متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
الحسد القديم وحلف لعقة الدم
الكتاب : آيات الغدير    |    القسم : مكتبة أهل البيت (ع)

الحسد القديم وحلف لعقة الدم

كانت الجزيرة العربية مجتمعاتٍ قبلية، ومعظم مناطقها تحكمها القبائل وليس فيها حكومةٌ مركزية.

وكانت الصراعات والحروب، والتحالفات القبلية أمراً شائعاً بين قبائلها، ومنها قبائل قريش.

ومن أهم الأحلاف القرشية التي سجلتها مصادر التاريخ، حلف الفضول الذي دعا اليه عبد المطلب جد النبي صلى الله عليه وآله.. وسمي حلف المطيبين، لأنهم أكدوا تحالفهم بغمس أيديهم في جفنة طيبٍ صنعتها لهم بنت عبد المطلب.

وكانت أهم بنود هذا الحلف: أن يحموا الكعبة الشريفة ممن يريد بها شراً، ويمنعوا الظلم فيها، وينصروا المظلوم حتى يصل الى حقه.


الصفحة 341

وهو الحلف الذي شارك فيه النبي صلى الله عليه وآله، وكان عمره الشريف نحو عشرين سنة.. بل تدل بعض الأحاديث على أنه صلى الله عليه وآله أمضاه بعد بعثته، كما في مسند أحمد: 1| 190 قال: شهدت حلف المطيبين مع عمومتي وأنا غلامٌ، فما أحب أن لي حمر النعم... وصححه الحاكم: 2|220

وكان هذاالحلف جواباً لحلف مضادٍ، دعا اليه بنو عبد الدار، فأجابتهم بعض قبائل قريش، وعرف حلفهم باسم (لعقة الدم) لأنهم ذبحوا بقرة، وأكدوا تحالفهم بأن يلعق ممثل القبيلة لعقةً من دمها!

وقد اختلفت النصوص في سبب الحلفين ووقتهما، فذكر بعضها أنه عند بناء الكعبة بسبب اختلافهم على القبيلة التي تفوز بشرف وضع الحجر الأسود في موضعه.

وذكر بعضها أنه كان بسبب شكاية بائع مظلوم، اشترى منه قرشي بضاعة، وأراد أن يأكل عليه ثمنها..

والأرجح ما ذكره ابن واضح اليعقوبي من أن بني عبد الدار حسدوا عبد المطلب ، فدعوا الى حلف لعقة الدم، فدعا عبد المطلب في مقابلهم الى حلف المطيبين.

ـ قال اليعقوبي في تاريخه: 1|248

ولما رأت قريش أن عبد المطلب قد حاز الفخر، طلبت أن يحالف بعضها بعضاً ليعزُّوا، وكان أول من طلب ذلك بنو عبد الدار لما رأت حال عبد المطلب، فمشت بنو عبد الدار الى بني سهم فقالوا: إمنعونا من بني عبد مناف.... فتطيب بنو عبد مناف، وأسد، وزهرة، وبنو تيم، وبنو الحارث بن فهر، فسموا حلف المطيبين.

فلما سمعت بذلك بنو سهم ذبحوا بقرةً وقالوا: من أدخل يده في دمها ولعق منه، فهو منا! فأدخلت أيديها بنو سهم، وبنو عبد الدار، وبنو جمح، وبنو عدي، وبنو مخزوم، فسموا اللعقة.

وكان تحالف المطيبين ألا يتخاذلوا، ولا يسلم بعضهم بعضاً.


الصفحة 342

وقالت اللعقة: قد أعتدنا لكل قبيلةٍ قبيلة. انتهى.

ـ وقال اليعقوبي: 2|17

حضر رسول الله صلى الله عليه وآله حلف الفضول وقد جاوز العشرين، وقال بعدما بعثه الله: حضرت في دار عبد الله بن جدعان حلفاً، ما يسرني به حمر النعم، ولو دعيت اليه اليوم لأجبت.

وكان سبب حلف الفضول أن قريشاً تحالفت أحلافاً كثيرة على الحمية والمنعة، فتحالف المطيبون وهم بنو عبد مناف، وبنو أسد، وبنو زهرة، وبنو تيم، وبنو الحارث بن فهر، على أن لا يسلموا الكعبة ما أقام حراء وثبير، وما بلَّ بحرٌ صوفة.

وصنعت عاتكة بنت عبد المطلب طيباً فغمسوا أيديهم فيه...

فتذممت قريش فقاموا فتحالفوا ألا يظلم غريبٌ ولا غيره، وأن يؤخذ للمظلوم من الظالم، واجتمعوا في دار عبد الله بن جدعان التيمي.

وكانت الأحلاف هاشم، وأسد، وزهرة، وتيم، والحارث بن فهر، فقالت قريش:

هذا فضول من الحلف، فسمي حلف الفضول. انتهى.

ـ وفي سيرة ابن هشام: 1|85

فكان بنو أسد بن عبد العزى بن قصي، وبنو زهرة بن كلاب، وبنو تيم بن مرة بن كعب، وبنو الحارث بن فهر بن مالك بن النضر، مع بني عبد مناف.

وكان بنو مخزوم بن يقظة بن مرة، وبنو سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب، وبنو جمح بن عمرو بن هصيص بن كعب، وبنو عدي بن كعب، مع بني عبد الدار.

ويفهم من هذه النصوص وغيرها أن حركة التحالف بدأها بنو عبد الدار حسداً لعبد المطلب، فسعوا للتحالف ضده، فبادر عبد المطلب ومؤيدوه الى عقد حلف المطيبين قبلهم، ثم عقد بنو عبد الدار ومؤيدوهم حلف لعقة الدم.

ويفهم منها، أن أهداف حلف عبد المطلب حماية الكعبة ونصرة المظلوم، بينما هدف حلف بني عبد الدار مواجهة المطيبين!


الصفحة 343


 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net