متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
الأمر الخامس
الكتاب : دروس في الأخلاق    |    القسم : مكتبة التربية و الأخلاق



    الأمر الخامس : قد عرفت فيما سبق أنه قد أطلق على حقيقة الإنسان وجوهر وجوده الذي هو نفسه وروحه أسماء وألقاب في الكتاب الكريم بملاحظة آثار وجودية كامنة فيه ، وخواص وحالات موجودة فيه : كعنوان النفس والقلب ونحوهما ، والتأمل في الآيات الكريمة يعطي أن إطلاق عنوان القلب عليه في الغالب بلحاظ الحالات والملكات الحاصلة له ، وإطلاق عنوان النفس بلحاظ وقوعه طرفاً للخطاب في التكاليف ولاستناد صدور الأفعال ورجوع نتائج الأعمال إليه. فهذا الموجود في اصطلاح الكتاب العزيز قلب من حيث اتصافه بمختلف الصفات والملكات ، ونفس من حيث وقوعه مخاطباً بالتكاليف مأموراً بامتثالها ومجزياً بها في دنياه وآخرته. فلاحظ ما أسند إلى القلب في الكتاب العزيز من كرائم الصفات نظير كتابة الإيمان فيه ، وسلامته من الأمراض ، وتقواه ، وتعقّله ، وسكينته وطمأنينة ، ورأفته ، ورحمته ، وطهارته ، ووجله


(19)

من ربه ، وإخباته لخالقه ، ولينه ، وخشوعه ، ونحو ذلك.
     ولاحظ أيضاً ما أسند إليه من رذائل الأخلاق من : تكبره وختمه وطبعه وغلظته ، وشدة خصومته مع ربه ، وغفلته ، وغيظه ، وريبه ، ولهوه ، ورينه ، ونحو ذلك. وعلى هذا كان الأنسب أن يسمى موضوع علم الأخلاق : الإنسان بما هو قلبه.
     ثم لاحظ ما أسند إلى النفس في الكتاب الكريم من تكليفها بمقدار وسعها ومقدار ما آتاها ، وقبولها الإيمان ، وظلمها لنفسها وغيرها ، وأمرها بالسوء وكسبها الحسنات والسيئات ، وإلهامها فجورها وتقواها ، وارتهانها بما كسبت حتى تفكها ، ووسوستها لنفسها ، وتسويلها أمرها ، واتباعها هواها ، ووقوعها تحت الحفظ والمراقبة من قبل ربها ، وأخذها وتوفيتها عند النوم والموت ، وإمساكها أو إرسالها بعدالأخذ ، وإماتتها ووجدانها ما عملت يوم القيامة محضراً ، وتوفيتها بما كسبت ومجازاتها بما عملت ونحو ذلك.
     وبالجملة : كأن هنا شخصين : أحدهما متصف بصفات وملكات مختلفة قد وقع في معرض تعارضها وتزاحمها ويجره كل إلى مقتضاه ، فهو : إما من أكرم خلق الله وأشرف خليفته ، أو من أبعد مخلوقه وأشقى بريته ، والآخر مخاطب بتكاليف مختار بين الطاعة والمعصية ، مسؤول في الدنيا والآخرة ، مجزئ بالثواب والعقاب. ولعل في هذا إشارة إلى أن الصفات ليست متعلقة للتكاليف وإن كان لها دخل في متعلقها ، لا أن هنا شخصين حقيقة فتأمل.


(20)

 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net