متون الكتب :  
الفهارس :  
أسماء الكتب والمؤلفين :  
الدرس الخامس والأربعون : في الحسد
الكتاب : دروس في الأخلاق    |    القسم : مكتبة التربية و الأخلاق
الدرس الخامس والأربعون
في الحسد

     الحسد : تمني زوال نعمة الغير ، وله صور : فإن الحاسد : إما أن يتمنى زوالها عن الغير فقط ، أو يتمنى مع ذلك انتقالها إليه ، وعلى التقديرين : إما أن يصدر منه حركة من قول أو فعل على طبق تمنيه ، أو لا يصدر ، وعلى أي فحقيقة الحسد عبارة عن تلك الصفة النفسية ، ولها مراتب في الشدة والضعف وصدور الحركات الخارجية من آثارها ومقتضياتها.
     والظاهر أنه من الطبائع المودعة في باطن جميع الناس وتتزايد في عدة منهم ، وتتناقص في آخرين بملاحظة اختلافهم في التوجه إلى النفس ومراقبة حالها ومجاهدتها ، ويترتب عليها آثار كثيرة مختلفة ، بعضها مذموم وبعضها محرم ، وبعضها كفر وشرك ، ونعوذ بالله من الجميع.
     وظاهر أكثر الأصحاب حرمة الحسد وترتب العقوبة عليه مطلقاً ، ظهر في


(240)

الخارج أم لا ، وظاهر آخرين أنه لا يحرم ما لم يظهر بقول أو فعل ؛ لأنهم صرحوا بأن الحرمة والعقوبة تترتبان على الأفعال البدنية دون الصفات والملكات النفسية ، لكن الظاهر من بعض النصوص ترتب العقوبة على بعض الصفات القلبية أيضاً وإن لم يترتب عليه حكم تكليفي ، فاللازم أن يفرق بين الحرمة والعقوبة كما ذكروا ذلك في التجري ، وللبحث عنه محل آخر.
     والحسد من أخبث الصفات وأقبح الطبائع ، وهو من القبائح العقلية والشرعية ، فإنه في الحقيقة سخط لقضاء الله واعتراض لنظام أمره وكراهة لإحسانه ، وتفضيل بعض عباده على بعض ، ويفترق عن الغبطة الممدوحة ، بأن الحاسد يُحبّ زوال نعمة الغير والغابط يحب بقاءها ، لكنه يتمنى مثلها أو ما فوقها لنفسه.
     وللحسد أسباب كثيرة : عداوة المحسود مخافة أن يتعزز ويتفاخر عليه ، وتكبره على المحسود وتعجبه من نيل المحسود بتلك النعمة ، وحب الرئاسة على المحسود ، فيخاف عدم إمكانها حينئذ ، وغير ذلك.
     ومن آثاره تألم الحاسد باطناً ، ووقوعه في ذلك العذاب دائماً ، ولذا قال علي عليه السلام : لله در الحسد حيث بدأ بصاحبه فقتله (1).
     فقد ورد في الكتاب العزيز قوله : ( أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله ) (2) وقوله تعالى في مقام أمره بالإستعاذة : ( ومن شر حاسد إذا حسد ). (3)
     وورد في النصوص : أن الحسد ليأكل الإيمان كما تأكل النار الحطب (4).


1 ـ بحار الأنوار : ج73 ، ص241 ـ مرآة العقول : ج10 ، ص160.
2 ـ النساء : 54.
3 ـ الفلق : 5.
4 ـ وسائل الشيعة : ج11 ، ص292 ـ بحار الأنوار : ج73 ، ص244.


(241)

     وأنه : كاد الحسد أن يغلب القدر (1). ( وهذا مبالغة في تأثير عمل الحسود في زوال نعمة المحسود وقد قدرها الله تعالى له ).
     وأن آفة الدين الحسد (2).
     وأن الله قال لموسى عليه السلام : ( لا تحسدن الناس على ما آتيتهم من فضلي ، ولا تمدن عينيك إلى ذلك ، ولا تتبعه نفسك ، فإن الحاسد ساخط لنعمي ، صاد لقسمي الذي قسمت بين عبادي ، ومن يك كذلك فلست منه وليس مني ) (3).
     وأنه : لا يتمنى الرجل إمراة الرجل ولا إبنته ، ولكن يتمنى مثلهما (4).
     وأن المؤمن يغبط ولا يحسد ، والمنافق يحسد ولا يغبط (5).
     وأن أقل الناس لذة الحسود (6).
     وأنه : لا راحة لحسود (7).
     وأنه : لا يؤمن رجل فيه الحسد (8).
     وأن للحاسد ثلاث علامات : يغتاب إذا غاب ، ويتملق إذا شهد ، ويشمت بالمصيبة (9).


1 ـ المحجة البيضاء : ج5 ، ص326 ـ بحار الأنوار : ج72 ، ص29 ـ نور الثقلين : ج5 ، ص722.
2 ـ الكافي : ج2 ، ص307 ـ الوافي : ج5 ، ص859 ـ بحار الأنوار : ج73 ، ص248 ـ وسائل الشيعة : ج11 ، ص293.
3 ـ الكافي : ج2 ، ص307 ـ بحار الأنوار : ج73 ، ص249.
4 ـ بحار الأنوار : ج73 ، ص255.
5 ـ الكافي : ج2 ، ص308 ـ الوافي : ج5 ، ص861 ـ وسائل الشيعة : ج11 ، ص293 ـ بحار الأنوار : ج73 ، ص250.
6 ـ بحار الأنوار : ج73 ، ص250.
7 ـ بحار الأنوار : ج73 ، ص252 وج77 ، ص421.
8 ـ بحار الأنوار : ج73 ، ص251.
9 ـ بحار الأنوار : ج1 ، ص128.


(242)

     وأن الله يعذب العلماء بالحسد (1).
     وأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يتعوذ في كل يوم من أمور منها : الحسد (2).
     وأنه : دب إليكم داء الأمم قبلكم : الحسد (3).
     وأنه الحالقة ، وليس بحالق الشعر ، لكنه حالق الدين ، وينجى منه : أن يكف الإنسان يده ، ويخزن لسانه ، ولا يكون ذا غمز على أخيه المؤمن (4).
     وأن الحسد مما لم يعرمنه نبي فمن دونه (5).
     وأن الحساد أعداء نعم الله على العباد (6).
     وأن من شر مفاضح المرء الحسد (7) ، والحاسد مفتاظ على من لا ذنب له (8).
     ويكفيك من الحاسد أنه يغتم وقت سرورك (9).
     والحسود سريع الوثبة بطيء العطفة (10).


1 ـ بحار الأنوار : ج73 ، ص252.
2 ـ نفس المصدر السابق.
3 ـ معاني الأخبار : ص367 ـ بحار الأنوار : ج73 ، ص252.
4 ـ بحار الأنوار : ج73 ، ص253.
5 ـ بحار الأنوار : ج73 ، ص254.
6 ـ بحار الأنوار : ج73 ، ص256.
7 ـ نفس المصدر السابق.
8 ـ كنز الفوائد : ج1 ، ص136 ـ بحار الأنوار : ج73 ، ص256 وج77 ، ص165.
9 ـ بحار الأنوار : ج73 ، ص256.
10 ـ نفس المصدر السابق.


(243)

 شبكة البتول عليها السلام  @ 11-2006  -  www.albatoul.net

إنتاج : الأنوار الخمسة للإستضافة والتصميم @ Anwar5.Net