف يقول للامام الصادق (ع) مرتبكاً: انك اذا اجبت لم يختلف عن ابني احد من اصحابك ولم يختلف عليه اثنان من قريش ولا من غيرهم، ولاحظوا مدى ثقة الامة بقيادة ائمة اهل البيت (ع) نتيجة لما يعيشونه من دور ايجابي من حماية الاسلام ومصالح الامة لاحظوا المناسبة الشهيرة التي انشد فيها الفرزدق قصيدته في الامام السجاد (ع)، كيف ان هيبة الحكم وجلال السلطان، لم يستطيعا ان يشقا لهشام طريقاً لاستلام الحجر، بين الجموع المحتشدة من افراد الامة في موسم الحج، بينما استطاعت زعامة اهل البيت (ع)، ان تكهرب تلك الجماهير في لحظة، وهي تحس بمقدم الامام القائد، فتشق الطريق بين يديه نحو الحجر، ولاحظوا قصة الهجوم الشيعي الهائل الذي تعرض له قصر المأمون، نتيجة لاغضاب الامام الرضا (ع)، فلم يكن مناص من الالتجاء الى الامام لحمايته من غضب الامة، وقال له الامام (ع): اتق اللّه في امة محمد (ص) وما ولي لك من


{ 147 }

هذا الامر وخصك به، انك قد ضيعت امور المسلمين، وتعرضت في ذلك الى غيرك ليحكم بغير حكم اللّه سبحانه وتعالى.

ان كل هذه النماذج والمظاهر للزعامة الشيعية التي عاشها ائمة اهل البيت (ع) على طول الخط تبرهن على ايجابيتهم، وشعور الامة بدورهم الفعال في حماية الرسالة، الايجابية تنكشف في علاقات الائمة بالحكام ويمكننا ان نتطرق لزاوية جديدة، لنصل الى نفس هذا النتيجة من زاوية علاقات الزعامات المنحرفة من امام اهل البيت (ع) على طول الخط، فان هذه العلاقات كانت تقوم على اساس الخوف الشديد من نشاط الائمة (ع)، ودورهم في الحياة الاسلامية، حتى يصل الخوف لدى الزعامات المنحرفة احياناً الى درجة الرعب، وكان محصول ذلك الاستمرار بتطويق امام ذلك الوقت ووضع رقابة محكمة عليه، ومحاولة فصله عن قواعده الشعبية، ثم التآمر على حياته ووفاته شهيداً، بقصد التخلص من خطره، فهل كان من الصدفة او لمجرد تسلية، أن تتخذ الزعامات المنحرفة كل هذه الاجراءات تجاه ائمة اهل البيت (ع)، بالرغم من انها تكلفها ثمناً باهظاً من سمعتها وكرامتها، أو كان ذلك نتيجة شعور الحكام المنحرفين، بخطورة الدور الايجابي الذي يمارسه الائمة؟ والا فلماذا كل هذا القتل والتشريد والسجن والتبعيد، هل كان الائمة يحاولون تسلم الحكم.

قد يتبادر الى الذهن هذا السؤال: وهو ان ايجابية الائمة (ع)، هل كانت تصل الى مستوى العمل لتسلم زمام الحكم من الزعامات المنحرفة، او تقتصر على حماية الاسلام والرسالة الاسلامية ومصالح الامة من التردي الى الهاوية وتفاقم الانحراف؟

وجواب ذلك: يحتاج الى توسع في الحديث يضيق عنه المجال هنا، غير ان الفكرة الاساسية للجواب المستخلص من بعض النصوص والاحاديث المتعددة، ان الائمة (ع) لم يكونوا يرون الظهور بالسيف، والانتصار المسلح آنياً، كافياً لاقامة دعائم الحكم على يد الامام، ان اقامة هذا الحكم وترسيخه، لا يتوقفان في نظرهم، على مجرد تهيئة حملة عسكرية، بل يتوقف


{ 148 }

قبل ذلك على اعداد جيش عقائدي، يؤمن بالامام وعصمته ايماناً مطلقاً، ويعيش اهدافه الكبيرة ويدعم تخطيطه في مجال الحكم، ويحرس ما يحققه للأمة من مصالح، وكلكم تعرفون قصد الخراساني الذي جاء الى الامام الصادق (ع)، يعرض عليه تبني حركة الثوار الخراسانيين، فأجل جوابه، ثم امره بدخول النار فرفض، وجاء ابو بصير، فامره بذلك، فسارع الى الامتثال، فالتفت الامام الى ثوار خراسان وقال: لو كان بينكم اربعون مثل هذا لخرجت لهم.

وعلى هذا الاساس تسلم امير المؤمنين زمام الحكم، في وقت توفر فيه ذاك الجيش العقائدي متمثلاً في الصفوة المختارة من المهاجرين والانصار والتابعين.

عرفنا ان الدور المشترك الذي كان الائمة (ع) يمارسونه في الحياة الاسلامية كدور لايقاف المزيد من الانحراف، وامساك المقياس عن التردي الى الحضيض، والهبوط الى الهاوية غير ان هذا في الحقيقة، يعبر عن بعض ملامح الدور المشترك، وهناك جانب آخر في هذا الدور المشترك لم نشر اليه حتى الآن، وهو جانب رعاية الشيعة، بوصفهم الكتلة المؤمنة بالامام (ع)، والاشراف عليها بوصفها المجموعة المرتبطة به والتخطيط لسلوكها وحمايتها، وتنمية وعيها، واسعافها بكل الاساليب التي تساعد على صمودها في خضم المحن، وارتفاعها الى مستوى الحاجة الاصلاحية، الى جيش عقائدي وطبقة واعية، ولدينا عدد كبير من الشواهد في حياة الائمة (ع) على انهم كانوا يباشرون نشاطاً واسعاً في سبيل الاشراف على الكتلة المرتبطة بهم والمؤمنة بامامتهم حتى ان الاشراف كان يصل احياناً الى درجة تنظيم اساليب الحل للخلافات الشخصية بين افراد الكتلة، ورصد الاموال لها، كما يحدّث بذلك المعلى بن خنيس، عن الامام الصادق (ع).

وعلى هذا الاساس، يمكننا أن نفهم عدداً من النصوص عن الائمة (ع)، بوصفها تعليم اساليب الجماعة التي يشرفون على سلوكها، وقد تختلف هذه الأساليب باختلاف ظروف الشيعة والملابسات التي يمرون بها.

هذه نقاط احببت اثارتها عن دراسات الائمة.


{ 149 }

وختاماً ارجو ان يكون هذا منطلقاً للباقين في حياة اهل البيت (ع)، وابتهل الى اللّه ان يجعلنا من التابعين والسائرين على خطاهم.

 


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net